أعاد إسماعيل تسليح الجيشء مستفيدا بالإمتيازات التى منحها له الباب العالى ومنها زيادة عدد الجند حسب الحاجة؛ مكوناً
جيشاً قويا لإعادة الروح إلى المشروع التوسعى الاستعمارى الذى بدأه محمد على؛ فقد استعان بالجيش والأسطول التجارى
فى خطة توسع شاملة فى الجنوب. فأرسل فى عام ١878 حكمدار السودان إسماعيل باشا أيوب قائداً لجيش قام باحتلال
أعالى النيل ودارفور. وكلف فى عام ١874 صمويل بيكر بتوسيع الإمبراطورية فى الجنوب والقضاء على تجارة الرقيق.
وتولى المهمة بعد ذلك إنجليزى آخر هو تشارلز جوردون؛ الذى تمن من إخماد التمرد فى دارفور؛ وإعادة الهدوء الى
الحدود الإثيوبية بعد أن فشل فى غزوها؛ كما استطاع الى حد ما من تقليص حجم تجارة العبيد فى الجنوب.
ولم تكن إصلاحات إسماعيل وعمله المتواصل على تطوير المجتمع (وسيطرته على شروط تجديد إنتاجه بسيطرته على
تسرب القيمة الزائدة المنتجة فى داخل المجتمع المصرى, وهو الأمر الذى يتضح من تحليل حركة الصادرات والواردات) من
دون إهتمام بالدائنين الأوربيين. إنجلترا وفرنساء إلا خطوة على طريق الإقصاء؛ إذ أصدر السلطان فى إستنابول قرار عزله
فى عام 187/4؛ ولما علم جوردون أن إسماعيل تم عزله قام على الفور بتقديم استقالته(؛ )؛ الأمر الذى بدا إعلانا لتراجع
إعادة صوغ الوعى الدينى وتصحيح الأوضاع بالتصدى للفساد الفقهى الذى جاء به الغزو العثمانى؛ ومن ثم التصدى. كذلك؛
للوجود الأجنبى وبصفة خاصة فى الشمالء
جدول يوضح حركة الواردات والصادرات المصرية فى الفترة من ١8757 حتى 1818
السنة الواردات الصادرات
ا كاك تكتخلكدني
ا 4ح1حالم الاناحم
77 مفحقيقمة ف1يلا 1
وبتولى توفيق باشا الحكم )١847-17149( بعد إقالة إسماعيل؛ زادت حرية التجارة؛ إذ تم إلغاء العديد من الضرائب
والرسوم؛ كما تم فى عام ١84٠0 توقيع اتفاقية للتجارة الحرة. ولكن هذه الحرية وهذا الانفتاح لم يكن لصالح مصر ولم
يوماً بعد أخر؛ والأجانب يتميزون عن المصريين فى كل شىء وبصفة خاصة فى الجيش. الأمر الذى تسبب فى ثورة
وبصفة خاصة ما تحتاجه من محصول القطن(7“) وهو الأمر الذى تأكد حينما تولى عباس حلمى الثانى الحكم (1847-
٠ 1) فقد تم توسيع الإهتمام بالزراعة فزدت مساحة الأطيان الزراعية من * ملايين فدان إلى ١ ملايين؛ وكانت
الأراضى التى تزرع قطنا نحو١٠ ٠٠ ألف فدان فصارت مليون ونصف المليون فدان؛ وكانت غلة القطن سنة 186١ نحو 4
مليون و١٠٠٠ ألف قنطار فصارت 1 ملايين قنطار. كما تم إنشاء مدرسة الزراعة؛ وإنشاء المعارض الزراعية وتكونت
تلك الفترة(؛ “) بيد أن كل تلك الطفرات كانت فى إطار من هيمنة الأجانب على مساحات كبيرة جداً من الأرض؛ فإذا كانت
ملكيات المصريين للأرض تقسم عادة بين صغيرة ومتوسطة وكبيرة فإن ملكية الأجانب كانت كبيرة دائمة؛ سواء على
بشبق وجهل وطمع. التركة بكل أنظمتها وقوانين حركتها وطبقيتها؛ بل سيمعنون فى الرجوع إلى عهود أقدم أسوأ تتلائم مع
طبيعة النظام الاقتصادى الذى سيُطبقه الإخوان؛ وهو الذى يقوم على الرأسمالية التجارية؛ أى مرحلة ما قبل الصناعة؛
الاستهلاك لا الإنتاج. التدمير وليس الخلق؛ فليس لدى الإخوان آى ميل نحو إعادة هيكلة الاقتصاد على نحو صناعى
متطور؛ أو حتى زراعى؛ وإنما الأصل لدى الإخوان هو الوعى البدوى وصورة نبى المسلمين المتاجر فى الشتاء والصيف
ما بين الشام واليمن. ومن هنا فإن الرأسمالية التجارية هى أنسب نظام اقتصادى لتنظيم الاخوان. لانها سنة النبى التى
يتمسحون بها من جهة؛ وتتلائم مع نوع التفكير البليد الرجعى الذى تتبناه الجماعة من جهة أخرى؛ معنى ذلك أن الغرب
الرأسمالى حينما يدخل مرحلة ما بعد الصناعة؛ يجرجرنا الإخوان نحو ما قبل الصناعة؛ وما قبل الصناعة انما يعنى محاكم
وعود الإخوان بوجه عام؛ وأن أفهم طبيعة وأسباب الإقتراض من المؤسسات المالية الدولية؛ وأن أفهم رحلة الصين من
إبتداءً من رغبة الرأسمال التجارى؛ الذى تمتلكه طبقة نخبوية جديدة (مالك/الشاطر) فى طريقها نحو الهيمنة على الصعيد
الاجتماعى هدفها التوسط فى حركة البيع والشراء للسلع والخدمات دون خلقها. دون إنتاجهاء
ولعل المؤكد فى تصورى أن ثوار 5 ؟ يناير قد فاتهم أن يوجهوا ضربتهم الغاضبة الكارهة والباغضة الرافضة للنظام
الجماهير الغفيرة. انه النظام الاقتصادى الذى تلقفه الإخوان المسلمون كى يستأنفوا مسيرة القهر والإفقار للملايين من
بحكم الاخوان المتأسلمين.
والأن؛ تتأهب المؤسسة العسكرية لاسترداد السلطة التى تنازلت عنها مؤقتاً للإسلام السياسى؛ من خلال صناديق الانتخابات!
وسيكون لدى محمد على الوعى بأن هؤلاء العرب قوة ليست هينة(؟ ١)؛ فنجده فى البداية يتبع مع القبائل العربية سياسة
المهادنة؛ إلا أن تلك السياسة لم تحقق ثمارها التى رغب فيها محمد على؛ فعمل على قمعهم؛ وجعل شيوخ القبائل رهن
الاعتقال لديه فى القاهرة؛ ضماناً لعدم خروج أبناء القبائل عليه؛ من جهة؛ وضمان عدم ممارستهم لأعمال السلب والنهب
اللتين كانتا القانون العام الحاكم لحياة العرب فى صحراء مصر(١١).
حتى الأن كنا نحلل تركيب المجتمع؛ بايجاز بطبيعة الحال؛ فى مرحلة ما قبل الحملة الفرنسية؛ أى المجتمع المصرى قبل
*- ما بعد الحملة الفرنسية
لم يكن المجتمع المصرى: بتركيبته الاجتماعية كل خصوصيتها؛ ليتعرف فى فترة تاريخية مبكرة على السوق الرأسمالية
وصريج. بين المجتمع المصرى والاقتصاد الرأسمالى "الصناعى" العالمى المعاصر؛ فى توسعه المستمر؛ وتحول أرض مصر
إلى أرض معارك ضارية بين قوى العالم الرأسمالى آنذاك.
فلقد جاء نابليون بونابرت إلى مصر فى أول يوليو من عام 17498 واستولى على الإسكندرية؛ ثم على القاهرة؛ بعد
انتصاره على جيوش المماليك. ولكن القوى الإمبريالية الأخرى. أى بريطانيا؛ لم تجعل الأيام تمر حتى تمكن الأميرال نلسون
من القضاء على الاسطول الفرنسى فى معركة إبو قير البحرية؛ واستمر هذا الصراع بين قوى الرأسمال الدولى؛ من أجل
فرض الهيمنة على سوق المواد الخام؛ والموقع الاستراتيجى؛ ولم ينته هذا الصراع؛ ظاهرياً بطبيعة الحال؛ إلا بإعلان
انتهاء الحماية البريطانية على مصر فى عام ١1477
وإذ كان من أهداف الحملة الفرنسية تعويض الخسائر الفادحة التى لحقت بفرنسا فى حروبها الاستعمارية مع إنجلتراء مع
ضرورة توفير الغذاء بعد ازدياد السكان وبصفة خاصة فى الجنوب؛ بتحويل مصر إلى مزرعة هائلة؛ تمد الصناعات
إجراء المسح الشامل للأراضى المصرية ودرسها بمن فيها وبمن عليها؛ درساً علمياً؛ وهو الأمر الذى تحقق عملاً من خلال
وإجراءات تخص تنظيم الملكية العقارية؛ والأرض بصفة خاصة؛ والإدارة ونظم الضرائب؛ بصفة عامة؛ بما يحقق السيطرة
على الفائض الاقتصادى؛ ويكفل تعبئته نحو الخارج. ومن أجل أن يتم ذلك بطريقة علمية؛ تم إنشاء معهد مصر على غرار
معهد فرنسا؛ وفى الجلسات الأولى للمعهد العلمى طرح بونابرت ١١ سؤالاً عمليآً(؛ )١ تتلخص فى: كيف يمكن تحسين
أفران الخبز للجيش؟ هل يمكن العثور على مادة بديلة لحشيشة الدينار لصنع البيرة؟ هل توجد طريقة لتنقية مياه النيل
ولتبريدها؟ هل من الأفضل إقامة طواحين هواء أم طواحين ماء فى مصر؟ ما هى المواد المحلية التى يمكن استخدامها
لصنع بارود؟ كيف يمكن تحسين النظام القضائى والتعليم فى مصر؟ هل يمكن زراعة العنب فى مصر؟ وحفر آبار فى
الصحراء؟ وتزويد قلعة القاهرة بالمياه؟ والاستفادة من أكوام الأنقاض المحيطة بالقاهرة؟ وبناء مرصد؟ وإقامة مقياس على
النيل؟ ولا شك أن طبيعة الأسئلة ذاتها تزودنا بوعى حول أهداف الحملة بوجه عام؛ من جهة؛ ووعى مواز بذهنية المستعمر
ويمكننا التعرف إلى التكوين الاجتماعى المصرى والطبقات المهيمنة حينما نزلت جيوش بونابرت إلى أرض مصر؛ من خلال
التعرف إلى الفئات والأطياف التى ظهرت على المسرح الاجتماعى آنذاك.
العثمانيين. وهو الوصول إلى نوع من المشاركة فى السلطة والثروة مع القوات المعتدية.
ونجد ثانيا: البورجوازية الناشئة ممثلة فى كبار العلماء والأعيان من جهة. والأقباط من جهة أخرى. فمن جه
مثل: الضرائب العقارية؛ وعوائد نقل الحبوب؛ ودخل الحكومة من جمرك الإسكندرية والسويس والقصير وبولاق ومصر
القديمة وأسوان؛ وكذلك رسوم الصيد فى بحيرة المنزلة. فعلى ما يبدو أن الاقتصاد المصرى لديه الميل التاريخى كى يصب
-٠ الأرض
بعد إلغاء نظام الالتزام قام محمد على بتوزيع الأراضى على المزارعين الذين يقومون بزراعتها؛ وعلى الرغم من ان محمد
على استهدف عدالة التوزيع. إلا أن الواقع أسفر عن تكون طبقة من كبار ملاك الأراضى؛ بدأ هذا التكون مع إلزام محمد
على كبار الموظفين وكبار ضباط الجيش الذين تضخمت ثرواتهم وصاروا من الأثرياء بدفع متأخرات الضرائب على
الأراضى التى عجز الفلاحون عن سدادها بعد تراكم العبء الضريبى أثر الهروب من الأرض أو التجنيد فى الجيش من أجل
الحروب المفتوحة التى شنها محمد على وأطلق على هذا النظام نظام العهدة؛ إذ يقوم كبار الموظفين وكبار الضباط بسداد
الضرائب المستحقة على الأرض؛ ومن ثم يتملكوها.
من هنا بدأت تتكون طبقة عريضة من كبار الملاك. واستكملت هذه الطبقة تكونها التاريخى مع نظام آخر وهو نظام
الأبعادية؛ وهى الأراضى التى مُنحت لكبار الموظفين وكبار رجال الجيش أيضاً؛ مع اعفاء هذه الأراضى من الضرائب؛ بشرط
وجد الجفليك؛ وهو نظام يعد من أهم العوامل التى أدت إلى تكوين الضياع الكبرى. فالقرى التى هجرها أهلها؛ للأسباب
المذكورة؛ كانت تُضم إلى ملكية الأسرة المالكة(8١)
إن أهم وأكبر توسع فى منح أراضى الأبعاديات والجفالك حدث فى عهد إسماعيل باشا عام ١877 حتى نهاية .١87٠0 وبعد
إفلاس إسماعيل والحكومة المصرية؛ فى العام ١181/8 حدثت تغيرات هامة فى توزيع الملكيات الكبيرة؛ إذ بيعت الأراضى+
من طبقة الأثرياء من الأجانب غالبا والمصريين أحياناً. وهى طبقة جديدة من جهة عدم إنتمائها بأى حال إلى طبقة أصحاب
النفوذ والسلطة التى هيمنت قبل مرحلة الاحتلال البريطانى.
وفى إطار هذا التصور لتوزيع الأرض؛ فإذ ما نظرنا إلى التطور الذى لحق بالطبيعة القانونية للحيازة؛ فسنجد ثلاثة أنواع
ثانيا: أراضى الأوسية؛ ولكن بشكلها الجديد وبصفة خاصة فى الوجه البحرى؛ إذ أن الأوسيات فى الجنوب قد تم مصادرتها
بلا تعويض كما ذكرناء
ثالثا: أراضى المسموح: وهى التى أعطاها محمد على إلى مشايخ القرى فى مقابل الخدمات التى يقومون بها للحكومة
والأعباء التى يتحملونها فى استضافة عمالها الذين يمرون بالقرى أو ينزلون بها؛ وكذلك خصص لبعض الأعيان الذين
يقومون بإطعام المسافرين والمترددين على القرى مساحات أخرى عرفت باسم مسموح المصاطب؛ وحددت مساحة أطيان
المسموح بنسبة ؛ أوه أفدنة عن كل ٠١١ أفدنة من أطيان المعمور بالقرية؛ أما كبار المشايخ المعروفين 'بالمقدمين"
+>- بناء اقتصاد مستقل
يمكن القول أن النصف الأول من القرن التاسع عشر؛ تحديداً فى الفترة من )1840-١8١7١( عرف؛ تجربة للدولة فى مصر
ابتغت بناء اقتصاد سلعى مُستقل فى إطار السوق الرأسمالية فى صيرورتها نحو العالمية. يتم ذلك عن طريق إعادة تنظيم
النشاط الزراعى؛ على نحو يُمَقن من تعبئة الفائض الزراعى؛ الذى يُستخدم مباشرة؛ أو على نحو غير مباشرء من خلال
التجارة الدولية؛ فى تحقيق نوعاً من البناء الصناعى, بما يعنى الإنتاج ابتداءً من طلب السوق. والسوق الدولية على وجه
مسام الاقتصاد المصرى من خلال دولة مركزية طامحة إلى تنمية مستقلة معتمدة على الذات.
كانت الدولة؛ فى هذا الوقت
لقد بنى محمد على سياساته بأكملها بهدف تحقيق الاستقلال الاقتصادى واحتكار كل ما يمكن أن يحتكر من مرافق الإنتاج»
واعتمد محمد على ومستشاروه من الفرنسيين على الأبحاث السابقة التى أعدها علماء الحملة الفرنسية على أسس علمية؛
وبصفة خاصة أبحاث وصف مصرء ويمكننا القول أن أثر الفرنسيين كان ظاهراً فى سياسة محمد على الاقتصادية.
ففى الزراعة تحققت مشاريع الرى التى اقترحها علماء الحملة؛ وصارت الأراضى الزراعية ملكا للحكومة واتبع فى الوصول
إلى هذا الغرض نفس الطريقة التى اتبعها قواد الحملة من طلب مستندات الملكية والاستيلاء على أراضى الملتزمين من
المماليك الباقين.
وفى التجارة نفذت اقتراحات علماء الحملة من مد الطرق والجسور إلى تشييد القناطر وشق الترع الملاحية. كما احتكر
محمد على التجارة نفسها من أجل حماية الإنتاج المحلى أمام المنافسة الأجنبية.
أما فى الإدارة فقد احتذت الحكومة حذو الفرنسيين فى قيامها بنفسها؛ من خلال موظفيها؛ بجمع الضرائب؛ والقضاء على
نظام الالتزام؛ وفى ترتيب الميزانية وفقا للطريقة الأوروبية والعمل على موازنة الإيرادات والمصروفات.
إن الاحتكار الذى فرض ابتداءً من عام ١8078 على الحبوب؛ سوف يمتد فيما بعد ليشمل جميع المنتجات القابلة للتصدير»
فى محاولة للسيطرة على شروط تجدد الإنتاج الاجتماعى؛ وخلق نوعا ما من الاستقلالية المستندة إلى فك الروابط وعزل
الأثمان الداخلية عن الأثمان الخارجية؛ وبالتبع انشاء دولة متطورة وقوة عسكرية متقدمة؛ وقد نجحت التجربة فعلاً؛ حتى
كادت جيوش محمد على أن تدخل الآستانة(١7) ومن ثم يمكن أن هدد المصالح الأوروبية (التى هى متناقضة بطبيعة
الحال) على صعيد السوق الرأسمالية العالمية؛ وبصفة خاصة تهديد الرأسمال البريطانى فى شرق البحر المتوسط؛ الأمر
الذى قاد إلى التدخل العسكرى(١ ؟) ضد مصر ابتداءً من العام .1١84 ٠8 وتوقيع معاهدة لندن؛ بين الدولة العثمانية وكل من
تبنى الاقتصاد المصرى على نحو من الاستقلالية فى إطار السوق العالمى.
فحينما أسفرت تجربة التنمية المستقلة والمعتمدة على الذات. التى أقامها محمد على؛ على أساس نظام الاحتكار؛ وإعادة
ضخ القيمة الزائدة فى داخل مسام الاقتصاد القومى؛ عن تعاظم نفوذ مصر كقوة عسكرية واقتصادية وسياسية؛ تمتد حدودها
إلى منابع النيل جنوبا(؟ ؟) وبلاد الشام شمالاً. وزيادة إنتاجها الزراعى خمس مرات على إيرادات حكومة القيصر فى روسيا
كذلك؛ عن إمتلاء خزائن الحكومة بالأموال. والمخازن بالحاصلات؛ ومن ثم المضى قدمآً نحو التصنيع؛ وبصفة خاصة
صناعة الأسلحة والسفن الحربية والسلع الاستراتيجية. وحينما؛ بوجه عام؛ يسيطر المجتمع المصرى على شروط تجديد
إنتاجه؛ ويُعاد ضخ القيمة الزائدة المنتجة بسواعد أبنائه فى مسامه مرة أخرى؛ من أجل تجديد الإنتاج الاجتماعى المستقل
والمعتمد على الذات. نقول حينما تسفر تجربة التنمية هذه عن كل ذلك. فلا شك فى أن الدول الاستعمارية الكبرى ستثعلن
على الفور قلقها من هذه القوة الجديدة فى طريقها نحو تهديد مصالحها فى المستعمرات؛ وبصفة خاصة فى البحر
الأبيض المتوسط؛ وشمال أفريقيا. ولا شك أيضاً فى أنها لن تترك هذا القلق ليستمر دون أن تقضى عليه بالقضاء على
مصدره... أى القضاء على دولة محمد على(؛ ؟)!
- الرأسمالية فى مصر
وعلى الرغم من أن العدوان الإمبريالى العسكرى على مصر قد حقق أهدافه؛ وقضى على فكرتى الاستقلال الاقتصادى
والتوس
العثمانية تحدد معظم الأراضى القابلة للزراعة على أنها مملوكة للدولة وليست ملكية خاصة للفلاحين؛ أى لم تكن تندرج
تحت أحكام الشريعة الإسلامية الخاصة بالملكية؛ ومن ضمنها أحكام الإرث فى الإسلام. ولقد تحقق تحرير الأرض فى عام
١5 مع إلغاء سعيد باشا الجزية التى كانت مفروضة على غير المسلمين؛ وحصول الرعايا الأجانب على حق شراء
الأراضى؛ وكانت هذه هى المرة الأولى فى تاريخ مصر التى تتحول فيها الأرض إلى جزء من الملكية الخاصة. من هنا يبد
الرأسمال الأجنبى فى التغلغل. أساسآً فى شكله المالى؛ فى مجالات البنية الأساسية للخدمات والتجارة؛ الأمر الذى يُوؤدى إلى
فقدان المجتمع للسيطرة على روط تجديد إنتاجه؛ على الأقل من جهة الأرض التى صارت محلاً للتداول من خلال الرأسمال
الأوروبى. ويتعمق تغلغل الرأسمال المالى الدولى فى الاقتصاد المصرى. بعد إتجاه الدولة إليه كمقترضة فى عهدى سعيد
وإسماعيل: وسلوك الاقتراض المفتوح على هذا النحو يأتى على نحو مختلف تماماً عن سلوك محمد على؛ فلم يكن الرأسمال
الدولى غير مرغوب فيه فقط فى عهد محمد على. وإنما كان أيضاً مستبعداً بقوة (بلغ الدين العام عند وفاة سعيد
ومع تولى عباس باشا الأول )١854-1847( حكم مصر؛ عمل على عدم إزعاج الرساميل القومية الراغبة فى المواد
الأولية من أجل التصنيع؛ والباحثة عن الأسواق من أجل تصريف منتجاتها؛ ووجد أن هذه الرساميل تنزعج من تدخل الدولة
فى النشاط الاقتصادى؛ فقرر منع تدخل الدولة فى الحياة الاقتصادية؛ فكانت سياسته بمثابة موافقة سلبية بالوجود الرأسمالى
الغربى فى مصر. وحينما خلفه عمه سعيد باشا (64 )١877-1785 جعل الموافقة إيجابية وقرر إلغاء الضرائب المفروضة
على الواردات الأوروبية؛ وقضى على البقية الباقية من الإحتكار. ولسوف يستكمل إسماعيل باشاء من بعده؛ مسيرة
الترحيب بالرأسمالية الأوروبية؛ وسيفتح أبواب البلاد بشكل غير مسبوق أمام الأجانب الذي
فعملوا فى المهن التجارية والحرفية المختلفة؛ كما عملوا بالطب وبالمحاماة؛ مستفيدين بحرية التعامل بينهم وبين الأهالى»
َ الرسوم الجمركية وتنظيم حركة العمل بالجمارك من جهة أخرى. بالإضافة إلى المجالس التجارية
جنبية والمحاكم المختلطة.
8- رأسمالية إسماعيل باشا
تولى إسماعيل باشا الحكم فى القاهرة خلفا لسعيد باشاء وفى عصره شهدت مصر نقلة نوعية كبيرة وتطوراً اجتماعيا بارزآ؛
تمثل فى إتمام حفر قناة السويس؛ وإجراء إصلاحات شاملة على الصعيد الإدارى والقضائى. كما تغيرت معالم القاهرة
والإسكندرية فصارتا أشبه بالمدن والعواصم فى أوروبا وبصفة خاصة فرنساء
وفى أوائل عام ١874 قام إسماعيل باشا بحركة إصلاحية كبيرة فى التجارة وتشريعاتها كى تتلائم مع متطلبات الحرية
الاقتصادية؛ فانشاً الغرفة التجارية؛ وسن القوانين لأعمال السمسرة والصيارفة؛ كما وحد الموازيين والمقاييس كى يمكن
للأجانب التعامل التجارى بشكل موحد. فى الوقت نفسه أدخل إصلاحات مهمة فى نظام الجمارك. وتم التوسع فى إنشاء
قام إسماعيل باشا بمد وتوسيع شبكة المواصلات والبريد؛ كما قام بإنشاء العديد من معامل السكر(مع التوسع فى زراعة
قصب السكر عقب إنهيار القطن بعد انتهاء الحرب الأهلية الأمريكية) ومعامل الورق؛ ومعامل القطن؛ ومصانع النسيج؛
ومصانع الطوب؛ ومصانع المعادن. ومصانع الفخار؛ كما وسع نطاق المطبعة الأميرية؛ وأتم إنشاء القناطر الخيرية؛ وجدد
إرسال البعثات العلمية؛ وأن
مستوى الأفراد أو الشركات؛ ففى سنة ١9٠١ بلغت نسبة الملكيات الكبيرة للأجانب 9697:4 من مجموع الملكيات الأجنبية؛
67٠ فى عام 1976 9641.1 فى عام ١١7١ ثم وصلت إلى 964054 فى عام ١٠949 مع الأخذ فى الإعتبار أن حجم
ملكية الأجانب كان يتأثر ارتفاعاً أو انخفاضاً بالوضع السياسى فى البلاد؛ ففى أعقاب عقد معاهدة ١9776 وإلغاء الامتيازات
فى عامى ١949/1947 كما أن قانون الشركات الذى صدر فى عام ١641 حد من نشاط الأجانب فى إمتلاك
سوف تشهد الفترة التالية لقيام ثورة يوليو فى عام ١٠657 ليس الحد فقط من نشاط الأجانب وإنما خروجهم من البلاد؛
وبصفة خاصة فى مجال الصناعة؛ وفى ظل تشجيع مبادرة الرأسمال الفردى؛ المصرى والأجنبى؛ من قبل الحكومة؛ عزفت
الأخيرة عن التدخل فى الحياة الاقتصادية؛ ولم تمارس سوى دور رقابى على الاقتصاد القومى فى مجموعه. أما المرحلة
الثانية؛ من بعد عام :١457 فقد قامت الثورة بحركة تأميم شاملة للأراضى والمصانع والمنشأت والوكالات التجارية؛ فى
سبيل إعادة هيكلة الاقتصاد القومى على نحو صناعى؛ من أجل بناء اقتصاد مستقل. وإنما (أيضاً) فى إطار السوق
الرأسمالية العالمية.
وأتصور أن هذه المحاولة؛ أى محاولة إعادة هيكلة الاقتصاد القومى المستقل والمعتمد على الذات؛ وإن كانت فى إطار
النظام الرأسمالى الذى تغلغل فى المجتمع المصرى؛ كان يوجد لها تمهيد ابتداء من العشرينات بدء بقيام بنك مصر(376)؛ مع
نهضة فى الروح الوطنية؛ بإنشاء مجموعة من الشركات المصرية؛ تساهم فيها رساميل مصرية؛ منها: شركة مطبعة
مصر١ ١٠١١7 وشركة مصر لحليج الأقطان ١٠١74 وشركة مصر للنقل والملاحة النهرية 7١٠؛ وشركة مصر لغزل ونس
القطن بالمحلة الكبرى ١167١ وشركة مصر للكتان ١197١ وشركة مصر لتصدير الأقطان ١197٠ وشركة مصر للطيران
77 وشركة مصر للتأمين ؛976٠؛ وشركة مصر للسياحة ؛97٠؛ وشركة مصر للملاحة البحرية 19746 وشركة
مصر لصناعة وتجارة الزيوت ١167؛ وشركة مصر لصناعة الأسمنت ٠978 وشركة مصر للحرير الصناعى ١٠447
الإنتاجية فى مصر؛ وبصفة خاصة على ما يتعلق بهذه العملية من نشاط اقتصادى فى مجال الزراعة؛ وإنما تعدى ذلك إلى
المطالبات المستمرة؛ من قبل مجلس النواب؛ بشراء الأراضى التى يمتلكها الأجانب وتوزيعها على صغار الفلاحين بأسعار
تقسط على آجال طويلة وبفائدة مخفضة(“). وفى مارس ١١48 أثير نفس الموضوع فى مجلس النواب؛ حيث كانت
المطالبة باستيلاء الحكومة على الأراضى بتحريم تملك الأجانب للأراضى الزراعية فى مصر؛ ويضاف إلى ذلك مشروع
القانون الذى تقدم به عضو مجلس الشيوخ عبد الرحمن الرافعى فى شهر ديسمبر ١948 وطالب فيه بجعل ملكية الأراضى
يمكننا تحديد الخطوط العريضة التى تحدد إتجاه الاقتصاد؛ بل والمجتمع؛. وخصائصهما الجوهرية خلال الفترة من الخمسينات
- تم تحويل وسائل الإنتاج من ملكية فردية إلى ملكية الدولة عن طريق التمصير؛ وسلسلة التأميمات.
- سيطرة الدولة على الصناعة والخدمات. فعلى الرغم من الحروب التى دخلتها مصر؛ فى هذه الفترة؛ وتوتر العلاقات مع
الإمبريالية العالمية(")؛ ممثلة فى إنجلترا وفرنساء ووضع العراقيل(*”) أمام الاقتصاد؛ فقد تم التوسع فى البناء
الصناعى؛ من خلال حركة تصنيع شاملة؛ وتمكنت المصانع المصرية من أن ثنتج. ولأول مرة: السيارات؛ وعربات السكك
الأبيض. والدفايات؛ وا _نات؛ والراديوهات؛ واطارات السيارات؛ والأ
- كان من أبرز الملامج فى خريطة توزيع الملكية الزراعية(؛ ؛) عشية 177 يوليو5١٠. التركيز الشديد فى ملكية الأرض
الزراعية؛ والتزايد المستمر والسريع فى عدد صغار الملاك الزراعيين بالنسبة لرقعة الأرض الزراعية؛ فحوالى 96004 من
ملاك الأراضى الزراعية يملكون ,9674 من المساحة المزروعة فى مقابل 9671 منهم يملكون 9617.١ من هذه الأراضى
ويوجد من جهة ثانية حوالى ١١ مليون مواطن معدم فى الريف. وقد كان الفشل حليف جميع المحاولات المتعددة من قبل
القوى الاجتماعية لإحداث التعديل فى خريطة توزيع الملكية فى الريف المصرى قبل ٠١57 فقد أعلنت البورجوازية
الحاكمة مراراً رفضها التام لأى تقيد للملكية الزراعية. وهو الإجراء الذى اتخذته حكومة الثورة؛ وقامت بإعادة توزيع نحو
مليون فدان لصالح صغار الفلاحين مما أدى إلى توسيع قاعدة الملكية الصغيرة؛ فى مرحلة أولى. ثم تفتيتها. فى مرحلة
- زيادة الوزن النسبى للصناعة من 961 )١657( إلى 9677 )١970( من الهيكل الاقتصادى.
ارتفاع نصيب الصناعات الاستهلاكية من إجمالى ناتج القطاع الصناعى الفردى إلى 96856,1 عام 146177
- ارتفاع الناتج المحلى لقطاع الصناعة التحويلية من 7١7,7“ مليون جنيه )٠656( إلى 96:7؛ مليون جنيه (1975)
ووسائل النقل.
- زيادة الصادرات من السلع نصف المصنعة والسلع تامة الصنع.
- اتجاه قيمة صادرات القطن نحو الانخفاض من 9687 )١484( إلى 9618:1 (19170)
- زيادة المساحة المزروعة من المحاصيل النقدية؛ مثل الفاكهة والخضروات. للتصدير. وهى العملية التى احتكرها أغنياء
اض نسبة العاملين بالزراعة؛ على الرغم من الاصلاح الزراعى؛ من4 ,96578 )١417( إلى 476:5 (19174)
اض القدرة الاستيعابية للقطاع الزراعى من 96473,8 )١441( إلى 964:7 (1455)
- ارتفاع القدرة الاستيعابية للقطاع الصناعى من 967058 )١9417( إلى 8004 (1455)
- اتجاه قوة العمل نحو قطاع الخدمات من 967,3 )١984( إلى 108 (1374)
(١)؛ يأخذ الاقتصاد اتجاها مختلفا نسبيًء نحو الانفتاح( ؛)؛ فلقد شهدت حقبة السبعينات تطبيق سياسة الانفتاح
الاقتصادى؛ والتى بدت بمثابة إعادة تشكيل البنية الاجتماعية على نحو جديد؛ وأهم ما ميّز هذه الحقبة أمرين: الأول: هو
ذلك التسرب السافر للقيمة الزائدة المنتجة بسواعد الشغيلة فى مصر؛ من خلال التكون الواضج للرأسمالية الطفيلية؛ كطبقة
ناشطة فى حقل الاستهلاك. والاستيراد؛ دونما أى إنشغال بحقل الإنتاج. ووفقا لتصورنا عن ظاهرة تجديد إنتاج التخلف
يمكننا القول أن هذه الفترة شهدت النموذج الواضح بل الفاضح لظاهرة تسرب القيمة الزائدة إلى خارج الاقتصاد القومى من
أجل شراء السلع والخدمات الاستهلاكية المنتجة فى الأجزاء المتقدمة من النظام الرأسمالى العالمى. أما الأمر الثانى الذى
تميزت به حقبة السبعينات؛ فهو: مساندة النظام السياسى لهذه الطبقة الرأسمالية الطفيلية؛ الأمر الذى أدى إلى إنتشار
رجال الدولة لأبيزنس” ضخم من خلال هذه التوكيلات إما باسمائهم أو بأسماء أبنائهم وزوجاتهم؛ وهو الأمر الذى أدى إلى
نتائج كارثية على البنية الاجتماعية؛ فلقد سادت ثقافة الكسب السريع؛ غير المشروع. والإثراء الفاحش, وبالتبع سيادة
يسلك سلوكا انسحابيا تجاه المجتمع؛ والمخدرات بأنواعها كانت تتمتع بالوفرة النسبية؛ أو يندمج فى جماعات التمرد
والعنف؛ بحثاً عن الخلاص من سراب البحث فى معنى الحياة والهدف منها!
ومع الثمانينات
لعلاقات الصراع والتواطؤ على صعيد السلطة/ الرأسمال. وهى الظاهرة التى تميزت بها حقبة الرئيس السابق حسنى مبارك.
إذ فى نفس الوقت الذى شهد التواطؤ السافر بين السلطة والرأسمال. كان هناك صراع مواز بين نفس الخصوم.
داخل كل طبقة من هذه الطبقات نستطيع أن نميز بين شرائج وفئات مختلفة؛ فطبقة الفلاحين توجد بداخلها شرائح تمثل كبار
ملاك الأراضىء والطبقة الريعية؛ الذى عملت على تفتيتها ثورة يوليو فى العام ١٠9857 وشرائج أخرى تتمثل فى صغار
الملاك؛ والمزارعين الأجراء. دون إغفال المعدمين. وبداخل طبقة العمال نجد عمال النفط كفئات ذات نسبى؛ إلى
جوار عمال المصانع وعمال اليومية المسحوقين. وبداخل الطبقة الرأسمالية نميز أيضاً بين الرأسمالية الصناعية
والرأسمالية التجارية والرأسملية المالية؛ وبداخل الموظفين نجد كبار رجال الحكومة كما نجد الموظفين تحت خط الفقر. أما
الجنرالات والجيش فيمكن ملاحظة أن القوات المسلحة المصرية لا تعد قوات حرفيّة؛ بمعنى أن الأغلبية الساحقة؛ والتى
القاعدة (المجندة إجباريا) إنما تُمثل فى واقعها الأغلبية الساحقة من أبناء الشعب على إختلاف مهنهم وبيئاتهم؛ إذ هناك
إلى أهمية إعادة النظر إلى القوات المسلحة على أساس إنقسامها إلى قسمين رئيسيين. القسم الأول: قاعدة عريضة جداً
إنخراط تلك الخبة من الجنرالات فى عالم الأعمال الدولى(البيزنس) ابتداً من المشير أبو غزالة الذى أنشأ شركة لتوريد
المعدات العسكرية للقوات المسلحة المصرية؛ وشركة أخرى لتوريد المعدات غير العسكرية. كما توجد شريحة وسطى بين
القاعدة وبين القمة؛ وهى التى يتم الدفع بها نحو الحصول على مؤهلات علمية أعلى فى تخصصات مختلفة كى يتم إلحاقها
بمختلف مؤسسات ومرافق وهيئات ومصالح الدولة؛ بما يضمن ولاء تلك الشريحة؛ من جهة؛ وإحكام سيطرة الدولة من
جهة ثانية؛ بوضع مسامير القوات المسلحة فى جميع قطاعات الدولة.
-١ المتأسلمون
ومع وصول تيار الإسلام السياسى إلى الحكم؛ دون أى برنامج اقتصادى محدد واضح؛ بل ودون أى برنامج فى أى مجال؛
ولا هم سوى الإنفراد بالسلطة وإقصاء الآخر؛ شرع الاقتصاد المصرى فى الاتجاه نحو الرأسمالية التجارية؛ ونزيد الأمر
وضوحاً فى هذا الشأن. لأهميته؛ فحينما أعلن الإخوان المسلمون؛ عقب اغتصابهم السلطة؛ أن لديهم القدرة على حل
كى أحلل أو حتى أخمن مدى صدق هذا الإعلان ومدى كذبه؛ فلم أجد من الصحيح أن أنشغل بتدبر ما يقوله الإخوان بشأن
المائة يوم؛ وهل هم كاذبون ويخادعون الله ورسوله والشعب؛ بل ويخدعون الشياطين أنفسهم؟ أم صادقون حقاً؛ ولديهم
فعلاً المشروع؛ والمقدرة على تنفيذ ما أعلنوا عنه بشأن الأزمات الخمس؟ وإفترضت أن الأهم من تكذيب وتصديق هؤلاء»؛
قبل المائة يوم وأثنائها وبعدها؛ هو النظر فى الأساس الاقتصادى الذى؛ بقصد أو بدون؛ شيّدِ عليه الإخوان وعودهم؛ فلم
أزل من هؤلاء المؤمنين بأن أفكار الطبقة المسيطرة هى الأفكار المسيطرة؛ وأن وعى الإنسان لا يُحدد الواقع الذى يعيشه؛
الذى يُؤسس الإخوان المسلمون عليه وعودهم؟ وحين يُطرح تساؤل ماء فإننى لا أنشغل بالإجابة علي السؤال بقدر ما أنشغل
المهم هو كيف أنتج الذهن تلك الإجابة؛ ومن هنا إفترضت أن تكوين الوعى بشأن الأساس الاقتصادى الذى شيد عليه
من ما هو النظام الإقتصادى الذى سوف يُطبقه الملاك وليس بإرادته؛ وإنما رضوخاً؛ دون مبررء لقانون
حركة مهيمن؛ ونظام حاكم لجميع أجزاء العالم المتقدم
ة العلماء
والأعيان كان من الواضج؛ باستثناء عمر مكرم؛ نقيب الأشراف؛ والسادات؛ أحد كبار مشايخ الصوفية؛ والمحروقى؛ كبير
التجار؛ وأتباعهم؛ مقدار تفاهمهم مع الفرنسيين؛ وبصفة خاصة الشيخ الشرقاوى. أما الأقباطء وعلى الرغم من أنهم
إستبشروا خيراً مع قدوم الحملة ومعها الفكر العلمانى؛ الذى ربما يعيد صوغ وضعهم الاجتماعى. بعد أن قاسوا فى أوقات
تُهِيَمِن على ملكية الأرض؛ ولم يَعد الأمر يتعلق بمجرد استقطاع الضريبة؛ أو جزء من الإنتاج.
ع الاستعمارى؛ فإن محاولة السيطرة على شروط تجديد الإنتاج الاجتماعى وخلق تلك الاستقلالية تجاه الاقتصادات
الرأسمالية الكبرى؛ ونجاح تلك المحاولة إلى حد ما؛ قد ساهمتا بفاعلية فى تهيئة الاقتصاد المصرى وسرعة دمجه فى
السوق العالمية؛ وإنما كاقتصاد تابع؛. كى يخضع لسيطرة الرأسمال البريطانى؛ الذى متينشغل بإجراءات إلغاء الاحتكار الذى
فرضته الدولة فى عهد محمد على؛ وهو الأمر الذى سوف يُستتبع اعادة النظر إلى الأرضء بجعلها سلعة يُمكن طرحها فى
مجال التداول بيع وشراءً ورهناً وإيجاراً؛ أى اخضاع الأرض لمنظومة قانونية تنتمى إلى أحكام القانون المدنى الذى فيه
يفرض الأقوى شروطه وفقآً لصنمية القاعدة الأصولية القاضية بأن العقد شريعة المتعاقدين. وذلك بعد أن كانت القوانين
شأً الجمعية الجغرافية المصرية؛ ووزارة الزراعة؛ ودار الكتب المصرية؛ كما شهد عصره ظهور
الصحافة الحرة حيث أصدر يعقوب صنوع؛ وهو يهودى مصرى. بالإتفاق مع جمال الدين الأفغانى؛ ومحمد عبده جريدة 'أبو
نظارة' فى عام ١87/7 لانتقاد أعمال إسماعيل نفسه. بعبارات تُكتب باللغة المحكية؛ كما أنشأ الأخوان سليم وبشارة تقلا
جريدة 'الأهرام” فى عام ١1816 وأصدر إبراهيم اللقانى'مرآة الشرق'فى أوائل عام 1874؛ وأنشا ميخائيل عبد السيد جريدة
'الوطن'فى أواخر عام 18/7 إلى غير ذلك من مظاهر النهضة(١ ؟)؛ ولا نغفل بالطبع تسببه؛ بالاستدانة؛ فى وضع
الاستعمار البريطانى فى حالة تأهب كى ينقض على البلاد!
دوات واللوازم ال مع الأخذ فى الاعتبار أن
الاقتصاد تمكن من تحقيق فائض؛ ومن ثم تصدير السلع والمنتجات الأتية: غزل القطن؛ والأقمشة القطنية؛ والأقمشة
لن يتغير الأمر كثيراً. ويتعين أن ننتظر على الأقل نحو العشرين عاماً كى يمكننا أن نرى التبلور شبه الكامل
منها والمتخلف, إنه النظام الرأسمالى. وفى ظل هذا النظام الرأسمالى