وتعدد الآراء إزاء السائل الموسومة بمسائل الاجتهاد أمرًا سائقًا ومقبولاً لدى
الصحب الكرام» بل لعن تعامل أثئمة الاجتهاد من التابعين وتابعيهم مع المخالفين في
تلك المسائل أرقى ما كود التعامل من تسامح» واحترام؛ وتقدير وتكامل»
وتصافح» فإنه مما يرثى له أن القرون المتأخرة - وخاضّة بعد أفول مس القرن
مصادرة حقّ الأجيال كل الأجيال اللاحقة إن في تحديد النظر في الأفهام الموروثة»
أو في تبي الأفهام والآراء لب تروق لها في مسائل الاجتهاد» كما عنُوا - على حين
غرَةَ أو غفلة غفلة - المخالفين لهم في مسائل الاجتهاد مرتكيين منكرًا من المنكرات الي
الإسلامي - أقايّة منبوذة ومرفوضة؛ ع أمسوا - بقدرة قادر - قوةٌأضاربة
ومتسلطة على رقاب أولتك الذين كانت نفوسهم الأبّة تراودهم تحديد النظر
في مسائل الاجتهاد أو الخروج على المألوف من الآراء والأفكار!
واحد.. فهؤلاء المؤئّمة يعون الخطئ من المجتهدين أنما عند الله؛ ويعترون الاجتهاد الخطأ منكرًا ومعصية.. ون *
الخالف في مسائل الاجتهاد من مؤئمة العصرء ذلك لأن الإنكار - كما أسلفنا - لا يكون على معصية» وبالتالي»
فإ إنكار المحالف في مسائل الاجتهاد يعد ذلك تقريرا من امنكر بأنّ اجتهاد المخالف معصية» يجب إنكاره؛ ولا
ينفى ما في هذا الرأي من شطط وغلو وتخالفة صارخة للنصوص الشرعية لثاثة الواردة في هذا الشأن. وعلى
الأمة؛ وخطر على العقيدة والسلوك والجماعة الإسلامية عامّة!
له ليس ثمة خلافٌ معترٌ بين المحقّقين من أهل العلم في أن الإنكار
المشروع في شرعنا لا يكون إلا على منكرء وأنّ امنكّر الذي ورد الأمر بتغييره
باليد أو اللسان أو القلب» يراد به في حقيقة الأمر الفعل المحظور» والمنهي عنه
بنصوص الكتاب والسنة الصريحة الواضحة المتفق عليهاء كما يراد به الإثم
الإنكار عليه إن باليد أو باللسان أو بالقلب.
واعتبارًا بن الآراء الاجتهادّة المنسوجة حول مسائل الاجتهاد لا تعد
باتفاق أهل العلم منكرات؛ أو معاصي» أو آثام وردت نصوص الشرع الصريحة
الواضحة في تحريمها والنهي عنهاء لذلك؛ فإنٌ أي إنكار باليد أو اللسان أو
القلب على هذه الآراء الاجتهادية؛ أو أي تحامل على المخالف فيها بعد كل
القوم» بل إن ذلك يعت في واقع الأمر مالفةً صارخةً لمنهج المصطفى نك
ومنهج صحبه الكرام - رضوان الله عنهم - ومنهج السلف الصالح؛ وأئمة
الاجتهاد عبر التاريخ الإسلامي الناصع في التعامل مع هذه المسائل.
وأا ما كان الأمرء فإنٌ الحاجة اليوم نمس إلى تأصيل القول في مسائل
الاجتهاد تأصيلا عبيقًا بحيث لا يغدو مة لبس وخلط في الأذهان حول العلاقة
المنطقية بين هذه المسائل والمحظورات من الأقوال والأفعال الي ورد الأمر
بالإنكار على مرتكبيها.
نه ليس من المقبول شرعًا وعقلاً أن يتحوّل الاختلاف الفكريٌ في
مسائل الاجتهاد إلى صراع حقيقي م ومريرء وأن يغدو التسامح في تلك
المسائل أمرًا غريًاء وبمسي الإنكار كل الإنكار في تلك المسائل الهم الشاغل
لكثير من أبناء الأمّة على حساب المسائل المتفق عليهاء ولخذاء فلا غرو أن تزيذ
جراح الأمّة؛ وأن تتبعثر جهود الدعوة الإسلامّة تبعثرًا مهبّاء بل لا عحب أن
أجل ما كان للاختلاف في مسائل الاجتهاد لينتهي بأّنا إلى هذه الحالة
الجهود الفكرية والعليّة ينبغي لها أن تتمحور وتركُر على الارتقاء ميا الأمة فكرًا
وسلوحًا وواقمًا في امسائل المنفق عليها بين أهل القبلة جمعاء» وما كانت الأمَّة
لتعيش حالة الخذلان العام على مختلف الأصعدة لو أن أولتكم لمفكّرين تجاوزوا في
خطاباهم وكتاباهم وبرابحهم صرف الجهود الفكرية ولمالية في تعميق الهوة بين أهل
القبلة في المسائل المختلف فيهاء بل ما كان للخطاب الإسلام" المتحسر اليوم -
بشكل عام - والخطاب الدعوي المتحصر في الأرحاء - بشكل خاصُ - ليش
تراشقا بين الدعاة بالألفاظ النابية وتسفيهًا لآراء بعضهم البعض في مسائل الاجتهاد
الذهيّة الي قرّرها المحقّقون من علماء الأمّة في القرون الأول» بأنّه لا إنكار في
مسائل الاجتهاد» ولا ينكر على المختلف فيه.
وإسهامًا - ما - في تخفيف حالة الرهق الفكري والتشتت المرجعيٌ الذي
ْْ بالأمة الغا منذ آماد بعيدة» ورغبةٌ في ترسيخ قيم التسامح والتكامل وإقرار
ولكن وزها في الحافل وأمام الآخرين حفيف وغير ذي بالى. وقد أختر الرسول 3 عن هذه الحخالة؛ وحذّر
الأمة من الوقوع فيهاء وذلك في الحديث الذي أخرحه بعض أصحاب السنن: بوشك أن تداعى عليكم
فقال قائل بارسول الله؛ وما الوهن: قال: حب الدنيا وكراهية اللوت.
حقّ الاختلاف المشروع في مسائل الاجتهاد؛ وضرورة الابتعاد عن عقايّة نفي
الأغيار المخالفين في قضايا الاجتهاد؛ بل حرصًا منا على توحيد الصف
الإسلامي الممزّق في هذه المرحلة الرامنة سِ تاريخ الأمة العصيب؛ أن هذا
الكتاب المواضع ليقدّم أولاً » رؤية 1 املة لمسائل الاجتهاد في
الفكر الأصول مفهوماء وأنواعًاء ب سعيًا إلى إزالة ذلك الركام الهائل من
الأفهام المقلوبة حول حقيقة هذه المسائل وماهيتها وأنواعهاء كما ايسعى
الكتاب - ثانيًا - إل بيان درجة الاجتهاد المشروع في كل نوع من أنواع هذه
السائل تأصيلا علميًا يضع حدًا لجملة الخلافات الناشئة عن سوء الفهم لدرجة
الاجتهاد السموح به في هذه المسائل.
ويهدف الكتاب - ثالنًا - إلى تحقبق القول - قدر الاستطاعة - في موقع تلك
المسائل في منظومة الإنكار والإقرار في الفكر الإسلام أملاً في أن يتم إخراج
الاختلاف في مسائل الاجتهاد من دائرة المنكرات الي ورد الأمر الصريح بإنكارها
وتغييرها باليد أو باللسان أو بالقلب» وطممًا في أن يودي هذا التحقيق إلى تضيق
الفحوة والحفؤة بين المصلّين يسبب مسائل الاجتهاد» فالإنكار على أهل القبلة في
مسائل الاجتهاد منكرٌ لا يقر تقل ولا عق ولا يأمر به نص ولا خبره ولا أثر!
إن الأمل كبرٌ في أن تسهم هذه الدراسة في إعادة روح التسامح
والتكامل والتصافح بين أهل العلم والعرفة في مسائل الاجتهاد» كما نرنو إلى
أن يتحقق من خلال هذه الدراسة تذكيرٌ لفكّري الأمَّة ومنظريها ودعاة
الإسلام في جميع أنحاء البسيطة بأهميَّةَ توجيه جهودهم الفكرئة والعلمّة في
العصر الحاضر نحو توحيد الصف الإسلامي في المسائل المجمع عليها؛ وتعميق
وعي العامة نمكانة هذه المسائل وأبعادها وغاياتماء وآثارها على الوجود فضلا
عن دورها العظيم في الارتقاء بالأمة واستعادة ريادتها في جميع الحالات؛ كما أن
الوقت قد حان لأن تصرف الجهود العلمية والماديّة في ترسيخ قيم التعاوت
والتواصل والتكامل مع المذاهب الإسلامّة المعتبرة بعيدًا عن إثارة النعرات
وتحقيقًا للأهداف المشار إليها وسواهاء فقد انتظمت الدراسة ثلاثة
فصول عنينا في أولها بإلقاء الضوء على مفهوم مصطلح مسائل الاجتهاد في
الفكر الأصول؛ وتصدّينا في الفصل الثاني لتقدم تحليلٍ علمي مركزٍ لأنواع
مسائل الاجتهاد ودائرة الاجتهاد الشروع في كل نوع منهاء وخصّصنا الفصل
الثالث لتحقيق القول في حكم الشرع في مسائل الاجتهاد بين الإنكار والإقرار»
وأودعنا الخاتمة هم نتائج الدراسة واقتراحامًاء
وقد اعتمدنا في تناول فصول الدراسة وفقراتها على المنهج الاستقرائي
والتحليلي العلميّ القائم على استنطاق جملة حسنة من النصوص الأثورة عن
ين من أهل العلم والعرفة حول حكم الإنكار في مسائل الاجتهاد؛ كما
عدنا عودةً مباركةٌ إلى العديد من المصادر والمراجع العلمّة ذات_العلاقة
بموضوع الدراسة.
تناول أصحابها هذا الموضوع؛ كتاب بعنوان: حكم الإنكار في مسائل الخلاف
للدكتور فضل إلهي”؛ وكتاب آخر صدر حديثا بعنوان بعنوان: لا إنكار في
* وبالنظر في عنوان الكتاب يتوقع القارئ أن الولف بتاول بالتحقيق والتحليل آراء أهل العلم حول
مشروعية الإنكار وعدمه في مسائل الخلاف, يد أنّ الإنصاف يقتضي أن الولف تماوز تناول الموضوع من
هذه الزاوية؛ بل انتهج منهحا متسما بالرد المستبطن على الاعتراضات حول معيار الإنكار في مسائل الخلاف
ين أن يكون العند به مذهب المحتسب غليهء أو مذعب المحتسب؛ كما حاول ما وسعه من جهد إثبات كو
العبار العتر النص وليس مذاهب النلء وأسهب في إيراد حملة من الأفوال الأثورة عن الأئمة في هتاه
مسائل الخلاف للدكتور عبد السلام مقبل المجيدي؛.
<الشأن» وخاصة قول الإمام ابن القيم الذي رح على غيره من أفوال أعل العلم السابقين عليه.
انتهى إليها في الكتاب تتعارض مع ما تقرره الدونات الأصولية من تعريغات ورسوم لمصطلح مسائل الاجتهاد»
وبناءً على هذاء فإن الولف لم يوفق - في نظرنا - في ترير المسألة التحرير العلمي اللائق؛ ولكن غلب عليه
الاكتفاء بظواهر بعض النصوص واعتبارها تصوصا صريجة قاطعة دابر الحلاف المشروع في بوتا أو اي
دلالاتها. وعلى العموم؛ يعد الكتاب محاولة جادة؛ وسنعى في دراستنا بتأصيل القول في مصطلح مسائل
الاحتهاد كما سنسلط ضوبًا على درحات الاجتهاد امشروع في هذه السائل؛ فضلا عن بيان حكم
الشرع في الإنكار فيها.
+ نشر هذا الكتاب ضمن سلسلة كتاب الأمة؛ العدد 44 لعام 478 1ه. وقد تناول هذا الكتاب مسألة
الإنكار في مسائل الخلاف» واستفاد استفادة واضحة من كتاب الدكتور فضل إلهي» ولكن تاوز الإشارة
إلى هذا الكتاب على الرغم من استخدامه بعض العناوين الرئيسة الواردة في كتاب الدكتور فضلء
كعنوان: معيارالتذكر بالإنكار» وقد ورد هذا العنوان مع شي» من التعديل في كتاب الدكتور فضل؛ وهو
معيار الإنكار في مسائل الخلاف» كما تابع الولف الدكتور فضل في جملة من القضايا الي انتهى إليهاء
ولكن لم يشر إليها..وبطبيعة الحال» لا يغلو هذا التوافق بين الكتابين من أن يكون من باب نقل امتأخر
عن المتقدم» أو من باب توارد الخواطر.
وأما كان الأمر» فإن الإنصاف بقتضي الإشارة إلى المتقدم ولو عرضًا. وفضلا عن هذاء فإنه من الجدير
ذكره أن المؤلف غلب عليه في تناوله موضوع الإنكار في مسائل الخلاف اميل إلى إثبات الإنكار على
حساب الإقرارء فعلى الرغم من عنونته الكتاب بهذا العنوان الخذاب؛ غير أن القارئ بيفرج باتطباع لا
به بأسّاء خلافًا لما تثبته القاعدة وتدعو إليه. وإذا كان من المعلوم أن النكرة في سياق النفي تعم؛ وكان من
العلوم أن لا نافية لجنس صيغة من صيغ العموم؛ لذلك؛ فإنٌ حصر الإنكار النغي في الإنكار باليد دون
سواه» يعد تخصيصًا للعام دون بيان شاف للدليل الخصص ذا العام. وبطبيعة الحال» لا نروم من هذا
القول التقليل من المهد العلمي البذول في إعداد هذا الكتاب» ولكثنا نروم القول بأنّ امؤلف دافع عن
الرأي الشاة الذي يرى الإنكار في مسائل الخلاف بدعوى كون الحلاف ضعيفاء؛ أو سوى ذلك. وفضلا
عن هذاء فإ الباحث الكرم لم يعن بتحقيق القول في مسائل الخلاف بالصورة العلمة المعهودة؛ إذ له
تسهم في استجلاء هذه المرتكزات الي تتوقف على
أعدّها العبد الفقير الراجي عفو ربّه:
نزيل كوالالمبور» ماليزيا
«اكتفى بعقد مقارنة بين المسائل الخلافية والمسائل الاجتهادية» وكان الأول به بدء دراسته بضبط المراد
الفقهية.. وعلى العموم» لم ينل مصطلح مسائل الاجتهاد نصيبا وافرًا من التحقيق والتأصيل» وما أورده
الباحث من تصور عن هذه المسائل تعوزه الدفة والشمول» وقد كان حرا به التظر في العديد من المدونات
الأصولية العتيدة الي عي أربابها بتحقيق القول في مسائل الا اجتهاد وأنواعها.
ومهما يكن من شي»؛ فإن دراستا تروم أولاً تأصيل القول في مصطلح مسائل الاجتهاد؛ وضبط أنواع
هذه المسائل؛ كما ترنو إل ضبط دائرة الاجتهاد الشروع في هذه المسائل في ضوء ما قزر أهل العلم
بالأصول؛ وفضلا عن ذلك فإنٌ الدراسة ستعى بإبراز العلاقة امنطقية بين مسائل الاجتهاد ومسائل
الخلاف؛ وقد فنا مصطلح مسائل الاجتهاد على مصطلح مسائل الحلاف خروجًا من الحلاف الثار
حول مشروعية الإنكار في مسائل الحلاف؛ وعدمهاء وأما مصطلح مسائل الاجتهاد؛ فلا يوجد خلاف
معتبر في عدم مشروعية الإنكار في هذه المسائل.
الفصل الأول
في مصطلح مسائل الاجتهاذ في الفكر الأصولي؟
المفهوم والمحتوى
يحاول هذا الفصل تحرير القول فيما جادت به المدوّنات الأصوايَّة القدعة
والحديئة من ضبط علميٌ وتحقيق رصين لمفهوم مصطلح مسائل الاجتهاد. كما
يعن البحث ص أهمّ المفاهيم اليج تحت حول هذا المصطلح من خلال
مختلف إطلاقاته المتمئلة في المصطلحات المترادفة له كمصطلح المجتهد فيه
ومصطلح جحال الاجتهاد» ومصطلح محال الاجتهاد» وسيحاول الفصل تحليل تلك
المفاهيم لينفذ من خلالها إلى صياغة تصور متكامل وشامل عن هذا المصطلح
كانت ولا تزال تتخر في الصف الإسلام زرا وده الوجود الإسلامي في كثر
من أرجاء العمورة لكاقة أشكال التآكل والانسحاب» ومرهٌ ذلك كله إل غلبة
عقليّة التناحر؛ ونفي الآخرء ورفض الأغيار على الخطاب الإسلاميٌ المعاصر
والمدمّرة إزاء مسائل» كان ينبغي أن يكون المنهج في التعامل معها مينًّا على
اختلاف - في مسائل الاجتهاد - أفسد للودٌ قضيّة".
المبحث الل
في إطلاقات مصطلح مسائل الاجتهاد في المدوثات الالصولئّة:
يطلق معظم علماء الأصول على مصطلح مسائل الاجتهاد. مصطلحات
بال الاجتهاد» ويعتبر الإمام الغزالٌ من أولتك الأصوليّن الذين أطلقوا مصطلح
المجتهد فيه على مصطلح مسائل الاجتهاد» وحذَّد المراد بالمجتهد فيه - في
مستصفاه - فقال ما نضه:
نعى بالمجتهد فيه ما لا يكون المخطئ فيه آنما. ووجوب
مع آخر مخالف لذلك العئ. وتكاد قطميّة الدلالة في الأدلة تتحصر في الأدلة التعلقة بأصول العقائد ومعظم
العبادات والقترات من الحدود وفرائض الإرث وسواهاء فالأدلة الواردة في هذه المسائل قط في دلالتها على
براجع: الدرين, فتحي: الناهج الأصولية في الاحتهاد بالرأي (دمشق» طبعة دار الرشيده عام 46 1م) ج١ ص
4 يتصرف واختصار. كما براجع: النحاره عبد لمجيد: خلاقة الإنسان بين الوحي والعقل (واشنطن؛ المعهاد
العالمي للفكر الإسلامي؛ طبعة ثانية؛ 1947م) ص48 وما بعدهاء