أصل هذا الكتاب
درجة الماجستير من قسم
الدعوة والثقافة الإسلامية
مناقشتها في ؟؟/ 17/ لحخام
ملق
الحمد لله رب العالين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وأكرم النبين
سيدنا محمد ا خير من دعاء وبلغ» وأفضل من بشر وأنذر» أرسله الله اما
وحذر» منه فصلوات ربي وتسليماته عليك يا سيدي يا رسول الله في الأولين وي
الآخرين وإلى يوم الدين.
أما بعد ..
فإن الصرأ للج وبال م من مسن الله في هذا الكون لا تبدل ولا
ومكذب» ومؤمن وكافر إذ هدى الله إلى الإسلام من اختصهم برحمته واستحقوا
رضوانه ومغفرته؛ وحرم من هذا الدين الخاتم من سبقت له الشقاوة في الدنيا
المهديين من بعده» ثم تواصلت مسسيرة الصراع وانتدت» وأعلن أعداء الإسلام
مرحلة من الزمن يدبرون ويخططون للقضاء على هذا الدين العظيم؛ حتى كانت
(1) سورة الحج: آية 4
(1) استعرت قرنين كاملين ٠١43( / 1141م حتى سقط آخر حصن كان للصلييين في الشام في 9/17
لابد من تغيير أسلوب الحرب وإدارة المعركة؛ بعد أن فكروا في سبب هزكتهم
الفادحة وانتصار المسلمين رغم قلة عددهم وعدتهم ؟ وجاءت الإجابة الحاسمة من
حبل الله الذي به يعتصمون؛ فقرر الأعداء حينعذ إعلان الحرب الفكرية
شاملة مدمرة؛ تفقد المسلم ثقته بعقيدته؛ وشريعته؛ وتراثه؛ وتاريخه؛ وحضارته؛
بعاضيه؛ وحاضره؛ ومستقبله» حتى ينقطع عن جذوره؛ فيصيبه التخبط ويتحول إلى
ونشات مدارس الاستشراق ويُصدت لا الأموال الطائلة والإمكانات المائلة»
لمعرفة سر قوة المسلمين» وأسباب رقيهم» وللتطلع على عوراتهم؛ ورصد مواطن
الضعف والاختلاف بينهم»؛ لزلزلة الكيان الإسلامي» وقهر الشخصية المسلمة؛ حتى
انتهى الأمر بتمكن الأعداء» من هذه الأمة» بحلول أكبر كارثة عرفها المسلمون في
تاريخهم الطويل, تمثلت في إسقاط الخلافة الإسلامية لأول مرة في تاريخ الإسلام»
المسلمين ومجتمعاتهم وعقوهم ومؤسساتهم؛ عن طريق الاستعمار الصليي الغاشم»
الذي حل بديار الإسلام كلهاء فلم يتتهي القرن التاسع عشر إلا وقد سقطت
الدول الإسلامية تحت سيطرته ونقوذه» وبدأ فصل جديد في المعركة أصبح فيه تأثير
أعداء الإسلام أكثر قوة وفعالية؛ لااتقال حضارتهم مع الجاليات الأجنبية التي
استقرت يبلاد المسلمين؛ واستخدمت الدول الغربية كل وسيلة في سبيل فرض
لغاتهاء وثقافتهاء في البلاد اليي احتلتهاء تيسيرا على الغربي المستعمر من ناحية»
وتمهيداً نحو طابع المستعمرات الشخصي وامتصاصها من ناحية أخرى» ولإزالة
الحواجز الي تهدد وجودهاء المتمئلة في ثقافة هذه الشعوب وخصوصياتها الحضارية
بالنفور من الأجني المحتل» وإحساسه بالغربة» الي شهدت بها مراحل التاريخ الي
نجع بن الإسلام وأعدائه إلا في ساحات المعارك؛ الي لقن اللسلمون أعدائهم
فيه دروساً قاس بقيت متلقة بأقهانهم وبلغت غايتها باحتلال عاصمة الدولة
البيزنطية ومقر كنيستها ().
لهذا الميراث المتزاكم من الصراع والعداوات» ركزت برامج التغريب وأعمال
المستغربين على تحقيق هدف مزدوج؛ فهي تحرس مصالح الاستعمار بمحاولة كسر
الحواجز الي تفصل بينه وبين المسلمين نتيجة لاختلاف القيم من ناحية؛ ولتولد
شعور بالمرارة في نفس العربي المسلم إزاء امحتلين لبلاده من ناحية أخرى؛ وهي في
الوقت نفسه تضعف الرابطة الدينية الي جمع المسلمين» وتجعل منهم قلبا واحداً.
وكانت مصر من بلدان المسلمين الي ظهر فيها الصراع بين الفكرة الإسلامية»
والفكرة الغربية؛ في أبرز مظاهره مسالا من دور ريادي؛ وقيادي؛ في العالم
الإسلامي؛ والعربي فتركزت عليها الأنظار» وتتابعت عليها موجات الاستعمار
هادفة إلى ضرب الإسلام في عقر داره.. وكان الاحتلال البريطاني نقطة تحول في
وتتحيته عن مقعد ١ ,شؤون الحكم»؛ فما أن رسخت أقدام المحتلين الإنجليز
مصر حتى سارعوا إلى تنفيذ مخططاتهم مُحاولة تخريب العقل المسلم «وبث الكثير
من البذور الضارة» وغرز الجذور الخانقة في مختلف ميادين الحياة» وربما كانت أسواً
الثقافة والمعارف» ("؛ وإحلال قيمهم وتقاليدهم وأفكارهم وسلوكياتهم المستمدة
من عقيدتهم المخالفة لعقيدة السواد الأعظم من هذا الشعب المصري المسلم.
وفتح الاحتلال أبواب مصر على مصراعيهاء لجماعات الحاقدين والموتورين؛
والكارهين للإسلام الداقمين على الخلافة العثمانية؛ وكان على رأس هذه
)١( حين دخلها محمد الفساتج بالتكبير والتهليل وارتفع الآفان في طرف أوربا الشرفي في 14 مايو ؟46 1م
وكانت تسمى أيا صوفيا فسماها أسلامبول (أي دار الإسلام).
(7) أبو خلدون: ساطع الحصري» حول الوحدة الثقافية العربية ص 417 ط 7 1485م
مفاليد الإعلام» والتعليم» والثقافة؛ لمساعدة ال محتل على أداء دوره؛ والتمكين له
ونشر أفكاره؛ وتسريبها داخل العقل المسلم في مصرء وقد كانوا مؤهلين لأداء هذا
الدور لأسباب عدة: على رأسها عدم مشاركة المسلمين في الإحساس بالولاء القلي
الخالص للحكم الإسلامي القائم»؛ الذي تمثله الدولة العثمانية؛ فاقتحموا حياة المجتمع
الصري بمفاهيمهم وحقدهم وتعصبهم على الإسلام ...
وشهدت مصر في هذه الحقبة من تاريخها تحولات فكرية هامة؛ كان على رأسها
ذلك الصدام الحضاري المباشر مع النموذج الغرني الوافد الذي كان له رجاله؛
فزت أسماء (فرح أنطون» فارس نمرء يعقوب صروف؛ شبل مميل؛ جرجى زيدان»
... ) الطليعة العلمانية الي ساهمت في بلورة الأطر العامة للتيار العلماني ممصر
خلال النصف الأخير من القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين؛ ما قدموه من
كنابات وما أصدروه من صحف» وكان لابد من إعادة قراءة هذه المرحلة من
جديد للكشف عن خبايا هذه الفزة الهامة؛ الي تعد من أحوج المراحل في حياة
يتبوؤن مراكز التوجيه والريادة الآن في عالم الفكر والثقافة» راقدا حيويا يستقون
من رموزه آرائهم ونظرياتهم ورؤيتهم للحياة والجتمع» ويستلهمون القدوة والأسوة
وإذا كانت الأمم الحية تحافظ على تراثهاء وتبذل كل ما في وسعها لتحقيق هذا
الهدف؛ أميئة في حراستهاء تقطع أيدي العابئين فيه في عاولتهم الأولى» لأنها تمثل
خطة مدروسة لخدم ذاتيتهاء وتحطيم طاقاتهاء وضياعها كأمة ة البنيان قوية
الرابط سليمة الهدف - فإن وانطلاقا من هذا وإسهاما في كشف اللثام عن طبيعة
الفكري والفقهي والثقافي الي طالما يتشدق بها العلمانيون المعاصرون وا
ثقافتنا الإسلامية - أقدم لك عزيزي القارئ هذا البحث بهدف كشف الأوراق
وإماطة اللشام عن جهود شخصية من أكبر الشخصيات الثقافية في نهاية القرن
التاسع عشر ومطلع القرن العشرين» ودورها الحقيقي في معركة الغرب مع الثقافة
الإسلامية والإسهام الفاعل في خدمة الثقافة الغربية؛ وال لا يزال تمثل رافداً هاماً
لمدرسة الاستنارة الحديثة!
وقد دفعني لاختيار هذا الموضوع أسباب كثيرة منها:
والتعحب إذ كيف يكتب عن تاريخ الإسلام ويسجل أحدائه كاتب نصراني؛ يقف
شيئًا شيا حتى وصل إلى ذروته يوم أن قرأت كتاب الإسلام والحضارة الغربية
تغريب المجتمع الصري» وكنت ساعتها قد أنهيت رحلة الدراسات العليا وأبحث
عن موضوع للماجستير فأردت أن أحقق رغبة الصبا في دراسة هذا الوضوع.
فوجدت أن مجلة الهلال هي أقدم بحلة شهدها العالم العربي حتى الآن إذ بلغت الماثة
عام )١( من عمرهاء ولازالت تصدر مما أثار في ذه عددا من الأسئلة عن سر
استمراريتها وعدم توقفها شأن عشرات الصحف والمجلات الي صدرت معها أو
: رفع الغشاوة عن أعين المخدوعين برموز هذه الفتة الذين قاموا بأخطر
الأدرار في تمزيق شمل الأمقه ومسخ شخصيتهاء وكانوا أداة طيعة في يد الاستعمار
البغيضء ينفذ بهم سياسته ويحقق بأقلامهم مخططاته وألاعيبه ( بصرف النظر عن
حسن النية أو سوءها ).
تتزدد في جنبات العديد من مؤسسات التعليم والثقافة في بجتمعاتنا وفي عقول
)١( مالة عام عند كنابة هذا البحث سنة 1847م
وكنابات عديد من الأدباء والمفكرين أمشال طه حسين وسلامة موسى ولوس
عوض ومحمود عزمي وحسين فوزي؛ وغيرهم ممن يعدون قمم الصحافة والثقافة
اللصرية؛ الذين خلفوا ورائهم تلاميذ كشيرين يحملون هذه الأفكار ويبثونها في
كتاباتهم ويقذفونها بين الحين والآخر في ساحة الفكر والثقافة.
خامساً: إظهار دور الصحافة الفمّال» والخطيرء في مسيرة الحرب الفكرية» الي
أعلنت على الفكر الإسلامي» وحرص أعداء الإسلام على الغزو الفكري للأمة
الإسلامية عن طريقهاء
سادساً: ذلك التهجم الصارخ والصريح - والذي تجاوز الحد - على أصحاب
رسول الله في رواية فتاة غسان» دفعي إلى محاولة رصد بقية محاولات جرجى زيدان
الخبيئة لضرب الثقافة الإسلامية في بقية آثاره وكتاباته.
منهج البحث:
)١( التحليل والوصف في عرض القضايا الي طرحها جرجى زيدان في كتاباته
وعلى رأسهاء محلة الهلال بعد تصنيفها ومعالحة كل منها في مبحث مستفل»
)١( الحكم والاستنتاج والرؤية الإسلامية لتلك القضاياء ومناقشة الشبهات التي
أثارتها المجلة في وجه الثقافة الإسلامية.
والتزمت في بحثي بعدد من الضوابط:
)١( الأمانة في نقل النصوص من مصادرها الأصلية لحفظ حقوق العلماء إذا
(1) الرجوع إلى نصوص القرآن والسنة وتحري صحة الأحاديث النبوية
(©) البعد عن التهويل والإفراط في عرض القضاياء ثم أثي بعرض موقف
الإسلام ونظرته الصحيحة» ومناقشة الآراء بحيدة وأمانة علمية.
على حسن الفهم» واستعنت في ذلك كله بالله له تبارك وتعال أولاً وأخراً.
خطة البحث:
المقدمة: قد اشتملت على بيان اموضوع وأهميته» وسبب اختياره؛ ومنهج
فصل تمهيدي: تحدثت فيه عن مفهوم الثقافة ووظيفتها - والفرق بين الثقافة
الباب الأول: حرحى زيدان سيرة وآثارا. تناولته في أربعة فصول.
الفصل الثاني: التعريف يحرجى زيدان.
الفصل الثالث: التعريف بكتابات جرجى زيدان.
الفصل الرابع: جرجى زيدان في كتابات القدامى والمعاصرين.
الباب الثاني: القضايا الي عالجها جرحى زيدان في كتاباته.
الفصل الأول: القضايا الاستشراقية - عرض ونقد.
الفصل الثاني: القضايا التاريمية - تاريخ التمدن الإسلامي نموذحاً.
الفصل الثالث: القضايا الفلسفيا
اللبحث الأول: شبهة العداء بين الدين والعلم.
المبحث الثاني: نظرية التطور.
الفصل الرابع: القضايا السياسية - موقفه من الخلافة العثمانية نموذجاً.
الباب الثالث: الشخصيات والتراجم عند جرجى زيدان.
فصل تمهيدي: الشخصية وتحديد المفهوم.
الباب الرايع: روايات جرجى زيدان - عرض ونقد.
الفصل الأول: مقدمات ضرورية بين يدي الروايات.
الفصل الثاني: الروايات تحليل ودراسة.
اللبحث الأول: فتاة غسان.
المبحث الثانى: أرمانوسة المصرية.
المبحث الثالث: عذراء قريش.
اللبحث الرابع: غادة كربلاء.
اللبحث الخامس: الحجاج الثقفي.
المبحث السادس: شارل وعبد الرحمن.
اللبحث السابع: أبو مسلم الخراساني.
المبحث الثامن: العباسة أخت الرشيد.
المبحث التاسع: صلاح الدين الأيوبي.
البحث العاشر: شجرة الدرء
المبحث الحادي عشر: أسير المتمهدي.
اللبحث الثاني عشر: الانقلاب العثماني.
قائمة المصادر والمراجع.
مصادر الدراسة:
لقد جاءت دراسي لشخصية جرجى زيدان من خلال عكوفي على دراسة بحلة
الهلال الي أنشأها وكتب الأغلبية الغالبة من موضوعاتها طوال الفترّة من 1847
)١( مجموعة المؤلفات الكاملة لحرجى زيدان الي أصدرتها دار الجيل ببيروت
طبعة 481١م وتقع في واحد وعشرين بجلداء يبلغ مجموع صفحاتها حوالي
أربع عشرة ألف صفحة.
(9) جميع أعداد الجلة التي صدرت خلال فتة البحث وال تقع في أثتين