قبل أن ققوأ
وقف طفل صغير أمام والدته وهو يرتعش من
قسوة البرد في أحد أيام شتاء عام 1929. وسألها
المنزل يا أمي؟ قالت الأم:
لأنه لا يوجد لدينا فحم بالمنزل يا ولدي.فسألها
لأن والدك متعطل عن العمل. وعاد الابن يسألها
وماذا يتعطل أبي عن العمل؟ قالت الأم: لأنه يوجد
فحم كثير بالأسواق يا ولد:
قد يتمجب القارئ إذا ما علم أن التحرك
الرئيسي الذي دفني إلى تأليف هذا الكئاب. هو
هنا الحوار القصير ذو الدلالة الغنية والمميقة الذي
داربين الطفل وأمه عن سبب عدم تدطئتها للمنزل»
وهزني من الأعماق بشدة.؛ وهناك هاجس مستمر
ظل يلح علي كي اكتب هذا الكتاب . والحكاية ترجع:
فقد أتيحت لي فرصة السفر في مهمة علمية إلى
الممهد النمساوي للأبحاث الاقتصادية بمديتة فينا
عام 1982؛ وهو المعهد الذي أسسه عالم الاقتصاد
الساعات الأولى التي وطئت فيها قدمي هذا الممهد
علي نحي آرنيزال بعديثة قيناء
الحجرة التي خصصها المعهد لي. وعندما دخلت
هذه الحجرة وأغلقت بابها وجدتُ قصاصة صغيرة
مقطوعة من إحدى الصحف الألمانية معلقة على
باب الحجرة من الداخل, تحكي حواز هذا الطفل
المقال أو السياق الذي انتزعت منه؛ ولا من هو
الاقتصاد السياسى لليطالة
الطفل وامه لا تبرج خيالي في الخمس عشرة سئة الماضيلة. وانا اجابع
باهتمام أخبار البطالة وتفاقمها في مختلف دول العالم؛ إلى أن شاءت
الظروف؛ أخيرا؛ أن أنتهى من تأليف هذا الكتاب في عام 1997
فقد أضبحت البطالة الآن في مختلف دول العالم هي المشكلة الأولى»
وهناك ما يقارب مليار عاطل عن العمل موزعين على مختلف اتحاء
المعمورة في حالة بطالة كاملة أو جزئية. ويبدو أن البطالة قد دخلت مرحلة
جديدة تختلف تماما عن بطالة عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية- قفي
حالة البلدان الصناعية المتقدمة, كانت البطالة جزما من حركة الدورة
الزمان. مشكلة هيكلية. فبالرغم من تحقق الانتماش والتمو الاقتصادي.
تمرف البطألة ابداء تتزايد جيوثن العاطلين قترة بعد أخرى في غمار
عملية التحول إلى النظام الرأسمالي. وفي البلاد النامية تتفاقم البطالة.
بشكل عام؛ مع استمراز فشل جهود التنمية وتفاقم ديونها الخارجية وتطبيقها
لبرامج صارمة للاتضباط المالي-
وزاد من خطورة الأمر, أن هناك الآن فقرا شديدا في الفكر الاقتصادي
الراهن لفهم مشكلة البطالة وسبل الخروج منها. بل هناك تيار فكري
الماطلين عن العمل هم هؤلاء الذين فشلوا في التكيف مع سوق العمل
بأنفسهم من حل لها . والمفارقة الصارخة هناء هي انه بعد أن كان ت
التوظف الكامل هدفا عزيزا في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية في
مختلف دول العالم» تدور حوله السياسات الاقتصادية؛ وتعطيه الأولوية.
الرغم مما ينجم عنها من مخاطر واضطرابات, اعتقادا بأن إضفاء المرونة
على أسواق العمل وتنقيتها من تدخل الحكومات ونقابات العمال وإطلاق
آليات السوق والاندماج في الاقتصاد العالمي. كل ذلك سيؤدي. وعلى نحو
» إلى القضاء على البطالة.
الأضواء على مشكلة البطالة. أملا في الاقتراب من الفهم الحقيقي
التي تلزم لمتابعة قراءة الكتاب. وفي الباب الأول تعرضتا لرسم الملامع
وفي الدول التي كانت «اشتراكية ». وفي البلاد النامية: والبلاد العربية؛ ثم
انتقلنا بعد ذلك إلى الباب الثاني الذي يمثل أهم أقسام الكتاب لمرض
وجهات نظر مختلف المدارس الاقتصادية لتفسير وتحليل مشكلة البطالة.
أما الباب الثالث, فقد خصصناه للتعرف على أهم السياسات المطروحة
للخروج من ازمة البطالة. وتظرا لأنه لا توجد وضنقة جاهزة لجل فته
الأزمة في وضعها الراهن المعقد, فقد أنهينا الكتاب بخاتمة وطرح لمجموعة
وفي هذا الخصنوص, أود أن اشكر الأستاذ الدكتور فؤاد زكريا على
تشجيمه الدائم لي. وكذلك المجلس الوطني للثقافة والغنون والآداب بالكويت
وآمينه العام الدكتور سليمان العسكري, على تفضله بنشر هذا الكتاب في
سلسلة «عالم المعرفة». ولا يفوتني أن أشكر صديقي المزيز الفنان الكبير
وزميلي المزيز الأستاذ الدكتور سس حافظ على محاوراتي المستمرة ممه
شعبان السيد على ما بذله من جهد وتفان في تصحيح تجارب الكتاب.
دكتور رمزي زكي
مدخل تمهيدي
إطلالة على المفاهيم الأساسية
معنى البطالة:
لا شك في أن أول سؤال منطقي يواجهنا في
مطلع هذه الدراسة هو: من هو الماطل
لعرمام«12ا؟. ولأن هذا السؤال يبدو لأول وهلة
بسيطا جداء فقد يسارع القارئ بالإجابة عنه
بالقول: إن العاطل هو من لا يعمل 608ا:ه:10. بيد
التعريف غير كاف؛ بل وغير دقيق. حقاء إن من
عدد كبير من الأفراد لا يعملون لأتهم ببساطة لا
يقدرون على العمل مثل الأطفال والمرضى والعجزة
وكبار السن والذين أحيلوا إلى التقاعد ويحصلون
العمل. كذلك تجدر الإشارة إلى أنه من المحتمل أن
يكون هناك عدد من الأفراد القادرين على العمل
والذين لا يعملون فعلا؛ ومع ذلك لا يجوز
اغتبارهم عاطلين لأنهم لا يبحثون عن عمل :0د
د« يناده مثل الطلبة الذين يدرسون في
الاقتصاد السياسى لليطالةه
المدارس الثانوية والجامعات والمعاهد العلا ؛ ممنٌ بلغوا سن العمل (عادة 16
سنة) . فهؤلاء. رغم توافر قدرتهم على العمل لا يبحثون عن العمل. لأنهم
يفضلون تنمية قدراتهم ومهاراتهم بالدراسة على النحو الذي يفيدهم
العاطلين. كذلك هناك بعض الأفراد القادرين على العمل ولكنهم
زمرة العاطلين. كذلك قد يوجد بعض الأفراد القادرين على العمل ولكنهم.
لا يبحثون عن عمل لأنهم في درجة من الثراء تجعلهم في غنى عن العمله
ومن تاحية أخرى. ربما يوجد عدد من الأفراد الذين يعملون فملا
ويحصلون على أجر أو راتبه غير أنهم مع ذلك يبحثون عن عمل أفضل.
وهؤلاء؛ رغم أنهم سجلوا أنفسهم في مكاتب العمل كماطلين. لا يجوز
اعتبارهم كذلك. وهناك بعض العمال والموظفين الذين يعملون لبعض الوقت
بغير إرادتهم: ويرغبون في العمل طوال الوقت؛ ولهذا فهم يبحثون عن مثل
العاطلين حتى لو كانوا يعملون ساعة واحدة في الأسبوع, فمثل هؤلاء يمكن
تصنيفهم بأنهم في حالة تقص للتشفيل :هصرمانه#مل«اء ويجب أخذهم
بعين الاعتبار عند وضع إحصاءات البطالة. وعليه نستنتج أنه ليس كل من
يبحث عن عمل يعد عاطلا. كذلك يوجد هناك بعض الأفراد الذين لا
يعملون لحظة إجراء التعداد ؛ أو وقت إعداد إحصاء البطالة, ولكتهم لا
مؤقتة. بسبب المرض او الإجازة, او لأي أسنباب شخصية أخرى.
من ذلك يتبين لناء أنه ليس كل من لا يعمل عاطلا. وفي الوقت نفسهء
يعملون أكبر بكثير من دائرة العاطلين (انظر الشكل رقم .""!)١ ١١ وعموما
هناك شرطان آساسيان ويجتمعان معاء لتعريف العاطل بحسب الإحصاءات
!ا عنه بصفة
١ أن يكون قاذرا على العمل.
2 أن يبحث عن فرصة للعمل.
وتأسيسا على ذلك يُجمع الاقتصاديون والخبراء . وحسب ما أوصت به
منظمة العمل الدولية 11.0 . على تعريف العاطل بأنه: :كل منْ هو قادر على
العمل. وراغب فيه؛ ويبحث عنه؛ ويقبله عند مستوى الأجر السائد؛ ولكن
دون جدوى». وينطبق هذا التعريف على العاطلين الذين يدخلون سوق
سيب من الأسباب.
شكل رقم
حساب معدل البطالة.
وللإعاطة مسجم وإبعاد ككل الإطالة يتماكي: الأسر حساب متسل
البطالة, أي حساب نسبة الأفراد العاطلين إلى قوة العمل المتاحة. ورغم
المفاهيمية ا010م»»ه0:0 التي تتعلق بتحديد ما المقصود بالماطل. وذلك على
نحوما عرضنا حالاء وما يشير إليه هذا المصطلح من مجموعة مركبة من
الاقتصاد السياسى لليطالة
اختيارات الأفراد والظروف الخاصة بكل اقتصاد ؛ من حيث الأطر
والمؤسسات التنظيمية والقاتونية وحالة عرض العمل والطلب عليه فشي
تتعلق بالحصر الدقيق للماطلين عن العمل بعد تعريفهم؛ وأيضا بشأن
حصرقوة العمل.
كذلك هناك مشكلة تتعلق بدورية إعلان معدل البطالة. والمقصود بذلك»
هل يعلن معدل البطالة كل شهر. آم كل ثلاثة شهورء أم كل نصف ستة آم
كما هو الحال في البلاد النامية: يكتفى بتقدير وإعلان هذا المعدل كل ستة:
وأحيانا حسب «الظروف». أما في البلدان الصناعية المتقدمة ف
المعدل يعلن شهريا (كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية). كما
تتفاوت أيضا مناهج قياس معدل البطالة.ففي كثير من البلاد ذات الإمكانات
وفي البلدان الصناعية المتقدمة يحسب هذا المعدل من خلال المسوحات
«ن5 الإحصائية التي تقوم بها مكاتب إحصاءات العمل . ونظرا لأنه من
الصعوبة بمكان سؤال جميع الأفراد لمعرفة من يعمل ومن لا يعمل فإنه
عادة ما يكتفى بسؤال عينة من العائلات. وتحليل نتائج هذه العينة وحساب
معدل البطالة منها. فعلى سبيل المثال. يقوم مكتب إحصاءات العمل بالولأيات
المتحدة الأمريكية بسؤال عينة من العائلات عددها 65000 عائلة تتوزع على
مختلف الولايات والمناطق. حيث توجه الأسئلة بشكل مباشر لكل فرد من
أفراد المائلة يزيد عمره على ١6 سنة. باستشاء هؤلاء الأفراد غير الموجودين
بسبب احتجازهم في بعض المؤسسات. مثل .١ ات والمصحات العقلية
والسجون. وفي مسح الاستطلاع يصنف كل فرد في ف من الفئات التالية:
2 يعمل
3 خارج قوة العمل
وفي الفئة الأولى يسجل جميع هؤلاء النين كان لهم عمل خلال الأسبوع
فيه الاستطلاع. ويسجل في هذه الفئة أيضا من يعملون جز
أي لبعض الوقت وبغير إرادتهم 08لا -00! حتى لو عمل لساعة واحدة في