ه فضيلة الدكتور عبد الله بن حمد العويسي والذي كان بمثابة الأب
الموجه والأستاذ الفاضل؛ لما بذل من جهد مشكور ولما أولاه من
توجيه؛ وما أسداه من ملاحظات قيمة وآراء سديدة عند تقديم فكرة
مناقشة الرسالة ونسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناته .
مكتبة الأمير سلطان بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ؛ على
إمدادهم لي بالعديد من الكتب والمراجع التي ساهمت في إخراج
البحث سائلاً الله تعالى أن يجعله في ميزان حسناتهم يوم القيامة.
وإلى كل من قدم للباحث العون والمساعدة والدعاء؛ خالص الشكر والتقدير
والثناء العطر.
لوجهه الكريم؛ والحمد لله الذي بنعمه تتم الصلحات وصلى الله وسلم على
المقدمة
الحمد لله حمد الشاكرين لنعمه؛ والصلاة والسلام على رسول الله
فقد قدم الإسلام الحنيف بناء ثقافيا متكاملاً للبشرية يحقق لهم
السعادة في الدنيا والفوز بالجنة ورضوان الله في الآخرة. ويتسم البناء
ومصدره الوحي. وهذا المصدر الإلهي هو الذي يؤكد صدق هذا البناء
وثباته وفائدته العظمى للإنسان في الدنيا والآخرة معاً. وينطلق البناء
الثقافي من منطلقات الفهم الصادق لحقيقة الإنسانء والهدف من خلقه»
وأساليب تحقيق أهدافه ومصيره في الآخرة.
النظر والتدبر والتفكر وإعمال العتل الذي جه الله عز وجل سبباً لتكريم
١0 سورة الإسراءء؛ آية رقم )١(
7١ سورة البقرة؛ جزء من آية رقم )9(
والوحي يدعو إلى التعرف على الحقائق بشمول وعمق وهذا هو
منهج التفكير في أصدق أصوله؛ وأرسخ قواعده. ٍ
وبذلك يعمل التفكير على تهيئة الفرد بإعداده عقلياً لتحمل
"ولاشك أن من أسباب التخلف الحضاري الذي تعيشه الأمة
الإسلامية اليوم انعدام دور التفكير القادر على الارتقاء بالحضارة
الإسلامية واكتشاف قوانين التسخير والتعرف على الأسباب الموصلة
للتمكين في الأرض وبناء الحضارة"!
وإن المتأمل في حال بعض المسلمين اليوم يجد تراجعهم الواضح
عن سائر الأمم وهم بين مقلد أومتبع دون إعمال للعقل؛ مما ينتج عنه
إغلاق منافذ التفكير ومن ثم تعطيل التفكير وعدم الرقي. وإن الوسيلة
الحقيقية لإزاحة ضف التفكير وانحداره أو تجمده هو التوجه إلى
دراسة التفكير وأثره في البناء الثقافي للفرد والمجتمع والبحث في سبل
تنميته ومن ثم تفعيله في الحياة العملية وداخل المؤدسات المعنية
وخاصة مؤمسات التربية والتعليم والمؤسسات التنموية الشاملة. وإن
نقطة الانطلاق للإصلاح الشامل هي إصلاح التفكير والعمل على بنائه
وإنمائه ثم التوجه لتطبيق أثره في البناء الثقافي حيث إن فيه علاجاً لأي
مشكلة في أي جانب من جوانب الحياة.
وقد جاء هذا البحث (أثر التفكير في البناء الثقافي) مبيناً أهمية هذا
الموضوع وأسباب اختياره ومسيس الحاجة الى دراسته والبحث فيه.
)١( سفر؛ محمود محمد؛ دراسة البناء الحضاري محنة المسلم مع حضارة عصره؛
ص؛٠؛ سلسلة كتاب الأمة )7١( رئاسة المحاكم الشرعية والشئون الدينية؛ قطرء
إن دراسة التفكير وآثاره الثقافية في ضوء الإسلام ذات أهمية
كبيرة في إبطال دعاوى المغرضين الذين يزعمون أن سبب جمود
٠ صلة الموضوع بالتنمية في المجتمع الإسلاميء فبداية طريق
التنمية الشاملة هو تنمية التفكير ومعرفة طرائقه في تأثيره على
البناء الثقافي.
» بداية الطريق في النهوض الحضاري هو أن تهتم الأمة بالنهوض
العقلي وذلك بمعرفة التفكير وأهميته في توجيه العقل نحو البناء
الثقافي أو الحضاري و
عدم وجود دراسة مستقلة تعنى بأثر التفكير في البناء الثقافي.
,قد اجتهدت في بيان أهداف هذا الموضوع وذلك من خلال النقاط
تحرير آثار التفكير في بناء ثقافة الفرد والمجتمع.
« بيان علاقة التفكير بالعمليات العقلية الأخرى وإبراز شمولية
التفكير لمجالات الحياة المختلفة.
٠ التوصل إلى مجموعة من الأساليب والطرق في تنمية التفكير
ه تأصيل المفاهيم والقيم ذات الصلة بالتفكير.
»_بيان مفهوم التفكير وأنواعه وأهدافه.
التعرف على أثر التفكير في تأصيل وتطوير وتقويم البناء الثقافي.
خدمة رسالة الإسلام من خلال الإسهام في التأصيل الإسلامي
للتفكير وأهميته في البناء الثقافي.
وقد جاءت هذه الدراسة لتبحث وتجيب عن الأسئلة الآتية:
ما وجه العلاقة بين التفكير والبناء الثقافي للفرد والمجتمع؟
ما أبرز أساليب تنمية التفكير في ضوء الثقافة الإسلامية؟
ما هي آثار التفكير على البناء الثقافي من حيث تأصيله وتطويره
ما هو دور التفكير في بناء الجوانب العقلية والإنسانية
جوانب البناء الثقافي المختلفة على وجه الخصوص إلا ما كتب في
دراسة المفكر الإسلامي مالك بن نبي في كتابه (مشكلة الثقافة
تعرض من خلاله إلى تركيبة ومكونات البناء الثقافي وأنها تتلخص
في الأفكار والأشياء والأشخاص وقام بعمل حلول جذرية وعملية
لمشكلة الحضارة الإنسائية.
دراسة د. عبد الكريم بكار في كتابه (فصول في التفكير
الموضوعي) حيث عرض بشكل مفصل للتفكير الموضوعي
(العلمي) من حيث تعريفه ومظاهره وقد تميز كتابه بكثرة
الاستدلال بالآيات القرآنية مع تناوله لنماذج وأمثلة من حياة العلماء
المسلمين توضح ما عرض له في كتابه.
دراسة الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الزنيدي في كتابه (المثقف
العربي بين العصرانية والإسلامية) حيث عرض بشكل مفصل
للعناصر الأساسية المكونة لشخصية المثقف والصنعة الفكرية
ومكونات البناء الثقافي للمجتمع.
دراسة الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه (العقل والعلم في القرآن
الكريم) تناول فيه أهمية العقلية العلمية في القرآن وبين معالمها
وخطواتها وتعرض فيه لتعريف العقل ونظائره في القرآن وتناول
فيه أهمية العلم في القرآن الكريم مستشهدا بكثير من الآيات القرآنية
المتعلقة بالموضوع.
دراسة الدكتور مالك بدري (1؛١ه- 997١م) في كتابه بعنوان
(التفكر من المشاهدة إلى الشهود - دراسة نفسية إسلامية) وقد
هدفت هذه الدراسة إلى توضيح قيمة التفكر العبادية كما ناقشت
طبيعة التفكر ومراحله؛ واقترحت تصورا إسلاميا لمراحل التفكر»
ابتداء من مرحلة الإدراك الحسي وانتهاء بمرحلة المراقبة
والبصيرة الثاقبة» كما تناول الباحث أهم أساليب القرآن في الحض
على التفكيرء والفروق الفردية في درجات التفكر والعوامل المؤثرة
في عمق التفكر أو سطحيته؛ وختمت هذه الدراسة بمبحث عن
التفكر في سنن الكون بين العلم التجريبي والدين.
وقد استخدمت المنهج الاستقرائي لتتبع الأدلة الشرعية من الكتاب
والسنة وعرض النصوص والآراء ومقارنتها والموازنة بينها
والاستنباط منها على ضوء المعايير الشرعية؛ والمنهج التحليلي
لتحليل النصوص والذي يمكن من خلاله استنتاج الأساليب في
تنمية التفكير والتي تؤثر وتدعم البناء الثقافي» مع الاسترشاد بآراء
العلماء والمفكرين والمثقفين - القدماء والمعاصرين - حول هذا
أ اتفشي فغ ابن التقابؤ
وقد سرت في كتابة هذا البحث حسب الخطة التالية:
ء التمهيد وفيه:
المقدمة وفيها: أسباب اختيار الموضوع وأهميته.
التعريف بمصطلحات البحث
المبحث الأول: لمحة موجزة عن التفكير
المبحث الثاني: أثر التفكير في تأصيل البناء الثقافي
المبحث الثالث: أثر التفكير في تطوير البناء الثقافي
المبحث الرابع: أثر التفكير في تقويم البناء الثقافي
الفهارس وفيها: ثبت المصادر والمراجع وفهرس
وقد التزمت في كتابته مايلي:
عزو الآيات ١ إلى مواضعها بذكر اسم السورة ورقم
صحيحي البخاري ومسلم وإذا كانت في غير الصحيح أذكر
درجتها من الصحة مستنيرا بأقوال العلماء الذين حكموا عليها.
توثيق النقول توثيقا كاملا وعزوها إللى مصادرها الأصلية
والمصدر الذي يرد ذكره أول مرة أوثقه كاملا في الهامش وإذا
تكرر أذكره مختصرا بذكر اسم الشهرة للمؤلف واسم الكتاب
ورقم الجزء والصفحة.
جمع كل ما يتعلق بأثر التفكير ودوره في البناء الثقافي.
لم أترجم للأعلام الوارد ذكرهم في البحثء خشية الإطالة.
الرجوع إلى كتب اللغة والمعاجم.
وضع الكلام المنقول حرفيا بين شارتي تنصيص " "ء وما نقل
بالمعنى أصدره ب (انظر) وما تصرفت به كثيرا أقول ب
(باختصار وتصرف).
ل البحث فيهء لما يعتريني من النقص والقصورء ثم لتشعب
الموضوع وسعته.
وأخيراً آمل أن أكون بهذا الجهد المتواضع قد وفقت في رسم
منهجية صحيحة تسهم في تشكيل تفكير سليم يؤثر في بناء ثقافي متزنء
صراط الحميد.
2 أ اتفشي فؤ ابن التقابؤ
أولاً: التعريف بمصطلحات البحث:
وفيما يلي التعريف بالمصطلحات الواردة في عنوان هذا البحث
تعريف الأثر في اللغة:
تعددت تعريفات الأثر عند أهل اللغة أذكر من أهمها وأبرزها
مايلي: الأثر: "بقية الشئء وفي المثل: لا تطلب أثرا بعد عين أي
رب لمن يطلب أثر الشئ بعد فوت عينه؛ وجمع أثر: "آثار"
و"أشور" وهي اللوازم المعللة بالشئ"”؟ وقال ابن منظور الأثر:
وهكذا يتضح أن كلمة الأثر في اللغة لها معان كثيرةٌ منها بقية
الشئ» وترك الأثر في الشئ واللوازم المعللة للشئ والمعنى المناسب
تعريف الأثر في الاصطلاح:
لايخرج استعمال لفظة (أثر) في الاصطلاح عن المعاني اللغوية
قال الجرجاني "وأكثر مايستعمل للدلالة على بقية الشئء أو مايترتب
)١( الرازي؛ محمد بن أبي بكر بن عبد القادر؛ مختار الصحاح ص؛ ترتيب / السيد
(7) ابن منظورء؛ أبو الفضل؛ جمل الدين محمد بن مكرم؛ ت: ١٠١ ه لسان العرب؛