مخططات تتموية اشتراكية من حيث الأهداف ثم حددت طرائق تنفيذ طبقا لمنهج رأسمالي من حيث الوسائل و
إن الإقلاع الاقتصادي يجب لن ينطلق من مخططات تنموية ترى الواقع الإنساني ببعده الاقتصادي و أي
مخطط نفكر فيه بأفكار الآخرين و نحاول إنجازه بوسائل غيرهم معرض للفشل من الناحية العملية؛ فالمشكل لدى
البلدان النامية يكمن في كيفية خلق شروط للإقلاع الاقتصادي و هذه هي شروط مشكلة التنمية في جوهرها(62) و
قد تطرق الاقتصاديون إلى هذا المشكل وخصوصا فيما يخص شروط التخطيط في اقتصاد السوقء فالبلدان النامية
يمكن أن تستثمر بقدر الوسائل المتاحة و المتمثلة في القطاع الفلاحي و المواد الأولية الخام و رأس المال
الاجتماعي؛ هذا هو الرصيد الاقتصادي لبلدان القارة الجنوبية و كل قرض أو مساعدة من القارة الشمالية لا يمكن
أن تكون قاعدة يقوم على أساسها التخطيط؛ فالأمر يخص تحريك المال و تنشيطه من اجل العمل و الاستثمار و
ليس في تكديس الثروة؛ فالمشكل متعلق بالمنهج الذي يحدد دور المال من اجل بناء الحياة الاقتصادية في إطار
طابع شمولي و عادل لا في طابع إقطاعي وبذلك يكتمل توجيه رأس المال مع توجيه العمل لتحقيق الشروط
الضرورية للإقلاع الاقتصادي؛ عن طريق التخطيط الدقيق وليس التخطيط الذي أشرنا إليه في التجارب السابقة
فالتخطيط موجود منذذ 1947 وطبق في الاقتصاد الاشتراكي مند 0 ولكن برامج التخطيط لم تغظي ثمارها في
الميدان الاقتصادي داخل البلدان النامية للأسباب المذكورة آنفا
إن عملية التنمية لا يمكنها النجاح إلا عن طريق المنهج التنظيمي والتخطيطي ونعني طريق التخطيط
يمكن وضع البرامج الفعالة و ذلك لتجنب تكرار التجارب الفاشلة أو لمواجهة ما يتعذر ملاقاته بمزيد من الفعالية
فالعالم المتقدم غلب عليه الطابع التنظيمي و التخطيطي و لذلك ظهر لديهم مناهج للإصلاح وربط المؤسسة
وهياكلها بالشروط التي تعمل فيها والاستفادة من التجارب السابقة و منهج الإصلاح المؤسسي و منهج الإدارة
بالأهداف و المحاسبة بالنتائج بالإضافة إلى عدد من التقنيات المساعدة في الإدارة وكذلك التحليل الاستراتيجي الذي
يقوم على أساس متابعة أسباب الفشل و أسباب النجاح هذه الوسائل والأدوات التقنية في مراقبة و متابعة تنفيذ
الأعمال والخطط و البرامج تلعب دورا مكملا وضروريا لنجاح عملية التخطيط (63)
الخاتمة
و هي في واقعها المادي نتاج لمقدرة الإنسان وللمستوى الذي بلغه نشاطه الفكري و هي غاية محتومة لتطورنا
توحي إلى جون توينبي بنظرية عن النظام التعاوني في الحكومة العالمية الذي يرى انه الطريق الوحيد انبرو من
الأزمة الراهنة و الوسيلة الوحيدة أمام الإنسان لان منها وعن طريق النظام العالمي يمكن إزالة التعارض
الموجود في العلاقات الاقتصادية الدولية
إذا دلت هذه الاعتبارات على وجوب تنظيم العالم من الناحية السياسية طبقا لخطة حكومة عالمية؛ فمن
الناحية الاجتماعية تدل على وجوب تحقيق هذا الوضع في صورة حضارة عالمية و بهذا الشرط المزدوج يتحقق
الحل الحاسم لمشكلة المصير المشترك ؛ فأفكار شهود العصر الكبار تتلاقى مع الضرورات الداخلية لتطوره و لقد
عناصرها الفكرية والاجتماعية من أصول بعيدة و هكذا تدخل العالمية في منطق الأفراد و الدول و ذلك عن طريق
ما يسمى بالإنتاج العالمي و الاستهلاك العالمي و المواطن العالمي
تفصل بين البلدان المتخلفة و المتقدمة هذا الاتجاه في الأفكار و التقارب بين القارتين في عالم الاقتصاد ينتج عنه
تأثيرا على تطور العالم
4- إن النظام العالمي الذي طالبت به البلدان النامية مازال لم يتحقق وخصوصا فيما يخص تجارة المواد الأولية و
مشكلة الغذاء؛ النظام النقدي العالمي و دوره في تمويل التنمية أضف إلى ذلك سياسة التصنيع و انتقال التكنولوجية
و تنظيم الرقابة على الشركات متعددة الجنسيات؛ فالعولمة بشكلها الحالي و قواعد المنظمة العالمية للتجارة دليل
على أن الفجوة يمكن أن تزداد اتساعا بين البلدان النامية والمتقدمة و لذلك يجب الاهتمام و التركيز على أهمية
المعلومات و خصوصا بعد ظهور ما يسمى باقتصاد المعلومات الذي سوف يكون له شأن كبير في القرن 21
5- يركز مالك بن نبي على ضرورة الاستثمار الاجتماعي لان الاستثمار المالي كوسيلة للتنمية بالنسبة للبلدان
النامية يشكل عائقًا بل يمتل عبئا وخصوصا فيما يتعلق بخدمات الديون و مقارنة نسبتها إلى نسبة الصادرات
6> تميز مالك بن نبي بطرح رؤية جديدة فيما يخص عملية التنمية بحيث يرى إمكانية الانطلاق من التنمية للوصول
إلى الاستثمار و ذلك بوضع العمل في طليعة القيم الاجتماعية و يرى بان التنمية تصنع و لا تشترى -لا تستورد- و
أن عملية شراء منتوجات حضارة أخرى تعني التكديس لا البناء
7- إن عملية البناء الاقتصادي لا يمكن أن نتصور نجاحها إن لم يكن إنجازها أخذ في الاعتبار قيمة لعنصر
البشري
8- إن البلدان النامية يجب عليها أن تواجه جملة من المسائل بوضوح و جدية لحل مشاكلها الاقتصادية هذه
المسائل يمكن صياغتها في الأسئلة التالية على اعتبار أن الإنسان هو محور العملية التغيرية:
- ماذا يجب أن نغير في النفس البشرية ؟
- ما هي الوسائل و المناهج التي نستخدمها في هذا التغيير؟
- ما هو السبب الرئيسي الذي يهدف إليه تغيير كهذا؟
الهوامش والمراجع:
(1) - مؤتمر باندونغ 1955 ؛ و على ضوء ذلك كتب مالك بن نبي الفكرة الأفروآسيوية
(2) - سليمان طيار ؛ مالك بن نبي و النظام الدولي ؛ مجلة النور ؛ الجزائر: 1991/10/28 ؛ ص:01
(3) - مالك بن نبي ؛ فكرة الإفريقية الآسيوية ؛ ترجمة عبد الصابور شاهين ؛ دمشق: دار الفكر 1981م
(4) - مالك بن نبي ؛ المسلم في عالم الاقتصاد ؛ ص: 21
(5) - حازم الببلاوي ؛ على أبواب عصر جديد ؛ ط 2 ؛ بيروت: دار الشروق؛1983م» ص: 223
(6) - مالك بن نبي ؛ المسلم في عالم الاقتصاد؛ ص: 23
يجب الإحاطة أيضا بالمخاطرالتي تنجم عنها ويمكن الإشارة هنا الى أن العولمة المالية تؤدي الى حدوث تدفقات
كثيرة لرؤوس الأموال طويلة الأجل و هذا أمر مرغوب فيه (35)
المطلب الثالث :دور الدولة في البلدان النامية في إطار العولمة
إن التعريف السابق للعولمة على أن العنصر الأساسي لإدارتها هو الشركات الرأسمالية متعددة الجنسيات
و التي تعني كل مؤسسة من بلد معين لها نشاطات مستقرة و خاضعة لرقابتها في بلدين أجنبيين على الآقل و تحقق
في هذين البلدين أكثر من 10 96 من رقم أعمالها (36)؛وليست الدولة كما هو الشأن في الاقتصاد الدولي؛ هذا
يوحي بأن دورالدولة قد تلاشى في ظل العولمة؛ لكن الخبراء يرون انه ما تزال الدولة تقوم بدور كبير في
الاقتصاديات الوطنية على الأقل في نهاية القرن العشرين وكمؤشر في دورها في المجال الاقتصادي بأنه في خلال
5 أنفقت الدولة في أمريكا 9633 من ناتجها المحلي الإجمالي و في ألمانيا 9649؛ كما أن حجم الدولة في كثير
من الدول مازال لها شأن كبير؛ بحيث إنفاق الدولة يؤدي إلى سيطرتها على جزء كبير من موارد المجتمع و إلى
توجيه هذا الجزء لتحقيق الأهداف التي ترغب فيها(37)
بالإضافة إلى أن أغلب الشركات الدولية شركات توجد معظم أصولها في الدولة الأم و إن حوالي 9675
من القيمة المضافة من إنتاجها العالمي يتم في موطنها الأصلي بالإضافة إلى ما يتعلق بانتقال قوة العمل البشري
هناك قيود من طرف الدول الرأسمالية و ضعت للحد من حرية هجرة قوة العمل البشري؛ أضف إلى ذلك أن ما
يسمى بالعولمة المالية لا تشمل اغلب دول العالم فأغلب دول العالم و خصوصا العلم الثالث لا تسمح بحرية تحويل
عملاتها المحلية إلى عملات أجنبية و لا تسمح لمواطنيها بالاقتراض من مستثمرين أجانب عبر إصدار سندات أو
أسهم و بالمقابل لا يمكن للمستثمرين الأجانب شراء سندات أو أسهم كهذه إذا لم يكونوا قادرين على بيعها متى
يشاءون وإلى تحويل قيمتها إلى العملة الأجنبية المرغوب فيها(38)
ومن جهة أخرى فان التكامل الاقتصادي في ظل العولمة يتزامن مع أفكار اقتصادية لأنصار الليبرالية الحديثة
التي تنادي بعدم تدخل الدولة إلى جانب تحرير التجارة و حرية تنقل رؤوس الأموال و خوصصة المؤسسات
العمومية؛ هذه تعتبروسائل استراتيجية في متناول المنظمات الدولية المالية؛ وهنا يجب ملاحظة أن دعوة مروجي
العولمة الاقتصادية إلى تخلي الدولة في البلدان المتخلفة عن جزء كبير من الاقتصاد وكذا ترك حرية حركة
الشركات متعددة الجنسيات في أراضيها +وإقامة مناطق حرة تتناقض في الواقع مع ما تقوم به الدولة في بلدان
هؤلاء المروجين ؛ حيث يزداد توجيهها للاقتصاد أوعلى الأقل لعب دور المشرف والموجه والمدافع عن مصالح
شركاتها ومواطنيها المتعاملين في الجنوب »هذا المنطق واضح في وسائله المستعملة وهي طرائق تسمح لدول
الشمال بإمكانية الوصول وبأكثر سهولة الى مصادر الموارد الاقتصادية وعلى رأسها الطاقة ؛هذه العناصر في
الواقع ليست جديدة في الاقتصاد الرأسمالي لأنها ولدت معه أو على الأصح ولد على أساسها (39)
هذه التطورات لا تمنح فرصا للبلدان النامية والمتخلفة للتطور على نحو يتزامن مع متطلبات العولمة إذا لم
تتدخل الدولة في بعض المجالات و بالتالي فان نجاح هذه البلدان يتطلب عملا متزامنا في الميدان الاقتصادي و
يتمنل في إصلاح الجانب السياسي(40) و لذلك وجب إصلاح الدولة و إعادة أولوية السياسة على الاقتصاد
إن مظا
إن العولمة الاقتصادية هي حصيلة استراتيجيات وسياسات وإجراءات اقتصادية تحركها المصلحة و يتجلى
ذلك بإعادة تشكيل النظم الاقتصادية في صورة اقتصاد السوق ومن جهة عولمة السياسة الاقتصادية بإعادة
صياغتها وفق شروط المنظمة العالمية للتجارة و نجد عولمة أسواق السلع والخدمات والمال والنقد و تمويل
وإذا تأملنا العولمة بمعانيها و أبعادها الاقتصادية نجد أن التبادل لا يقتصر على فائض الإنتاج و إنما التبادل
أضحى يمتل مكونا لاغنى عنه لاستمرار الإنتاج؛ سواء كان متكافئا أو غير متكافئ؛ و هذا ما يعمق الفجوة بين
اقتصاديات كل من البلدان النامية و البلدان المتقدمة +وتهميش اقتصاديات الجنوب بما في ذلك الاقتصاديات
النفطية
ولذلك وجب ضرورة البحث عن الكيفية التي من خلالها يمكن تقليص الفجوة بين البلدان النامية والبلدان
المتقدمة أو بين القارة الشمالية و القارة الجنوبية و كيفية الارتقاء بآليات التأقلم الإيجابي مع مخاطر العولمة والعمل
على تعظيم القدرة التنافسية حتى تتضاعف مكاسب العولمة؛ويمكن الإشارة هنا إلى أن تقليص قيود و مخاطر
وخسائر العولمة والتهميش؛ قد أصبح مرتبطا إلى حد كبير بقدرة البلدان على زيادة حصتها من الثروة العالمية
بمعنى بقدر ما يحققه البلد من قيمة مضافة عبر مشاركته في المصنع العالمي(42)
إن البلدان النامية سوف تواجه تحديات خاصة إذا لاحظنا أن تحرير الأسواق يتسارع و خصوصا انتقال
قوة العمل و نقل التكنولوجيا بالإضافة إلى تفيص دور الدولة في المجال الاقتصادي و لصالح قوى العولمة في
وضع السياسة الاقتصادية الوطنية بما في ذلك تحديد معدلات الاستثمار والنمو الاقتصادي و مستويات التشغيل و
البطالة؛ كل هذه الأمور سوف تواجه البلدان النامية في ظل العولمة
لكن هل تملك البلدان النامية رؤية استراتيجية لمواجهة تحديات العولمة؟
في هذا الإطار يجب على البلدان النامية أن تبحث في الوسائل التي تسمح لها بوضع الخطوط العريضة
لحركاتها نحو المستقبل ءوهذا لا يتم إلا بدراسة وضعيتها الحالية من جهة وما توفره العولمة الاقتصادية من مزايا
ممكنة وأيضا المخاطرءوببذلها مجهودا في هذا المجال يمكن لها أن تحسم فكريا وسياسيا بين خيار التأقلم بشكل
إيجابي مع عملية العولمة؛ او المواجهة السلبية للعولمة؛ وبمفهوم آخر إما أن تتفاعل إيجابيا مع العولمة بما يقلص
خسائرها و يعظم مكاسبهاء وإما العكس وبذلك سوف تتعاظم الخسائر بالنسبة للبلدان النامية و خصوصا أن النظام
العالمي الجديد بأبعاده الاقتصادية و غير الاقتصادية حدثت فيه تغيرات كبيرة في العديد من المجالات سواء كان
ذلك في هيكل الاقتصاد أو النظم الاقتصادية
تهميش كتلة المواد الأولية؛ أما فيما يخص التحولات في النظم الاقتصادية العالمية فقد تجلت في عالمية الرأسمالية
و تجديد اقتصاد السوق و انفتاح اقتصاديات البلدان النامية؛ هذه التحولات زادت من عمق الأزمة في الكثير من
البلدان النامية و نلاحظ ذلك في أواخر عقد التسعينات في إعادة عصر النفط الرخيص و بما يترتب عليه من
خسائر في الاقتصاديات النفطية؛ و قيود نقل التكنولوجيا من جانب القارة الشماليةكل هذا يتم مع استمرار شروط
التبادل غير المتكافئ و تهميش البلدان النامية المصدرة للمواد الأولية
ومن جاتب آخر نلاحظ استكمال آليات النظام الرأسمالي العالمي وانفرادها بقيادة الاقتصاد العالمي كما يلاحظ
ان دور صندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي قد أصبح شاملا
الإيجابي على التطورات الاقتصادية وعلى الخريطة الاقتصادية العالمية(43) ءيمكن الإشارة إلى أن بعض
التكتلات العربية متل مجلس التعاون الخليجي ؛ واتحاد المغرب العربي وعدة تكتلات إقليمية في إفريقيا لا تلعب
وقد ارتبطت التحولات الاقتصادية بظهور أولويات اقتصادية عالمية جديدة و في مقدمتها تحدي التقدم
العلمي التكنولوجي و تغيير الدور الاقتصادي للدولة واحتدام المنافسة الاقتصادية العالمية و في هذا الإطار نلاحظ
غياب برامج للدول النامية للارتفاع بفعالية وكفاءة عوامل الإنتاج خاصة العمل و تعظيم الاستفادة من القدرات
التنافسية وهنا يجب الإشارة بان مالك بن نبي يركز على العمل وعلى توحيد عناصر الإنتاج من اجل إنجاح الخطط
أضف إلى كل هذا فان هذه التحولات انعكست في إعادة صياغة الفكر الاقتصادي العالمي بنظرياته و مفاهيمه
و من اجل مواجه التحديات الجديدة؛ نعطي هنا الأهمية البالغة للفكر الاقتصادي عند مالك بن نبي من اجل العمل
على كيفية الاستفادة منه؛ تحقيق غايات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإعطاء أهمية للتنمية البشرية؛ أي إعطاء
قيمة فعالة للعنصر البشري لتحقيق التنمية المتواصلة؛ لكن ما يلاحظ أن البلدان النامية لم تكن تضع قضايا التتمية
البشرية و التنمية المتواصلة في أولويات مفاهيم التنمية الاقتصادية و الاجتماعية بغية تحقيق الحركية الاقتصادية
في إطار تحديات عولمة الاقتصاد و الإنتاج المتكافئ في الاقتصاد العالمي الجديد(45) وفي وقت متأخر من
ثمانينيات القرن العشرين اتجهت عدة بلدان إلى هذا الجانب لإنشاء معاهد للإدارة والعلوم المتخصصة في الإدارة
والتسيير وفتح مراكز بحوث متعددة تعمل في مواضيع هذا الميدان هذه المجهودات لم تعط النتائج المنتظرة منها
+وهذا التأخر راجع إلى القصور في الوعي الاقتصادي لدى الطبقة أو النخبة المتفقة في الميدان الاقتصادي و
قصور تفسيرها و اعتمادها على الحلول الجاهزة المستوردة للمشاكل الاقتصادية الموجودة في القارة الجنوبية
يعتبر تحديد الاستراتيجية العامة للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية اختيارا بين إمكانيات بديلة تتنوع
باختلاف البلدان المعنية فحسب الخبراء في الميدان الاقتصادي (46)؛ فليس هناك برنامج إنمائي واحد يصلح
للتنمية -مسألة في غاية الأهمية-وكذلك يركز بعض الاقتصاديين على أن تكون التتمية مبنية على أساس مجموعة
من الإجراءات أو الشروط (47)؛ و أهمها تحديد المشروع الاجتماعي والعمل على تحقيق توازن و تكامل بين
القطاع العام و القطاع الخاص بما يضمن تحقيق أهداف التنمية
المطلب الثاني: اقتصاد التنمية في الدول النامية
يتلازم معنى العولمة في مضمار الإنتاج؛ التبادل المادي مع معنى الانتقال من المجال الوطني إلى المجال
الكوني؛ غير أنه ينطوي على تعيين زماني أيضا؛ ما بعد الدولة الوطنية التي أنجبها العصر الحديث إطارا كيتيا
لصناعة أهم وقائع التقدم الاقتصادي(48)؛ فليست العولمة سوى السيطرة الاقتصادية لمحور القوة على سائر
الاقتصاديات النامية؛ بمفهومها الحالي هي الدرجة العليا في علاقات التبعية و الهيمنة الاقتصادية و هي كما يرى
مروجوها لحظة الانتصار للنظام الرأسمالي العالمي و هي نظام يبتلع اقتصاديا البلدان النامية(49)؛ عن طريق
المنظمة العالمية للتجارة والهيئات المالية الدولية
كما أشرنا إليه فإن مالك بن نبي يرى أن المشكلة التي تطرح بالنسبة للبلدان النامية ليست مشكلة اقتصادية
بالمفهوم الضيق للمص
فالواقع أن المجتمع الذي لا يتح أفكاره الخاصة الموجهة لا يمكنه أن يصنع إنتاجه الاستهلاكي و لا أدواته
في المعادلة الشخصية لدى الفرد الذي يفكر في الخطط وهو الذي ينفذها وهذه المعادلة كما يرى مالك بن نبي
جنب مع تكوين الفرد و ثقافته هذا الجانب التربوية الذي تنقص البلدان النامية
فالفشل الكبير لمعظم محاولات البناء في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية يعود الى التناقض او
الانقسام الموجود لدى حياة الفرد أفقيا و رأسيا داخل البلدان النامية و عدم اختيار النموذج الذي من خلاله يمكن
تعبئة الطاقات الاجتماعية وتتوحد حوله الجهود في إطار من الفعالية الشاملة لتحقيق اقتصاد التنمية و لكن المشكل
الذي يطرح في هذا الإطار هو مشكل القوت في البلدان النامية؛ قبل مشكل المواجهة للرأسمالية العالمية فمن
الناحية النظرية لا يمكن تحقيق اقتصاد التنمية بطريقة مستقلة عن اقتصاد متين لتحقيق اقتصاد القوت(50) فالصلة
بينهما وثيقة و لن يتحقق هذا التوفيق بينهما إلا عن طريق الاستثمار الاجتماعي(51)؛ إلا أن الاستثمار الاجتماعي
كوسيلة للتنمية بالنسبة للبلدان النامية غير ممكن في ظل العولمة حسب البعض:فالقارة الشمالية التي تسيطر على
ثروات القارة الجنوبية ورطتها في تصدير المشاريع الجاهزة مقابل السيطرة على المواد الأولية
فالبلدان النامية أمامها أسلوبان لتحقيق اقتصاد التنمية إما الاعتماد على الاستثمار المالي بالوسائل المالية و
هو استثمار كلاسيكي أثبتت البلدان النامية عدم نجاحها فيه و هنا يكمن المشكل أمام تدفق رؤوس الأموال بحيث
سوف تصادف هذه البلدان مشكلة البحث عن الأموال من اجل الاستثمار و الاعتماد على رأس المال في التراكم من
اجل رفع متوسط الدخل الفردي
وفي هذا الإطار كم يكون مبلغ الاستثمار المالي لتحقيق اقتصاد التنمية المرغوب فيه في ظل التطورات
الدولية؛ ان التخطيط و الاستثمار على الطريقة الكلاسيكية أي بالوسائل المالية يجعل مهمة هذه البلدان تدخل في
مأزق اقتصادي و يجعل خطط التنمية مرتبطة برأس المال الأجنبي و شروط سياسية واجتماعية تجعل البلدان لا
تحافظ على الترابط الاجتماعي و الثقة المطلوبة بين الطبقات الاجتماعية داخل المجتمعات النامية ؛ ونجد اليوم
الدول المغاربية و مصر و الدول الإفريقية تقوم باتصالات و مفاوضات وفتح اقتصادها عن طريق عرض
المؤسسات للخوصصة ؟أو الاستثمار الأجنبي المباشر ؛ ولكنها تجد صعوبة في تلقي هده الاستثمارات ماعدا في
بعض القطاعات المربحة مثل قطاع المحروقات و الأدوية في الجزائر حاليا
لذلك وجب على البلدان النامية و بالتحديد بلدان القارة الجنوبية كما يعبر عنها مالك بن ذ نبي انتهاج الطريقة
الثانية للاستثمار بحيث يمكن أن ننطلق من التنمية للوصول إلي الاستثمار و هذه فكرة جديدة في التنمية يطرحها
مالك بن نبي بحيث يمكن البحث عن المحيط الاجتماعي في إطار البعد الإنساني قبل البحث عن المحيط
الاقتصادي؛ يجب أن يكون الإنسان منتجا و عاملا و أن يكون العمل في طليعة القيم الاجتماعية و عدم التقليل
من قيمة العمل(52) والاعتماد على المواد الأولية الخام و الزراعة لتحقيق اقتصاد التنمية و اقتصاد القوت معاء
فرأس المال أصبح لا يشكل حلا بل عبئا على البلدان النامية؛ فالقضية بالنسبة لهذه لبلدان يجب أن تبداً من المحيط
الاجتماعي لتصل إلى المحيط الاقتصادي و تشغيل جميع السواعد التي تمتل الرصيد الحقيقي لهذه البلدان في لحظة
ال
فالتجربة الألمانية التي تطرقنا لها في الفصل الأول وظاهرتي الصين الشعبية و اليابان تعطينا صورة
واضحة في مجال التنمية؛ فتلمانيا بعد الحرب العالمية الثانية فقدت قدرتها الشرائية في الأسواق العالمية و اعتمدت
في نهضتها على قوة العمل و القدرة الاجتماعية التي يسميها مالك بن نبي الاستثمار الاجتماعي؛ رغم من يحاول
التشكيك في هذا الطرح بحجة أن ألمانيا نهضت اقتصاديا بفضل مشروع مارشال و لكن هل كان مشروع مارشال
موجود في القرن التاسع عشر؟ لان العصر الصناعي في ألمانيا لم يبدا على أساس شيء يسمى مشروع
مارشال (54)
وعليه فالطريقة بالنسبة للبلدان النامية و المتخلفة ما هو إلا الاستثمار الاجتماعي للوصول إلى تحقيق
اقتصاد القوت و اقتصاد التنمية و ذلك عن طريق تحويل العوامل الاقتصادية من إطار القوة و السكون إلي إطار
العمل و الحركية أي بتوجيه عناصر الإنتاج عن طريق التخطيط الدقيق ومالك بن نبي يرى أن البلدان النامية في
حاجة إلى ثورة ثقافية لتحريك النفوس فالتتمية لا تستورد و لا تشترى بل هي تراكيب ذهنية ومعادلات اجتماعية
قبل أن تكون مسأل بحث عن الأموال من اجل الاستثمار؛ فهناك قيم أخلاق؛ اجتماعية و ثقافية لا تستورد و على
المجتمعات النامية أن تصنع هذه القيم والتقمية من بين هذه القيم فهي تصنع مثلها متل الباخرة؛ فالتخلف الاقتصادي
مصدره التخلف الذهني و بطالة العقول فكل شيء ينتظر الإنجاز داخل القارة الجنوبية و لذلك لابد من استثمار
السواعد و العقول و الساعات و الدقائق وكل شيء من التراب لتحقيق الحركية الاقتصادية و الاستثمار المالي لا
يعتبر إلا قضية تضاف إلى الاستثمار الاجتماعي
بيد ان أنماط التنمية تمتل نقطة التركيز الأساسية لفكرة النموء فالنظرية الاقتصادية تبحث في كيفية
الوصول إلى أعلى درجة للرفاهية الاقتصادية عن طريق الاستغلال الأمثل للموارد النادرة و الاعتماد على
العنصر البشري؛ في هذا الإطار يمكن أن نتكلم عن أنماط التنمية والمتمثلة في النمو المتوازن و الذي يعني أن
عملية التنمية تبداً بالقضاء على مشكلة ضيق السوق فانخفاض الإنتاجية في البلدان المتخلفة يترتب عليه انخفاض
في الدخل و من ثم انخفاض الحافز على الاستثمار(55) و بذلك تكون استراتيجية النمو المتوازن تكمن في وضع
برنامج استثماري يتوجه إلى المشروعات الصناعية غير أن هناك طرح آخر يرى بأنه لتحقيق اقتصاد تنمية يجب
الاعتماد على القدرة في اتخاذ القرارات و بصورة خاصة اتخاذ قرارات الاستثمار بأعلى فعالية ممكنة(56) و
مهما يكن الأمر فان الاستثمار سوف يخلق فرصا أخرى للعمل و الإنتاج و بالتالي يشكل دفعا جديدا للتنمية؛ و على
هذا الأساس فان التكامل هو الطريق السليم لتأمين و تطوير النشاطات الاقتصادية من اجل تحقيق اقتصاد التنمية
المطلب الثالث: توجيه عناصر الإنتاج كالضرورة للتنمية
إن رأس المال لم يتكون بعد في البلدان النامية و المتخلفة بالكيفية التي تم فيها في البلدان الصناعية و عليه
فالمشكل في البلدان النامية ذو طابع يختلف عن الوضع ف البلدان المتطظورة فراس المال باعتباره آله اجتماعية
تنهض بالتقدم المادي لا يجب أن يكون آله سياسية في يد فئة رأسمالية كما يرى ماركس؛ و لذلك فان توجيه راس
المال و هو لا يزال في طور التكوين في البلدان النامية لا يتصل بالكم بل بالكيف بحيث يكون الأمر متعلقا بكل
تكوين راس المال(57)
هذا التوجيه لراس المال يمكن أن يلازمه توجيه العمل با
وهنا يمكن الإشارة إلى انه لا يهمنا تموقع مالك بن نبي ضمن المفكرين الاقتصاديين بقدر ما يهمنا
المواضيع التي تطرق لها و حاول أن يعطي العلاج لها؛ فالتوجيه هو تجنب الإسراف في الجهد و الوقت فإذا تم
توجيه ثقافة الإنسان للوصول إلى وعيه الاقتصادي و إنشاء سلوكه الجديد يمكن ما يعبر عنه مالك بن نبي بإنسان
التنمية الاقتصادي و إنشاء سلوكه الجديد يمكن صنع ما يعبر عنه مالك بن نبي بإنسان التنمية حتى يمكنه التأثير
الإنسان بالدرجة الأولى على اعتباره انه يشكل المحور الأساسي في المنظومة الاقتصادية أي يجب أن تصنع
الحضارة داخل الإنسان تبعا لقانون التغيير الحضاري؛ بتوجيه الإنسان و بالمنطق العملي نتفادى اللافعالية التي
تميز إنسان القارة الجنوبية؛ بتوجيه الإنسان و العمل و توجيه راس المال تكون البلدان المتخلفة استكملت الشروط
الضرورية لبناء الاقتصاد المشترك الذي سوف نتطرق له في الفصل الثالث
والملاحظ إن البلدان المتخلفة تعاني من مشكلة تكوين رؤوس الأموال ونقص الميل إلى الادخار و عدم
الاستعمال السليم للفائض الاقتصادي(58) بحيث يتم استغلال الفائض في قطاعات غير منتجة و لذلك نجد النقص
في رؤوس الأموال و بالتالي تلجأً هذه البلدان إلى تمويل الاستثمارات من مصادر خارجية؛ كما نجدها تعاني من
مشكلة الاستخدام الأمثل للقروض و منه تجد نفسها أمام مشكلة المديونية و على هذا الأساس كان من الضروري
العمل على توجيه عنصر رأس المال توجيها سليما
أما فيما يخص استراتيجية تطوير العنصر البشري و تنمية الموارد البشرية فيمكن أن تتم عن طريق
الارتقاء في العلم و الثقافة و تحويل العلم إلى معرفة تنظيمية تستخدم في التخطيط و تنمية الرقابة الذاتية وتعميق
الشعور بالمسؤولية؛ تعزيز الفكر التنظيمي والتخطيطي بالإضافة إلى تعبئة الطاقات الاجتماعية و الاستخدام
الأمتل للإمكانيات المتاحة و الوقت(59) واليوم تتمثل المهمة الأساسية لبناء عملية التنمية في تثمين عوامل الإنتاج
سواء تعلق الأمر بتثمين رأس المال في المؤسسات الكبرى نظرا لأهميتها ووزنها(60) أو عوامل الإنتاج الأخرى
وتجنيد اكبر لعنصر العمل
المطلب الرابع: التخطيط الدقيق كوسيلة للتنمية
إن برامج_التنمية في البلدان النامية و المتخلفة فشلت بشكل كبير و ما واقع القارة الجنوبية إلا دليل على
إلا إذا تم رسم خطط تنموية دقيقة تأخذ بعين الاعتبار التحديات التي تواجه هذه البلدان بدءا بالتحديات الداخلية و
بإصلاح الخلل الموجود داخل برامج التنمية؛ أضف إلى ذلك العوامل المشتركة لإنجاح المخططات التتنمية
فالتخطيط في البلدان النامية يجب ان يكون مبنيا على أساس أولويات التنمية والاستفادة من الفرص المتاحة في
ظل العولمة؛ بحيث تكون مسجلة في منهجيته التخطيطية و في خطته التقنية و الاعتماد على أولويات الإنتاج
الغذائي بغية إطعام جميع الأفواه حتى يتسنى لجميع السواعد العمل فبي إطار الاستثمار الاجتماعي و فرضياته؛ لان
فهذا لا يكون تخطيطا بل مجرد مهارة و خطط التتمية في البلدان النامية يجب أن تواجه الإصلاح
الزراعي من جانبين فالأول هو تخصيص الأراضي لمهمة الإنتاج وفقا لمعطيات اقتصاد القوت من جهةٌ و اقتصاد
التنمية من جهة ثائية و الجانب الثاني وضع جهاز فعال يحمي المساحات الزراعية المنتجة فالتخطيط مظهر من
مظاهر تعجيل الإقلاع الاقتصادي و هو جانب يخص الميدان الاقتصادي لتدارك التخلف بطرائق فنية متسارعة
تساير تطورات العولم
يرى مالك بن نبي أنه لإتمام الحل الشامل بالنسبة للبلدان النامية فهي على محورها الخاص عليها أن تخلق
الإنسان المتخلف و بذلك تخلق جميع عناصرها النفسية و الزمنية و بالتالي تخلق ثقافة و اقتصادا و سياسة و عليه
وجب تحديد اتجاهها العالمي حتى يصبح نصيب هذه البلدان في حل الأزمة العالمية حاسما وذلك بتعزيز دورها
تحقيق هذا الوضع ترى نفسها مضطرة إلى أن تأخذ في الحسبان بعض الظروف النفسية إلى جانب اعتبارها
للمصالح المادية التي تؤثر في الواقع الاقتصادي و توجيهه في النطاق الأخلاقي لا في الميدان الصناعي وهذا
التدخل للمبداً الأخلاقي في الميدان الاقتصادي يظهر جليا و حتى في بعض نظريات الاقتصاد السياسي
فاتجاه الحالة على محور الصناعة يمكن أن تأخذ في اعتبارها الحالة على محور المادة الأولية وكما يعبر
عنه مالك بن نبي فان التعايش السياسي هو الذي يسطر على الحالة العالمية بسبب ما لديه من عناصر النظام
الصناعي وعوامل القوة و الإمكانيات المادية التي تدخل في الحسبان أن العلاقات الاقتصادية الدولية تتسم دائما
ببلدان مسيطرة و أخرى تابعة؛ فالبلدان التابعة تخضع للبيئة التي فرضتها البلدان المسيطرة و تتكيف معها بشكل
يساعدها على المساهمة في حل الأزمة العالمية فالبلدان المسيطرة تتحكم في القطاعات و التغيرات و من ثم فهي
تتمتع بنوع من الاستقرار والثانية تخضع لهذه التغيرات و تخضع لقوة و سلطة البلدان الصناعية؛ فالعلاقات
الاقتصادية الدولية لم تخرج من هذا الإطار و مع ذلك فيمكن من خلال التطورات الراهنة يمكن أن تتغبر هذه
الصورة بزيادة دور البلدان النامية و التثير على العلاقات الدولية ذاتها على اعتبار أن ما يسمى بالعالم الثالث يمتل
قوة مؤثرة بما يملك من موارد بشرية و رقع جغرافية واسعة و مواد أولية هائلة؛ لكن مع استكمال آليات
السيطرة للرأسمالية العالمية وبروز دور و أهمية الشركات المتعددة الجنسيات كعنصر أساسي و محرك للنظام
العالمي الجديد او ما يسميه مالك بن نبي العالمية و ما يصطلح عليه حاليا العولمة بأبعادها ومظاهرها المختلفة؛
فان دور الدولة يجب أن يتعزز داخل البلدان النامية من اجل تحقيق اقتصاد التنمية عن طريق توجيه عناصر
الإنتاج و التذ لتخطيط الدقيق
مهما يكن الأمر سواء بالنسبة لتوقعات مالك بن نبي لاتجاه العالم نحو العالمية و بالنسبة للنظام العالمي
الجديد الذي نادت به البلدان النامية في مطلع السبعينات من اجل إعادة النظر في العلاقات الاقتصادية الدولية و
التبادل التجاري و الذي يختلف عن نظام العولمة و خصوصا في نطاق قواعد المنظمة العالمية للتجارة فان البلدان
ينتظر الإنجاز داخل القارة الاقتصادية الجنوبية؛ لكن بالمقابل يمكن العمل على دعم التعاون بين البلدان النامية و
استخدام عامل الزمن بتوظيف الموارد البشرية بغية الاستفادة من الفرص المتاحة في ظل العولمة
1- رغم ما يحدث من تغيرات على الساحة العالمية في الميدان الاقتصادي وعلى مستوى العلاقات الاقتصادية
الدولية فان البلدان النامية لا تولي أهمية للعنصر البشري
2- مالك بن نبي يرى انه من الوجهة النظرية يمكن لكتلة المواد الأولية أن تعمل على إعادة تكوين الكتلة العربية
الأسيوية و دفعها من جديد إلى أن تسير في اتجاه العالمية؛ لا أن تكون مجرد إجراءات سياسية و لكي يكون لها
تأثير أكثر فمن الواجب أن تعاد صياغة فكرتها في مصطلحات البقاء و كي تعبر عن اهتمامها بالمشكلات العضوية
لل
هر العولمة الاقتصادية توحي بان كل بلد لم يعد يهتم إلا بما يحتاجه لان المساعدات التي كانت
تقدمها البلدان الصناعية للبلدان النامية هي في انخفاض مستمر؛ بالإضافة إلى ارتفاع المجموع الكلي للمديونية
بالنسبة للبلدان النامية؛ ففي سنة 1996 ارتفعت الديون لتصل الى 194 ألف مليار دولار بحيث ارتفعت ضعف ما
كانت عليه قبل 10 سنوات وأصبحت القارة الشمالية تتجاهل مأساة القارة الجنوبية
المبحث الرابع: تحقيق اقتصاد التنمية بدول الجنوب في إطار العولمة
المطلب الأول: ضرورة وجود رؤية استراتيجية للبلدان النامية
للعالم؛ بينما تعاظم دور المنظمة العالمية
للتجارة؛ كما نجد التكتلات الإقليمية تسعى إلى التأفلم الإيجابي و هذا ما نلاحظه في حالة الاتحاد الأوروبي؛ أما
البلدان النامية نلاحظ القصور في التفكير و في الخطاب الاقتصادي و قصور في القوى التي من شأنها تعزيز قدرة
اقتصاديات البلدان النامية؛ كما نشير إلى ضعف التوجه العملي لإقامة التكتلات الاقتصادية بين البلدان النامية للتأثير
طلح و لكنها مشكلة نفسية و ثقافية قبل ان تكون اقتصادية؛ فعلاقات الديناميكية الاجتماعية
عي التي تفرق بين بلد متطور بلد متخلف؛ لان التنمية حاليا محدودة بمجال جغرافي و هي تعكس مجالا تقافيا
معينا فالتقمية بمفهومها لدى البلدان النامية هي المادة و التكديس-في الواقع العملي- و هي تنمية قاصرة لان المنهج
المستخدم في عملية التنمية يتضمن الأشياء و الإنسان و كان ينقصه البعد الخاص بالأفكار
إقلاع الاقتصادي من نقطة الصفر (53)
كان مالك بن نبي يرى بأنه لا يمكن تشغيل كل السواعد إذا لم تأخذ الدولة على عاتقها إطعام جميع الأفواه؛
من هنا يتبين لنا الربط الموجود بين اقتصاد القوت واقتصاد التنمية و هذا يمكن أن يتحقق إذا تم إنتاج اكبر قدر
ممكن من الغذاء و توزيعه على أحسن صورة ممكنة و التقليل من استهلاك السلع الكمالية وهذا يمكن أن يتم عن
طريق تنظيم القطاع الزراعي و التمييز بين قوة الشراء و قوة العمل؛ بحيث عندما تكون لبلد ما إمكانية الصنع
يمكن ان تتخلى عن الشراء من الخارج فقوة الشراء تمتل الاستثمار المالي و قوة العمل تمثل الاستثمار الاجتماعي
عتباره الركن الأعظم في العملية الإنتاجية بحيث
نجد العمل هو الذي يحدد مصير الأشياء في الإطار الاجتماعي و ذلك عن طريق العمل المنظم و تقسيم العمل
وبتوجيه العمل في مرحلة التكوين الاجتماعي كما يقر مالك بن نبي بمعنى سير الجهود الجماعية في اتجاه واحد بما
في ذلك جهد التاجر و صاحب الحرفة و الفلاح و جهود الدولة في إطار المراقبة و التخطيط الشامل و ذلك من اجل
تغيير وضع الإنسان في المحور المتخلف و خلق بيئة جديدة له بحيث تنطلق هذه العملية من الإنسان ذاته باعتباره
هو الذي يقوم بالعمل وباستخدام راس المال و بتوجيه ثقافة الفرد نعني بذلك الوعي الاقتصادي في هذا الإطار
يمكن أن يشتق العمل معناه
ة
و ما يلاحظ في البلدان المتخلفة ان التخطيط لا يعطي نفس النتائج لأن أفكار المخطط في جوهرها أفكار
عقيمة و لان علم الاقتصاد كما يتصور مالك بن نبي لم يبرز عن الأحداث الاقتصادية بعملية تجريد صرفة وفقا
للطريق الذي اتبعته الهندسة عندما وضعت مسلماتها الأساسية؛ فآدم سميث قد وضع له مبداً المصلحة الفردية و
إنسان نفسه على محور طنجة - جاكارتا
3- مالك بن نبي يرى انه هناك فجوة بين النظرية و التطبيق و بين الفكرة والسلوك فالتفكير في مشاكل القارة
الاقتصادية الجنوبية يستدعي مراجعة عالم الأفكار و هذه المراجعة تهدف عمليا إلى إزالة المسائل الاجتماعية التي