مقدمة
بقلم الدكتور: عبد الله بن عبد المحسن التركي
وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
الحمد لله رب العالمين» والصلاة والسلام على سيدنا محمد
خاتم الأنبياء والمرسلين؛ وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى
فإن الله تعالى» أرسل رسله؛ وأنزل كتبه؛ ليقوم الناس بالقسطء
ولكي يصبح للناس» ميزاناً يهديهم في عباداتهم؛ ومعاملاتهم وسائر
وقد ختمت الرسالات السماوية بالرسالة الخاتمة؛ وهي الإسلام؛
وختم الوحي الإلهي بالقرآن الكريم» الذي أنزل على قلب رسول اللهء
وخاتم النبيين محمد كَه.
وفي القرآن الكريم» وفي حكمة الرسول وسنته وسيرته» وجد
المسلمون أصول معارفهم» ومبدأ علومهم وثقافتهم؛ في عبادة الله
عز وجلء وحده لا شريك له؛ وفي التشريع الإلهي لنظام حياتهم
وأكمل بناءها القرآن الكريم» وطبقها أوفى تطبيق وأكمله خاتم النبيين.
وكانت من أهم جوانبها ومن أعظم مهماتها.
يقول الرسول كَلةٍ: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».
الناس جميعاً؛ فكانت ترجمة للأخلاق التي هدى إليها القرآن.
قالت السيدة عائشة رضي الله عنها في وصف الهدي النبوي في
القول والفعل والحال:
ومن أهم جوانب الدعوة إلى اللهء تزكية النفوس؛ وإصلاح
ويكون ذلك بالوعظ والإرشاد؛ وضرب المثل؛ والدعوة إلى
اتباع أخلاق الإسلام في التعامل بين الناس.
وكان لهذا الجانب»؛ أعظم الأثر في العهد النبويء فقد تولى
الرسول 8 تربية المسلمين على هدي القرآن الكريم؛ والحكمة التي
آناه الله تعالى؛ والقدوة والأسوة الحسنة في قوله وفعله وحاله.
وخلال سنوات قليلة؛ ظهر في المجتمع المسلم؛ على قلة العدد
وضعف المسلمين وصولة الباطل» أكابر الصحابة الذين رباهم الرسول؛
وصاروا رضوان الله عليهم؛ عوناً للرسول في نشر الدعوة؛ وإحقاق
الحق وإزهاق الباطل.
ولم يكن ذلك في بداية الإسلام بسبب قوتهم ومنعتهم
وبسبب تعليم الرسول لهم؛ فكان الواحد منهم أمة بالإيمان الصادق+
والإخلاص لله عز وجل؛ والتأدب بأدب الإسلام؛ فيما يأتون ويذرون
من قول أو فعل.
بما تتضمنه من كنوز العلم والفضل» والعمل والاقتداء» هي السبب في
خلود الذكر والفوز في الدنيا والنجاة في الآخرة؛ بفضل الله ورحمته.
إن المجتمع المسلم في العهد النبوي» اكتسب خصائصه العليا
من تعليم النبي كَيةِ للمؤمنين؛ وتربيته لهم على أخلاق القرآن؛ وعلى
وكل مجتمع مسلم؛ يتبع منهج القرآن في الأخلاق. وحكمة
الرسول في تربية أصحابه؛ وتزكية نفوسهم على هدي هذا المنهج؛
يضمن التقدم والرقي في حياته؛ ويملك أهم عناصر القوة في مواجهة
الحياة؛ والدفاع عن الإسلام والمسلمين.
إن التربية الإسلامية؛ هي الطريق الوحيد لتكوين مجتمع مسلم.
ومنهج القرآن وحكمة الرسول في تربية المسلمين صغاراً وكباراً»
هو الاختيار الوحيد أمام المسلمين في هذا العصرء لأنه أوفى المناهج
في إصلاح العقول» وتزكية النفوس» وجمع القلوب.
وهو المنهج التربوي الوحيد الذي يحقق الفوز في الدنيا والنجاة
* ومما يُحمد للمؤلف الأخ الدكتور حسن بن علي بن حسن
عند ابن رجب الحنبلي».
الإسلام؛ وأنها كما أورد صراحة في مقدمة كتابه» السبيل الوحيد لإنقاذ
الإنسانية اليوم+
وقد ظهر الفكر التربوي» واضحاً جلياً لدى الكثيرين من علماء
الإسلام في وقت مبكرء وتفرد بالتأليف فيه علماء كبار» يعدون من
أعظم المربين في إنتاجهم العلمي والفكري» كالإمام ابن القيم
رحمة الله وابن رجب الحنبلي» الذي اهتم المؤلف بفكره التربوي من
بين مؤلفاته التي تربو على الخمسين مؤلفاً؛ في شتى المعارف والعلوم
لقد ألقى المؤلف» الضوء على حياة العالم الفقيه ابن رجب
والاجتماعية؛ وهو أمر يفيد أعظم الفائدة في معرفة متابع فكره
والفتون؛ عالماً موسوعياً؛ حصل علوم القرآن؛ واشتغل بالفقه
والأصول والتفسير» ويعلم الحديث؛ وألف العديد من الكتب في هذه
العلوم» ومارس الدعوة والوعظ
وقد أحصى المؤلف. مصنفات ابن رجب في هذه العلوم»
هذه الآثار الكثيرة لابن رجب؛ ما يتعلق منها بالتربية؛ وكان أفضل؛ لو
حدد لنا مضمون التربية التي يقصدها ببحثه؛ لأن مؤلفات ابن رجب
متنوعة في علومها ومعارفها.
والإرشادء وفي التاريخ؛ وله كتابة في التربية؛ تستحق أن تقرف
وتخصص بالذكر» بين معارفه المتنوعة» ومؤلفاته العديدة.
ويُحمد للمؤلف» أنه بدأ الفكر التربوي في الفصل الثاني من
الكتاب» بالحديث عن مفهوم الإنسان عند ابن رجب» إذ الإنسان؛ هو
والنظر إلى الإنسانء يأتي مقدمة لازمة للحديث في الأخلاق
والتربية .
وللإسلام نظرته إلى الإنسان» وهي نظرة متميزة» تبدأ بتكريم الله له:
وتظهر في اختصاصه بالعقل والعلم؛ والمسؤولية والحساب»
وتبدو في تزويده بأصول المعارف عن نشأته وحياته ومصيره.
ومما يُحمد للمؤلف؛ أنه تحدث عن التنمية الخلقية «النمو
الأخلاقي» وتناول أعظم ما يؤتم به في هذا البابء؛ وهو خلق
الرسول كَل
وتحدث عن دور الإرادة؛ قي النمو الخلقي.
المجتمع+ وأولها المسجدء وهو مكان العبادة ومدرسة التربية .
وقد ختم المؤلف بحثه؛ بعدة نتائج وبتوصيات عديدة؛ تهدف
في جملتها إلى تطبيق أصول التربية الإسلامية في حياتناء والاستفادة
من توجيهات الإسلام في الفكر التربوي»
ودعا المتخصصين في التربية إلى الاهتمام والبحث في مجال
التربية الإسلامية؛ وهي في نظري دعوة جادة تحقق أعظم فائدة
للمجتمع المسلم؛ وتضمن لنا سلامة المنهج؛ وارتفاع مستوى المعلم
والمربي» والارتقاء بوسائل التربية؛ وصلاح من يتولاهم أهل العلم
بالتربية والإرشاد.
والكتاب» ينم عن اطلاع واسع» وإدراك كبير لأهمية التربية في
حياة الإنسان وأنها رسالة جليلة؛ تولاها الرسل والأنبياء.
للناس» ولا سبيل إلى تحقيق خيرية الأمة في هذا العصرء سوى التزام
منهج القرآن وحكمة الرسول» في التعليم والتأديب والإرشاد؛ في كافة
الأسرة والمسجد والمدرسة.
فلاخي الكريم الدكتور حسن بن علي الحجاجي» الشكر والتقدير
على جهده النافع المثمر في هذا الكتاب.
وراجياً من الله لي وله القبول.
الدكتور/ عبد الله بن عبدالمحسن التركي
وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
شكر وتقدير
الشكر لله أولاً وأخيراً على ما يسر ووفق وأعان وقدر ؛ فلك الحمد
ثم الشكر لكل من أعان على إخراج هذا الكتاب» وأخص بالشكر
محمد علي خفاجي الأستاذ المشارك في جامعة أم القرى على جهودها
الذكورة والشكورة» حيث هيات لي الوقت واو العلمي الهادىه»
فصاحة وبيان لن أوفيها حقهاء » لكني أتذكر قول رسول الله تنه الذي جاء
لذا فإنني أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجزيها خير الجزاء»
وأن يثيبها أعظم المثوبة؛ وأن يوفقها ويعلي منزلتها عنده؛ ويجعلها من
عباده المتقين وحزبه المفلحين .
مقدمة
الحمدلله» خلق الإنسان» علمه البيان؛ والصلاة والسلام على
فهذا هو الكتاب الثاني في سلسلة التربية الإسلامية بعنوان الفكر
التربوي عند ابن رجب» حيث كان الكتاب الأول هو الفكر التربوي عند
ابن القيم رحمه الله؛ والذي كان موضوع رسالة الدكتوراة بجامعة الإمام
محمد بن سعود الإسلامية.
والفكر التربوي عند ابن رجب قد جاء مؤصلاً للفكر التربوي
الإسلامي بتوضيح مفهوم الإنسان ومفهوم التربية والمحتوى العلمي الذي
الكريم والسنة المطهرة؛ ومسترشداً بمعالم من السيرة النبوية وسيرة السلف
فلعلنا من خلال هذا الجهد المتواضع نكون قد أضفنا لبنة جديدة في
التقصير من طبيعة البشر ونستغقر الله من الخطأ والزلل
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات؛ والصلاة والسلام على سيد
البريات» محمد بن عبد الله صلوات ربي وسلامه عليه .
المؤلف
الفصل الأول
مدخل إلى البحث
* الهدف من الكتابة عن ابن رجب.
* أهمية البحث في تاريخ التربية الإسلامية .
* التربية الإسلامية هي الخلاص للإنسانية التائهة اليوم٠