في الحرب العالمية الأولى
دخول العثمانيين الحرب
في صيف سنئة 1414 استقلت الحرب العالمية الأولى في أوروباء
وفي تشرين الثاني (نوفمبر) من السنة نفسها انضمت الدولة العثمانية إلى
الحرب متحالفة مع ألمانيا والنمسا. وأعلنت الأحكام العسكرية وألغت
الامتيازات الأجنبية. وكلّف وزير الحربية جمال باشا القيام بحملة على قناة
السويس لاحتلالها وقطع الطريق على الجيش البريطاني ومنعه من الدخول
خرق امتيازات جبل لبنان
لم يطل الأمر حتى أرسل
جمال باشا آلافاً من الجنود الأتراك
إلى حل مجلس الإدارة وأرغم
مسيحي؛ على تقديم استقالته في
اوهانس باشا آخر المتصرفين
وعمد جمال باشا إلى إنشاء محكمة عسكريّة عليا في عاليه؛ وحوّل
بعض المنشآت إلى كنات عسكريّة ودواثر حكوميّة. وأرغم البطريرك
الماروني على طلب الفرمان من الباب العالي فتمٌ له ذلك .
وأرسلت الدولة العثمانية أعداداً كبيرة من الشبان العرب إلى جبهات
القتال. ولكن؛ بعد انكسار العثمانيين في معركة السويس الأولى [شباط
(فبراير) 1416]» انهم جمال باشا العرب بالخيانة وبالفرار من الجنديّة. وعمد
إلى إحالة العديد من الأشخاص إلى الديوان العرفي الذي أنشأء في عاليه.
وقد أصدر هذا الديوان الذي كانت مهمته تنفيذ أوامر جمال باشاء أحكاماً
على الكثيرين بالإقامة الجبرية أو بالنفي أو بالإعدام. فسيقوا إلى حتفهم في
في ٠١ آب (أغسطس) ١4٠5 والدفعة الثانية في 6 أيار (مايو) 1417. ومن
الشهداء: الآخران فيليب وفريد الخازن» الشيخ أحمد طبارة» الخوري يوسف
الحايك» سعيد عقل» بترو باولي» عمر حمدء وعبد الوهاب الإنكليزي.
ردّة الفعل اللبنانية
لم يتمكّن ظلم جمال باشا
من إحباط عزيمة اللبتانيين» بل
زادتهم قوافل الشهداء عناداً
واستمراراً في التضال من أجل
التحرير والاستقلال.
غير أن جمال باشا استمرٌ في
طغيانه؛ فعمد إلى نفي العديد من
الكتائب العربية العاملة في الجيش
العثماني إلى جبهات القتال .
جمال باشا
الحلفاء لمقاتلة الأتراك .
التدهور الاقتصادي
ساءت حال لبان الاقتصادية خلال الحرب العالميّة الأولى بسبب
الجراد: اجتاحت لبنان في نيسان 1416» أسراب كبيرة من الجراد ففتكت
بالمزروعات وأكلت الأخضر واليابس.
الأمراض: صادر العثمانيون الأطباء ونقلوهم إلى المستشفيات العسكريّة»
فتفشت الأوبثة والأمراض بشكل رهيب؛ لا سيّما الجدري والحمّى
أساطيل الحلفاء إلى ضرب حصار بحري على طول السواحل العثمانية؛ بما
فيها الساحل اللبناني. فمنعت السفن من الدخول إلى الموانىء اللبنانية أو
الخروج منهاء فتوقفت أعمال الاستيراد والتصدير. وانقطع وصول أموال
المغتربين إلى ذويهم في لبنان الذين كانوا يعتمدون على هذه الأموال
النقد الورقي التركي: ازدادت نفقات الدولة العثمانية بسبب الحرب»
وتستوفي بالعملة الذهبيّة. وقد خاف الناس من التعامل
بالعملة الورقية فانهارت قيمتها بسرعة.
المجاعة وأسبابها
ارتفاع فاحش في أسعار المواد الغذائية؛ ولم يعد بامكان الفقراء والمستوطنين
ساهم الحصار البحري على الشواطىء اللبنانية وإصدار النقد الورقي في
تأمين حاجياتهم الضرورية.
بغية إلهاء الناس بتأمين غذائهم بدلا من الثورة ومقاومتهم. فكان الناس
يتحمّلون مشقات ة من أجل تهريب كميّة قليلة من القمح.
كذلك. عمد بعض الموظفين من الأتراك واللبنانيين إلى التلاعب بمواد
الإعاشةء وهي نظام أوجده جمال باشاء وقاموا باحتكار بعض المواد الغذائية
وبيعها بأسعار مرتفعة.
شهداء الجوع
أت الأمراض والمجاعة التي ضربت ١١ ن خلال الحرب العالمية
الأولى إلى فقدان لبنان نحو ثلث سكانه. وقدّر عدد الذين ماتوا خلال
لبنان إلى المناطق المجاورة بحثاً عن ملجأ وطعام.
وقد حاولت المؤسسات الدينية تخفيف وطأة الأزمةء فوضعت أملاك
الأوقاف في خدمة المحتاجين.
إنسحاب العثمانيّين من لبنان
في أيلول (سبتمبر) 1418» انسحب العثمانيون من لبثان؛ واستلم
الحكم في ولاية بيروت رئيس بلديتها عمر الداعوق» وفي الجبل رئيس بلدية
حكومة دستورية باسم الشريف حسين. ووجّه فيصل إلى لبنان مندوباً من قبله
هو شكري الأيوبي؛ فرقع العلم العربي على السراي الكبير في بيروت وفي
بعبدا. وكلّف رئيس مجلس الإدارة حبيب باشا السعد بتولّي حكومة جبل
الحلفاء في لبنان
في تشرين الأول (أكتوبر) 1418 دخلت جيوش الحلفاء» من بريطانية
وفرنسيّةء لبنان؛ فأنزل الفرنسيّون العلم العربي وتسلّموا الحكم في بيروت
وكذلك في بعبدا. أما السلطة العليا في المنطقة فانحصرت بيد الجثرال
وقد تم تقسيم المنطقة على الشكل التالي:
- المنطقة الشرقية: وتشمل ولاية سوريا ومعان» ويديرها الأمير فيصل .
المنطقة الغربيّة: وتضمٌ متصرفية جيل لبنان وألوية بيروت وطرابلس
مواقف اللبنانيين
قلق اللبنانيون من التصرّفات التي كان الحلفاء يقومون بها بعد دخولهم
لبنان. وأدركوا أن الاستقلال سيكون صعب المنال. وهنا نشأ موقفان
الأول: إصرار على الاستقلال عن أيّة دولة مجاورة أو بعيدة. وكان
أصحابه سكان جبل لبنان.
والموقف الثاني هو موقف سكان المدن الساحلية؛ خصوصاً بيروت
وطرابلس وصيدا. فكانوا يطالبون بالاستقلال عن أيٍّ حكم أجنبي» مع
الارتباط بالحكم الفيصلي في دمشق. وقد نشط كل فريق إلى إيصال رأيه إلى
الحلفاء المجتمعين في باريس في إطار مؤتمر الصلح.
لبنان في مؤتمر الصلح
بعد نهاية الحرب العالمية الأولى» انعقد مؤتمر للصلح في باريس
لوضع أسس سلم دائم ولتقرير مصير بعض الشعوب. وقد شارك في هذا
المؤتمر الدول كلها التي أعلنت الحرب على ألمانيا. كما شارك بعض الوفود
في نقل أماني شعوبه» ومن بينها الوفود اللبنانية إلى المؤتمرء
الوقد الأول
في تشرين الثاني (نوفمبر) سنئة ١1918 توجّه إلى باريس الوقد اللبناني
الأول إلى مؤتمر الصلح» من قبل مجلس الإدارة اللبناني. واتشكل من صبعة
أعضاء وقاسة داود عمونء وحمل معه مذكرة تطالب بتوسيع حدود جبل
لبنان إلى الحدود التاريخية .
وفي ١7 شباط (فبراير) 1414© ألقى داود عمون خطبة أمام المجلس
الأعلى طالب فيها بما يلي:
١ - توسيع حدود لبنان إلى ما أسماه بالحدود التاريخية والطبيعية» معتبراً أن
هذه الأراضي هي شرط ضروري لبقاء لبنان ودونها لن تكون هناك زراعة
أو صناعة وتستمر الهجرة.
- تحقيق استقلال لبنان .
ان تأليف مجلس نيابي على قاعدة التمثيل السبي.
؟ - طلب مساعدة فرنسا .
وفي 8 آذار (مارس)ء قد عمون توضيحاً للمؤتمر حول حدود لبنان
مجلس الحلفاء فإنه يود أن يضيف بعض التوضيحات المتعلقة بحدود لبنان
أ- في الشمال: النهر الكبير الجنوبي.
اج - في الشرق: جبل أنطيليبان على حدود مناطق بعلبك البقاع - راشيا -
د- في الغرب: البحر الأبيض المتوسط .
وقد دعم عمون توضيحه بأسانيد جغرافية وتاريخية واقتصادية بالإضافة
إلى إرادة السكان» وأرفق ذلك كلّه بخريطة هي نفسها خريطة الأركان
الفرنسية التي حملها الجنرال دي بوفور دي تبول عام .187١ وعاد الوفد إلى
لبنان دون أن يتوصل إلى نتيجة واضحة لأن فرنسا في تلك الفترة كانت
الانتداب الفرنسي
فيصل في باريس
حضر الأمير فيصل مؤتمر الصلح وطالب باستقلال البلاد العربية التي
كانت خاضعة للاحتلال العثماني وجعلها تحت سلطة الشريف حسين.
وفي مذكرة لاحقة بتاريخ 7١ كانون الثاني (يناير) تطرّق فيصل إلى
موضوع لبنان قائلاً: «وبما أن قسماً من سكان لبنان يطلبون ضمانة فرنسية
فالعرب مستعدون لقبول استقلال لبتان على أن يبقى الباب مفتوحاً أمامه
للانضمام إلى الاتحاد السوري بمحض إرادته». وطالب بإرسال لجنة استفتاء
دولية للوقوف على رغبات السكان حول مستقبلهم السياسي. وقد تمت
الموافقة على اقتراحه» غير أن عضوية اللجنة اقتصرت على الأميركيين لأن
بقية الدول انسحبت منهاء وقد عرفت باسم لجنة كنغ - كراين-