إهداء
إلى أمى أطال الله عمرها -
أهديهم جميعاً هذا الكتاب
شكر
أود أن أشكر كل أساتذتى بكلية الآثار بجامعة القاهرة الذين
أشكر الدكتور زاهى حواس الذى أمدنى بكتب من مكتبته
العملاقة تتعلق بالتحنيط وأفادتنى هذه الكتب فى تحديث
وتطوير معلوماتى عن التحنيط وعلم الموميولوجى.
أما امتدانى الكبير فهو لزملائى بمتحف التحنيط بالأقصر
وهم محمد يحيى وصالح يونس وماجدة الشنهورى وهاجر
حسن الحكيم وسمية إبراهيم الذين ساعدونى فى كتابة هذا
الكتاب على الحاسب الآلى ومراجعته.
وهداك كثيرون ساعدونى. ولا يكفى الكتاب لذكر
كلمة «التحنيط»؛ من الكلمات التى تذكر وحولها علامات استفهام وملامج غموض»
وعندما تذكر بين الداس تستدعى معها أشياء غريبة مثل «الزنبق الأحمر» و«العركيبة
السحرية؛؛ وعيرها وستظل الأساطير تدور حول هذه الكلمة كلما أتى ذكرها .
عندما كنت طالباً فى كلية الآثار سالت أساتذتى كثيراً عن المراجع التى يمكن أن أرجع
مقالات الدكتور زكى إسكتدر الذى كتبها فى الأربعينيات ( 1447 ).
كان المرحوم زكى إسكددر من الرواد المصريين الأوائل الذين ارتبط اسمهم بمجال
التحنيط واشتهر المقال الخاص به والذى أكدفيه أن إجراءات التحنيط كانت ثلاث عشرة
بمصلحة الآثار وقتها .
فى هذا المجال مثل أحمد البطراوى صاحب المجموعة الفريدة من المومياوات والتى تعرف
باسمه ضمن مجموعات القصر العينى , وزكى سعد الذى كشف سائل التحنيط المحفوظ
بمتحف التحنيط بالأقصر ء ورمضان سعد .
وقد اقتصرت المدرسة المصرية فى مجال التحنيط فقط على مساعدة الأجانب الرواد
فى هذا المجال دون الاستفادة مهم أو حتى تطوير هذه المدرسة المصرية فى دراسة
ونقش رواد الغرب الأوائل أسماءهم وحفروها فى هذا ا مجال مغل الإنجليزى فلتدرز
من أهم المشروعات؛ مشروع جامعات مانشستر وبريستول البريطانيتين وبتسلفانيا فى
أمريكا وليون الفرنسية وغيرها . وقام بها الأثريون فى الغرب بالتعاون مع التخصصين فى
دراسة المومياوات المصرية وفى مجال الطب والتشريح والكيمياء وعلم الأمراض وفصائل
الدم وكافة المخصصات المرتبطة بالمومياء .
بينما نحن فى مصر مازلنا نعتقد حطأ بأن الأثرى هو الوحيد الذى يفهم فى كل شىء
وعلى الرغم من مرور حوالى قرن ونصف على اكتشاف أول خبيئة مومياوات وهى
خبيئة الدير البحرى ١881 إلا أن مصر وهى على أعتاب القرنّ الحادى والعشرين بدات
تفكر فى مومياواتها واقتصر دورها على فتح قاعة لعرض ١١3 مومياء ملكية (1944)
وفتح قاعة صغيرة للتحنيط بالأقصر (/447 ). وهو ما يسمى تجاوزاً بمتحف التحنيط.
ووجود تخصصات مصرية فى مجال دراسة الأجساد ا محطة .
خطورة هذا الأمر لا تتمثل فى ذلك فقط بل فى الأساطير والخرافات التى تدور حول
ومواد إشعاعية وتركيبة سحرية استخدمها المحنطون فى مصر القديمة؟!
فى ظل غياب الوعى الأثرى نجد الأثريين مازالوا يعيشون فى أبراج عاجية ويمتنعون عن
الرد على مثل هذه الخرافات والتخاريف بحجة عدم وجود وقت للرد.
وليت الأثريين يقلدون الكاهن المصرى «آنى ام حر» الذى عاش منذ ثمانية عشر قرناً
حيدما خشى أن تلتصق الأساطير بعلم التحنيط وقال: «نفذ له كل ما هو ضرورى «(فى
التحنيط » طبقاً لما هو مكتوب» وقصة كتابة هذا الكتاب هى للرد على إنسان لا أعرف
اسمه قابلته فى قاعة مومياوات المتحف المصرى؛ وكنا نقف أمام مومياء الملك رمسيس
الملك الذى نحت له تمثال ضخم فى ميدان رمسيس وتماثيل معبد أبى سمبل؟:.
حاولت إقداعة ولكنى فشلت لأنه تعجب أن يكون هذا الجسد الذى يبلغ طوله ١77
سم هو نفسه صاحب تثال ميدان رمسيس الذى يتجاوز طوله خمسة عشر متراً ١!
ومن هنا قررت الاهتمام بعلم الأجساد المحنطة والذى أسميه «الموميولوجى؛ أى علم
المومياء لأنى أرى أن هدا العلم يضيف للتاريخ بل يتميز عن النقوش والمناظر فى أن
صاحب هذا الجسد كان فى يوم من الأيام شخصاً حياً يمشى ويأكل ويشرب وينام ويتقلد
ربما لم نستطع العشور على وثائق فى الوقت الحالى لشيوع توارث المهن والوظائف فى
مصر القديمة مثل وظيفة المهندس المعمارى الذى توارثته أسرة واحدة لمدة 3606 سنة
والتى تبدأ من المهندس ايمحوتب وحتى المهندس خدوم إيبرع فى أوائل القرن الخامس ق . م
وهكذا كان الحال أيضاً فى مهنة التحنيط والتى ربما توارثتها إحدى الأسر منذ بداية
التاريخ حتى نهايته ولكن هذا لا يمنع من وجود مصادر أخرى نستطيع أن نستقى منها
وتنقسم مصادر معلوماتنا عن التحنيط ما بين مصادر مصرية أصلية تركها المصريون
أنفسهم وأخرى ثانوية سجلها الكُتَاب والمؤرخون الكلاسيكيون الدين زاروا مصر فى
أواخر عصور ازدهارها . والمصادر الأصلية هى :
أولاً: البرديات القليلة التى ترتبط بشكل مباشر بخطوات ومواد التحنيط
١-بردبة ليدن رقم 4 4 وترجع للقرن العشرين ق. م.
إشارات بسيطة فى بردية ترجع للقرن ١١ ق. م وأطلق عليها المصريون القدماء
اسم «الفن السرى للمحنطين» وتتحدث عن دهانات ولفائف الجسد.
#_بردية العجل أببس ( + ٠ © قى. م) وتصف تحنيط العجل المقدس أيبس.
؛ برديتا بولاق (رقم ؟) ومتحف اللوفر (رقم 0678 ) وترجعان إلى العصور
اليونانية والرومانية.
١ _-بعض قطع أخرى من برديات ترجع إلى الفترة ما بين القرنين الأول والغالث
الميلاديين وتدور حول أسعار مواد التحنيط وإجمالى تكلفة عمل المومياء.
164 وانتف (رقم )1٠١١ -نقوش مقابر تتعلق بالتحنيط مثل مقابر جحوتى (رقم ١
. آمون ام حاب بالأقصر
ثانياً : الفحص العلمى لمومياوات وأجساد المصريين التى تم الكشف عنها ومن خلال
ثالثا: المصادر الكلاسيكية تتمثل فى اثدين من الكُتَّابٍ المؤرخين زارا مصر وهما :
هيرودوت (القرن الخامس ق. م) وديودور الصقلى (القرن الأول ق. م ولكن كتابتهما
عبارة عن مشاهد وصفية وليست متعمقة ربما لصعوبة التواصل بين لغة المؤرخين الإغريقية
واللغة المصرية القديمة وربما أيضاً لأن المصريين رفضوا الكشف عن سربة التحنيط لهؤلاء
التحنيط بن
ويتداول هذا الكتاب هدف المصريين من الحفاظ على أجسادهم وتحنيطها؛ ومناقشة
الأخطاء الشائعة التى يزعمها البعض حول التحتيط فى العصر الحالى وطرق التحنيط
الثلاث التى اتبعها الملصريون وأسعارهاء والآلهة الذين لهم صلة بالتحنيط فى ذاكرة
معرفتهم بخصائص المواد التى استخدموها. وأيضاً الدور الذى قام به المحطون فى الأسرة
١ ؟ فى القرن الحادى عشر ق . م والتى يطلق عليها الباحثون «فترة كمال التحنيط»»
ويتناول أيضاً دور الدولة بمثلة فى مجلس الأعلى للآثار فى الاهتمام يعلم الموميولوجى الذى
تطور بشكل مذهل فى الدول الغربية وإيراز دور وأهداف المتحف المتخصص فى التحنيط
بمدينة الأقصر.
كما يناقش فى النهاية تجربة الأمريكيين فى تحنيط أحد الأحساد الحديثشة ومدى
وأرجو أن يكون هذا الجهد المتواضع قد شفى غلة الذين يريدون معرفة أسرار هذا العلم
أحمد صالح
الأقصرفى مايو 1994
المعنى والفلسفة والمكان
على الرغم من نقص المعلومات وعدم توافرها فى الوقت الحالى والتى تلقى الضوء على
التحنيط بشكل موسع عن المعنى اللفثلى للكلمة وأن المصريين لم يتركوا كلمة محددة فى
لغتهم عن مفهوم الحفاظ على الجسد ولا حتى الأماكن التى كانوا يجرون فيها مراسم
وطقوس التحنيط ؛ إلا أنتا ستحاول من خلال تحليل نقوشهم وتصوصهم التوصل إلى
معنى وفلسفة التحنيط عند قدماء المصريين وأيضاً الأماكن التى كانوا يجرون فيها مراسم
المعنى والفلسقة والمكان
«الحفاظ على الجسد» هو أقرب التعبيرات دقة لما يصنعه ال محنط وينفذه على الجسد من
معالجة طبية. وقد شاعت بين علماء اللصريات كلمات كثيرة تغطى تعبير الحفاظ على
الجسد ولكن هذه الكلمات لم تكن دقيقة حقا !
من أقدم الكلمات التى أطلقت على علم الحفاظ على الجسد هى الكلمة اللصرية
من رمزين صوتيين ( أى حرفى هجاء » الواو والعاء بالإضافة إلى رمز تصويرى غامض لم
يستطع علماء اللغة تفسيره إلا أنه أقرب لأن يكون بيضة. وأراد المصريون بهذه الكلمة
وصف مرحلة واحدة فقط من خطوات الحفاظ على الجسد ألا وهى التكفين أى لف الجسد
بلفائف الكنان حيث إن «وت» أو «وتى» فى قواميس اللغة المصرية القديمة تعنى (يكفن -
«مومياء» ولازال البعض يعتقدون خط أنها مشتقة من كلمة عربية معتبرين أن «مومياء»
كلمة عربية خالصة.
ولكن هذه الكلمة مشتقة من أصل فارسى والتى تعنى «أسود اللون» لأنهم فى القرن
الخامس ق . م لاحظوا أن الأجساد تحولت بعد تحنيطها إلى اللون الأسود.
ومن الكلمات التى شاعت أيضاً الكلمة الإغريقية 8«:«اد«» أى إغراق الجسد فى
البلسم وهى مادة شاع استخدامها فى العصر الإغريقى فى تحنيط الأجساد أى أن الكلمة
هنا أطلقت على المادة المستخدمة فى التحنيط .
أما أشهر الكلمات على الإطلاق فهى «التحنيط» وهى كلمة عربية اشتقت من كلمة
«الحنوط» وهى مواد الحفظ التى كانت لها خاصية عطرية واستخدمها المحنط العربى فى
دهن البعش والجسد مثل العتبر والمسك والكافورء ومن كلمة الحدوط جاءت لفظة
«الحانوطى» وهو الشخص الذى يقوم بدهن النعش والجسا .
ولاتزال كلمة الحانوطى تعيش فى لغتنا الدارجة فى مصر بعد أن أصبحت الطاء تاء
التحنيط 7