لدينا هذه المكتبة الكبيرة تحوي آلاف الكتب والرسائل تضاف اليها ألاف
الاسلام به اسلاماً كالقرآن والحديث وعلومهما ٠
الاسلامية , فاجد بها بحوثا ومقالات في الحج . وما تزال كل صحف العرب
الجليل , فلو جممت لكانت لدينا مكتبة زاخرة خاصة بالحج ٠
وأول بحث كتبته في حجة الوداع وأحكام الحجوالعمرةسنة 17057 هف
وأنا طالب بالمعهد العلمي السعودي , ونشرته بمجلة «الشباب الناهض»
الخطية التي كنت أصدرها باسم المعهد , ونشر البحث في عدد خاص
صدر في شهر ذيالحجة سنة 1707 ه وكتبنا من هذا العدد بخط آيدينا
وعندما كتبت البحث عرضته على استاذي الجليل الشيخ ابراهيم
الشورى مدير المعهد العلمي السعودي , وأحد من تمت على أيديهم
نهضة التعليم في المملكة العربية السمودية , فقرآه وأضاف اليه بعض
الاحاديث والاحكام , وشجمني وكافاني , وسر بالبحث سروراً عليماً +
وعرضته على أساتذتي الكرام العلماء الاعلام : الشيخ عبد الله
المطلق أستاذ الفقه ؛ والسيد علي حبشي أستاذ الانشاء والقرآن +
والشيخ شيخ بابصيل أستاذ العر ة ؛ والشيخ محمد عبد الرزاق حمزة
أستاذ الحديث ؛ وقد توفي كل آساتذتي هؤلاء رحمهم الل ؛ ومد الله في
عمر شيختا العلامة الجليل الشيخ ١ براهيم الشورى الذي كان أستاذاً
بارزا في كت من العلوم *
ميل
مكة حرمها الله قبل عشرين سنة ٠
وأخيرا , تفرغت لتأليف هذا الكتاب , واشتغلت فيه ليل نهار حتى
أكرمني الله بانجازه بعد أن قرأت مئات الكتب *
والحجر الأسود , وختمت كتابة آخر ما جاء فيه في الروضة المطهرة بحرم
رسول الله صلى الل عليه وسلم بين
ومن نعمة الله علي” أن يوفقني لتأليف الكتاب يبلد الل الحرام حيث
يكون الحج اليه , وقد حجه رسل كرام آخرهم سيدهم محمد عليهم
صلوات الله وسلامه , وحجه المسلمون كل عام , ويحجونه على الدوام *
الصلاة والسلام . فجمعت في البدء والختام بين أقدس بقعتين : الكمبة
والروضة » متوخياً من ذلك البركة والنفع *
في كل ما وقفت عليه وظهر لي من حجة الرسول صلى الله عليه وسلم
لبلغ عديد من المجلدات الضخمة , لآن في الحجة النبوية من الأحكام
والحكم والأسرار والانسانيات ما ت به المجلدات ٠
ولعلي أعود الى البحث وأوفيه حقه اذا يسر الله وشاء ووفق »
ولعل غيري يتناول الحجة ف الى ما كتب الكاتبون ما لم يتناولوه +
فالحجة النبوية من السعة والشمول بحيث تستوعب الحياة الانسانية
كلها . فيها من القواعد والاصول والآداب والأخلاق والتنظام والقانون
ما لو أخذ به البشر لكانوا سعداء آمئين *
والرسول سواء نظرنا الى فعله أم استممنا الى قوله ب النموذج
الأعلى للانسانفيكل شيء , فهو أكبر بني الانسان طرأ في خير الغلائق
والصفات لأنه يجتمع في شخصه الكريم أفضل مزايا الجنس البشري +
الله عليه وسلم الغلاصة النقية الطاهرة للانسانية ولبني الانسان
وان فعله خيٍ الأفمال , وقوله خي الأقوال , وخ الهدي هدي
والمسلمون أولى بهدي محمد من غيرهم ؛ ولكنهم تركوه فغرقوا
في الضلال والشقاء » وقضرا هم أنفسهم على العزة التي جملها الله
بمثه الله رحمة للعالمين , فلعلهم يهتدون ٠
وبعد أن انتهيت من تاليف هذا الكتاب زرت حضرة صاحب
المعالي الاستاذ الجليل الشيخ عبد الوهاب آحمد عبد الواسع وزير
الحج والأوقان , واطلع عليه , فرآى آن تشارك وزارته في نشره +
وهاتذا أصدر هذه الطبعمة بمساعدة وزارة الحج والاوقاف
بالمملكة العربية السعودية . وهي باكورة ثمار كثيرة ستتفتح عنها +
لأن وزيرها العالم الفاضل عازم على آن ينشر العراث الاسلامي تشرا
وليس المؤلف وحده الذي يحيي الشيخ عبد الوهاب عبد الواسع
على افضاله بنشر هذا الكتاب , فالقراء شركاء في تحية هذا الوزير
ع هرب
وبعد , فادعو الله تبارك وتعالى أن يجمل عملي هذا خالصاً لوجهه +
روييو ب * ريضان 1746 ف مكة المكرمة
٠د زذ/ للحا ام أحمد عبد الففور عطار
تعد السنة العاشرة للهجرة سنة كمال الاسلام , فقد عرف المسلم
مكانه في هذا الوجود , ورسالته على الأرض » ومهمته في المجتمع ٠
وقامت له دولة ومجتمع تنتظمهما شريعة الله السمحة , وعقيدة صحيحة
تختلف عن كل ما في العالم منعقائد وثنية أو عقائد | بتعدت عن التوحيد
الحق +
وعرف المسلمون فرائضهم وتلقوها عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم , وتعلموا منه بالتلقين والمشاهدة والتطبيق أمور الصلاة
والصيام والزكاة بعد أن عرفوا منه كل آمور العقيدة والايمان *
ولم يبق من أركان الاسلام غير الحج ؛ فهم تلقوا منه منامكه +
ورأوا رسول الله يعتمر + وعرفوا منه السعي والطواف , واحكام الحج
هي أحكام العمرة الا الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفةومنى وما يجب أو
اسوة . فيتوارث الخلف عن السلف الحج النبوي وتتلقاه الجموع عن
بذون عنه مناسك الحج؛
وقد فرض الحج في السنة السادسة او التاسعة من الهجرة , وكان
بوسع الرسول أن يحج ؛ ولكنه لم يحج ؛ واعتمر غيد مرة بعد فتح مكة *
أدائه الا الحج فلم يسرع اليه ويكنالقدوة , وانما تأخر يشيع َ
لأن سيطرة الوثنية على المناسك والمشاعر لم تنته بفتح مكة *
كان رسول الل أول من صلى وآول من صام وآول من زكى بمد
أن كان أول من آمن وأسلم ٠ فلماذا لم يكن آول الحاجين وقدوتهم كما
كان في كل اركان الاسلام الأربعة : شهادة آلا الله الا الله . وان محمداً
رسول الله واقام الصلاة , وايتاء الزكاة . وصوم رمضان ؟ +
ولماذا علم المسلمين المناسك وسمح لهم بالحج دون أن يكون قدوتهم
فيه كما كان قدوتهم في الشهادة والصلاة والصوم والزكاة ؟ +
الاسلامي حج وثني , ولكل من ١ مناسكه + وباختلاف الحجين
اختلفت المناسك بينهما , ولا يصح أن يحج رسول الل ويشذ عنالاقتداء
به كثير من الحاجين , كما لا يصح أن يشهد رسول الله مناسك وثنية
فكانت مجتمعاً لمقائد التوحيد وعقائد الشرك والوثنية , وباختلاف
العقائد اختلفت المناسك ؛, فالمسلم يحج حجه الاسلامي » والوثني يحج
حجه الوثني ؛ ولا يرضى الاسلام بالوثنية وان كان معروفا عنه أنه دين
البماحة:والبملة >
ومكة دار اسلام » فلا يصح أن تكون مفتوحة لفيره من الاديان ,
كما لا يصح أن تقوم فيها دولة التوحيد وبجانبها دولة الشرك مع انها
خاضعة لحكم الاسلام وحده ٠
تتطهر مكة والمسجد الحرام والمشاعر كلها من رجس الشرك والوثنية
بعد أن طهر التعلى يدي رسوله صلى الل عليه وسلم الكمبة والمسجد
الحرام ومكة من الأوثان والأصنام *
وعرف عن رسول الاسلام الرحمة والصدق والوفاء بالعهود . فلو
حج مع المشركين لما رضي بهم وبحجهم , ولمنعهم من أعمال الشرك + وفي
هذا المنع اشمال نار حرب وقتال في أرض مقدسة حرم الله فيها عضد
شجرها فكيف بقتل الأرواح فيها *
ومن شريمة الاسلام في الحرب ألا يبدأ بها , بل لا بد أن تسبقها
الدعوة الى السلام ثم الى الجزية التي لا ترهق دافعها تلقاء حمايته *
كل ذلك حمل رسول الاسلام على أن يتخلف عن الحج بضع سنوات
حتى يكمل لحرم الله وبلده الطهر والايمان ٠ فلا يدعي فيهما لفيدة +
وتسود آداب الاسلام رحابهما , وحتى يعلن لغير المسلمينمطالبهويمطيهم
ومهد لحجه بأن يسبق أبو بكر , ويؤذن في الناس في مواضع الحج
ولا يطوف بالبيت عريان *
يمنع غيٍ المسلم من الحج , ومنع الطواف ببيت الله عارياً ٠ وكآن في
المطلب الأول غناء , لأن المسلم لا يطوف ب ت عارياً , ولكن الورسول
الكريم أضاف المطلب الآخر تأكيدا وافصاحا , لأن من الجائز ان يفهم
بعض العرب المنع من الحج بالنسية للمشرك ؛ ولا يفهم آن الاسلام يمنع
المري + فيسلم ويظن أن العري مباح ؛ ولهذا جاء عن الرسول منعه *
ينفذ أمر الرسول الكريم , حتى اذا غادر المدينة الى مكة نزل على رسول
( بداءة” من الله ورسوله الى الذين عاهدتلم من المشركين ى
مُخزي الكافرين ني وأذان” من الله ورسوله الى الناس يوم الحج الأكبر
عهدهم الى مدتهم إن الله يحب المتقين ى فإذا انسلخ الأشهر الحرمفاقتلوا
رحيم ى وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم
أبلفه مامته ذلك بأنهم قوم لا يعلمون م كيف يكون للمشركين عهد عند
الله وعند رسوله الا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم
ورسول الله لآ يمكن أن يحج مع حجاج لا يؤمتون بالله وحده + مع
حجاج يحسبون بعض أعمال المنكر من المناسك . وهؤلاء هم حجاج
الشرك والوثنية الذين يطوفون بالبيت عراة , ويشركون مع الله غيره
في العبادة » ويعلنون في تلبيتهم الكفر في بيت خاص بالل وحده تبارك
واذا رضي رسول الله بالحج مع آولئك الوثنيينالمشركين , وسكت
عن المنكر بين يدي الكمبة المشرفة فقي ذلك اعلان ضعف منه , وما كان
رسول الله بالضعيف في دين الله *
يشاركهمرسول الله الوقوف بعرفاتوالسعيوالطواف وفي كل مناسك الحج
وكيف يرضى رسول الله عن حج قريش التي تميز نفسها عن كل
حاج ؛, فلا تقف بعرفة , وانما تقصر وقوفها على المزدلفة لا تتجاوزها
خصائص ليست لفيرها , فهم من الحلمشس جمع أحمس ؛ وهو المتشدد
في الدين وكانوا لا يقفون بعرفة , وانما يقفون بالمزدلفة ويقولون :
نحن أهل الله ؛ فلا نخرج من الحرم ! +
وما أعطى الحمس أنقسم من الخصائص الدينية والاجتماعية التي
تميزوا بها على الناس جميعاً لا يتفق مع الاسلام الذي جمل الناس
سواءفيالحقوق والواجباتوالفرائض والتكليف؛ ولايفضل أحد أحدا في
شرعه الا بالتقوى , والرسول الأعظم صلى الل عليه وسلم مثل غيده من
المسلمين في الفرائض وأركان الاسلام والايمان *
نزلت هذه الآيات بعد مضي أبي بكر بالمسلمين فدعا رسول الله
علياً وقال له : « اخرج بهذه القصة من صدر براءة وآذن في الناس يوم
النحر اذا اجتمعوا يمنى ألا انه لا يدخل الجنة كافر , ولا ب
العام مشرك , ولا يطوف بالبيت عريان ؛ ومن كان له عند رسول الله
بعد
فخرج علي بن آبي طالب على ناقة رسول الله العضباءر» حتى أدرك
ابا بكر فسأله : آمير آو مآمور ؟ فاجابه علي :بل مأمور *
واقام أبو بكر للمسلمين الحج , وآما العرب فكانوا على عاداتهم
يوم النحر خرج رهط من الصحابة فيهم آبو هريرة وجابر بن عبد الله
)١( العضباء : هي القصواء , وقيل : غيرها