ضمن الحدود التي يكشف فيها هذا الكتاب بصورة أكيدة حتمية انتفاضة أكتوبر (تشرين الأول)
وأسباب انتصارها.
ويعرف القارئ؛ أننا نبحث في الثورة قبل كل شيء آخر عن تدخل الجماهير المباشر في
مصير المجتمع. ونبحث خلف الأحداث بغية اكتشاف تحولات الوعي الجماعي. ونستبعد الأوهام
الخاطئة المتعلقة بحركة "قوى أولية"؛ إذ لا تفسر هذه الأوهام عادة أي شيء؛ ولا تقدم لنا أية
معلومات. ويتم تنفيذ الثورة وفق عدد من القوانين؛ ولكن هذا لا يعني بأن الجماهير التي تُنفذ الثورة
تعي قوانين الثورة بكل وضوح؛ ولكنه يعني أن تحولات وعي الجماهير لا تأتي بشكل ضفي
ولكنها تأتي وفق ضرورة موضوعية خاصة لشرح نظري؛ وتخلق بذلك قاعدة للتوقعات والقيادة.
ومن المستغرب أن بعض المؤرخين الرسميين السوفييت حاولوا نقد وجهة نظرنا على
للثورة: "وتم بين فبراير (شباط) وأكتوبر (تشرين الأول) اضطراب اقتصادي كبير"؛ "وخلال هذه
بوضوح يستحق الثناء؛ كاشفًا بذلك ضعف التفسير الاقتصادي العام الخاطئ للتاريخ؛ ذلك التفسير
ولا تنجم التحولات الجذرية التي تتم خلال الثورة عن الهزات المتناوبة التي تصيب الاقتصاد
خلال الأحداث نفسها؛ ولكنها تنجم عن التحولات الرئيسية التي تراكمت في قواعد المجتمع نفسها
خلال الحقبة السابقة كلها. من المؤكد أن الاضطراب الاقتصادي تزايد باستمرار عشية قلب
الملكية؛ وفي الفترة الواقعة بين فبراير (شباط) وأكتوبر (تشرين الأول)؛ مؤديًا إلى زيادة حدة تثمر
نعتقد بأن الثورة الثانية تمت بعد الثورة الأولى بثمانية أشهر؛ نظرًا لأن حصة الخبز نقصت خلال
هذه الفترة؛ وانخفضت من ليبرة ونصف إلى ثلاثة أرباع اللييرة.
لقد تزايدت حلة الجماهير من الناحية التموينية سوءًا في السنوات التي تلت انتفاضة أكتوبر
(تشرين الأول) مباشرة. ومع هذا فإن آمال سياسيي الثورة المضادة المتعلقة بانتفاضة جديدة انتهت
كل مرة إلى الفشل. وقد ييدو الأمر غريبًا لكل من يتصور انتفاضة الجماهير كحركة "قوى أولية"؛
أي كعصيان قطيع بشري يحسن الموجهون استخدامه. والحقيقة أن الحرمان لا يكفي لت
الانتفاضة؛ وإلا لكانت الجماهير في ثورة لا تنقطع . ولا بدٌ أن يبدو عجز النظام الاجتماعي واضحًا
بشكل يجعل الحرمان غير محتمل؛ وأن تظهر ظروف جديدة وأفكار جديدة تفتح السبيل أمام أفق
مخرج ثوري. وما أن تعي الجماهير سعة المخطط المرسوم أمامها حتى تصبح قادرة على تحمل
حرمان مضاعف أو مثلث.
وتكشف الإشارة إلى انتفاضة الطبقة الفلاحية " امل موضوعي" ثان عن سوء تفاهم أخطر
من سابقه. لقد كانت الحرب بالنسبة للبروليتارياء وهذا أمر مفهوم؛ ظرفًا موضوعيًا ضمن الحدود
التي تجعل أعمال طبقة ما الحوافز الخارجية لتشكيل وعي طبقة أخرى. ولكن السبب المباشر
للانتفاضة الفلاحية نفسها كان كامنًا في تحولات حالة الريف الفكرية. ولقد خصصنا فصلاً كاملاً
وغالبًا ما يكون هؤلاء الرجال من المجهولين. ولا تنكر المادية دور الإنسان الذي يحس؛ ويفكر؛
وتميل بعض انتقادات المعسكر الديمقراطي إلى العمل بواسطة براهين غير مباشرة. ولقد
وجدت هذه الانتقادات في موقف المؤلف "الساخر" من الزعماء التوفيقيين تعبيرًا عن ذاتية غير
"عدم البكاء؛ وعدم الضحك؛ والاكتفاء بالفهم" يحذرنا فقط من إطلاق ضحكة في غير محلها؛ أو
الضحكات والدموع؛ عندما تكون مبررة بفهم صحيح لهدفها نفسه. إن السخرية الفردية البحقة؛
تنتشر على شكل غيمة من اللا مبالاة فوق كل أعمال البشرية وأفكارها؛ تقدم أسوأ
انقطاع التوافق بين الذاتي والموضوعي هو بصورة عامة المصدر الأساسي للهزلي
والمأساوي في الحياة والفن. ولا ينجو مجال السياسة من تأثير هذا القانون ولا يتسم الأشخاص
والأحزاب بالبطولة أو السخف بناء على وصفهم الذاتي؛ ولكنهم يأخذون هذه الصفة أو ثلك بناء
لمصانع ليون؛ ولكنه بدا صورة حية للشخص المضحك في عام 1792 . وكان اليعاقبة على العكس
السخرية أبدًا.
إن بطلة ديكنز التى تحاول أن 3 نع بمكنستها صعود المد؛ أنموذج واضح للإنسان المضحك؛
نظرًا لعدم تلام الوسيلة مع الهدف. فإذا قلنا بأن هذه الشخصية ترمز إلى ياسة الأحزاب التوفيقية
السلطة؛ اعترف بعد ثورة أكتوبر (تشرين الأول) للزعيم الليبرالي نابوكوف بما يلي: "لم يكن كل
ما عملناه آنئاك سوى محاولة بلا جدوى" لاستخدام بعض نشارة الخشب لإيقاف السيل المدمر
للعناصر المنطلقة من عقالها؛ وإننا نلحظ هنا رنة نقد ساخر سيئ وهذه هي أصدق الأقوال التي
تحدث بها التوفيقيون عن أنفسهم. إن الامتناع عن السخرية عند وصف "الثوريين" الذين يحاولون
إيتاف الثورة بواسطة نشارة الخشب؛ عبارة عن عمل يرضي المتبجحين؛ ولكنه يظلم الحقيقة
وفي المهجر كتب الفوضوي ببير ستروفيه الذي كان من قبل ماركسيًا؛ ما يلي: "لم يكن في
الثورة شيء منطقي؛ مخلص لجوهره سوى البلشفية؛ ولذا انتصرت البلشفية في الثورة". ويتحدث
زعيم اللييرالية ميليوكوف عن البلاشفة باللهجة نفسها تقريبًا: "كانوا يعرفون أين يذهبون؛
ويسيرون باتجاه واحد بعد تحديده بصورة نهائية؛ ويتحركون نحو الهدف الذي كان بزداد اقترابًا
فهم الثورة على طريقته فكتب ما يلي: "وكان السير على هذا السبيل بحاجة لرجال من حديد...
ثوريين "محترفين” لا يخشون إيقاظ روح الثورة الجارفة". ويمكن إعطاء البلاشفة وصفًا ينطبق
عليهم أكثر من انطباقه على اليعاقبة إذا قلنا: بأنهم ملائمون للعصر ومهماته. ولقد وجهت لهم
الاتهامات بكمية كافية؛ ولكن السخرية لم تصل إليهم؛ ولم يكن لديهم ما يتمسكون به.
ولقد طرح المؤلف في مقدمة الجزء الأول السبب الذي دفعه إلى الحديث عن نفسه بصيغة
المفرد الغائب لا بصيغة المفرد المتكلم؛ مع أنه اشترك بالأحداث بصورة فعلية؛ ومن المؤكد أن
الحفاظ على هذا الأسلوب الأدبي في هذا الجزء لا يقدم في حد ذاته ضمانة من الوقوع في الذاتية؛
ولقد توقفنا في كثير من الحالات مترددين؛ أمام ضرورة أو عدم ضرورة ذكر حكم هذا
المعاصر أو ذاك على دور مؤلف هذا الكتاب خلال مسيرة الأحداث. وكان من السهل تجاوز بعض
الاستشهادات لو لم تكن تتعلق بشيء أكبر بكثير من القواعد المعهودة التي يقبلها الذوق العام. ولكن
مؤلف الكتاب كان رئيس سوفييت بتروغراد بعد أن حصل البلاشفة على الأغلبية في هذا
السوفييت. ثم كان رئيسًا للجنة العسكرية الثورية التي نظمت انتفاضة أكتوبر (تشرين الأول). وهو
لا يستطيع مسح مثل هذه الحقائق من التاريخ؛ كما أنه لا يود ذلك. وقد وجدت المجموعة الحاكمة
الآن في الاتحاد السوفييتي؛ الوقت الكافي في السنوات الأخيرة لتخصيص العديد من المقالات؛
وعدد لا بأس به من الكتب للتحدث عن مؤلف هذا الكتاب. وكان هدف كل هذه المقالات والكتب»
البرهنة على أن نشاطه كان موجهًا ضد مصالح الثورة بشكل دائم. وهنا يبقى على المرء أن
ة المسئوليات؛ خلال السنوات الحرجة العصبية. إن الصمت عن المناقشات السابقة؛ يعني
التخلي إلى حد ما عن وصف مسيرة الأحداث على حقيقتها. فما الهدف من ذلك؟ ولا يحاول أن
يتظاهر بعدم الاهتمام سوى ذلك الذي ينوي أن يدس للقارئ استنتاجات لا تنبثق من الأحداث.
ولن نخفي أبدًا بأن هذا العمل لا يتعلق بالماضي وحده. وكما أن الخصوم يهاجمون الشخص
في محاولة لضرب البرنامج؛ فن النضال من أجل برنامج محدد يفرض على الشخص أن يؤكد
مكانه الحقيقي وسط الأحداث. وإذا ما تاه أحدهم خلال الصراع في سبيل أهداف كبرى؛ وفي سبيل
مجادلته وإقناعه. ولقد اتخذنا على كل حال كافة التدابير اللازمة لكيلا تشغل المسائل "الشخصية”
الحزب البلشفي؛ أو إزاء بعض زعمائه. ولكنني لم أجد واحدًا منهم يعمل على تصحيح اللوحة التي
مدعوون للوقوف ضدنا دفاعًا عن دور البلاشفة في انتفاضة أكتوبر (تشرين الأول)؛ بأن كتابنا لا
يستهدف تعليم الآخرين كيف يمكنهم أن يحبوا -بعد النصر- الثورة الظافرة؛ والوجه البيروقراطي
الذي أخذته؛ ولكنه يستهدف إيضاح الطريقة التي تُعد بها الثورة؛ وتتطور وتحقق النصر. وليس
الحزب بالنسبة لنا جهازًا معصومًا تحمي عمليات القمع الحكومي عصمته؛ ولكنه جهاز معقد
يتطور وسط التناقضات ككل شيء حي. وإننا نعتقد بأن اكتشاف التناقضات؛ وهذا العدد من
ترددات القيادة وأخطائها؛ لا يؤدي أبدًا إلى إضعاف أهمية العمل التاريخي الضخم الذي حمل
الحزب البلشفي أعباءه لأول مرة في التاريخ العالمي.
“أيام يوليو" الإعداد والبداية
في عام 1915 بلغت تكاليف الحرب بالنسبة لروسيا 10 مليارات من الروبلات؛ وارتفعت
تكاليف عام 1916 الحربية إلى 19 مليارًاء ووصلت تكاليف النصف الأول من 1917 إلى 10
مليارًاء أي ما يعادل تقريبًا مجموع الثروة القومية المقدرة آنذاك ب70 مليارًا. وأعدت اللجنة
ة مشروع الدعوة لقرض حربي تحت اسم جِذَّابٍ هو "قرض الحرية"؛ على حين وصلت
الحكومة إلى استنتاج مبسط يقول بأنه إذا لم تحصل على قرض خارجي ضخم فإنها لن 8
تسديد ثمن طلباتها من الخارج فحسب؛ بل ستقف عاجزة عن مجابهة مطالبها الداخلية أيضًا.
وتزايد عجز ميزان المدفوعات التجاري بصورة مستمرة. وكان الحلفاء ولا شك مستعدين للتغلي
هبوطًا مفاجنًا يسع الزويل. ولم تعد مطابع الأوراق النقدية كافية لمتابعة وتيرة التضخم. وبعد
العملة القديمة القوية التي حافظت على بعض قوتها الشرائية القديمة؛ بدا الناس يستعدون لقبول
اسم "الكرنسكيات". وكان البورجوازي والعامل يتحدث عن هذه العملة بشيء من الازدراء؛ ولكن
كل على طريقته.
وقبلت الحكومة من الناحية اللفظية برنامج تنظيم الاقتصاد العام عن طريق الدولة؛ وخلقت
لهذا الغرض في أواخر أيام يونيو "حزيران” أجهزة ضخمة معقدة. ولكن القول والفعل في ظل
نظام فبراير (شباط) كانا في صراع دائم كالصراع القائم بين روح مسيحي متدين وجسده. وكانت
ا التنظيم المختارة حسب الطلب تهتم بحماية أصحاب الأعمال ضد أهواء سلطة حكومية
مهتزة مضطربة؛ بدلا من أن تعمل على كبح جماح المصالح الخاصة. وكان الأشخاص الإداريون
والتقنيون في الصناعة على أشكال متعددة. ولكن قمة هؤلاء الأشخاص؛ كانت تحس بالضيق من
ميول العمال نحو المساواة؛ وتنتقل إلى جانب أصحاب الأعمال بشكل ملحوظ. وكان العمال
ينظرون باستياء إلى الطلبات الحربية التي تعهدت المصانع المضطربة بتقديمها خلال سنة أو
وفقد أصحاب العمل أنفسهم الرغبة بالعمل المنتج الذي يسبب متاعب تفوق ما يقدمه من
مكاسب. وأخذ توقيف المصانع المتعمد من قبل أصحاب العمل طابعًا منهجيًا. وانخفض إنتاج
المعادن بمقدار 7440 كما انخفض إنتاج المنسوجات بنسبة 720. وبا نقصان الحاجيات
الضرورية للحياة. وارتفعت الأسعار مع تزايد التضخم النقدي؛ وازدياد حدة التدهور الاقتصادي.
وناضل العمال لتحقيق المراقبة على آلية العمل الإداري والتجاري التي كان المسئولون يخفونها
عنهم؛ رغم أن مصيرهم متعلق بها. وأصدر وزير العمل سكوبوليف بيانات مطولة ليفهم العمال
بأن التدخل في إدارة المصانع أمر غير مقبول. وفي 24 يونيو (حزيران) أعلنت الأزفستيا بأن
هناك اتجاهًا لإغلاق العديد من المصانع وجاءت أنباء مماثلة من المحافظات.
وتأثر النقل بالسكك الحديدية بشكل أكبر من تأثر الصناعة. وكان نصف القاطرات بحا.
لإصلاحات أساسية؛ وكان جزء كبير من العربات ووسائط النقل في الجبهة؛ وتناقصت
المحروقات إلى حد بعيد. ولم تكن وزارة المواصلات قادرة على إيجاد حل لصراعاتها مع عمال
ومستخدمي السكك الحديدية. وغدا التموين سيئًا بصورة مستمرة. ولم يعد مخزون بتروغراد من
القمح يكفي لأكثر من 10 - 15 يومًا. ولم تكن الأمور تجري بصورة أفضل في المراكز الأخرى
وكان الشلل النصفي الذي أصاب وسائط النقل؛ واحتمال إضراب عمال السكك الحديدية؛ يعنيان أن
انتظره العمال من الثورة.
وكان الوضع في مجال السياسة أسواً من ذلك. إن التردد وعدم التصميم يمثل أسواً الحالات
في حياة الحكومات؛ والأمم؛ والطبقات؛ والأفراد. والثورة هي أفضل الوسائل المتوفرة لحل
المسائل التاريخية. والتهرب في الثورة سياسة من أسواً السياسات وأكثرها ضررًا. وعلى حزب
الثورة أن لا يتردد لحظة واحدة أكثر مما يتردد الجراح بعد أن بيدا استخدام مبضعه لفتح جسم
المريض. ولكن نظام ازدواجية السلطة الناجم عن انتفاضة فبراير (شباط) كان عبارة عن تردد
منظم. ودارت الأمور كلها ضد الحكومة. وانقلب الأصدقاء المشروطون إلى خصوم؛ وتحول
الخصوم إلى أعداء؛ وتسلح الأعداء بمختلف الأسلحة. وعبأت الثورة المضادة قواها بشكل مكشوف
تمامّاء وأخذت تعمل وفق تعليمات اللجنة المركزية لحزب الكاديت؛ والقيادة السياسية لكل من كان
الديهم ما يفقدونه.
وكانت اللجنة الرئيسية لاتحاد الضباط في مقر القيادة العليا في موهيليف والتي تمثل حوالي
مائة ألف ضابط متثمر؛ تشكل مع سوفييت اتحاد قطعات القوزاق في بتروغراد رافعتين
عسكريتين بيد الثورة المضادة. وبالرغم من القرار الذي اتخذه مؤتمر السوفييتات في يونيو
غطاءً شرعيًا لنشاط الثورة المضادة الذي تموله البنوك وسفارات دول الحلفاء. وكان التوفيقيون
يتلقون التهديد من اليمين واليسار . ونظرت اله مة إلى ما حولها بقلق؛ وقررت بصورة رسميا
تخصيص مبالغ من المال لتنظيم مكافحة التجسس الاجتماعي؛ أي لتنظيم شرطة سياسية سرية.
وفي هذه الفترة تقر با أي في منتصف يونيو (حزيران)؛ حددت الحكومة يوم 27 سبتمبر
لإجراء انتخابات المجلس التأسيسي. وشنت الصحافة الليبرالية؛ رغم اشتراك الكاديت بالحكومة؛
حملة شعواء ضد التاريخ المحدد بصورة رسمية. ولم يكن يؤمن بهذا التاريخ أحد ولا يداقع عنه
أوائل أيام مارس (آذار). ودارت الأمور كلها ضد الحكومة؛ حتى نواياها الحسنة النادرة الفقيرة.
وفي 30 يونيو (حزيران) وجدت الحكومة أخيرًا الشجاعة لإلغاء مهمة الأوصياء النبلاء في
الريف "رؤساء مراقبي الأراضي" الذين كانوا يستقطبون الكراهية في مختلف أرجاء البلاد منذ
أوجدهم الكسندر الثلث. وألقى هذا الإصلاح الجزئي؛ الإجباري؛ المتأخر على الحكومة المؤقتة
واستعادت طبقة النبلاء في هذه الفترة شجاعتها؛ وبدأأ ملاك الأراضي يتجمعون ويقومون
بالهجوم. وطلبت لجنة مجلس الدوما المؤقتة من الحكومة في نهاية يونيو (حزيران) اتخاذ تدابير
حازمة لحماية الملاكين من الفلاحين الخاضعين لتحريض "عناصر مجرمة".
غلبية الحضور من النبلاء. وأخذت الحكومة تتناقض. لأنها كانت تحاول استخدام الجمل لتخدير
ولم يعد الجندي راغبًا بمتابعة الحرب. ولم يعد دبلوماسيو لفوف قادرين على مجابهة دبلوماسي
الحلفاء. وكانت البلاد بحاجة ماسة للقرض. وشاءت الحكومة العاجزة التي حكم عليها بشكل مسبق
إظهار قوتهاء فشنت هجومًا على فللندا؛ ونفذت ذلك؛ كما نفذت كافة الأعمال القذرة؛ بأيدي
الأيام التي امتدح ألبرت توماس فيها الثورة المشعة؛ وكرنسكي. وفي مطلع يوليو (تموز)؛ استبدل
سفير فرنسا باليولوغ المتأثر بأجواء الصالونات الراسبو بدبلوماسي "راديكالي" هو السفير
نولان. وقدم الصحفي كلود آني للسفير الجديد تقريرًا عن بتروغراد. وأمام السفارة الفرنسية؛
وعلى الطرف الآخر من نهر نييفا يمتد حي فيبورغ "إنها منطقة المصانع الكبيرة التي تسير
بأسرها وراء البلاشفة. ويتصرف فيها لينين وتروتسكي كسادة حقيقيين". وفي المنطقة نفسها توجد
ثكنات فوج الرشاشات؛ وهي تضم حوالي 10 آلاف رجل؛ وأكثر من ألف رشاش. وليس
"كيف تقبل الحكومة إذن هذا الوضع؟" فرد الصحفي "ولكن ماذا بقي بوسعها أن تفعل؟". "علينا
ولما لم تجد قدرة الجماهير المستيقظة مخرجًا؛ انقسمت إلى حركات عفوية؛ وأعمال أنصار؛
ها بأنفسهم حله. إن تردد الزعماء يضعف الجماهير أكثر من أي شيء آخر.
0 ار العقيم إلى قرع الأبواب الموصدة بإصرار متزايد؛ أو يجبرها أحيانًا على
الانفجار الحقيقي من اليأس. وفي خلال مؤتمر السوفييتات؛ وبعد أن أوقف سكان المقاطعات إلى
مشاعر ونوايا زعماء السوفييت إزاءهم. وتحول تسيريتلي بعد كرنسكي؛ ولم يصبح مجرد شخص
غريب؛ بل غدا منفرًا مكروهًا من غالبية عمال بتروغراد وجنودها. وتزايد تأثير الفوضويين على
أطراف الثورة. وكان هؤلاء الفوضويون يلعبون الدور الأساسي في اللجنة الثورية التي خلقت
بشكل متحيز اعتباطي في إدارة دورنوفو. ولكن حتى أكثر شرائح الطبقة العمالية انضباطًاء وحتى
غلبية أوساط الحزب البلشفي؛ فقد ابتدأت تفقد الصبر أو تلقى أذنًا صاغية لمن نفذ صبرهم.
وكشفت مظاهرة 18 يونيو (حزيران) للجميع بأن الحكومة لا تملك أي مستند؛ وتساءل العمال
وأدى النضال من أجل الأجور؛ التي لم تعد تتلاءم مع أسعار التضخم؛ إلى هيجان العمال
وإنهاكهم. وطرحت هذه المسألة نفسها بحدة خاصة خلال يونيو (حزيران) في مصنع بوتيلوف
الضخم؛ حيث يعمل 36 ألف رجل. وفي 21 يونيو (حزيران) انفجر الإضراب في عدد من
الحزب. وفي اليوم التالي نظم البلاشفة اجتماعًا ضم ممثلين عن التنظيمات العمال الأساسية؛
ومندوبين من 70 مصنًا؛ وأعلن المجتمعون أن "موضوع عمال بوتيلوف هو قضية بروليتاريا
هذا لم تقدم الأيام ال12 التي تلت ذلك أي تبديل. وكانت جماهير المصانع العمالية تعيش حالة تخثر
المواصلات تقريرًا قالت فيه: "إننا نعلن لآخر مرة؛ أن صبرنا وصل إلى منتهاه. ولم تعد لدينا القوة
للعيش في مثل هذا الوضع..."؛ ولم يكن هذا التقرير شكوى من البؤس والمجاعة فحسب؛ بل من
الخداع؛ وانعدام الشخصية؛ والغش أيضًا. وكانت المذكرة تحتج بشدة على "النداءات المستمرة
للتمسك بالواجب الوطني؛ وكبت رغبات البطون الخاوية".
في مارس (آذار) سلمت اللجنة التنفيذية السلطة للحكومة المؤقتة؛ شريطة أن لا تخرج
القطعات الثورية من العاصمة. ولكن هذه الأيام غدت من الماضي السحيق. وتطورت قوات الموقع
الموقع عملاً من الأعمال اليومية الدائمة. ولم تبعد الحكومة كافة القطعات عن العاصمة؛ ولكنها
الإستراتيجية؛ ونقلت سرايا من هذه القطعات إلى الج وتناهت إلى العاصمة أخبار التعديلات
المستمرة في قطعات الجبهة؛ بسبب عدم الطاعة؛ أو رفض تنفيذ أوامر القتال. فلقد حلت القيادة
فرقتين سيبريتين مستخدمة العنف وقوة السلاح -ألم يكن القناصة السيييريون من قبل أفضل
العناصر؟- وفي قضية الجيش الخامس وحدهاء وهو أقرب الجيوش إلى العاصمة؛ أحيل 87
ضابطاء و12 ألف جندي إلى القضاء بعد أن رفضت قطعات هذا الجيش بأسرها إطاعة أوامر
القتال. وكان موقع بتروغراد الذي يجمع كل تذمر الجبهة والقرية والأحياء العمالية والثكنات يغلي
بلا انقطاع.
وأخذ رجال ملتحون في العقد الرابع من عمرهم؛ يطالبون بإلحاح متزايد بضرورة العودة
إلى بيوتهم للقيام بأعمال الحقول. وكانت الأفوا ج المعسكرة في حي فيبورغ وهي: فوج الرشاشات
الأول؛ وفوج الحرس الأول""؛ وفوج موسكوفسكي؛ وفوج المشاة 180 تتعرض بلا انقطاع
كبير من المهيجين البلاشفة الدعوبين. وكانت الاجتماعات تعقد بصورة دائمة تحت الجدران
الهجوم قد هدأت بعد؛ عندما تجرأت سيارة من سيارات اللجنة التنفيذية على السير في شارع
سامبسونيفسكي حاملة لافتات كتب عليها: "إلى الأمام من أجل كرنسكي!" فقام جنود فوج
موسكوفسكي_باعتقال المحرضين؛ وتمزيق اللافتات؛ وأرسلوا_سيارة الوطنيين إلى 2
يعيشون تحت تهديد الإرسال إلى الجبهة؛ كما كانوا يجدون صعوبة ة أكبر في تقبل مبررات
الإستراتيجية السياسية. بالإضافة إلى أن كل واحد منهم كان يحمل بندقية ي بعد فب
(شباط) لا إلى المغالاة في ؛ نير القيمة النوعية لهذا السلاح. ولق تحدث العامل البلشة ي العجوز
ليزدين فيما بعد عن أن جنديًّا من الفوج الاحتياطي 180 قال له: "وماذا بعد؟ هل بز
وفي اجتماعات الأفواج؛ كان التصويت يجري غالبًا على اقتراحات تتعلق بضرورة العمل
أخيرًا ضد الحكومة. وكانت وفود بعض المصانع تأتي إلى الثكنات؛ وتسأل الجنود فيما إذا كانوا
على استعداد للنزول إلى الشارع. وأرسل رماة الرشاشات مندوبيهم إلى قطعات المواقع الأخرى
لحضها على العصيان والتمرد ضد إطالة مدة الحرب. وكان بعض المندوبين ممن نفذ صبرهم
يقولون: إن فوج باقلوفسكي؛ وفوج موسكوفسكي و40 ألف عامل من عمال بوتيلوف سيسيرون
خطر تعرض بتروغراد لهزيمة منفردة بعد أن يتوقف دعم الجبهة والمقاطعات لها.
انتظار اليوم الذي ت فيه الأحداث جزءًا كبيرًا من القوى الاحتياطية الكبيرة؛ وتضعها في
صف قضية العاصمة. "إننا نفهم المرارة؛ ونفهم غليان عمال بيترا"". ولكننا نقول لهم: أيها الرفاق؛
إن العمل المباشر غير ملائم في هذه اللحظة". وفي اليوم التالي؛ عقد اجتماع خاص لزعماء
الفكرية للجنود وجماهير العمال؛ فإن الوقت لم يحن بعد لقبول المعركة. "ومن الأفضل الانتظار
حتى تتجلل الأحزاب الحاكمة نهائيًا بالعار؛ بسبب البدء بالهجوم. عندها سنربح الجولة". هذا هوما
كتبه لاتسيس؛ منظم المقاطعة؛ وواحد من أكثر المتعجلين في تلك الأيام. ورأت اللجنة نفسها
مضطرة لإرسال المهيجين إلى الثكنات والمصانع؛ لتحذير الجنود والعمال من القيام بعمل سابق
خراطيم رجال الإطفاء (لإطفاء حدة المظاهرات). ولم تتوقف الدعوة للنزول إلى الشارع؛ بل
العسكري نفسه مضطرًا إلى إصدار بيان موجه للعمال والجنود قال فيه: "لا تصدقوا أي نداء
للنزول إلى الشارع باسم التنظيم العسكري. إن التنظيم العسكري لا يدعوكم للتظاهر". وأكد البيان
بعد ذلك بإلحاح أكبر "اطلبوا من كل مهيج أو خطيب يدعوكم إلى العمل باسم اللجنة العسكرية أن
يبرز لكم شهادة موقعة من الرئيس والأمين العام".
وأخذ الفوضويون يرفعون صوتهم بجرأة متزايدة في ساحة لانكر في كرونشتادت؛ وبدأت
لانكر؛ دون موافقة سوفييت كرونشتادت؛ بمطالبة وزارة العدل بإطلاق سراح مجموعة من
أعلم مندوبو أورانينبوم وزير العدل أن موقعهم ثائر بسبب الاعتقالات التي تمت في دارة دورنوفو