الفصل الأول : ماهية التسريح لأسباب اقتصادية في ظل التحولات الإقتصادية في الجزائر:
غداة الاستقلال انتهجت الجزائر التجربة الاشتراكية الليبرالية التي تقوم على الملكية الجماعية لوسائل
الإنتاج؛ فكانت المؤسسة العمومية آنذاك هي الركيزة الأساسية للعمال و الاقتصاد الوطني و اهتمت أكثر
بالجانب الاجتماعي و توظيف عدد أكبر من العمال لامتصاص البطالة و استمر ذلك إلى غاية 1988 و
خلال هذه الفترة عرفت التسريح دون تطبيقه و بقيت متحفظة عنه ؛ لكن الأزمة الاقتصادية التي عرفتها
بلادنا و التي على إثرها انتهجت الدولة سياسة التقشف الذي عرف تدني القدرة الشرائية للمواطنين
تجميد الأجور و عرف ذلك بحوادث 8 أكتوبر 1988 الذي دفع الحكومة إلى تبني إصلاحات هيكلية و
تنظيم الاقتصاد ضمانا لسيره المتناسق وفقا لمقتضيات تكنولوجية حديثة.
فصدرت سلسلة من القوانين في 1988/01/12 منها قانون 01/88 المتضمن القانون التوجيهي
للمؤسسة العمومية ثم تلاه قانون 02/88 المتعلق بالتخطيط ثم قانون 04/88 المعدل للقانون التجاري و
كان ذلك بغية النهوض بالمؤسسات العمومية و إنعاشها بعد ما شل نشاطها ؛ و على إثر صدور دستور
9 بتاريخ 1989/02/04 كرس الديمقراطية و الإصلاحات الشاملة في النظام الجزائري و تكييف
علاقات العمل بما يتجاوب مع القطاع الخاص و هي الاستقلالية و المتاجرة.
فرغم الجهود المبذولة لإنعاش المؤسسة الاقتصادية إلا أنها بقيت تعاني العديد من المشاكل المالية
لهذا اهتم المشرع بخلق توازنات جديدة في علاقات العمل بغية إعطاء أرباب العمل إمكانية تنظيم نشاطهم
بأكثر مرونة مع مراعاة الجانب الاجتماعي للعامل وكان قانون 11-90 هو الحاسم لخلق هذا التوازن الذي
ألغى قانون 12/78 و نص على حق المستخدم الذي تمر مؤسسته بصعوبات مالية بتسريح عدد من العمال
للحفاظ على مؤسسته من المواد 72-71-70-69-66 ثم تلاه مرسوم 09-94 و كان هدفه حماية الإجراء
الذين يفقدون عملهم بصفة لا إرادية.
و سنحاول من خلال هذا الفصل التطرق بالبحث و الدراسة إلى تحديد مفهوم هذا الإجراء و إظهار
أنواعه و تحديد شروطه التي تعتبر كقيود واردة على سلطة رب العمل في الإنهاء لضمان عدم تعسفهة
؛هذه القيود منها ما هو موضوعي يتعلق بالسبب الاقتصادي و منها ما هو إجرائي كإعداد الخطة
الاجتماعية و التشاور حول مضمونها مع ممثلي العمال و غيرها من الإجراءات التي ستكون محل
دراستنا ثم نتعرض لدراسة آ ثار التسريح و ضمانات العمال المسرحين .
المبحث الأول : مفهوم التسريح لأسباب اقتصادية و أنواعه و الشروط الواجب إتباعها من طرف
المستخدم للقيام بهذاالاجراء التسريح:
بقي التسريح لأسباب اقتصادية مجهولا من قبل قانون العمل الفرنسي لفترة طويلة و ذلك راجع
للطابع التقديري لقطع علاقة العمل بكيفية أحادية من قبل صاحب العمل و كان يعتبر التسريح الجماعي
بمثابة جملة من التشريعات الفردية لأسباب اقتصادية.
وبسبب تعدد الأزمات الاقتصادية في العشريات الأخيرة نشاً تشريع خاص بالتسريح الجماعي و
توسعت الاتفاقيات الجماعية لتشمل مجاله . وقد عرف الاجتهاد أول قراراته حول الموضوع بمناسبة
تطبيق مجلس الدولة الفرنسي لأمر 1945 الذي كان يخضع للتسريح الاقتصادي لرخصة إدارية و فرق
من هذا النوع من التسريح و التسريح لأسباب شخصية الذي يخضع تقديره للمحاكم العادية -زمن خلال
تطبيق هذه النصوص برز اجتهاد حول الموضوع يتمثل في النقاط التالية.
السبب الاقتصادي للتسريح هو ذلك لا يرتبط بشخص العامل .بل أجنبي عنه؛و هذا ما يق
السبب_التأديبي و الغياب الطويل عن العمل أو الغيابات المتكررة أو السن أو العجز الجسمائي أو المهني.
-السبب الاقتصادي يستوجب حذف مناصب العمل.
و من جهة أخرى كان على الاجتهاد أن يفرق بين التسريح الفردي لأسباب اقتصادية و التسريع
الجماعي لنفس الأسباب ذلك أنه يحدث في بعض الأحيان أن يغطي التسريح الجماعي تحت ستار
التسريحات الفردية المتتالية؛هذا ما جعل المشرع الفرنسي يتدخل لتحديد مهلة التسريح من قبل العامل و
في حالة تعدد العمال يطبق عليهم القواعد الخاصة بالتسريح الجماعي!.
أما المشرع الجزائري فطبقا للقانون 162 157المؤرخ في 1962/12/31 المتضمن تمديد العمل
بالتشريع الفرنسي إلا ما يمس بالسيادة الوطنية ٠صدر أول قانون في الجزائر المستقلة و هو قانون
6 المؤرخ في 1966/06/02 و المتضمن القانون الأساسي للوظيفة العمومية و لم يشر في أحكامه
الى التسريح لسبب الاقتصادي كصورة من صور إنهاء علاقة العمل بل اكتفى بنص المادة 69 منه " لا
يمكن أن يجري تسريح الموظفين خارج الحالات المنصوص عليها في هذا القانون الأساسي إلا بمقتضى
قوانين تنص على إلغاء الإطارات " وقد جسد هذا الأمر فكرة أن العلاقة التي تربط الموظف بالدولة هي
علاقة تنظيمية تتسم بالاستقرار ؛و عليه لم يظهر هذا المصطلح إلا في نصوص لاحقة وا هي الأمر 75-
1 المتعلق بعلاقات العمل الفردية في القطاع الخاص ثم القانون 12-78 المتعلق بالقانون الأساسي العام
للعامل و المراسيم التطبيقية له.
!عد السلام ذيبقانون العمل الجزائري و التحولات الاقتصادية نار القصية للنشر طبعة 2003 صفحة 444 و 445
فنجد الأمر 31-75 المؤرخ في 1975/04/29 المتعلق بالشروط العامة لعلاقات العمل في القطاع
الخاص و تضمن القسم الثالث منه بعنوان انتهاء علاقة العمل في المادة 3/32 منه " تنقطع علاقة العمل
ضمن شروط هذا الأمر كما يلي...التسريح الجماعي" و جاءت الفقرة الرابعة من القسم الثالث تحت عنوان
التسريح الجماعي فتنص المادة 39 منه على الآتي :"عندما تتعرض المؤسسة لخفض النشاط يتطلب تقليل
عدد المستخدمين أو إجراء تعديلات تكنولوجية هامة أو إعادة تحويل الإنتاج يجوز لها القيام بالتسريع
الجماعي لكل مستخدميها أو جزء منهم ضمن الشروط....".كما استعملت المادة 40 منه عبارة "التسريح
الجماعي" من هذا نلتمس حداثة هذا المفهوم ؛فلم ينص عليه في الأمر 133-66 المتعلق بالوظيفة
في حين صدور الأمر 31-75 قصره على علاقات العمل في القطاع الخاص مستبعدا القطاع العام و
نلاحظ أن المشرع الجزائري لما استعمل عبارة "التسريح الجماعي" استعان كثيرا بالقانون الفرن
المؤرخ في 1975/01/03 المتعلق بالتسريحات لأسباب اقتصادية الفردية منها و الجماعيةأما بموجب
القانون 12-78 المؤرخ في 1978/08/15 فقد أحدث تغييرا جذريا في قانون الاسختدام فخص مواده
2: 01/94 و 03 95؛ 96 لتسريح للسببال اقتصادي؛ و عليه نصت المادة 06/92 عبارة "
التسريح عدد العمال؛و رددت نفس العبارة في المواد 94 956؛ 96 منه هكذا تغير المصطلح
المستعمل في الأمر 31-75 من عبارة التسريح الجماعي الى عبارة "التسريح لتخفيض عدد
و هذه الصورة من الإنهاء تخص علاقة العمل في القطاع الخاص أساسا ؛ ذلك أنه بالنسبة للقطاع
العام فقد أشارت المادة 10 منه على أن الدولة تؤمن الاستقرار و الأمن في العمل لجميع العمال ٠ثم صدر
قانون رقم 06-82 و المرسوم 302-82 التي جاءت لتطبيق أحكام القانون الأساسي للعامل و الذي خصض
فصلا كاملا لموضوع التسريح للتقليل من عدد المستخدمين ؛ثم جاء قانون رقم 02-90 المتعلق بالوقاية
من النزاعات الجماعية و تسويتها ولم تتضمن أحكامه صور الإنهاء و بالتالي لم تتعرض للتسريح لسبب
الاقتصادي ؛ ونفس الأمر بالنسبة لقانون 03-90 التي جاءت المتعلق بمفتشية العمل و كذا القانون 04-90
المتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل ؛ و بعد شهرين من صدور هذه القوائين الثلاثية صدر قانون
11-0 المؤرخ في 1990/04/21 الذي خص الفرع الثالث منه لإنهاء علاقة العمل فنصت المادة 66 منه
:تنتهي علاقة العمل في الحالات "....التسريح للتقليل من عدد العمال"
ثم اكتمل المسار التشريعي بصدور المرسوم 09-94 المتضمن الحفاظ على الشغل و حماية
الأجراء الذين يفقدون عملهم بصفة لا إدارية مستعملا عبارة
الاستعمال تنقصه الدقة في التعبير فيمكن استبدال عبارة "فقدان العمل بصفة لا إرادية " بعبارة" فقدان
العمل لأسباب اقتصادية"أو بدقة أكثر"التسريح لسبب اقتصادي" لأن في كلمة التسريح مرونة و خفة
ان العمل لأسباب اقتصادية" ؛ إن هذا
مقارنة مع كلمة العزل و الفقدان و إن كانت تؤدي إلى معنى الإنهاء ثم إن كلمة "بصفة لا إرادية" لا
إحدى خصائص كلمة التسريح كما سنرى أثناء تعريفنا للتسريح الذي يتم بإرادة صاحب العمل
؛فهناك إرادة موجودة تتجسد في من له سلطة الإنهاء و الحكم الوحيد في تقدير وجود السبب
الاقتصادي.إذا كان من الأحسن استعمال عبارة "التسريح لسبب اقتصادي" لكونه يتوقف كليا على مبادرة
صاحب العمل من خلال إعداده للمخطط الاجتماعي و غير ذلك من الإجراءات كما سنوضحها لاحقًا
المطلب الأول:مفهوم التسريح لأسباب اقتصادية:
لحصر مفهوم التسريح لأسباب اقتصادية يجب أولا تحديد ما المقصود بالتسريح لغة و اصطلاحا
ثم تحديد ما المقصود بالسبب الاقتصادي
الفرع الأول :تعريف التسريح:
إن كلمة التسريح من الناحية اللغوية تفيد الحاجز الفاصل بين الشيئين '.فنجد الفعل" 110811011818"
يقابله في اللغة العربية فعل فصل أو سرح وهي كلمة تدل على حدوث عملية الفصل أو التسريح المتجرد
من بواعث التأديبية.
محدد المدة2
من هذا التعريف نستنتج أن التسريح يأخذ الطابع الانفرادي أي بمبادرة صاحب العمل ٠و لا يتوقف
صحة قبول العامل وأن هذا الإجراء يخص فقط العقود الغير محددة المدة بعيدا عن العقود المحددة المدة و
بفترات التجربة التي تتأكد من خلالها كفاءات الشخص و كغرضها الحاجة العملية
الفرع الثاني تعريف السبب الاقتصادي:
ظهر مفهوم السبب الاقتصادي لأول مرة في القطاع الإداري الفرنسي وهو بصدد تطبيق الأمر
المؤرخ في 1945-05-24 المتضمن رقابة الشغل الذي تطلب ضرورة الحصول على رخصة إدارية
مسبقة لأي تسريح اقتصادي"
وأن هذا السبب لم يعرف في بداية الأمر فحاول الفقه إعطاء تعريف له و انقسم في ذلك إلى قسمين
قسم يرى أن الفصل لأسباب اقتصادية هو ذلك الذي يحدث نتيجة لعوامل طارئة على المشروع و لا دخل
لإدارة صاحب العمل فيها ومن نتائج المترتبة عن الآخذ بهذا المفهوم الضيق في فرنسا هو حرمان العديد
من المفصولين من الاستفادة بعض الامتيازات مما أدى إلى توسيع في هذا المفهوم و يرى أنصاره أن
الفصل للسبب الاقتصادي هو ذلك الذي لا يرجع إلى شخص العامل و من ثم فهو يشمل الفصل الذي يكون
عبد الرحمان قدوس؛ المرجع الساق 18-15
درجة النكتوراه دولة في الحقوق القاهرة صن16-15
7 عبد السام ذيب. قاقون العمل التذيبي الجزائري والذحولات الاقتصادية دار القصبة للفشر الطبعة 2003 ص444
ببه الأحوال الت احب العمل بإرادته على المشروع من أجل تحسين المردود ؛كذلك
الفصل الذي يكون سببه الظروف الاقتصادية الطارئة'
و أمام هذا الوضع تدخل المشرع الفرنسي سنة 1989 فعرفه تعريفا قانونيا فنص بموجب نص المادة 1-
بب اقتصادي ذلك التسريح الذي قام به صاحب العمل لسبب أو لعدة أسباب غير
أو تحويلها أو نتيجة لتعديلات جوهرية لعقد العمل
المترتبة خاصة عن المشاكل الاقتصادية أو التحولات التكنولوجية .
أما المشرع الجزائري فإنه استعمل عبارة "إلغاء الإطارات” في المادة 69 من أمر 133-66
المتعلق بالقانون الأساسي للوظيفة العمومية و قصد منها إلغاء الوظيفة ؛أما أمر 31-75 المتعلق بعلاقات
النشاط +
العمل في القطاع الخاص في المادة 93 منه عدد بعض حالات السبب الاقتصادي نذا
إجراء تعديلات تكنولوجية هامة؛ إعادة التحويل الإنتاج.
8 فحددت المادة92 منه صور انتهاء علاقة العمل و ذكرت التسريح لتخفيض عدد المستخدمين لذا
ا جاءت المادة 66 بنصها "تنتهي علاقة العمل بالتسريح لتقليص من
.ثم صدر القانون الأساسي العام للعامل سنة
بررت ذلك أسباب اقت
عدد العمل".
فالمشرع الجزائري اهتم ب المتمتلة في التقليص من عدد العمال وأغقل تحديد مفهوم السبب
الاقتصادي مكتفيا بالإجراءات و التدابير الوقائية التي يلتزم بها صاحب العمل قبل أي تيص لعدد العمال
ضمانا لحقوقهم المادية و القانونية ؛ وربما ما يفسر هذا الموقف هو حداثة القوانين في الجزائر و نقص
البلاد و الذي من شأنه دفع عجلة التطور وإعطاء أكثر ديناميكية للاقتصاد على غرار المشرع الفرنسي
الذي ضبط تعريف السبب الاقتصادي من خلال المادة 321-1 ,1معتمدا على معيارين اثنين نتطرق إليهما
أولا:المعيار المتعلق بشخص العامل:
التسريح على أنه اقتصادي لا بد أن يكون السب
غير لصيق شخص العامل فيكون أجنبيا عنه .و بأعمال هذا المعيار نستبعد السبب التأديبي المرض
المستمر؛عامل السن؛ عدم الكفاءة المهنية و البدنية ...الخ و بالتالي فالإنهاء يثبت لأسباب ترتبط بسير
النشاط داخل المنشأة وأن هذا المعيار منتقد لا سيما و أنه تعريف بالسلب فلا يكون جامعا مانعا .
- عطا لله أبو حمجدة:التضبل الغير التذيبى في قانون الوظيفة العامة و القانون الأساسي العام للعاهل حراسة مقارفة . جامعة الجزافر رسالة
ثانيا : المعيار المتعلق بالوظيفة:
قد تعترض نشاط المؤسسة صعوبات اقتصادية تدفعها حتما للجوء إلى تقليص من عدد عمالها و ذلك
بهدف الاستمرار في نشاطها و عليه يلجأ المستخدم إلى لإلغاء بعض المناصب التي لا يراها ضرورية أو
يعيد النظر في عقود العمل فيعدلها رغبة منه في إعادة هيكلة المؤسسة تجنبا لخسارة المؤسسة و إفلاسها
فيصبح التعديل جوهريا للعقد المبرم بن كل من المستخدم والعامل و قد اتفق الفقه على أن إلغاء الوظيفة
يتسع من حيث مفهومه ليمتد إلى حالات التعديل الجوهري و أن المشرع الفرنسي قد أخذ بكلا المعيارين
لتكييف السبب الاقتصادي على خلاف المشرع الجزائري الذي ترك الغموض في تحديد المفهوم القانوني
و الأسس المعتمد عليها في تعريف هذا السبب لا سيما و أنه ألغى الرقابة الإدارية لمفتشية العمل حول
السبب الاقتصادي فنسأل هل اتجهت إرادة المشرع إلى إطلاق سلطة المستخدم في نظام اقتصاد السوق ؟
و نستنتج من كل ما سبق أن السب الاقتصادي يجب ألا يرتبط بالشخص العامل بل هو مرتبط بالمؤسسة
المستخدمة أو بظروفها الخارجية (العرضية)أو الداخلية (الهيكلية) و سنتطرق إلى توضيح هذه الأسباب :
1-الأسباب ذات الطبيعة العرضية:
تتمثل الأسباب الإقتصادية ذات الطبيعة العرضية في ظروف خارجية تتصل بالمحيط الاقتصادي و
تكون له انعكاسات سلبية على سير نشاط المؤسسة و تشكل ضغوط على إرادة صاحب العمل ؛ و في هذا
الصدد يرى المشرع الفرنسي أنه إذا اجتمعت في الظرف الخارجي عناصر القوة القاهرة فإن عقد العمل
لا يخضع للأحكام الخاصة بالإنهاء للسبب الاقتصادي إذ أن تحقق القوة القاهرة يستدعي انقضاء العقد
و تتميز هذه الظروف بكونها ظرفية و ليس لها بعد زمني تتمثل بصفة عامة في انخفاض الطلب على
السلع و الخدمات كأثر للمنافسة؛ارتفاع معدلات التضخم كأثر للتطور التققي في مجال أساليب و سائل
الإنتاج في الصعوبات المالية أوفي ارتفاع أثمان المواد الأولية .
2-الأسباب ذات الطبيعة الهيكلية:
إن إنهاء علاقة العمل لأسباب اقتصادية ذات طبيعة هيكلية يعد أثرا لإجراء مجسد في تغيير أو تعديل
هيكل المنشأة إما لمواجهة الصعوبات الاقتصادية أو التقنية التي تعرض سير نشاط المؤسسة و إما لتهيئة
الوسائل التي تمكن من قدرة التكييف و ظروف المنافسة الاقتصادية و إما زيادة العائد الاقتصادي من
خلال خفض الأعباء؛وأن السمة الأساسية لهذا النوع من الأسباب أنها تنتج وضع مستقر و ثابت.
و قد يتصل التعديل الهيكلي بالهياكل الإدارية أو التقنية كغلق أحد فروع المؤسسة أو التخصص في
نوع معين من النشاط إلغاء بعض المناصبءكما قد يتصل بهيكلها القانوني أثر انتقال ملكيتها أو حالة
الإدماج داخل مجموعة اقتصادية ؛و مهما يكن فإن هذا التعديل لا يمكن أن يشكل في حد ذاته سببا
اقتصاديا ذات طبيعة هيكلية؛ و عليه فالقاضي لا يمكنه مراقبة شرعية التقليص بالنظر إلى التعديل »لكن
أسباب التعديل التي تكون تكتسي الطابع الاقتصادي".
إن إعادة الهيكلة تختلف من دولة إلى أخرى ومن وقت إلى آخر و تتأثر بالنظام الاقتصادي و
٠ففي الدول الرأسمالية يمكن النظر إليها كإعادة تنظيم؛أما الدول الاشتراكية التي انتهجت
اقتصاد السوق و كذا دول العالم الثالث فيعتبر كإصلاح جذري لها.و هكذا تظهر إعادة الهيكلة في الجزائر
كإعادة التنظيم؛ و أن موقف المحكمة العليا في قرار صادر بتاريخ 1997/12/20 في قضية (بار) ضد
مدير المؤسسة الوطنية للصيد في أعالي البحار ملف رقم 115729 ما يلي:
-فهرس مناصب العمل يرجع وضعه إلى سلطة المستخدم .
الاجتماعي القائم
-إعادة هيكلة المؤسسة لا يحدث تغييرا في علاقة العمل .
-تعيين العامل في منصب عمل ناتج عن تلك العملية يدخل في التنظيم الموضوعي و لا يدخل
اضمن إطار التقليص من عدد العمل .
فموقف المحكمة العليا اعتبرت إعادة الهيكلة تنظيم موضوعي للعمل؛ و قررت تطبيق المواد
2 من القانون 11-90 و أنها تهدف إلى إعادة تنظيم الصناعات الهدف منها هو تحديث
إجراءات التصنيع من خلال تجديد التجهيزاتلكن السير المالي وحده لا يؤدي إلى نجاح العملية فلابد من
تعبئة الرجال و تأهيلهم بتكوين كامل و بانتقال الجزائر إلى اقتصاد السوق تغيرت النظرة في إعادة
الهيكلة؛ فجاء نص المادة 03 من المرسوم 269-94 المحدد لصلاحيات وزير-إعادة الهيكلة الصناعية و
المساهمة الذي يمكنه أن يقترح إجراء تطهيري أو تنظيمي يساعد على تحقيق أهداف مجال إعادة
تنظيم بل أصبحت شكلا جديدا لهياكل جديدة.
و السؤال الذي يطرح في هذا الصدد؛ هل يحتفظ العامل بمنصب عمله في حلة نقله إلى وحدة عمل
أخرى التي قد يتغير فيها صاحب العمل؟
الجواب جاء في نص المادة 01/74 من قانون11-90 المتعلق بعلاقات العمل حيث ذكرت :أنه إذا
حدث تغيير في الوضعية القانونية للهيئة المستخدمة؛تبقى جميع علاقات العمل المعمول بها يوم التغيير
قائمة بين المستخدم الجديد و العمل .
كما جاء في قرار المحكمة العليا في 1997/12/20 "أن إعادة تنظيم الهيئة المستخدمة نتيجة إعادة
المسؤولية عن الصيانة و الذي يتغير هو حجم المصلحة أدمجت في مصلحة نتيجة تقليص حجم العتاد بعد
إعادة الهيكلة.
!محسين عبد الرحمان قدوس المر جع السابق ص 130-90
و بهذا نكون قد وضحنا مفهوم التسريح لأسباب اقتصادية الذي أغفل المشرع الجزائري عن تعريفهة
على خلاف المشرع الفرنسي الذي عرفه و نظمه في نوعين من التسريحات و هذا سنتناوله في المطلب
المطلب الثاذ اع التسريحات لأسباب اقتصادية:
هناك نوعين من التسريح لأسباب اقتصادية:التسريح الجماعي و التسريح الفردي.
الفرع الأول :التسريح الجماعي:
بفة عامة يمكن القول أن التسريح الجماعي هو فصل عاملين أو أكثر بسبب صعوبات أو
ضغوطات اقتصادية أو بسبب إعادة تنظيم هيكلي في المؤسسة المستخدمة و ذلك وفق جدول زمني محدد
و متلاحق أو دفعة واحدة.
وفقا لهذا التعريف فإن التسريح الجماعي يكمن في اشتراك العمال في السبب لا في العدد و نقصد هنا
بالسبب الصعوبات المالية و التجارية و التقنية ٠*كعجز صاحب العمل عن دفع الأجور أو التقليص من
النشاط أو إعادة تنظيم المؤسسة المستخدمة و غيرها من الأسباب التي تدخل في إطار الأسباب
الاقتصادية” وعليه يخرج من نطاق هذا التصنيف فصل مجموعة من العمل لأسباب أخرى كأن يكون
اسبب الانتهاء انتهاء مدة عقد العمل ارتكاب خطاً جسيم.
و مما تجدر الإشارة إليه أن عبارة "التسريح الجماعي لسبب اقتصادي ظهر لأول مرة في القانون
الفرنسي بموجب القانون 3[فيفري1973 و التعليمية الأوروبية المؤرخة في 1975/02/17 و بموجب
القانون الفرنسي الصادر في 03 جانفي 1975 استعمل العبارتين معا"التسريح الجماعي و الفردي لسبب
اقتصادي "؛ أما بالنسبة للقانون الجزائري فقد استعمل كل من العبارات"التسريح الجماعيالتخفيض
العددي.فقدان العمل بصفة لا إرادية لأسباب اقتصادية "؛فالمشرع قد استعمل كل هذه العبارات بدون
تمييز على خلاف المشرع الفرنسي «أما المشرع الجزائري فنجده ينص في المادة 1/69 أنه "يجوز
للمستخدم تقليص عدد المستخدمين إذا بررت ذلك أسباب اقتصادية " ؛ كما أضافت الفقرة الثائية أنه " وإذا
كان تقليص العدد يبنى على إجراء التسريح الجماعي ؛فإن ترجمته تتم في شكل تسريحات فردية متزامنة ؛
ويتخذ قراره بعد تفاوض جماعي ".
حدد أسلوب هذا التسريح الذي يكون في شكل تسريحات فردية متعاقبة و متزامنة أو متكررة كما سبق
القول مؤسس على سبب اقتصادي.
الفرع الثاني : التسريح الفردي:
يعرف التشريع الفرنسي التسري الفردي لسبب اقتصادي إذا حدث خلال فترة 36 يوما من تاريخ
أول تسريح و خص عاملا واحدا ولم يتبع بتسريحات عمال آخرين و كان طبعا لسبب غير متصل بشخص
و بهذا الصدد فقد أخذ المشرع الفرنسي بالمفهوم الواسع للسبب الاقتصادي. إذ يستطيع صاحب العمل
اللجوء إلى التسريح الفردي كلما أراد إلغاء ذلك المنصب و تعويضه بآلة تعمل بجهد أكبر و أسرع؛ ويفسر
ذلك بنظامها الليبرالي : أما المشرع الجزائري لم ينص على التسريح الفردي بصفة مستقلة عن التسريح
الجماعي بل نص على كليهما في عبارة واحدة فنجد المادة 69 من قانون 11/90" المتعلق بعلاقات
العمل تنص: يجوز للمستخدم تقليص عدد المستخدمين إذا بررت ذلك أسباب اقتصادية" و عليه لم يميز
هذا النوع من التسريح بإجراءات تختلف عن التسريح الجماعي على خلان التشريع الفرنسي الذي
و تشير أنه سواء كان العامل قد سرح بطريقة فردية أو جماعية فله الحق في التعويض و هذا ما
أشارت إليه المادة 22 من المرسوم التشريعي 09/94 المؤرخ في 1994/05/26 هذه المادة قد طبقت
على عدة مؤسسات في الجزائر بعد قيامها بتسريح عمالها لأسباب اقتصادية.
المطلب الثالث: شروط إجراء التسريح لأسباب اقتصادية:
بق لنا أن قلنا بأن تسريح العمال لأسباب اقتصادية هو حق مقرر لصالح المستخدم الذي تمر
الحق ليس مطلق فهناك أولا تدابير احتيا: ب أن يتخذها صاحب العمل قبل اللجوء إلى إجراء
التقليص و ذلك لتفادي تسريح أكبر عدد من العمال قبل الشروع في تسريحهم ٠و المشرع لم يقف عند هذا
فحسب بل قيد أيضا المستخدم و هو في صدد تطبيف هذا الإجراء للحد من تعسفه ففرض عليه أن يتبع
إجراءات موضوعية و أخرى إجرائية و بدون اتباع هذه الإجراءات اعتبر التسريح تعسفيا.
لهذا سنتعرض في هذا المطلب للتدابير الاحتياطية و الوقائية من التسريح الاقتصادي في الفرع
الأول ثم نتعرض للشروط الموضوعية لإجراء التسريح الاقتصادي في الفرع الثاني و في الفرع الثالث
مصطفى عب الحميد عدوي : الاستفالة و اثفاقات الانهاه الاقتصادي في عق العمل المحدد المدة ٠ كلية الحقوق ٠ نونس 1990 + ص 2100