ونقد معاهدة الحماية عام 1919 ؛ ووضعها موضع التطبيق من خلال تتبع
العلاقات مع بريطانيا ؛ وتحليل العوامل التاريخية التي أدت إلى تجديدها
بمعاهدة حماية أخرى عام 1470 ؛ كانت أكثر شمولاً وتحديداً .
وقد تناول الفصلان كذلك فترة الحرب العالمية الثانية وتأثيراتها ؛ والانفراج
النسبي الذي أعقب اكتشاف النفط وإنتاجه منذ نهاية عام 1464 ؛ وما نتج عن
ذلك من تعاظم الدور البريطاني ؛ وتعيين معتمد سياسي بريطاني في الدوحة في
نفس العام ؛ ثم وضع أسس بناء الدولة الحديشة في قطر ؛ في أبنيتها السياسية
والإدارية ,. خلال الخمسينات والستينات , وحتى تبلور كيان الدولة وأخذها
بأسباب الاستقلال في نظمها وتشريعاتها ومؤسساتها .
أما الفصل الرابع فقد تناول دور قطر الهام في مشروع دولة «اتحاد الإمارات
العربية» في الخليج , الذي جرت مفاوضاته بين عامي 6768 و ١47١ لتكوين
دولة تضم إمارات الخليج العربية التسع ؛ وهي إمارات ساحل عُمان السبع وقطر
والبحرين ؛ ذلك المشروع الذي وضع أسس دولة لم يقدر لها أن تخرج إلى حيز
الفصل الخامس فقد تناول «حدثا » مهما من أحداث التاريخ القطري ؛ ألا وهو
اكتشاف النفط وإنتاجه ؛ وما ارتبط بذلك من صراع سياسي واقتصادي » وإن
اهتم بدراسة الجانب التاريخي السياسي ؛ لارتباط ذلك بموضوع الكتاب .
قضايا الحدود ؛ وعلاقات قطر مع جيرانها ؛ وسياستها الخارجية .. وغيرها مما لم
تتناوله هذه الطبعة .. كما أنني لا أزعم بطبيعة الحال ؛ أن هذا الكتاب سيكون
خالياً من بعض أوجه النقص ٠ أو إنني أدركت كل الحقائق ؛ أو قلتها ؛ لكنني
المكتبة التاريخية , متمنياً أن تفتح شهية الملتخصصين ؛ سواء للنقد والمراجعة +
أو لكتابة فصول جديدة في الجوانب الأخرى .
ومن واجبي أن أقدم خالص الشكر وأجزله , لكل من عاونني عند دراسة هذه
الفصول أو إعدادها للنشر . وأخص بالذكر مركز الوثائق والدراسات الإنسانية
بجامعة قطر , ومكتبات الجامعة ؛ وكذلك أصدقائي وزملاتى بقسم التاريخ بكلية
الإنسانيات والعلوم الاجتماعية , جامعة قطر ؛ لصادق معاونتهم ولما أحاطوني
به من تشجيع ومحبة ؛ كما أشكر المسؤولين عن مكتبة التراث العربي والإسلامي
خيره لمراجعة تجربة الكتاب بحدبٍ ودقة .كما أشكر أخي الأستاذ سامي كماله »
الذي أحاط مخطوطته بحرص وإخلاص نادرين عند طباعته . وأخيراً ؛ فإن على
التقدير والعرفان أية مراجعة نقدية تساهم في تسديد الكتاب وتقويمه.
لله الفضل والحمد من قبل ومن بعد ..
دكتور أحمد زكريا الشلق
الدوحة - ديسمير ١444
الفصل الأول
مصادر التاريخ القطري
الفصل الأول
مصادر التاريخ القطري "١١
ليس ثمة شك في أن الدراسة العلمية لتاريخ دولة من الدول , تقتضي
في البداية التعرف على المصادر التي يستقي منها المؤرخ أحداث هذا
التاريخ ووقائعه ؛ وتبيِّن طبيعة هذه المصادر وأهميتها ؛ فعلى أساس تلك
الأهمية , تكمن قيمة الدراسة ومصداقيتها ؛ كما أن التعرف على المصادر
يمثل خطوة أولية هامة تتلوها خطوات البحث العلمي المعروفة , من جمع
ومعاييره التي يعرفها المشتغلون بالبحث التاريخي ؛ ثم تحليل هذه المادة
وإعادة تركيب الوقائع وعرضها .. الخ .
ومصادر التاريخ الحديث والمعاصر تتركز بشكل أساسي في الآثار
المخطوطة أو المطبوعة ؛ المنشورة وغير المنشورة ؛ المسموعة والمرثية ؛ والتي
تتضمن الوثائق والأصول التاريخية التي كتبت لأغراض سياسية أو
دبلوماسية أو اقتصادية ؛ ليس بالضرورة بهدف التأريخ ؛ مثل نصوص
المعاهدات والاتفاقيات والمراسلات السياسية ومحاضر المفاوضات ؛ والأوامر
والمراسم والقوانين . والمذكرات ؛ والإحصائيات .. كما تضم كذلك العراث
(*) قدم المؤلف عرضاً مبسطا لموضوع هذا الفصل في ندوة كلية الإنسانيات والعلوم الاجتماعية
بجامعة قطر في مارس ١488 ؛ قبل كتابته وإعداده للنشر
الشعبي ؛ المحقق والمنسوب ؛ بشعره وآغانيه وقصصه وأمثاله .. يضاف
إلى ما سبق مذكرات أو يوميات القادة ؛ وكتابات الرحالة والمستكشفين ؛
كما تكتسب الدوريات , من صحف ومجلات بشتى أنواعها , أهمية خاصة
إذا ارتبط صدورها بنفس الفترة التاريخية المراد بحثها .
وفي الغالب تتوفر هذه المصادر في دواوين الحكام , وأرشيفات
الوزارات ومحفوظات الدواوين والإدارات والمصالح الحكومية ؛ وعند رجال
الدين وفي دور العبادة ؛ كما توجد لدى الزعماء السياسيين والقادة
العسكريين ؛ أو حتى كبار الكتاب والصحافيين ؛ كذلك فإن جمع الوثائق
وتصنيفها أصبح علماً أساسياً من العلوم المرتبطة بدراسة التاريخ (علم
الوثائق 0:01008008) يتعامل مع الأصول التاريخية ؛ رسمية وغير
رسمية ... وقد اتسع نطاق هذا العلم باتساع مفهوم التاريخ , الذي تجاوز
المفهوم السياسي ؛ ليشمل المعنى الحضارى الذي يرصد ويسجل النشاط
الإنساني عامة ..
ومن المفيد أن نوضح هنا أن كلمة «مصادر» تعنى بها المصادر
الأصلية؛ التي تمثل مادة تاريخية من الدرجة الممتازة أو الأولى للبحث
التاريخى ؛ وهي تختلف بطبيعة الحال عن الدراسات العلمية أو الكتابات
والمؤلفات العامة ؛ التي وضعها مؤلفوها خدمة للتاريخ ؛ فهذه المادة تعتبر
«مراجع» وتأتى في المرتبة الثانية أو الثانوية بعد المصادر من حيث أهميتها
آما ما نقصد به زمنياً باصطلاح «تاريخ قطر الحديث والمعاصر» فنعني
به تاريخها منذ أواسط القرن التاسع عشر ؛ ذلك أن تاريخ شبه جزيرتها »
الجزيرة العربية من جهة ؛ وتاريخ الخليج العربي من جهة أخرى .. أى أن
المصطلح هنا ينصرف إلى تكوّن الإمارة ككيان سياسي محدد ؛ تحت زعامة
آل ثاني ٠ وهو ما تشير إليه المصادر التاريخية ابتداء من القرن التاسع
عشر .
فالقبائل القطرية التي استقرت في شبه الجزيرة القطرية , بعد أن
الثامن عشر ؛ تمركزت في الدوحة ؛ ولم تكن حتى أواسط القرن التاسع عشر
تتميز بوضع سياسي مستقل يجعل منها إمارة ؛ فلم يحدث ذلك إلا بعد هفو
قوة آل ثاني وثروتهم ؛ وتزعمهم لهذه القبائل ؛ في ظل ظروف أحاطت
بنشأة الإمارة ؛ ووسط مخاضٍ شاق من صراعات القوى وتوازناتها ؛ وكذلك
أطماع القوى السياسية في المنطقة ؛ اقليمية أو خارجية ... وحتى تم توقيع
أول اتفاقية بربطانية - قطرية عام 1874م ؛ التي وقعها الشيخ محمد بن
على الإمارة ؛ التي برزت ككيان مستقل ذى سيادة على شبه الجزيرة
القطرية وقبائلها ؛ وفي ظل قيادة موحدة ؛ وقد برر ذلك للمؤرخين اتخاذ
عام 1854م بداية لميلاد الإمارة ونشأتها ؛ بمفهومها التاريخى الحديث ,
واعتبار الفترة منذ أواخر القرن الشامن عشر , وحتى عام 1878م مرحلة
تمهيدية لتاريخ قطر الحديث .
وسوف نستعرض هنا ما أمكن حصره من «المصادر» التي استفادت بها
الدراسات التاريخية التي تناولت قطر في عصرها الحديخ وبق
للتصنيف المتعارف عليه تأتى الوثائق في المرتبة الأولى ؛ غير المنشورة أولاً
الإنجليزية؛ يليها كتابات الرحالة والمستكشفين والمغامرين ؛ التي كتبها
1 + سياحاتهم السياسية أو التجارية في الجزيرة العربية
والخليج ... وتأتي الدوريات ؛ بأنواعها وتوقيتات صدورها لتشكل مصدراًٌ
هاماً من مصادر التاريخ المعاصر ... ويعتبر التراث الشعبي ؛ بقصصه
وأمثاله وأشعاره مصدراً هاماً من مصادر التاريخ الاجتماعي .
ولا يستطيع المؤرخ أن يغفل بعض «المؤلفات التاريخية» الهامة التي
تقترب قيمتها من المصادر الأصلية ؛ وتعلو على المادة الثانوية ؛. فتستمد
أهميتها من كتابتها في عصر سابق ؛ وهو ما يقتعضي الحذر والتدقيق في
الأخذ برواياتها ... كما يستطيع الباحث باجتهاده أن يستكشف ما إذا
السياسيين ''' ؛ مما قد بشكل مصدراً هاماً من مصادر التاريخ المعاصر ..
وثمة فرص أخرى حيث يستطيع الباحث أن يستعين ببعض الشخصيات
على قيد الحياة ؛. فتشكل المقابلات معها وتسجيل أحاديثها . مصدراً هاما
من مصادر التاريخ المعاصر أيضاً .
وسوف نتناول خلال الصفحات التالية أهم هذه المصادر التي توافرت لنا
خلال إعداد هذه الدراسة .
مرق
(أ) غير المنشورة :
- الوثائق المدونة باللغة العربية : ومنها المجموعات الوثائقية المودعة بقسم
الوثائق بالديوان الأميرى (قسم الأبحاث والوثائق) ؛ ونعتقد أنها تضم
أصول القرارات والمراسيم والمراسلات الأميرية , كما توجد سجلات وأوراق
تتعلق بواردات الجمارك وغيرها منذ مطلع القرن العشرين ؛ وبالذات خلال
فترة حكم الشيخ عبد الله بن قاسم آل ثاني (1917 - 1424م) حيث لم
تكن هناك دواوين للحكومة وإدارات ووزارات على نحو ما هو قائم الآن .
كما تضم الوثائق مجموعات تتعلق بالنفط . عقود التتقيب وامتيازات
هناك مجموعات تضم وثائق تتعلق بفترات أبعد من ذلك ؛ وبالذات متذ
فترة حكم الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني (/ - 41 ام) ١ ورسائل
مساعديه ومفوضيه إليه ؛ كما توجد كذلك مجموعة أوراق صالح سليمان
المائع ٠ ونصوص التحريرات الواردة من متصرفيه نجد والبصرة حول
قائمقامية قطر ؛ مما يمتد إلى فترة علاقات الوهابيين بالبلاد . وقتد وثائق
القسم إلى فترة معاصرة جداً فتضم مثلاً وثائق مشروع الاتحاد «التساعي»
بين إمارات الخليج (1838 - 1490م) ؛ والذي لعبت قطر في سبيل
إقامته دوراً رائداً ؛ وإن لم يقدر له أن يتم ٠
ونلاحظ أن الوثائق أو المجموعات السابقة قد استفاد منها على نطاق
واسع مؤلف كتاب «قطر وثروتها النفطية» . الصادر عن دار العهد بالدوحة
عام 1406م ؛ كما استعان بها على نطاق ضيق مؤلف كتاب «تطور قطر
السياسي والاجتماعي في عهد الشيخ قاسم بن محمد» ؛ الصادر بالقاهرة
عام 0فحقام ٠ وكذلك الدراسة التي أعدت عن «التطور الاقخقصادي
والاجتماعي في قطر حا “لاحام) 0
أما عن المظان التي تضم مصادر وثائقية أصلية , وخاصة خلال فترة
التاريخ المعاصر ؛ فهي سخية ووفيرة ؛ وتوجد في أرشيفات وسجلات
الإدارات الحكومية والوزارات ومجلس الوزراء ؛ ومجلس الشورى . ومن
أهمها - مثلاً - أوراق وسجلات إدارة المستشار الحكومي للدولة والذي كان
بربطانيا هو وجهازه في البداية ثم استبدل بمنصب مدير عام الحكومة
فمستشار الحكومة بعد ذلك ..
وهناك أيضاً وثائق إنشاء الإدارات الأولى للدولة وسجلاتها ؛ وهي
إدارات الصحة ؛ والجمارك والمواني ؛ والهندسة والمياه , والعمل والعمال
أول مجلس للوزراء في تاريخ قطر عام ١ لاقام .
ويضاف إلى ما سبق أرشيفا أول وزارتين عرفتهما قطر ؛ وهما وزارة
المعارف (/489٠م) ووزارة المالية (1480م) ؛ ويمكن الإستفادة من وثائق
وزارة المالية والبترول وأرشيفها الخاص في هذا المجال ؛ ؛ وقد استفاد منها
على نطاق كبير مؤلف كتابي «تطور اقتصاد النفط في قطر» و «الطاقة
والتطور في قطرم " .