المقدمة
ونحن نودع القرن العشرين بعد قليل نتساءل:
أين تقف الرآسمالية المعاصرة 5 وأين يقف العالم
حافلة تتوالى بسرعة مذهلة. فالتفاعل في
المجتمفات يتزايد بين الداخل والخارج, ويكتسب
العامل الخارجي تأثيرا متزايدا في الوضع الداخلي .
وعلى الرغم من التناقض العميق الكامن في عالمنا
المماصر إلا أن العديد من القضايا بات يتحدى
لقد كان القرن الحالي حافلا بالأحداث الفاصلة.
الآن في نهاية القرن أقدر على البقاء مما كانت في
بدايته. إتها في تفير مستمر وتحول لا يتقطع. لقد
استطاصه الرآسمالية أن تجدد قواها ويفسل
تتكيف مع الأوضاع الجديدة في الغالم وهي اوضاع
المستودع السحري الذي لا ينفد للخامات والمنتجات
على السواة
جفرافيا خلال القرن الحالي فإنها قد أثبتت مع
الرأسماليه تجدد نفسها
ذلك أنها أكثر قدرة على الحياة مما كان يتصور خصومها . لقد تغلبت على
تتميز بالاستجابة الحيوية لقتضيات العصر: استظاعت أن تجدد قواها
أطرافا لمراكز الرأسمالية الرئيسة. فلقد تفيرت في الواقع أشكال عمل
قامت ولا تزال تقوم على الماكية الخاصة لرأس المال فإن هذه الملكية الخاصة
قد تفيرت من مرحلة إلى أخرى.
مطلع القرن الحالي وفي أواسطه. ولقد حدث هذا التطور الخطير بتأثير
الثورة العلمية والتكنولوجية أساسا. ومن ثم جرى تصحيح مسار الرأسمالية
في ظروف احتدام المواجهة مع الاشتراكية وفقدان المستعمرات السابقة.
غير معروفة من قبل للإنتاج وتكرار الإنتاج, ولتوسيع السوق وزيادة
الاستهلاك . وفي الوقت نفسه تتغير الطبقة العاملة. وتتغير علاقة الإنسان
بالآلة؛ وتتولد مشاكل جديدة في علاقة رأس المال بالعمل. وتظهر إلى
وإذ يغدو امتلاك العلم والتكنولوجيا بحيث لا يقل أهمية وسطوة عن
امتلاك | لمزارع والمناجم والمصانع. وإذ تسمى الأقطار المتقدمة للحفاظ
هذه الثورة باتت تطرح على الأقطار النامية والمتخلفة تحديا لم يسبق له
مثيل. فهل تستطيع أن تشارك في هذه المسيرة العالمية وتبنى حياتها الجديدة
آم تبقى كما ظلت حتى الآن على هامش التطور العالمي ؟
وفي ظل هذه الثورة العلمية لم يعد الوعاء القطري كافيا لتوسيع الإنتاج.
واعية. تدويل مضطرد للحياة الاقتصادية في كل بلد على حدة. يتخطى
وحيث تتفتح مجالات جديدة
المقدمة
الإنتاج الحدود الفطرية والقومية, ويكتسب رأس المال طابعا دولياء وتنمو
المشروعات والمصارف المتخطية للقوميات لتصبح هي القوة المحركة الجبارة
للتركيز الصناعي والمالي في الأسواق التي أصبحت عالمية حقا. وتصيح
اقتصادان: اقتصادها الأمريكي التقليدي واقتصادها الدولي وهو بمثابة
اقتصاد ثان لها. وتتشآا رأسمالية متخطية للقوميات ذات جبروت عالميء
وتتولد من ثم مشاكل جديدة. فأين توجد الدولة القومية التي عرفتها
قفي ظل التدويل الأقتصادي المضطرد يصحو التمصب القومي حتى ليضل
إلى حد الحروب التجارية والتقدية والمالية. ن
«يصف الأمريكيون غزو اليابان
القمة المطلقة وتعددت أدواتها وآليات حركتها. وأعادت تشكيل الاقتصاد
على المستويين المحلي والدولي لتجعل منه اقتصادا رمزيا!عني أكثر رمزية
الاقتصاد .
مع مقتضيات العصر تجعل للدولة دورا أساسيا في ضبط حركتها والتحكم
في العديد من آلياتها. فمازالت الدولة تحرك كلا من الرافعة المضادة
للأزمة والرافعة المضادة للتضخم, ومازالت الدولة تملك نظام ضبط الإنتاج.
بل إن هناك بالفعل إمكاتية لقيام عناصر من عناصر التخطيط للإنتاج
والتغلب على التقلبات غير المرغوب فيها . وبواسطة الدولة يتم تمويل البحث
والتطوير في مجالات العلم والتكنولوجيا. وبفضل ميزانية الدولة يجري
تمويل القطاع العسكري من الاقتصاد القومي. ومازالت. 3
الدولة مقاليد
إعادة توزيع الدخل القومي بواسطة تبني الأدوات النقدية والمالية. كل ذلك
يجري في ظل دعوة متصاعدة للتحرر من تدخل الدولة وتخصيص القطاع
الرأسماليه تجدد نفسها
العام
وفي الوقت نفسه يتشكل نمط جديد للتقسيم الدولي للعمل, إذ إته يفاد
وعلى الرغم من تعاظم قدرة الرأسمالية على التكيف مع عصرها إلا
انه يبدو أن الأزمة الدورية التي ميزت تطور الرأسمالية منذ مطلع القرن
تواجه الأزمة الدورية التقليدية التي ازدادت قدرتها على إذارتهاء وإنما
صارت تواجه أزمة مركبة في مزيج من أزمة دورية وأزمات هيكلية عديدة.
ومن هنا شهدنا النمو المضطرد للقطاع الاقتصادي العسكري الذي
أنه قد انتقلت إليه داخل أكبر الأقطار الصناعية المتقدمة قيادة الاقتصاد
باهر
ومع كل ذلك فإن رأسمالية ما بعد الصناعة لآ تستطيع في النهايةة
تفير فحسب من أشكال وأساليب عملها . وتظل الرأسمالية هي الرأسمالية:
ويظل القانون الأساسي الذي يحكمها هو قانون التطور غير المتكافن في
الداخل والخارج على السواء.
وهكذا هما زال العالم الرأسمالي ينقسم إلى قطاعين متفاوتين من
حيث مستويات التمو. ومازال استقطاب النمو يجري لصالح القظاع المتقدم
دون القطاعين النامي والمتخلف وعلى حسابه . وما زال يتم تبديد الموارد
المحدودة من الطاقة والخامات الطبيمية ونشر التلوث في العالم. وعلى
الرغم من تدويل رأس المال: وعلى الرغم من تزايد كل مظاهر الاعتماد
المتبادل: تزداد التزعة إلى الحماية ويجري تشديد الحواجز الجمركية وغير
إزاء العمال الأجانب.
البلدان النامية والمتخلفة. فغلى الرغم من تصفية الاستعمار القديم فمازالت
يبدو
المقدمة
البلدان الصتاعية جريصة على تاكيد أواصر التبمية التي تريط المراكز
بالأطراف. وفي ظل التدويل المضطرد للعلاقات الاقتصادية تواجه البلدان
والفعلية لرأس المال المتخطي للقوميات. ولقد استخدمت العلاقات غير
المتكافئة لنقل أعباء الأزمات الدورية والهيكلية إلى البلدان الناميةةوذلك
من خلال المفعول التلقائي للقوانين الاقتصادية الموضوعية من غير حاجة
إلى تجييش الجيوش وتدبيج المعاهدات.
الستوات الماضية قرصة الاقتراب من جوانب معينة من هذه ١
جرت في الرأسمالية المعاصرة. وبالطبع فإني لا أجد حاجة إلى إعادة
التعريف بالرأسمالية: أسسها وهياكلها. قوانينها الأساسية وآلياتها التقليدية.
لو إنما يعنيني فقط تقديم ما طرا على هذه الرأسمالية منذ منتصف
لم يعد يجوز لأحد أن يدعي أن تغيرات الرأسمالية لا تعنينا بزعم أتها
إطار نظامها. وإنما تقول إن تطورات الرأسمالية تعتينا تماما . فهي النظام
إن الاشتراكية القائمة لا تقبع في عالم آخر بعيد عن الرأسما
أن ربع القرن الذي أعقب الحرب العالمية الثانية كان هو العصر الذهبي
للرأسمالية. وبعده راحت الرأسمالية تعالج جراحها. فإن الاشتراكية تعاني
القضايا التي لا يمكح حلها الأ سبية: والمسألة ليست مجرد التعاون لحماية
والسعي الجدي للسيطرة عليها وتذليلها بجهود مشتركة لخير الجميع.
وغني عن البيان أنه في ظل مثل هذا التطور يمكن للبلدان النامية والمتخلفة
الرأسماليه تجدد نفسها
أن تجد ظروفا أفضل للازدهار
أن يكون قوة اجتماعية أو عاملا إنسانيا . فالعلم محكوم في النهاية بالأوضاع
الاجتماعية وبالعلاقة العضوية بين الإنسان والطبيعة. وثمة مجال للحديث
عن العلم أي مسؤولية الإنسان نفسه عن العلم. وفي ظل الثورة العلمية
الراهنة فإن هناك مسؤولية يجب ضبطها عن احتمالات دفع العالم بأسره
إلى حافة الخطر المميت.
وفي مجال الطاقة وحدها فإن عشرة آلاف طن من الوقود ينتج وينقل
ويخزن ويستخدم في العالم حاليا. إنها كتلة ملتهبة متفجرة. ويمكن أن
تقارن بالقوة النووية المختزنة منذ اختراع القنبلة الذرية حتى الآن. وفي
ونقلها بكميات تضاعف المخزون الحالي من المواد المشمة في العالم. كل
هذا ولم نتحدث عن خطر الحرب النووية.
فهل آن للبشرية أن تعيد النظر بمسؤولية في قدراتها المتعاظمة إلى حد
الخطر الذي يهددها بالفناء 15 1
الباب الأول
دأسمالية الثورة
هل يمكن أن تكون رآسمالية الثورة الصناعية
بالقظم:تفقد يظل جوهرها واحداء وقيما عدا ذلك
رت واختلفت من
وها هي تجتاز حاليا مرحلة جديدة من مراحل
أن الرأسمالية تخلت عن التجارة أو الصناعة أو
المال. وإنما يعني أن الرأسمالية المعاصرة قد
تجاوزت ذلك كله إلى مرحلة أرقى من تطوير قوى
الإنتاج استنادا إلى العلم والتكنولوجيا . فيما صار
يعرف باسم الثورة العلمية والتكنولوجية التي
وضعتها بالتالي في خدمة مشروعاتها في التجارة
والصناعة والمال. لقد جرى حتى الآن تطوير القوى
خ البشرية كلها عبر ثلاثة ضور
اقترنت بثلاث ثورات: الثورة الأولى هي ثورة العصر
الحجري الجديد. وقد تميز بظهور المحاصيل
فيه الأدوات المتخصصة كأدوات للعمل تستخدم
كامتداد ليدي الإنسان. ولقد أدت هذه الثورة الأولى
الرأسماليه تجدد نفسها
إلى إرساء الأرضية اللازمة للانتقال من الوضع المشاعي والمشترك
للمجتمعات إلى المجتمع الطبقي. وآما الثورة الثانية في قوى الإنتاج فهي
الثورة الصناعية؛ وتميز عصرها بالبدء في الإنتاج الآلي بعد التطوير
التاريخي المتدرج للحرف وظهور الصناعة اليدوية. ثم بالقفز من الصناعة
إلى ظهور المجتمع الرأسمالي وتطويره. أما الثورة الثالثة والأخيرة التي تمر
الثورة إلى تكوين نظام شامل ممتلن حيوية ونشاطاء سمته أساسية هي أن
م العلمي أصبح أسرع من التطور التكنولوجي أي التطبيقي, وأن هذا
التقدم التكتولوجي أسرع من تطور الإنتاج نفسه. وبذلك غدا العلم نفسه
واستطاعت بذلك أن تجدد قواها الإنتاجية أضمافا مضاعفة ومازالت
زال المستقبل يعدنا بالمزيد . فالتقدم السريع في كافة ميادين العلم
والتكنولوجيا يبشر بتغيير العديد من الافتراضات القائمة منذ زمن طويل
الوقت ذاته بمخاطر وأخطار جديدة تواجه البشرية.
وأصبح الصراع العالمي يجري حول العلم والتكنولوجيا؛ بل إته يجري
حولهما أيضا في داخل العالم الرأسمالي نفسه. فبالنسبة للأمريكيين مثلا
فإن حرب الفضاء إنما تعني تعظيم الاستثمارات المتاحة في كل التكنولوجيات
كان يمكن أن ترفض لو وضعت على أساس مدني. ولذلك تطرح الآن
بوصفها مبادرة من جانب الدولة
واليابانيون مثلا أولئك النين أراحوا أتفسهم من التفكير في سباق
التسلح, وينفقون على قواتهم المسلحة أقل من ١ من الناتج القومي الإجمالي:
يشغلون عقولهم مباشرة بمسائل التكنولوجيا الحديثة. وهكذا أصبح
الأمريكيون مهددين في مجال تفوقهم البارز. قفي عالم صناعة الإنسان
الآلي والخيوط الطبية والليزر والاتصالات أصبحت المباد: