تحديد بحور الشواهد الشعرية؛ للصلة القائمة بين فنية البلاغة وموسيقى
الشعر؛ ووضعها في فهرس خاص ٠
4 - وضع فهرس خاص بالشواهد القرآنية؛ وبشواهد الأحاديث النبوية .
وبعد فعسى أن ينتفع بهذا الكتاب طلاب العربية؛ وأن تكون الشروح التي
أقرب سبيل» فالمؤلف تتلمذ على الشيخ محمد عبده الذي أظهر للدارسين
عبد القاهر الجرجاني؛ ويسُر تناولهما بما سمح بتطور الدرس البلاغي» وإعادته
إلى مساق الذوق الأدبي» ولأن البلاغة جزء من تاريخ اللغة العربية وآدابهاء فقد
متناثرة إلى أن أصبحت موضوعاً للتأليف المستقل.
بلغت اللغة العربية في العصر الجاهلي؛ مستوى متقدماً من التعبير الأدبي في
الشعر والنشر معاًء أتاح لأصحابها قوة تمييز فطرية بين الأساليب على اختلاف
كان «الشعراء الناشؤون يحتكمون فيها إليه؛ فمن نوه به طارت شهرته في الآفاق
وقصته مع حسان بن ثابت معروفة؛ حين فضل عليه الخنساء” وكذلك قصص
الشعراء مع بعضهم بعضاً؛ فطرفة بن العبد علق على قول المسيب بن علس:
استنوق الجمل* أي جعل الجمل ناقة؛ لأن الصيعرية سمة في عنق الناقة لا
البعير؛ وزهير بن أبي سلمى وأمثاله ممن كانوا يسمون عبيد الشعرء كانوا ينقحون
ينجم عن البداهة والارتجال» حتى قالواعن شعرهم «خير الشعر الحولي المنقح؟
من الشعراء بألقاب تدل على استحسانهم لأشعارهم «كالمرقش والمحبر
)١( ضيف شوقي: البلاغة تطور وتاريخ/ /١١ دار المعارف بمصر 187 طلا
(؟) قدامة بن جعفر : نقد الشعر/ 47/ تحقيق كمال مصطفى الخانكي القاهرة 1437
(4) الجاحظ: البيان والتبيين 704/١ تحقيق عبد السلام هارون ط؟.
هذه القصائد .
خطيبهم أكثم بن صيفي «البلاغة الإيجاز»"» وحين أخذ الوليد ب بن المغيرة بالقرآن
الكريم لدى سماعه؛ قال لأبي جهل جهل: ااماافيكم رجل أعلم بالأشعار مني ولا
أعلم برجزه ولا بقصيده ل
هذاء والله إن لقوله الذي يقول حلاوة» وإن عليه لطلاو وإنه لمثمر أعلاه مغدق
العرب باللغة التي كانوا يتميزون بإتقانهاء وبمعرفة أسرار أساليبهاء وقد روي عن
عمر بن الخطاب قوله «خرجت أتعرض رسول الله جَةٍ فوجدته قد سبقني إلى
المسجد؛ فقمت خلفه؛ فاستفتح سورة الحاقة؛ فجعلت أعجب من اليف
القرآن!* والرسول عليه الصلاة والسلام+ كان شديد العناية بتخير الألفاظ في
نفسي وقد روي عن علي بن أبي طالب قوله: اما سمعت كلمة من العرب إلا
علي بن أبي طالب يخاطب وفد بني نهد؛ فقال: : «يا رسول اللهء نحن بنو أب
واحد ونراك تكلم وفود العرب بما لا نفهم أكثره؛
تأديبي+ وربيت في بني سعد" وكان الرسول يراعي مقتضى الحال فى
ال: أدبني ربي فأاحسن
القبرواني ابن رشيى: العمدة 177/١ تحقبق محبي الدين عبد الحميد طط؟.
(6) الجاحظ : البيان والتبيين 4/7
(©) القرشي: جمهرة خطب العرب 83/١
(؛) الحافظ الذهبي: السيرة النبوية 48
(0) الحافظ الذهبي: السيرة النبوية 1١7
() الجاحظ : الحيوان 778/1 ط١ الحلبي+
(») الجرجاني عبد القاهر: دلائل الإعجاز 177 تحقيق الشيخ محمد عبده ط السعادة
(م)_النهاية في غريب الحديث 4/1
(ه) العسكري أبر هلال: الصناعتين: 131-166
يق حسام الدين القدسي . دار ومكتبة الهلال ببروت
كما كان يحث على ترسيخ قيم أسلوبية جديدة كالابتداء بحمد الله إذ «كل كلام لا
يمتدأ فيه بحمد الله فهو أجذم؛”'' وكالنهي عن السجع المتكلف المصطنع حين جاءه
رجل يريد التتصل من مسؤولية قتل الجنين قائلاً: «يا رسول الله أرأيت من لا
ومن مظاهر حثه على مراعاة مقتضى الحال في الخطاب قوله: «أمرت أن أخاطب
الناس على قدر عقولهم»”'' وقوله: «لا تكلّموا بالحكمة عند الجهال فتظلموهاء
كان معاوية بن أ
أدرك صاحبك شيئثاً بسيفه؛ إلا وقد أدركت أكثر منه بلساني»" وكان يتحاشى
قال فيه «لهو أهون علي من ذرّة؛ أو كلب من كلاب الحرّة؛ ثم أدرك هذا السجع
سفيان»؛ قد أدرك أهمية الخطاب؛ وأسرار مقتضى الحال
للخطب دلالة على استحسانها «كالعجوز والعذراء والشوهاء»!*؛ كما ازدهر الشعر
(؟) البافلاني: إعجاز القرآن /81 - 48
() ابن الأثبر: المثل الساثر 117/١
(4) النهاية في غريب الحديث 4/١
(4) الجاحظ : البيان واتليين 47/1 - 47
(9) رياض الصالحين: 384
ل) سلطاني محمد علي : مع البلاغة في تاريخها 977 دار المأمون للتراث. دمشق 1474
(4) الجاحظ : البيان والتيين 1/ 48+
على اختلاف أغراضه وفنونه؛ وكان كل من سوق المربد في البصرة؛ وسوق
الكناسة في الكوفة؛ كسوق عكاظ في الجاهلية؛ وكان كثير من المستمعين
يتمتعون بحس نقدي سليم؛ فيبدون ملاحظاتهم الناقدة؛ التي كان بعض الشعراء
يأخذون بها من ذلك ما روي عن ذي الرمة «أنه كان ينشد شعره في سوق
إذاغير النأي المحبينلميكد رسيس الهوى من حب ميّة يبرح
صاح ة: أراه قد برح» فكف ذو الرمة ناقته بزمامها وجعل يتأخر بها
ويفكر ؛ ثم عاد فأنشد:
فابن شبرمة وقف عند قول ذي الرمة «لم يكد» الذي يشي بمعنى مبارحة
الحب؛ وقد استجاب الشاعر للملاحظة وأعاد النظر في بيته
مقاب
اتسعت المعارف في العصر العباسي» وتطور كل من الشعر والنثر تطوراً
والمتكلمون؛ ولكل منهم باع طويل في ميادين البلاغة وفنونهاء دون تحديد واضح
لأبوابها وفصولها وعلومها؛ فالأصمعي المتوفى سنة ١7 ه لاحظ أن «من ألفاظ
العرب ألفاظاً تتنافر وإن كانت مجموعة في بيت شعر مثل:
وقبرحرببمكانقفر وليس قرب قبر حرب قبرة"
وكان أوّلَ من أشار إلى الطباق حين عرّفه بقوله «أصل المطابقة وضع الرجل
في موضع اليد في مشي ذوات الأربع؛ وأحسن ما قيل في ذلك قول زهير:
وألّف الأصمعي كتاب الأجناس الذي نقل عنه أبو هلال العسكري المتوفى
جنيس : «الجناس» بقوله : «أن يورد المتكلم كلمتين تجانس
كل واحدة منهما صاحبتها في تأليف حروفهالأ*'؛ ومثل الأصمعي أبو عبيدا
سئة 7486ه تعريف |
3 الأصفهاني: الأغاني 114/17
(؟) الجاحظ : البيان والببين 16/١
© القيرواني ابن رشيق: العمدة 4/9
(4) العسكري أبو هلال: الصناعتين 77١
معمر بن المثنى المتوفى سَئّة 04 1هء إذ ألف كتاب مجاز القرآن؛ وذكر في سبب
تعالى العرب على قدر كلامهم؛ أما سمعت قول امرىء القيس :
كانت ملاحظة المبرد المتوفى سنة 185ه؛ في رده على الكندي الفيلسوف حين
قال له: «إني أجد في كلام العرب حشواً: يقولون: عبد الله قائم؛ وإن عبد الله
قائم؛ وإن عبد الله لقاتم» فأجابه قائلاً: بل المعاني مختلفة؛ فعبد الله قائم إخبار
إنكار منكرةا ٠» فكلام المبرد كان مفتاحاً لما عرف بعد ذلك عند البلاغيين بأضرب
الخبر أما الكتاب فقد كانوا موضع تقدير الجاحظ المتوفى سئة 1805ه حين قال
اأمالآنا فلم إرقط أمثل طريقة في البلاقة من الكخاي؛ فإنهم قد التمسوا من الألفاظ
أ وكان ابن المقفع المتوفى سنة
فجعلها أقساماء وقسم الكلام أنواعاً ثم قال: : «الإيجاز هو البلاغة" + ومن
الكتاب الذين كان الجاحظ يقضلهم؛ سهل بن هارون ومحمد بن عبد الملك
الزيات» وأبو إسحاق إبراهيم بن العباس» وقد قال «طلبت علم الشعر عند
إعرابه؛ فعطفت على أبي عبيدة»؛ فوجدته لا ينقل إلا ما اتصل بالأخبار وتعلق
بالأيام والإنساب» فلم أظفر يما أردت إلا عند أدباء الكتاب كمحمد بن عبد الملك
1617 ابن الأنباري: نزهة الألباء في طبقات الأدياء )١(
ط السعادة. 37١ الجرجاني عبد القاهر: دلائل الإعجاز )(
ضيف شوقي: البلاغة تطور وتاريخ 14
70 القيرواني ابن رشي : العمدة 84/7
الرشيد عن البيان فقال «أن يكون الاسم يحيط بمعناك ويجلي عن مغزاك وتخرجة
التكلف» بعيداً من الصنعة برا ا من التعقيد غنياً عن التأويل094.
وأما المتكلمون فيكفي أن نذكر عنهم صحيفة بشر بن المعتمر المتوفى سنة
٠ه والتي كتبها على أثر مروره «بإبراهيم بن جبلة بن مخرمة السكوني
كشحاء؛ ثم دفع إليهم صحيفة من تحبيره وتنقيحه»!")» نصح فيها للأدباء أن يعنوا
بتخير ألفاظهم» وحصر منازل المتكلمين في ثلاث: منزلة البليغ التام؛ الذي يفهم
العامة معاني الخاصة» ومنزلة الذي يتكلف القول ويتعاطى الصنعة؛ ولم تسمح له
الطباع في أول وهلة؛ » فلا يعجل ولا يضجر» ليتأن وليعاود النشاط» فإنه لا يعدم
الإجابة والمواتاة؛ وأما المنزلة الثالثة؛ فهي منزلة أولتك الذين عليهم القول
من غير حادث شغل عرض» ومن غير طول إهمال؛ وأولى لهم أن يتحولوا عن
صناعة الأدب إلى صناعة أخرى يشتهونها «لأن النفوس لا تجود بمكنونها مع
الرغبة؛ ولا تسمح بمخزونها مع الرهبة؛ كما تجود به مع الشهوة والمحبة8©.
كل ما تم ذكره حول تاريخ نشوء البلاغة» ورد في الكتب متفرقاً دون
تخصيص كتاب محدد بهاء بما في ذلك كتاب البيان والتبيين الذي يمكن أن يكون
الأكثر غنى فيهاء لما احتواه من تحديد جزء غير يسير من قضايا البلاغة خاصة ما
يتعلق بعلم البيان. وبعض فصول علم المعاني» أما أول من أفرد مؤلفاً مستقلاً في
هذا العلم فهو عبد الله بن المعتز المتوفى سنة 147 ه؛ حيث وضع كتابه
«البديع» » وضمئه أبواب الاستعارة والجناس والمطابقة؛ ورد أعجاز الكلام على ما
لكتابه» ثم ذكر ثلاثة عشر باباً آخر+ فاصبحت الفنون البلاغية عنده ثمانية عشر فتاء
ثم تالت الدراسات المنهجية كنقد الشعر لقدامة بن جعفر المتوفى سنة ااه
وبرزت الدراسات الني تناولت الإعجاز القرآني كالنكت في إعجاز القرآن للرماني
)١( الجاحظ: البيان
() الجاحظ : البيان وال
(م) الجاحظ: البيان
المتوفى سنة 786ه» وبيان إعجاز القرآن للخطابي المتوفى سنة 387 هء وإعجاز
القرآن للباقلاني المتوفى سنة 407ه. 1
كذلك نمت الدراسات البلاغية على أيدي أبي هلال العسكري المتوفى سنة
6ه في كتابه: الصناعتين وابن رشيق القيرواني المتوفى سنة 477ه في كتابه:
قمة ازدهار هذه الدراسات في أسرار البلاغة ودلائل الإعجاز لعبد القاهر
الجرجاني المتوفى سنة 47/1ه؛ إذ تضمنا كلاماً مفصلاً عن علمي المعاني والبيان؛
اللْذَيْن أجاد التطبيق عليهما جار الله الزمخشري المتوفى سنة 178ده في تفسيره:
الكشاف .
بعد ذلك تحولت الدراسات البلاغية إلى نوع من الإحصاء لفنون هذا العلم
والتمثيل عليها؛ وإلى تلخيص لكتب السابقين؛ ككتاب نهاية الإيجاز في دراية
الإعجاز للفخر الرازي المتوفى سنة 1187ه؛ حيث صرح بأنه سيعنى بتنظيم ما
صنفه عبد القاهر في كتابيه؛ وككتاب المفتاح للسكاكي المتوفى سنة 173هء
وكتاب المثل الساثر لابن الأثير المتوفى سنة 177 هء وتلخيص المفتاح للخطيب
القزويني المتوفى سنة 4؟لاهء
هذه مقدمة موجزة عن تاريخ البلاغة؛ وأشهر الذين ألفرا في هذا الفن ليعرف
دارسو كتاب الأستاذ أحمد الهاشمي كيف تطور هذا العلم»؛ واستقر على علومه
الثلاثة: البيان والمعاني والبديع . عسى أن يتفع بذلك طلاب المعرفة ومريدوها .
محرا
سمل
البديع في قود الإيجاز والإطتاب» بعد د اللكنة ”! «بجواهر الإعراب» ونطقنا
«بميزان الذهب» وطرّزنا شُطور الي" ؟ «بجواهر الأدب» فصارت «المفرد
ال أرفع المطالب+ وأنقع المآر
نً؛ إِذْ هو الكفيل بإيضاح حقائق ١
أميل؛ وإظهار ادلائل الإعجاز» ورفع معالم الإيجازء ولاث
بتدريس البيان بالمدارس الثانويّة» كانت البواعث داعية إلى كتاب «جواهر
البلاغة» جامعاً للمّهمّات من القواعد والتُطبيقات - وأسأل المولى جل شأنه أن ينفع
بهذا الكتاب؛ وهو الموفق للحق والصواب!* .
المؤلف
السيد أحمد الهاشمي
)١( الأسلوب الحكيم والسعادة الأبدية وجواهر البلاغة وجواهر الإعراب وجواهر الأدب وميزان
الذعب والمفرد العلم الواردة في هذه الخطبة أسماء بعض كتب مطبوعة لمؤلف هذا
[©] الطروس: مفردها مرس: الصحيفة والورقة الني يكتب عليها .
أقوال أثمة العلماء الأعلام وآراء الأساتذة. الكبار في كتاب
جواهر البلاغة
كتب أستاذي المرحوم صاحب الفضيلة الشيخ حسونة!"! النواو:
«أما بعد» فقد اطلعت على كتاب «جواهر البلاغة» الذي حاز كمال الصياغة
لحضرة مؤلفه الأستاذ الفاضل «السيد أحمد الهاشمي»ل"' الحائز لكمال الفضائل»
فوجدته كتاباً نفيساً قد اشتمل على بيان بديع المعاني بأفصح عبارة وأبلغ إشارة»
وسلك فيه حضرة مؤلفه طريق التحقيق لصعاب الشوارد؛ مع كثرة التمارين والأمثلة
مؤلفه الحسنى وزيادة؛ ويمنحه السعادة في الدارين والسيادة؛ ويوفقه للتعلّم
(وكتب المغفور له سماحة السيد علي الببلاوي شيخ الجامع الأزهر):
بكمال الصياغة؛ وأصلي وأسلّم على أفصح ناطق بالضادء وأجلّ داع إلى الله وهاد
سيدنا محمد القائل (إن من البيان لسحراً؛ وإن من الشعر لحكمة)!"' وعلى آله
هذاء وقد تصفحت جملة من كتاب «جواهر البلاغة» الذي أحكم صنعه
[] الشيخ حسونة النواوي» تعلم بالأزهرء ودس فيه وفي مدرسة الحقوق المصرية؛ وتنقل في مناصب
القضاء وولي إفتاء الديار المصرية ومشيخة الأزهر مرتين من تصائيفه: سلم المسترشدين لأحكام
الشريعة والدين عاش بين 1768 - 1417ه/ 1874 - 1418م
[] أحمد الهاشمي مؤلف الكتاب» أديب مصري تتلمذ محمد عبده؛ صار مديراً لمدارس الجمعية
الذهب في صناعة شعر العرب؛ مختار الأحاديث النبوية والحكم المحمدية؛ عاش بين: 1748
من الشعر حكماً .