«( ترجمة الأبواب »
(الّل) فى فضل الععقل . (الثانى) فى ذم الهوى . (الثالكث) فى
الفرق بين مايرى العقل ومايرى الهوى . (الرابع» فى دفع العشق عن
النفس . (الخامس) فى دفع الشرّه . «السادس) فى رفض رياسة الدنيا .
(السابع فى دفع البخل . (الثامن) فى النهى عن التبذير . (التاسع» فى
بيان مقدار الاكتساب والانفاق . (العاشر) فى ذم الكذب . (الحادى
دفع الغضب . (الرابع عشر) فى دفع الكبر . (الخامس عشر) فى علاج
العجب . (السادس عشر) فى علاج الرياء . (السابع عشر) فى دفع
فضول الفكر . (الثامن عشر) فى دفع الحزن . (التاسع عشر) فى دفع
الهم والغم . (العشرون) فى دفع الخوف والحذر من الموت . (الحادى
والعشرون) فى دفع فضول الفرح . (الثانى والعشرون) فى دفع الكسل .
(الثالث والعشرون) فى تعريف الرجل عيوب نفسه . (الرابع والعشرون) فى
تنبيه الهمة الدنية . (الخامس والعشرون) فى ذكر رياضة النفس .
(السادس والعشرون» فى رياضة الأتلاد . (السابع والعشرون) فى رياضة
الزوجة ومداراتها . (الثامن والعشرون» فى رياضة الأهل والمماليك .
(التاسع والعشرون» فى معاشرة الناس ومداراتهم . (الثلاثون) فى ذكر
السيرة الكاملة .
الباب الأول
فى فضل العقل
قد اختلف الناسٍ فى ماهية العقل ومسكنه 09 » وأطالوا » وقد
زويت فى فضله أحاديث كثية » وقد ذكرنا جملة من ذلك فى كتابنا
المسمى « بلم الهوى » فلا نعيدها بل نذكر ههنا جملة فنقول :
إنما يعرف فضل الشىء بثمرته » ومن ثمرات العقل معرفة الخالق
علمه » وحث على طاعة الله » وطاعة رسله » ودبر فى نيل كل صعب
حتى ذلل البهائم ؛ وعلمه صناعة السفن التى بها يتوصل إلى ماحال بيننا
وبينه البحر ؛ واحتال على طير الماء حتى صييدت » وعينه أبداً تراقب
العواقب وتعمل بمقتضى السلامة فيها والعوز » ويترك العاجل للاجل ؛ وبه
فضل الآدمى على جميع الحبوان الذى فقده » وبه تأهل الأدمى لخطاب
خير الدنيا والأخرة من العلم والعمل 6 وكفى بهذه الأشياء فضيلة لا
ببعضها . فليكتف بهذه الجملة عن الإطالة .
: جاء في تاج العروس 7 مانصه 0١(
العقل العلم به تدرك النفس العلوم الضرورية والنظرية ) . واشتقاقه من العقل
التحرير لابن الهمام .
وقال بعض أهل الاشتقاق العقل أصل معناه المنع ومنه العقال للبعير سمى لأنه يمنع
قد عقلنا والعقل أى وثاق وصبرنا والصبر مر المذاق
وقال ابن فرحون العقل نور يقذف فى القلب فيستعد لادراك الأشياء وهو من
العلوم الضرورية .
الباب الثانى
فى ذم اهوى
الهوى ميل الطبع إلى مايلائمه ؛ فلا بيذم هذا المقدار إذا كان
المطلوب مباحاً » وانما يذم الإفراط فيه ) َه فمن أطلق ذم الهوى فلأن
الغالب فيه مالا يحل أو يتأول المباح بإفراطه » واعلم أن النفس منها جزء
عقلى فضيلته الحكمة ورذيلته الجهل ؛ وجزء غضبى فضيلته الحدة ورذيلته
الجبن . وجزء شهوائى فضيلته العفة » ورذيلته اطلاق الهوى » فالصبر عن
الرذائل فضيلة للنفس ؛ بها يحتمل الإنسان الخير والشر ؛ فمن قل صبنٍ
جميع مايرومة ينعكس عليه ؛ فإنه يتأذى من حيث قدر النفع ويحزن من
جيك أراد الفرح .
وإنما فضل الأدمى على الحيوان البهيمى بالعقل الذى أمر بكف
الهوى » فإذا لم يقبل قوله وحكم الهوى كان الحيوان الهيمى أعذر من
الأدمي ويدل عل فضل خلا الهوى تقديم كلب الصيد و إكرامه على
أبناء جنسه » وذلك لمكان مخالفته للهوى من حبس ماصاده على صاحبه
واعلم أن الهوى فى ضرب المثل كالماء الجارى الحديد الجرية ينحدر
بسفيئنة الطبع . والعقل مرادفان عقل المراد وتوا مر الماء بالسفيئة .
وينبغى للعاقل أن يعلم أن مقاساة الشدة فى خلاف الحوى أسهل مما
يلقى فى موافقته . وأقل مايلقى موافقو الهوى أنهم يصيرون إلى حالة
كمدمنى الجماع وشراب الخمر . والتفكر فى هذه الأشياء تهون على
الإنسان رفض الحوى . وما يهون الهوى أن يتفكر الانسان فى نفسه فيعلم
أنه لم يخلق لموافقة الهوى » فإن الجمل يأكل أكثر منه » والعصفور يسافد
أكثر والبهائم مطلقة فى محبوباتها من غير حصر ولا يشوبهم ؛ غم فلما
نقص حظ الأدمى من الشهوات » ثم شيبت بالنقص علم أنه لم يخلق
لذلك . وقد بينت لك أن المذموم من الهوى ما أفرط وهو الذى بحكم
حالها فممدوح المذموم .
الباب الثالث
فى الفرق بين مايرى العقل ومايرى الهوى
إعلم أن الهوى يدعو إلى اللذة من غير فكر فى عاقبته » وقد يعلم
أن تلك اللذة تجلب ألما يربو عليها وتمنع صاحبها نيل أمثالها » والهوى
معرض عن النظر فى ذلك » وتلك حالة البهائم + إلا ان الهاتم أعذر ؛
لأنها لا ترى العاقبة » ولا ينبغى للعاقل أن ينزل عن رتبة بها شرف وارتفع
إلى مقام من حط » فأما العقل فإنه يراقب العواقب وينظر فى المصالح
فمثله كمثل الرجل الحازم والطبيب الناصح .
ومثل الهوى كمثل الصبى الجاهل والمريض الشه ؛ فينبغى للبيب
إذا اختلف عقله وهواه » وقد علم أن العقل عالم ناصح » أن يستشين ؛
أن يصبر على مضض ميأمر به » ويكفيه فى إيثار العقل علم بفضله .
فإن رام زيادة دليل على صحة قوله فليتأمل عواقب مايجنيه الهوى على
أريابه من هتك الأستار والفضيحة بين الخلق وحط المنزلة وفوت
الفضائل وهل وكس جاه أو ذل عزيز أو صيد, طائر إلا بموافقة الهوى ؟
وما يوضح له الدليل أن يقدر بلوغ غرضه قبل نيله » ثم ينظر فى حاله
خسر أضعاف ماربح وقد أنشدوا فى ذلك :
كم لذة مستفزة فرحا قد انجلت عن غموم آفات
م شهوات سلبن صاحبها . ثوب الديانات والمروءات
لمكان أنه مغلوب ء وإذا قهر هواه وجد فى نفسه عزاً لأجل أنه غالب » ثم
قوى على ترك ماضعفوا عنه من مخالفة الهوى
الباب الرابع
فى دفع العشق عن النفس
هذا مرض قد تلف به خلق كثير تارة فى أبدائهم وتارة فى أديانهم
الأدوية مايكفى ويشفى إلا ! إلى أذكر ههنا جملة لغلا يخلو الكتاب مما
قد رسم فيه ؛ فأقول من احتمى عن التخليط بغض البصر وكف النظر
سلم من هذا المرض ؛ فإذا لم يحتم حصل عنده من المرض بمقدار
تخليطه » فإن تدارك الأمر قبل استحكامه فريما نفع الدواء وإن تركه إلى
أن أن يستحكم لم ينفعه علاج . واعلم أن مجرد النظر إلى المستحسن لايكاد
يوجب العشق + وإنما يزداد النظر يحصله ويعينه قوة الطمع ؛» فيساعده
الشباب والشهوة » فمن أراد العلاج فليبادر به قبل أن يستحكم المرض
وذلك بقطع السبب والصبر فى ذلك على المضض » فإن البأس أعظم
دواء » وأقوى معين على ذلك خوف الله تعالل وزجر النفس الأبية عن
مواقف الذل وتذكر عيوب المحبوب الباطنة كا قال ابن مسعود : إذا
ومتى كان المحبوب مقدوراً عليه مباحاً كان الجمع بينهما أعظم
الدواء » وإلا فالتكاح فى الجملة يخفف المرض » واستجداد الزوجات
واستحداث الجوارى وطول السفر والتفكر فى خيانة المحبوب وتجنيه ؛
والنظر فى كتب الزهد وذكر الموت وعيادة المرضى وزيارة القبور . ثم يتفكر
فى وجود غرضه وانقضائه وسامته مع الزمان وتغير . الخلق وليتصفح
من هذه الورطة .
المغالب : هى العيوب » ومثالب الأمير والقاضى معايبه
شيب فهجر الغلام فكتب الغلام إليه :
فكتب إليه فى الجواب :
لاتلمنى على جفا ى فحسبى بما فرط
انا رهن بما جني ست فذرلى من الغلط
قد رأينا أبا الخلا تى فى ذلة هبط
الباب الخامس
في دفع الشره
اعلم أن الشره إذا أطلق انصرف إلى موافقة الهوى فى المطاعم . وم
قد أوجبت من أمر فزالت بأربابها إلى التلف وهى علة لتولد عن قوة
النفس الشههوانية .
قال الحاريث بن كلدة ١! الذى قتل البية وأهلك السباع ف
البرية ادخال الطعام على الطعام :
وقال غين لو قيل لأهل القبور ماكان سبب اجالكم لقالوا التتخم .
وساق بسنده إلى الحسن قال قيل لسمره إن ابنك لم ينم الليلة
قال أبشما ل" قيل بشماً قال لو مات لم أصل عليه .
البشم فى الطعام والبغر في الماء .
المسلم حتى لايستطيع أن يأكل ؟
(١م الأعلام للرركل ١57/7 : الحارث بن كلدة الثقفى ؛ طبيب العرب فى
عصره » وأحد الحكماء الشهورين من أهل الطائف » رحل إلى بلاد فارس رحلين » فأخذ
الطب عن أهلها » مولده قبل الإسلام + وبقى أيام رسول انم َل وأيام أى بكر وعمر
فيتطبب عنده له كلام فى الحكمة وكتاب « محاورة فى الطب » بينه وبين كسرى
() تاج العروس 307/8 : البشم أن يكثر من الطعام حتى يكربه وفى حديث
الحسن :
وفى حديث سمرة بن جندب : وقيل له إن ابنك لم ينم البارحة بشما قال : لو مات
فصل
واعلم أن العاقل يجب أن يأكل ليبقى » والجاهل يؤثر أن يبقى
ليأكل » ورب لقمة منعت لقمات وكانت سبب الملاك ؛ وقد بينت
وذم الهوى مايكفى فى الامتناع من كل رذيلة وهجر مايخاف عواقبه .
وقد يكون الشى فى الجماع ؛ وقد بينت فى كتاب « اللقط » أنه
كلما كثر استعماله امتنعت أوعية المنى فانجذب إليها غذاء ليس
بنضيج ؛ واستلبت قوى الأصول وهى الدماغ والقلب والكبد فتبد
النفوس الشريفة إلا أن يُدفع شر محتقن أو يُطلب ولد » فإما أن يصير
عادة يكون باتمتع بنفس الفعل فتلك مزاحمة البهائم .
وقد يقع الشر فى جمع المال وهو من الجنون البارد إذا زاد على
قدر الحاجة ؛ لأ المال لإيراد لنفسه وإنما يراد لغين » ولا ينكر على من
جمع مالاغنى للنفس عنه » فاستغنى به عن الناس » واغنى أولاده ؛ وبذل
من ذلك أن لا يضيع الزمان الشريف ؛ وأن يخاطر بالروح التى لا قيمة