وهو منهج الله تعالى الذي لا تصلح الحياة إلا به وهو أساس سعادة
البشرية في الدارين الأولى والآخرة. قال الله تعالى:
سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط
الحكيم وهو الصراط المستقيم » وهو الذي لا تزيغ به الأهواء» ولا تلتبس
دعا إليه مُدى إلى صراط مستقيم .
فكان القرآن ولا يزال مفتاحاً لقلوب غلف» ونوراً لبصائر عمي » وأداة
سمع لآذان صم» فهدى الله به الأمة. وكشف به الغمة؛ لذا كان واجباً
وكان من البدهي لكتاب هذا شأنه أن ينبري لع الأماجد» وتشحذ
له الهمم وتشمر له السواعد» وذلك لأجل الاستفادة منه. والاغتراف من
والإلمام بمعانيه» وفهم مراميه والتخلق بأخلاقه؛ فقد كان قدوتنا رسول
الله ف «خلقه القرآن». وكان الرجل من الصحابة قرآناً يمشي .
وقد قام علماء الإسلام قدي وحديثاً بإحاطته بكل أسباب الرعاية»
عنهم تراثا هائلاء فيه زبدة علمهم؛ وعصارة جهدهم» وثمرة خبرتهم .
وكان لزاماً على الأجيال اللاحقة أن تعكف عل تحقيق هذا التراث
ونشره وتنقيته. وهو عمل ليس بالسهل» إلا أنه من أجل الأعمال وأرفعها
قيمة؛ وليس تحقيق متون التراث تحسيناً أو تصحيحاً وإنيا هو أمانة الأداء
التي تقتضيها أمانة التاريخ . فإن متن الكتاب هو في الحقيقة حكم على
الضرب من التصرف إنما هو عُدوانٌ على حق المؤلف.
وقد اخترتٌ كتاب «المرشد الوجيز إل علوم تعلق بالكتاب العزين
لشهاب الدين عبدالرحمن بن إسماعيل المقدمي المعروف بأبي شامة؛ فقمت
القرآنية. ومواضيع أخرى متعلقة بذلك.
ولعل إنزال القرآن على سبعة أحرف يدخل في قوله تعالئ:
ففي إنزال القرآن عل سبعة أحرف تيسيرٌ عل أهل اللهجات المختلفة
حتئ تسهل عليهم قراءةٌ القرآن وتدبر معانيه؛ ويشهد لذلك حديث أي
ابن كجب:
منهم العجوز والشيخ الكبير والغلام والجارية والرجل الذي لم يقرأ كتاباً
أولا: الباب الأول: ترجة المؤلف - وفيه ثلائة فصول:
الفصل الثاني : آثاره ومؤلفاته.
ثانياً: الباب الثاني: كتاب المرشد الوجيز:
الفصل الأول: التعريف بنسخه المخطوطة والمطبوعة.
الفصل الثاني: عملي في تحقيق الكتاب.
القسم الثاني: ويشتمل على نص الكتاب ويهامشه التحقيق .
ووضعتُ في نهاية الكتاب قائمةً بأسماء المراجع» ثم فهارس تفصيلية
للآيات» والأحاديث والأعلام» والقبائل والجماعات» والأماكن والبلدان
والغريب والأيام؛ وأخيراً أسماء الكتب المذكورة في المتن.
الكريم ؛ وأن يتقبله مني وأن يُديم أجره لي بعد مماتي» وأن يغفر لي ولوالدي
وصل الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تاريخ علوم القرآن
أولأً: عصر ما قبل التدوين:
ينزل عليهم من الآيات البينات؛ فإذا أشكل عليهم فهم شيء من القرآن
سألوا عنه النبي قن فلم تكن الحاجة ماسة إلى وضع تاليف في علوم
القرآن في عهد الرسول وي وأصحابه» وكان أكثر الصحابة أميين وم تكن
أدوات الكتابة متيسرة لديهم؛ فكان ذلك حائل دون التأليف في هذا
العلم» وفي خلافة عثمان جمع الناس على مصحف واحد وقام بنسخ
علم رسم القرآن أو علم الرسم العثاني» وأمر علي بن بأبي طالب أبا
الأسود الدؤلي بوضع قوأعد لحاية القرآن من الخلل؛ فكان الأساس لعلم
إعراب القرآن.
الصحابة والتابعين متجهة إلى نشر علوم القرآن بالرواية والتلقين» لا
بالكتابة والتدوين.
وجاء بعد ذلك ما يعرف «بعصر التدوين» في القرن الثاني وكانت
بدايته بتدوين الحديث. وشمل ذلك ما يتعلق بالتفسير وهو أحد فروع
علوم القرآن الرئيسية» فأخذ بعض العلماء في جمع أقوال الصحابة في
وثمن اشتهر من هؤلاء : يزيد بن هارون المتوفى سنة /111» وشعبة بن
الحجاج المتونى سنة 138 وسفيان بن عيينة المتوفى سنة 148» ووكيع
بن الجراح المتوى سنة 149 وعبدالرزاق بن همام المتوفى سئة 11١ .
ثم بدأ جماعة من العلماء في وضع تفسير متكامل للقرآن بحسب ترتيب
الآيات في الصحف؛ وكان محمد بن جرير الطبري المتوفى سنة 2٠١ في
المسندة؛ وعرض فيه مؤلفه لتوجيه الأقوال والترجيح بينها. وعرض الأعراب
والاستنباط وآراء أخرى متممة.
وتتابع بعده التفسير المأثور والذي نشا إلى جانبه التفسير بالرأي
وظهرت ألوان جديدةً في التفسير» ومن أبرز كتب التأليف بالأثور-
بالإضافة إلى تفسير الطبري تفسير القرآن العظيم لابن كثيرت 4 علا
والدر المنثور في التفسير المأثور للسيوطي ت 111ه » وغيرها.
ومن كتب التفسير بالرأي مفاتيح الغيب الرازي ت 106 ومدارك
التنزيل للنسفي ت ١٠لاه » وأنوار التنزيل للبيضاوي وغيرها.
ومن الكتب التي ألفت في التفسير الفقهي : «أحكام القرآن» للجصاص
ت 71/8 ؛ ولابن العربي ت 41 0ه ؛ والقرطبي ت 17/1ه . وظهرت
كتب في التفسير ألفت لنصرة الفرق والمذاهب الإسلامية المختلفة. فظهر
للمعتزلة كتاب الكشاف للزغشري ت 178ه » وظهر الصوفية تفاسير
عدة منها التفسير المنسوب لابن عري ت 8ه ١ وقريب من تفسير
المتصوفة ما يسمئ بالتفسير الإشاري ومنه روح المعاني للألوسي؛ وهناك
تفاسير لأهل الظاهر والخوارج والشيعة والباطنية» والغالب في هذا التفاسير
التفسير بالرأي المذموم أو الأثر الباطل الموضوع ٠+
«وبقيت العناية بالتفسير قائمة إلى عصرنا هذاء حتى وجدت منه
مجموعة رائعة فيها المعجب والمطرب, والموجز المطول والمتوسط» وفيها تفسير
القرآن كله وتفسير جزء» وتفسير سورة وتفسير آية وتفسير آيات الأحكام
وهناك نوع آخر من التفسير وهو ما يسمئ بالتفسير الموضوعي :
وهو التأليف الموضوعي في موضوعات تتصل بالقرآن ويتعرض مؤلفوها
إلى نوع من أنواع علوم القرآن أو بحث متصل به؛ وهي مصنفات عديدة
فألف قتادة بن دعامة السدوسي (المتوفى سنة ١ه ) كتاب «الناسخ
والمنسوخ في القرآن» وألف مقاتل بن سليان (المتوفى سنة ٠1م ) أيضاً
في «الناسخ والمنسوخ» وألف أبو عمر بن العلاء (المتوفى سنة 1546 )
كتاب «الإدغام».
وألف علي بن حمزة الكسائي (المتوفى سنة 184ه ) كتاب «قراءة القرآن»
وهؤلاء جميعهم في القرن الثاني .
وف القرن الثالث ألف أبوعبيد القاسم بن سلام (المتوفى سنة 774)
71/١ مناهل العرفان )١(
كتباً عديدة ف علوم القرآن متها «فضائل القرآن» و«الناسخ والمنسوخ»
والقراءات وكتباً أخرى. وألف علي بن المديني وهو شيخ الإمام البخاري
(المتوفي سنة 774 ) في أسباب النزول.
وألف محمد بن يحبى بن مهران القطعي (المتوفى سنة 1057م ) كتاب
«متشابه القرآن»» وألف أبو الفضل الرياشي (المتوفى سنة 10م ) كتاب
«فضائل القرآن» وألف ابن قتيبة (المتوفى سنة 7ه ) في شكل القرآن
وألف محمد بن أيوب الضريس (لمتوفي سنة 744 ) كتاب «فضائل
وفي القرن الرابع : ألف محمد بن المرزبان (المتوفى سنة 04**ه ) كتاب
«الحاوي في علوم القرآن. وألف ابن أبي داود (المتوفى سنة 7*19ه ) كتاب
المصاحف وألف انب مجاهد (المتوفى سنة 4 7*7ه ) كتاب «السبعة» وكتاب
«اختلاف قراء الأمصاره وألف أبو مزاحم بن خاتان (المتوفى سنة 708٠م )
في التجويد وألف أبو بكر السجستاني (المتوفى سنة *7*ه ) في غريب
القرآن. وألف أبو جعفر النحاس (المتوفى سنة 78*ه ) كتاب «الناسخ
والمنسوخ»؛ «وإعراب القرآن» «والقطع والاستئناف» والف محمد بن أوس
المقرىء (المتوفى سنة 6 4*ه ) في الوقف والإبتداء وألف أبو محمد القصاب
الكرخي (المتوفى سنة 78*ه ) «كتاب نكت القرآن الدالة على البيان في
أنواع العلوم والأحكام المنبه على اختلاف الأنام؛ وألف الحسين بن خالويه
عبدالكافي (المتوفى سنة 7/7*ه ) كتاباً في عدد سور القرآن وآياته ولف
محمد بن علي الأدفوي (المتوق سنة /ا/ا7ه ) «كتاب الاستغناء في علوم
القرآن» في عشرين مجلداً. وألف عثمان بن حسني (المتوفى سنة 7487م )
«المحتسب في شواذ القراءة» وجميعهم من القرن الرابع.
وفي القرن الخامس: ألف أبو بكر الباقلاني (المتوفى سنة 4507م )
«الانتصار» «وإعجاز القرآن» وألف محمد بن جعفر الرازي الحزامي (المتوق
سنة 08 4ه ) «الإبانة في الوقف والإبتداء» «والمنتهى في القراءات العشر»
وألف علي بن جعفر الرازي (المتوفى سنة 418 ) كتاب «التنبيه على
اللحن الخفي والجل» وألف علي بن إبراهيم الحوفي (المتوفى سنة 478 )
«كتاب البرهان في علوم القرآن» في ثلاثين مجلدا وكتاب «إعراب القران»
وألف مكي بن أبي طالب (المتوفى سنة 417 ) «الإبانة في معاني
القراءات» وكتباً أخرئ وألف أبو عمرو الداني (المتوفى سنة 446 )
«التيسير في القراءات السبع» و «المقنع في رسم مصاحف الأمصار»
و«المكتفى في الوقف والإبتداء» وغيرها وألف محمد بن يوسف الجهني
(المتوفى سنة 444ه ) البديع في معرفة رسم مصحف عثمان بن عفان»
وألف الماوردي (المتوفى سنة 0 46م ) في أمثال القرآن وألف ابن حزم
الظاهري (المتوفى سنة 407ه ) كتاب «الناسخ والمنسوخ في القرآن».
وفي القرن السادس : ألف أبو العباس الإشبيليٍ (المتوفى سنة 071ه )
في الناسخ وألف السهيلي (المتوفي سنة 081ه ) كتاب «التعريف والإعلام
فيا أبهم في القرآن من الأسماء والأعلام» وألف القاضي بن العربي (المتوق
سنة 081ه ) في الناسخ والمنسوخ» «وألف أبو الفرج ابن الجوزي (المتوق
سنة 0417م ) في الناسخ والمنسوخ وكتاباً آخر في الأشباه والنظائر في
وفي القرن السابع: وهو عصر المؤلف ألف علم الدين السخاوي
(المتوفى سنة 471) في علم القراءات وفي شرح الشاطبية «وكتاب الوسيلة
إلى كشف العقيلة». وألف العز بن عبدالسلام (المتوفي سنة 178) في
«مجاز القرآنه «وكتاب فوائد في مشكل القرآن» ولا زالت المصنفات التي
على هذا تتوالى إلى يومنا هذا ا
وهذا النوع من التفسير كان يمشي جنباً إلى جنب مع الأول إلا إنه
اتسم خاصة وهي الكلام عن نوع واحد أو موضوع واحد من علوم القرآن
لكريم .
علوم القرآن في العصور المتأخرة:
وهو عهد ظهور إصطلاح علوم القرآن وهو جع هذه المباحث وتلك
الأنواع كلها أو بعضها في مؤلف واحد فلم يظهر إلا القرن السادس -
على الأرجح فقد صنف ابن الجوزي (المتوفى سنة /041ه ) كتابين أحدهما
«فنون الأفنان» و«المجتبي في علوم تتعلق: بالقرآنه وكتاب عن عجائب
علوم القرآن. ويشتمل على بعض أنواع القرآن مثل فضائل القرآن وكونه
غير مخلوق» ونزوله على سبعة أحرف وفي كتابة الصحف وهجائه وفي ذكر
آداب قراءة القرآن والوقف والإبتداء وبعضاً من المتشابه.
وفي القرن السابع : ألف علم الدين السخاوي المتوفي سنة 641 كتاباً
في بعض أنواع علوم القرآن وسماه «جمال القراء»» وألف أبو شامة «المرشد
الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز وتحدث فيه عن بعض المباحث
وفي القرن الثامن: ألف بدرالدين الزركثي (المتوفي سنة 7461)