تقديم هذه الطبعة
تعرفت إلى الأستاذ فؤاد محمد شبل وأنا - بعد - فى مقتبل عمرى وعنفوان
وكان قد أخذ بلبى تمكن فى فيلم 'الملاك الأزرق” المقتبس من رائعة
أشبه بموسوعة فى علوم وفنون. وكان - رحمه الله تعالى - ذا دراية
واسعة بالموسيقى لية واسعة كذلك بموسيقار الشعب
» أنه أدرك إبان كان
شابا محبوبة هذا الموسيقار وتدعى "جليلة' منزل أسرتة
تأثيرهم فى ثقافة وطنهم يضاهى تأثيرهم فى سياسة وطنهم؛ أذكر من بينهم يحبى
حقى وحسين ذو الفقار صبرى وحسين شريف.
ألف فؤاد شبل وترجم؛ وفى مقدمة ما ألف "حكمة الصين؛ وهو دراسة
تحليلية لمعالم الفكر الصينى منذ أقدم العصور؛ وفى مقدمة ما ترجم هذا الكتاب
الذى نقدم له اليوم وهو 'مختصر دراسة للتاريخ".
هذا الكتاب الذى يقع فى ترجمته العربية فى أربعة مجلدات هو المختصر
الذى قام عليه سومرفيل !50806076 للأجزاء العشرة الأولى من كتاب "دراسة
للتاريخ” :مون !0 51107 ل للمؤرخ والمفكر البريطانى الكبير أرنولد توينبى
حين يطالع القارئ العربى هذا المختصر؛ ريما يساوره هاجس بكونه مؤلقًا
وليس مترجمًاء وتلك شيمة المترجمين الكبار؛ مثل مترجمنا هذا الكبير ومترجم آخر
كبير هو على أدهم (ت. 480 أثرن مك7 العربية بمؤلفاته - وهى كثر 7<
ومترجمائه - وهى كثر كذلك - ومضى دون أن ينال حقه من تقدير هو أهل له.
وكان من حظ المترجم الفاضل ومن حظنا على السواء؛ أن يقوم على
مراجعة الترجمة أستاذان جليلان؛ هما محمد شفيق غربال (ت )155١ وأحمد
عزت عبد الكريم (إت19487) وهما - معا - يقفان فى طليعة المدرسة التاريخية
المصرية؛ ويذكر أن أولهما - وهو محمد شفيق غربال - كان تلميذا مباشرا ونجيبا
“بدايات المسألة المصره إية وظهور محمد على" عط له 8متممنعة8 106
الكتابة عن تلك المرحلة من تاريخ مصر. كما أن كتاب غربال الصغير فى حجمه
الكبير فى قيمته عن 'تكوين مصر” يعد امتدادا - على نحو أو آخر - لكتاب أستاذه
مدارس الصفوة البريطائية وجامعاتهاء واهتم على نحو خاص باليلينيات أى
إنسانيته؛ وجعله أكثر انفتاحا على ثقافات أخرى غير ثقافته.
بعد تخرجه عمل فى عدة هيئات علمية؛ أهمها "المعهد الملكى للشئون
الدولية" متتطالة آمرمتلمسعاما له عانتافها لفلاه 118 (ل8.1.1) وولى
سنوات الحربين العالميتين الأولى والثانية؛ فاكتسب خبرات أخرى كان لها صداها
وأرتولد توينبى ليس غريبا على القارئ العربى؛ ففضلاً عن تفرده فى مجال
الفكر التاريخى وفلسفته؛ فقد تفرد عن الكثرة الغالبة من أهل عصره ومجايليه فى
كونه يقف فى طليعة المفكرين الغربيين القلائل الذين صاروا يصدفون عن فكرة
"المركزية الأوربية" 0800800587؛ والفكرة الأخرى التى تقول بتفوق العرق
- بعد أن تصير إنسانيةٌ - حضارةٌ للبشر كافة.
يجل الإسلام وحضارته؛ واختص مصر بعنايته؛ فهى التى أهدت العالم الرهبنة
عرف بمناهضته للصهيونية ومناصرته للقضية الفلسطينية؛ وكان له موقف نبيل
باعتبارى أنتمى إلى جيل عاصر الحقبة الأخيرة فى حياة توينبى؛ فإننى ما
أزال أتذكر محاضراته الشهيرة التى ألقاها فى القاهرة عندما زارها فى العام
يرجل عالم وشجاع؛ يقول ما يرى انه حق
غير آبه بما قد يترتب عليه من تبعات.
لإسرائيل فى كنداء وهو سجال
الفكر التاريخى عند الأغريق من هوميروس إلى هرقل ١1474
رحلة إلى الصين 147١
مستقبل الحضارة الغربية 1444
الحرب والحضارة 1486
العالم والغرب 1487
الديمقراطية فى عصر الذرّة 1657
تاريخ الحضارة الهليئية 1684
أمريكا والثو
بين النيجر والنيل 149768
ميراث هاينبال؛ حروب هانيبال وأثرها فى الحياة الرومائية ١14368
بعض مشكلات التاريخ اليوتانى 14745
الإغريق وتراثهم 54١1 (صدر بعد وفاته)
يخ فى العام ١571 وطلع علينا
بالأجزاء الثلاثة الأولى فى العام ١1974 ثم الأجزاء الثلاثة التالية فى العام
١5 والأجزاء الأربعة الأخيرة فى العام ؟52٠. وتقع هذه الأجزاء جميعها فيما
يربو على الستة آلاف صفحة؛ ثم أضاف صاحبها جزءًا يضم أطلس ومعجمًا
6600055060105 وذلك فى العام ١1551
ولما كان من الصعب على غير المتخصصين - بله البعض من
المتخصصين - فى موضوع الكتاب مطالعة هذا العمل الضخم؛ وفهم ما حنا
من مصطلحات وأفكار؛ فقد نهض الأستاذ سومرفيل باختصار الأجزاء الستة
الأولى وذلك فى العام ٠447 كما نهض باختصار الأجزاء الأربعة الباقية فى
العام ٠457 ثم نشر المختصر كاملاً مع مقدمة من توينبى فى العام 21476
8010© 1006 باختصار العمل كله فى مجلد واحد صدر فى العام 4977 أى قبل
جدير بالذكر أن سومرفيل فى مختصره الذى نقدم له اليوم. حرض على أن
يلتزم بألفاظ المؤلف الأصلى؛ مغ استبعاد بعض الأمثلة والاستطرادات؛ دون أن
هذا وقد زاد المترجم الفاضل - فؤاد شبل - بأن عرف بتوينبى ونه بإيجاز
إلى أفكاره؛ ودعم الكتاب بشروح لألفاظ وأفكار ربما تستغلق على القارئ العربى.
ينتمى كتاب توينبى الذى نحن بصدده إلى 'فلسفة التاريخ" وهى موضوع مهم
ماركس . :16.04 الأشهر 'رأس ألمالة 1181م168 005 وصار أهم إنجاز
0001005 عل . وقد تفاوتت أفكار هؤلاء الفلاسفة الكبارء بين مثالية هيجل
ومادية ماركس وتشاؤمية شبنجلر.
المسيحية الأرثوذكسية؛ الإسلامية؛ الهندية؛ الشرق الأقصى؛ ثم مخلفات حضارات
متحجرة غير معيئة الشخصية كاليهودية.
يدور الكتاب حول ثلاثة محاور؛ انبعاث الحضارات؛ ارتقاء الحضارات»
انهيار الحضارات.
بخصوص انبعاث حضارة ماء فإن توينبى يصدف عن الفكرة التى تذهب إلى
تفوق عرق ما وتفرده بصنع الحضارة؛ فالأعراق - فى معظمها - ساهمت فى
صنع الحضارات وفى تقدمهاء كما إنه يصدف عن البيئة الجغرافية كعامل أهم فى
أنبعاث الحضارة.
كمثال- هى محصلة اندماج حضارتين كانتا متميزتين فى الأصل؛ هما الإيرانية
التى تتفرع بدورها من الحضارة السومرية.
الصينية - المايانية - الانديانية (والحضارتان الأخيرتان ال . القارة
ولكن كيف تنش الحضارة؟
يرى توينبى أن الحضار فى ظروف سيلة؛ إنما هى - على النقيض
- تنشأ فى ظروف صعبة؛ تخلق للإنسان تحديًا 000116086 ؛ هذا التحدى يسفر
عن استجابة 186800088 تتفاوت حسب الأحوال-
المثال الأوضح على ذلك الحضارة المصرية القديمة؛ فقد كانت السهوب
أوان الجفاف؛ تفاوتت استجابات السكان؛ فتمسك بعضهم بأرضهم وغيروا نمط
حياتهم فصاروا بدواء واختار بعضهم الآخر الارتحال جنوباً؛ حيث المناطق
مع الحضارة المصرية؛ وفى قاصية المشرق بزغت الحضارة الصينية لدى النهر
يرتبط التحدى الطبيعى بتحد آخر بشرى؛ فالشعوب التى تعيش فى مناطق
بتهددها بالعدوان شعوب غيرهاء تصير أكثر صلابة من شعوب تعيش فى مناطق
أجل أن تكون الاستجابة مناسبة؛ لأنه فى أحوال بعيتها تكون الاستجابة سلبية»
و أخفقت فى استجابتها لتحديات واجهتهاء وهذا من شأنه وجود قانون
للتفاعل بين التحدى والاستجابة؛ يطلق عليه المؤلف تعبير "الوسط الذهبى".
للحضارة الهلينية ما تحقق لها من إنجازات.
يقرر توينبى أن الارتقاء لا يتم بغزو للخارج؛ ولا بتقدم تكنولوجى مادى فى
الداخلء إنما هو يتم وفق عملية يدعوها بالتسامى؛ وهى عملية روحانية أكثر منها
مادية؛ تستهدف إطلاق طاقات المجتمع من عقالهاء الأمر الذى لا يتأتى إلا على يد
وليس بالمعنى المجازى فحسب؛ وهى التى أسست المدارس الفلسفية القديمة؛
وتقتفى الأكثرية العاطلة من الإبداع أثرها عن طريق ما يدعوه توينبى بالمحاكاة.
يذهب توينبى إلى أن الحضارة تدخل فى دور الانحلال إذا أخفقت الطاقة
الإبداعية عند الأقلية المبدعة؛ ويكف المجتمع - فى الوقت ذاته - عن محاكاتهاء
وتتحول هى بدورها إلى أن أقلية مسيطرة تستند إلى القوة للإبقاء على سيطرتهاء
تجاورها بروليتاريا داخلية. تمثل غالب المجتمع؛ وبروليتاريا خارجية؛ تقع على
هامش المجتمع وتتربص به. ولكل منهم وظيفته. فالأقلية المسيطرة تنزع إلى إنشاء
دولة عالمية (إمبرطورية) والبروليتاريا الداخلية تنزع إلى إنشاء عقيدة دينية عالمية
تلك هى النظرية العامة لأرنولد توينبى؛ والمهم لنا الآن أن نتعرف على ما
على أربع منها مظاهر الانحلال؛ فى حين تتفرد الحضارة الغربية بكون
بروليتارياتها الداخلية؛ قد عقمت عن إنجاب أديان عليا بسبب حيوية الكنيسة
المسيحية؛ كما أن بروليتارياتها الخارجية لم تتحقق لها أهدافهاء بسبب الكفاية
المادية الساحقة للمجتمع الغربى+
على أن المجتمع الغربى يمر بأزمة؛ هى فى جوهرها روحية أكثر منها
مادية؛ فبه فراغ روحى أتاح الفرصة لظهور دعوات قومية متطرفة كالفاشية
والنازية؛ وصراعات طبقية فى الداخل؛ وحروب مدمرة فى الخارج.
وعلى النقيض من تشاؤمية شنبجلر يرى توينبى أن خلاص الحضارة الغربية
يكمن فى المزيد من الحريات الشخصية ومن العدالة الاجتماعية فى آن. ثم يتطلع
إلى قيام تنظيم دولى أو دولة عالمية تستند إلى الإيمان؛ وينتفى فيها التعصب