الحقبقة كالعلقم مرة » وقد تكون نفوسنا حساسة لا تقبل
الاعتراف بالهوان أو تذوّق المر » لكن وجودنا أعظم من
ذلك كله » ولا بد في سبيل ضمان هذا الوجود من تحمّل كل
مصيبة ؛ والتغلب عليها +
فالجهر بالخطأ أصبح فرضاً واجباً » مها كان مصدرة
وإظهار الحقيقة » سواء كانت فيا يتعلق بواقعنا » أو
بواقع من ينازعنا حقوقنا ووجودا » أصبح بعد النكبة
لأن عبد إخفاء الحقائق وتشويبها » وتضليل الجاهير
وتخديرها » ينبغي أن يزول
وما القصد من ذلك التشهير » بل معرفة موضع امرض
ومن المؤسف أن الدراسات التي صدرت عن النكبة حق
اليوم تعد على الأصابع . بعضها عالج أطرافا من النكبة >
أو ذكر بعض الأخطاء » وبعضها آثر الفمغمة بدلا من الجهر
بالحقبقة » وبعضها حاول تبدير الأخطاء وايجاد المعاذير +
فاو أن مثل هذه النكبة وقعت بأمة حبَّة فملا +
لصدر عنها مئات الكتب والدرامات .
وأملنا أن يجد فيها العالم العربي مثاراً للتفكير » ومثاراً
الطريق > ووسيلة الى غد مشرق منصور +
بيروت المنجد
مقدمة الطبعة الثانية
ما كادت الطبعة الاولى من هذا الكتاب تظهر في
راينا وممن يخالفوننا فيه . فللمرة الاولى بعد النكبة
المريرة يصدر كتاب يعالج الامور بصراحة . وكان من
حق العرب جميعا ان يصدروا عشرات الكتب +
ومما ائلج صدرنا ان اقوال المسئولين في القاهرة
والأمول ان ينتفع العرب مما جاء في كنابنا +
وان يسهم آخرون في بحث الموضوع +
خباط م11١ صلاح الدين المنجد
النضّر الأول
الأحمال العظيمة التي تمت عبر الأجيال » سواء كانت
داقا الحرك الأول والداقع الأعظم لتحقيق القضايا
العظمى ؛ أو لتبديل الأوضاع السيئة بأوضاع حسنة.
إن اريخ الديانة النصرانية وانتشارها يدل على ات
المسيح الذين قهروا الدولة الرومانية على وا
وجبروتها . هؤلاء المؤمنون الأوون ل يحفاوا بالتعذيب
ولا التشريد » ولم يبعدم عن إماهم ما رأوه من التتكيل
والإفناء والقتل » كان هناك يان بالله يدفعهم وليب
والإسلام نفسه ما كات انتشاره وذبوعه في العالم
المعروف يومئذ » وبسرعة ندرة » الا بالإيان . الإيان
العجاثب ؛ وفتح المالك ؛ وأثار النفوس » وجمل
الواحد ألفا + والضعيف في الأمس بط3 . فتغلبوا على
مثات الألوف ممّنٌ هم أقوى منهم 'عدة ؛ وأعظم عدداً :
عظيمتين » أخذ الوهن يدب فعا .فل ينفع جنود
فارس والروم ما كان عندهم من أسلحة ضخمة ؛ وعتاد
ثقيل » وفيلة مدربة على القتال » لات السلاح اذالم
أضعف من العيدان التي ييسك بها الأطفال . وم يكن
المسامون يومئذ في القوة وفي العّدّد إلا أقلمن اولئك »
لكنهم كانرا بإيانهم أضعافا مضاعفة ؛ الواحد منهم
الذي ينسف الجبال ؛ ويهدم الحصون » ويأتٍ بالخوارق
والعجائب » ويزاً بالمخاطر . وكات الذي يزيد ائانهم
تاججا وانطلاقا أنهم آمنوا بعقيدة ثابتة تنفع الإنسانية
فيها العزة» والمساواة » والحرية » والكرامة » والرحمة »
والعدل » والمحبة ؛ والحلم » والعفاف ؛ والعلم» والصبر »
والصفح » والتعاون . عقيدة علت ونَمَّت على المادة
والشهوة والغرض ؛ وجاءت تحطم كل عنصرية جاهلية»
وجنسيّة ؛ وقومية ؛ ووثنية .
إن اريخ الأفكار الانسانية م يعرف دعوة أشرف”
من دعوة هؤلاء المؤمنين ولا أنبل . ألم تجمل كل مسا
والأعظم والأروع أن هذه الدعوة النبيلة » وذاك
الإيان الحار جعلا من قوم كانوا يأكاون الخنافس
والجُعْلان ؛ والعقارب والحّات ؛ ويقتل بعضهم بعضاً
فياكل القويٌ منهم الضعيف » وياتون الفواحش
منوّعات» وقد يدفن أحدم ابئته حية كراهية أن تأكل
من طعامه ؛ ويسيئون الجوارا؛ وينهبون ويغزون »
ويقطعون الأرحام ؛ ويكذبون ويفترون ؛ يستضعفهم
الروم والفرس ويحتقرويم » لأنهم كانوا لا يعرفون
نظاما » ولاسياسة » ولاحضارة ؛ الى مفاسد اخلاقية
واجتاعية أخرى ؛ أقول » جعل الابمان من هؤلاء القوم
آلآ آخرين يعبدون الله بدلا من الأصنام والأحجار ء
ويصدقون في الحديث ؛ ويؤدون الأمانة ؛ ويياوت
الرحم » ويحسنون الجوار ؛ ويكفون عن الفواحش »
تتفتح قلوبهم وعيونهم لمعرفة كل شيء » واذا بهم» بفضل
ذلك الايان» يصبحون مادة الدنيا : يغزون الأمم في
يُسْتَضْمَفُونَ ؛ مشارق الأرض ومغاريا التي بإركنا
وصاروا أئمة وهداةٌ للعالم في العلم والعدل والرحمة +
وكان سر" ذلك أن الاسلام جعلبم خلقا جديدا »
لأنفسهم وحدم » بل للعالم كله . صار هدفهم خير
الانسانية كلها ؛ بدعوتها الى قيم روحية تضمن لها أكبر
قسط من سعادة الدنيا ؛ لا تهمل حظ الجسم من الحياة »
ولاحظ الروح من الببجة ؛ وتبشر بأخوة انسانية
شاملة .
ابن كثير في تاريخه « البداية والنهاة » تصوّر هؤلاء القوم
ول يزل بهم حتى فتح المدينة .
وذكر أن هرقل قال للروم من أصحابه ؛ وهو عل
أنطاكية ؛ والروم عائدون اليه منهزمون :
قالوا : بلى . قال : فانم أكثر أم م؟
قالوا : بل نحن أكثر منهم أضعافا في كل موطن .
قال : ما بال تنهزمون ؟
قال شيخ من عظمائهم : من أجل أنهم يقومون الليل
وينبون عن المنكر ؛ ويتتاصفون بينهم ؛ ومن أجل
أت نشرب الخر ؛ ونزفي ؛ ونركب الحرام ؛ ونتقض
العهد ؛ ونغصب » ونظلم » وناءر بالسخط ؛ وتنبي عما
وشرح الصدور » وبعث في النفوس الخامدة الحياة» فإذا
هي قوية عنيفة صلبة ؛ مندفعة لإحقاق الحق ؛ ونثر
الدعوة ؛ وتحطم الظلم ؛ كالاعاصير » وكالبراكين . فكان
لهم بإمانهم النصر بعد الخذلان » والسيادة بعد الاثانية »
والعبودية والنلة .