التحقيقات الفردية والجماعية.
الاقتصاد السياسي علم حديث النشأة؛ لذلك كان لا بد له من
الاعتماد على عدد من العلوم الأخرى في تكونه وتطوره كعلم
النفس» والأخلاق + والقانون» والجغرافيا؛ والتاريخ» والرياضيات
يحظى الاقتصاد السياسي باهتمام الجميع؛ سواء في الحقل
الخاص أو العام؛ باعتبار الاقتصاد الهيكل المادي والحيوي للمجتمعات
البشرية في كل بلد وعصرء نظراً لارتباطه الوثيق بالإنسان ولكونه
مظهراً بارزاً من مظاهر نشاطه.
عرف التاريخ الاقتصادي بعض الاقتصاديين البارزين؛ ويعتبر آدم
سميث مؤسس العلم الاقتصادي الحديث وأعظم ركن من أركان
المدرسة التقلبدية أو اللذهب الاقتصادي الحر» فمن هو آدم سميث؟
وما دوره في وضع الأسس الأول لعلم الاقتصاه؟ وإل أي مدى
تتماشى أفكاره الاقتصادية مع التيارات الحديثة في علم الاقتصاد
ونظام العولمة؟
من فكر اقتصادي حول العمل؛ القيمة؛ السعر؛ التوزيع» الربع وغير
ذلك. سعى سميث»؛ من خلال نظرياته؛ إلى دمج فكرة تقسيم العمل
وتطوير القوى الإنتاجية مع الحرية الفردية؛ كما دعا إلى تراجع سلطة
الدولة في الأمور التي تحد من نمو الاقتصاد وتطوره.
الاقتصاد الحديث مع إطلالة موجزة على مذهبي الحرية الفردية
والاقتصاد الموجه؛ ويختم بالتعريف باقتصاد المعرفة الذي قدّم فكراً
رهي الحجر الأساس في بناء المجتمعات وتطورها
سن اعتلاء المراتب الأول في الاقتصاد العالمي؛ معتمدةً على هذه
آدم سميث
ولد آدم سميث في اسكوتلندا درس في جامعة غلاسكر
وأمضى معظم حياته مدرساً في جامعتي اديمبوره وغلامكر. في العام
8 نشر
شوان: «ثروة الأمما؛ بحث فيه عن أسباب
وطبيعة هذه الثروة. أحدث هذا الكتاب تغييراً هاماً في تاريخ الاقتصاد
فصل علم الاقتصاد عن بقية العلوم الاجتماعية.
في كتابه هذا أول سميث اعتماماً كبيراً بتحديد مصدر الثردة
طرق توزيعها في المجتمع؛ ووسائل تنظيم التجارة وكيفية تقييم
التي تساهم في دفع الحركة الاقتصادية وتشجيع الاستثمارء في ظل
حماية الدولة؛ إنما بعيداً عن تدخلها المباشر في تنظيم العمل. تميز
سميث بفكره عن معظم مفكري واقتصادبي تلك الحقبة؛ وكان
للمواضيع الاقتصادية التي تطرق إليها أثر بالغ في تنظيم علم
الاقتصاد السياسي.
نظام الرأسمالي ومنشئي علم الاقتصاد السياسي الحديث؛ فإيمانه
بنظام السوق الحر وإتاحة الحرية الكاملة للأفراد في تعاملاتهم
الاقتصادية» كان مقدمة للنمو والتنمية والرخاء الاقتصادي. ورأى
تتضاعف إذا ما تم تقسيم هذا العمل؛ ليظهر التخصص في
الأعمال الجزثية بعد تقسيم عملية العمل الواحدة إلى أجزاء بسيطة
حيث يقوم كل عامل بأداء الجزء الخاص به؛ ما يزيد من إنتاجية
اعتقد سميث بأن نزعة الإنسان ورغبته في تحسين أحواله المادية
وتأمين منفعته الشخصية كانتا الدافع اللحرك لجميع تصرفاته. وفشر
العلاقة بين منفعة الفرد ضمن المجتمع والحالة الاقتصادية التي
فيهاء فوجد أن اللصلحة الفردية والمنفعة الشخصية قد تترجان إل
منفعة للبيئة والمجتمع الذي يعيش الإنسان فيه.
أكبر رواج وأفضل قيمة في السوق» وهو بعمله لا يفكر إلا بمنفعته
الشخصية وربحه الخاص+ ولكنه في الوقت ذاته يكون قد أدى خدمة
للحجبي وقام بعمل يحقق المنفعة العامة؛!".
إن مصلحة الصناعي تقدم تصوراً عن حالات ة أخرى يسعى
فيها الإنسان إلى تحقيق هدف يخدم مصلحته الشخصية؛ لكنه؛ في
الوقت نفسه؛ يساهم في بناء وازدهار الحركة الاقتصادية ونمو المجتمع
والجدير بالذكر أنه إذا لم يكن هناك من مكابح للمصلحة الشخصية
(1) فؤاد دهمان - محاضرات في المذاهب الاقتصادية الكبرى؛ دمش 1884: ص 14
+إن المصلحة العامة قد تنضرر» إلا إذا تواجدت بعض الثوابت في
الحركة الاقتصادية تحدّ من أطماع المنفعة الشخصية كنظام المنافسة الذي
-سهّل حرية تحرك الأموال ويزيد من سرعة انتقالها خدمةٌ للقوى
الإنتاجية ومساهمة في زيادة المنفعة العامة.
عاش سميث في بلد يج بالحركة الاقتصادية والتبادل التجاري»
« لبس في منطقة زراعية تعتمد بشكل كامل على العمل في الأرض؛
“سد التوسع الصناعي. كما آمن أن العيش في العالم الحديث المتطور؛
يث تكثر البضائع والخدمات؛ يطلب الباذل الدائم وفتح الأسواق
الطبيعية كالذهب وغيره فلم يعد يقدم الدعم الكافي لبناء الاقتصاد
لأن رخاء الأمة يعتمد على بة العمل المنتج إلى الآخر غير المنتج»
العمل انتج الذي يولد سلعاً اقتصادية مادية ذات قيم استبدالية هو
الأساس في تنمية أي مجتمع.
الخاصة؟ وكيف يستطيع هذا الأخير أن يوفق بين حاجات الجتمع
حاجاته الشخصية؟ فسميث م يؤمن بضرورة وجود إجارة كزية أو
أب تأثير للسياسة التقليدية على الوضع الاقتصادي. هذه الأسثلة
عرف باليذ غير المنظورة» واعتبر أن المنفعة الشخصية والعاطفة قد
«فعان بالاتجاه الذي يكون متماشياً مع مصلحة المجتمع في معظم
القسم الأول: العمل مصدر الث
وضع آدم سميث غاية أساسية لعلم الاقتصاد؛ وهي الوصول
إلى الشروة؛ واعتقد أن تحقيق ذلك يكون عبر عنصري الإنتاج والعمل.
وقال إن العامل الأساسي الذي يساعد على زيادة كمية الإنتاج هو
التخصص أو تقسيم العمل.
تطوير العمل وتقسيمه يؤديان إلى زيا اجية التي يقاس بها تقدم
المجتمعات حتى وقتنا هذاء فإن السرعة في إنجاز العمل مع الكلفة
الأقل تميّزان الاقتصاد القوي عن الآخر الضعيف» وبالتاني الدول
ويما أن المعرفة وثقافة التطور مبدآن أساسيان لتقذّم المجتمع+
لكن أهلها يعيشون حياة الفقر والبؤس؛ كدول القارة الأفريقية التي
والثقافة اللذين يؤهلانها لمواكبة تحديات العصر؛ بالإضافة إلى مشاكل
وعثرات سياسية أخرى. هذه الدول تعيش لغاية اليوم حالة الفقر
والهلاك؛ فيما بلغت دول أخرى أصغر حجماً مستوى متقدماً من
الرفاهية والغنى والتقدم.
الطبيعة ومواردها لا تفيدان دون العمل الشخصص الذي يستثمر
خيرات الطبيعة ويعطي الثروة +
يعتقد سميث أن العمل هو مصدر الشروة وأن الأخيرة هي
«الإنتاج الذي يعطبه العمل» وكميتها تتوقف عل عاملين: أحدهما هو
؛.د السكان الذين يستهلكون إنتاجه» فكلما كانت هذه النسبة
نوقف الإنتاج على نسبة الناس العاملين المتتجين ونسبة العاطلين عن
العمل من الرجال والنساء والأطفال والشيوخ. أما العامل الثان فهو
٠ردود العمل أو القوة الإنتاجية له» لذلك نرى أن الشعوب البدائية
التي يعمل جميع أفرادها تعيش حالة من الفقر» بينما تتمتع شعوب
المجتمعات المتمدنة بنسبة أعلى من الرفاهية والثروة؛ مع بعض نسب
البطالة؛ ويعود هذا إل القوى الإنتاجية وكيفية استخدام الشروة
؛ ترظيفها في بناء المجتمع ما يزيد من مردود العمل ومجعله أقوى
؛ أكثر قدرة على بناء الثروة +
ويستخدم آدم سميث مثله المشهور ب «صنعة الديابيس» فالعامل
غير المدرّب على هذه الصنعة وعلى استعمال الآلات المستخدمة فيهاء
نصارى جهده؛ صنع أكثر من دبوس واحد في اليوم؛ ويضيف
فيها ليس مجرد صنعة محددة فحسب» بل هو مقسم إلى عدد من
وهكذا يتبين لنا أن صناعة الدبوس تنقسم إلى قرابة ثماني عشرة
عملية تقوم بإنجازهاء في بعض المعامل» أيادٍ عدة:
الآلات الضرورية» فقد كان في مقدورها أن تنتج أكثر من ثمانية
وأربعين ألف دبوس في اليوم. وعليه» فإذا ما اعتبرنا أن كل عامل
يصنع عُشر الثمانية والأربعين ألف دبوس» أمكن القول إن العامل
الواحد يصنم أربعة آلاف وثمائمثة دبوس يومياً.
وإن تطلبت الصناعة تقسيماً كبيراً لمختلف فروع العمل» فإن
طبيعة الزراعة لا تحتمل الكثير من هذه التقسيمات. ويقول سميث في
هذا السياق إنه من المحال أن بكم الفصل بين شغل الراعي وشغل
السنابل إنما هو في أكثر الأحيان شخص واحده!".
لاحظ سميث أن الأمم الأوفر حظاً في الثراء تتفوّق على جاراتها
في الصناعة لا في الزراعة؛ لأن الإنتاج الزراعي لا يختلف في حجمه
أو نوعيته بين الدولة الفقيرة والغنية؛ والدليل بحسب سميث «أن
حنطة بولندا تساوي في رخصها حنطة فرنساء مع نساوي | شي
الجودة؛ على الرغم من تطور البلد الثاني وتفوقه في الثروة*'. غير أن
«فحرير فرنسا أفضل وأرخص من حرير إنكلتراء لأن صنعة الحرير»
في ظل الرسوم الجمركية المرتفعة المفروضة على استيراد الحربر الخام؛
٠ تلام مناخ إنكلترا تماماً كما تلائم مناخ فرنسا. لكن الأدوات
المدنية والمنسوجات الصوفية الإنكليزية تفوق أية مقارنة مع نظيراتها
"درنسية؛ وهي أرخص بكثير وعلى القدر نفسه من الجودة ما يؤمّن
أدرك الصناعيون مزايا تقسيم العمل لذلك استعانوا به في
النطورة ويقول كم من الصنائع امختلفة يستعان بها في كل فرع من
وبحسب سميث؛ يحتاج تقسيم العمل وزيادة الإنتاج وتنمية
أولاً: أسواق واسعة يمكن من خلالها تصريف الإنتاج الناجم
ثانياً: حكومة تحمي الأشخاص ورؤوس أموالهم ليطمئتوا عل
> شاريعهم وأموالهم إذ إن الأمم اليوم التي لا تزمن الحماية لشعبها
؛المستثمرين الأجانب ينقصها وفرة في الاستثمار ونضوج الدموء؛
« الشاركة في نظام العولة المبني على ثوابت الحرية الفردية والقانون
١اجاتس الذي يؤمن الرعاية والانفتاح على دخول الأموال وخروجها
-. , دون أي مشاكل أو عوائق.