إلى الذي قادني مُذْ عرفت الحياة في طريق الخير » فأفاض علي من حبّه »
أستاذاً ... ؛ وسلك بي في طريق معرفة الله مرشداً ... ؛ سيدي الوالد ؛ الذي
فإلى روحه الطاهرة أهدي هذه الرسالة » لتكون حسنة في سجل أعماله »
من النبيين + والصّديقين » والشهداء ؛ والصالحين ٠
حمد هشام مد سعيد البرهاني
الح لله » والصلاة , والسلام + على رسوله الأمين
وبعد :
١ فقد خم الله سبحانه ؛ بالني الكريم » عقذ أنبياله ؛ ونسخ ؛ بشريعته
المطهرة .كل الشرائع السابقة » وكتب عليها أن تواكب سير الإنسان » والحياة »
إلى الهاية ؛ 3 يوم تُبدل الأرض غير الأرض » والموات 6" ؛ ويقومٌ النناس
صالحة لأداء هذه المهمة .
فيّزها :
أولاً : بالقالميّة ؛ التي تشيع فيها ؛ شيوع الزرقة في قبة السماء ؛ وتنطق يها
كل نصوصها ومصادرها ؛ فلم تكن رسالة أمة واحدة » ولا طبقة خاصة ؛ ولم تكن
للسادة دون الضعفاء ؛ ولا للضعفاء دون السادة ؛ ولكنها رسالة تثمل بني
الإنسان » من كل جنس ؛ وملّة ؛ ولسان » في كل زمان ومكان . قال تعالى :
ياأيّها النّاس » إني رسو الله إليم جميعاً » الذي له ملك السموات والأرض 4" +
وفي الحديث الصحيح « أغطيت خماً لم يُعطهن أحد قبلي : تُصرتٌ بالرعب
وميّزها ثانياً : بالعموم » والشمول , فاستجابت ؛ بذلك ؛ لججيع مطالب
الدنيا » والآخرة . قال تعالى : ( ونَزلْنَا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء +
وهدئ » ورجة ؛ وبشرى للمسامين م" . وقرضت ؛ هذه الطالب »
والحاجات ؛ الظروف المناسبة ؛ ليقوم التوازن بينها كاملاً ؛ فلم تعذّب الجسد »
لحساب الروح ؛ ولم تظلم العقل ؛ بالتوجه إلى مخاطبة الضمير والوجدان + ولم تهمل
الدنيا . لتعيش في أجواء الآخرة وإما أعطت كلّ جانب حاجته » وكلّ ذي حقٍ
حقه ؛ ففي توجيهات المربي الأعظم َك لعبد الله بن مرو بن العاص » رضي
الله عنهها حين بلغه عزمه على مواصلة صوم النهار » وقيام الليل ٠ لاتفعل : كُمٌ
وميزها ثالثاً : بالمرونة الفائقة ؛ على الاستجابة تختلف البيشات
والظروف ؛ مع أصالة ؛ لاتضيع معالمها ؛ ولا تذوب ؛ بسببها ؛ شخصيتها +
8 أخرجه البخاري ؛ ومسل ؛ عن جابر بن عبد الله ؛ رضي الله عنه +
(ه) النحل /85/
(© رياض الصالحين / 7/88
عليه تارة ؛ وصؤّبه لهم تارة أخرى . ومن هنا : استجازأئمة الاجتهاد »
لأتفسيم ؛ النظر في الأحكام على ضوء مقاصد الشريعة ؛ وروحها ؛ دون
الاكتفاء بظواهر نصوصها » ومن هنا أيضاً : نشأت مصادر الاجتهاد بالرأي »
وروعيت أعراف الناس » وعاداتهم وتقررت القاعدة الشهيرة : لاينكر تغيّر
الأحكام بتغير الأزمان .
؟ وفي هذه المرحلة الدقيقة - ؛ من حياة أمتنا » التي تقف فيها خيرى على
مفترق طريقين : - فإما أن قنسى ؛ إلى الأبد ؛ نفسها ؛ فقعن ؛ في سعيها
الخائب ؛ وراء الضلالات المستوردة » والأباطيل المزيفة ؛ وتبقى ذيلاً . تُحركه
أهواء الأعداء ؛ - وإما أن تصحو » من سكرتها » على هتاف الحق » يدعوها إلى
الإسلام » الذي عرفت فيه طريق خلودها ؛ وذروة مجدها ؛ وحقيقة وجودها +
فتوحّد شملها ؛ وتجمع قوتها ؛ وترفع ؛ عن نفسها ؛ ذل الاستكانة ؛ وهوان
الضعف ؛ وتتسلم ؛ من جديد » مركز قيادتها , وعبء المداية » والدعوة إلى
رسالتها العالمية » الشاملة ؛ المرنة - رأيت أن أتناول البحث في موضوع ؛ تجد
الأمة فيه وسيلة إلى البعث ؛ وإلى التخلص من شوائب الحاض + وأوزاره »
وطريقاً مأمونة . للسير في طريق البقاء والخلود » ووجدت هذا في عدة
« سد الذرائع » للاعتبارات التالية :
لموضوفات + أخترب من
أنه م يلق العناية الكاملة من الدارسين والباحثين ؛ مع أنه مظهر حَيٌ
لخاصية المرونة » التي تفرضها عالمية رسالة الإسلام ؛ وشمولها » فأردت توجيه
الأنظار إلى مظهرٍ من مظاهر المناعة الذاتية في الإسلام ؛ هذه المناعة التي تحفظه
من الانحراف والتزييف ؛ وتصونه من العبث والتبديل ؛ وترة عنه كل دخيل »
إثارة الاهتام بأصل , يتصل ؛ اتصالاً وثيقاً + بحجياة الناس اليومية , الخاصة ؛
والعامة ؛ يدهم على طريق الخير ؛ ويجنبهم مواطن الزلل ٠
تلان
ج - أن بعضهم قد اساء فهمه , فظنه واحداً من مظاهر التضييق على
العباد » والتشديد على الخلق ؛ بسدٌ أبواب الرحمة عليهم , مع أنه ضابط عَدْلٌ »
يدفع غلوَ المتنطعين ؛ وتطرّف المتشددين ؛ ويفشح لهم الباب » ليخرجوا به من
العسر ء إلى اليسر » ومن الحرج ؛ إلى الضيق + كا يقف ؛ بحزم ؛ أمام أعداء
الإسلام وخصومه » وأمام أبنائه المتحللين » والأغبياء الجاهلين ؛ ليسدٌ في وجه
هؤلاء ؛ وهؤلاء » أبوابب الكيد ؛ والدّس ؛ وليردهم عن مواطن الضلال »
والفساد .
وسأعرض في رسالتي هذه ؛ بعد رحلتي الطويلة ؛ مع هذا البحث »
الأصل » ورد ماأثير حوله » وأحيط به من شبهات . خدمة متواضمة » أسدها
؟ - وقد تناولت البحث بعد هذه المقدمة ؛ في تمهيد ؛ وقسمين . أما
القهيد ؛ فقد تكامت فيه عن : مظاهر الاجتهاد بالرأي ؛ وسدّ الذرائع بينها +
وخصصت القسم الأول للتعريف بالذرائع ؛ وأقسامها ؛ وأحكامها ؛ والقسم الثاني
لبيان صحة الأصل : سد الذرائع , والاحتجاج له
أما القسم الأول : فقد جملته في بابين , تناولت » في أولا ؛ البحث في
ثلاثة فصول ؛ وخاتمة . فأفردت الفصل الأول : للكلام عن : معنى الذرائع +
وسَدّها في اللفة ؛ وفي الاصطلاح الفلسفي ؛ والشرعي ؛ مع بعض المقارنات +
والشاني : للكلام عن أركان الذريعة : الوسيلة ؛ والتوسل إليه ؛ والإفضاء
وخواصها ؛ والثالث : لبيان أن سدٌ الذرائع يأتي بمعنى الأصل ؛ والدليل +
والقاعدة » وأنه أقرب ما يكون إلى القاعدة الأصولية +
وتناولت في الباب الثاني أقسام الذرائع وأحكامها في ثلاثة فصول +
- الأول : لأقسام الذرائع + - والثاني : لأحكامها ؛ - والغالث : لأثر امخالفة لحم
الذرائع
وأما القسم الثاني فقد جعلته في تقهيد ؛ وثلاثة أبواب . فبينت في القهيد
أن « سد الذرائع » دليل مؤيّد بالعقل + والشرع + وييّنت في الباب الأول أن
« سد الذرائع » معتبر في الشرع , بالنقل من الكتاب » والسنة في فصلين »
في الباب الثاني أن سدٌ الذرائع معمول به في اجتهاد الصحابة ؛ والتابعين +
وأئمة المذاهب الأربعة المجتهدين في فصلين ؛ وبيّنت في الباب الشالك كيف
اختلفت مواقف العلماء منه » بين مؤيّد » ومخالف ؛ وأنّ هذا الخلاف ينحصر في
التطبيق على آحاد المسائل ؛ لافي أصل الاعتبار » بعد متاقشة تفصيلية لموقفي
الأصل من حياتنا المعاصرة +
وجه الخصوص ؛ إلى الحقائق التي استطعت إبرازها عن هذا الأصل » ومقترحات
رأيتها على ضوء البحث .
؛ وفي هذه الدراسة , بكل ماتناولته ؛ اعتدت على أمهات المراجع »
وأوثق المصادر » في فقه الكتاب » والسنة والمذاهب » أصولاً وفروعاً » وقرأت
كل ماوقع تحت يدي , مما يخدم الموضوع + من أصول مطبوعة ؛ أو مخطوطة » في
جهداً ؛ وكان رائدي في ذلك كله طلب الحقيقة ؛ وإسداء خدمة متواضعة لهذه
الشريعة الغراء ؛ فإنْ اسعدني الحظ ٠ وحالفني التوفيق أشكر الله عليه +
وإن لم أحقق الطلوب » فعذري أني لم آل جهداً في بلوضه ؛ ول أبخل بطاقة في
تحصيله . وله الجد والشكر ؛ في كل حال ٠
+ ويسعدني أن أتقدم بخالص الشكر ؛ والتقدير ؛ لأستاذي الفاضل *
» السيد الأستاذ الدكتور مصطفى زيد ؛ الذي تفضّل بمرافقتي في رحلتي هذه
» ومنحني ؛ من فضله ؛ وعلمه ؛ ووقته ؛ ماأضاء لي الكثير من جوانب البحث
دار العلوم » في جامعة القاهرة » فأتاحت لي فرصة ثينة غالية ؛ مكنتني من «
٠ التفرغ الكامل للبحث
+ - ولا أنسى ؛ بعد ذلك ؛ أن أتوجه إليه سبحانه ؛ بحمد ؛ وثناء ٠ يليقان
بجلال وجهه ؛ وعظم سلطانه ؛ على ماتفضل به علي » من شرف الخدمة
يعته . وأسأله تعالى أن يديم عليّ فضله » وأن يقبل مني هذا الجهد المتواضع +
لي بخاقة السعادة » إنه نعم المولى . ونعم النصير » والمد لله رب العالمين +
القاهرة عمد هشام البرهاني
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
القهيد : وفيه ستة مباحث :
المبحث الأول ويتضن ٠: طرق معرفة الأحكام في حياته عَم .
- طرق معرفتها بعد انتقاله َي إلى الرفيق
الأعلى
© خطورة الاجتهاد في هذه المرحلة .
؛ صلة التهيد بموضوع البحث « سد الذرائع »
أي : معناه : لف واصطلاحاً وحدّ الاجتهاد
المبحث الرابع : مظاهر الاجتهاد بالرأي وسدّ الذرائع بينها جميع
ماذكره العاماء من مظاهر لهذا الاجتهاد : إما راجع
والاستصلاح
المبحث الخامس : القياس : معناه أركانه مراتبه ٠
المبحث السادس : الاستصلاح معناه .
المبحث الأول
١ - ظهر الإسلام » والعرب » بل العالم أجمع ؛ في أشد الحاجة إليه ؛ فأتامم
بالعقيدة الصحيحة , بعدما ضلوا في متاهات الوثنية , وخرافات الشعوذة +
وبالشريعة الصحيحة ؛ بعدما عصفت بهم رياح النزعات . والأهواء . وتحكم
الأفراد » وبالنظم الصالحة . لتستقم حياتهم . وسلوكهم + على منهاج قويم .
وقد كان سبيل معرفة هدي الإسلام ؛ في حياة الرسول الكريم صلوات الله
عليه , سهلةً ميسورة ؛ لأن الناس كانوا بين أحوال ثلاثة :
وإما أن يبادروا بالسؤال » ثم ينتظروا الوحي ؛ أو يفتيهم الصادق الأمين
بما له من وظيفة البيان +
وإما أن يقع الأمر منهم ؛ فيقرم الوحي عليه أو يوجههم لسبيل المدى
" - لكن الأم لم يكن كذلك , بعد أن لحق يي بالرفيق الأعلى ؛ واتقطع
الوحي ؛ فالكتاب الكريم , والسئة النبوية - وإِنْ كانا يثلان امار اهادي +
والملجاً الأمين » ويتضنان . بما فيها من أحكام . وأصول » ومبادئ » خَلّ كلّ
مايواجه الناس في حياتم ؛ من أحداث » ووقائع ؛ ومشكلات ؛ 6 جاء في
صريح قوله تعالى : 3 وَنَزلنَا لَك الكتاب تثياناً لكل شيء ؛ وهُدئ ؛
مل سد الذرائع (؟)