ب - والطوفي من فقهاء القرن الثامن الهجري» فقد وُدَ في سنة /181ه ؛ على ما
ف ابن حجر في «الدرر الكامنة» وتوفي سنة 16لاه على ما رجحه ابن رجبء
© - والطوفي فقيه حنبلي جاءت كَُ مؤلفاته في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن
حبلء وَيَعْنُ المرداوي - من كبار فقهاء الحتابلة - ضمن نّ أصحاب الإمام ذوي
الرأي والاجتهاد فير المذهب. كما كان أصولياً بارعا فقد ضرب في هذا العلم
نتحدث عنه؛ وقد أقر له بذلك مشاهيرُ علماء الأصول الذين جاؤوا من بعده. لكن
آثاره في هذا العلم اقتصرت على أصول مذهب الحنابلة فقط» وكان إلى جانب
كتابيه : «الإكسير في قواعد التفسير» و«شرح الأربعين النووية». وكان إلى جانب
والشعرء فلا عجب أن يترك ثروةٌ علمية تزيدٌ على الأربعين كتاباً في مُخْتلفٍ العلوم
المذكورة وغيرها.
كتابان. لا كتاب واحد متن وشرح» كلاهما لنجم الدين الطوفي .
- أما المتن» فهو مختصر كتاب «روضة الناظر وجنة المناظر» لشيخ الإسلام موفق
الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قُدامة المقدسي الحنبلي؛ وهو
كتاب في اصول الفقه على مذهب الحتابلة» ويعرف هذا المتن ياسم «اللبل» كما
يظهر ذلك من نسخة مجردة مسجلة على «فيلم» محفوظ بمعهد إحياء
المخطوطات العربية؛ عنوانها «البلبل في أصول مذهب أحمد بن حنبل».
المستحسن. » إذخيرٌ الكلام ماق ودلّ» وأن هذا هومعنى الاختصار الوارد في قول
المعاني الكثيرة الجليلة في الألفاظ اليسيرة القليلة .
1 بقصر الحجم من عدم وفاء
المختصر بالمسائل الواردة في كتاء
يتضح ذلك لمن يقوم بالمقابلة والموا
ب تضمنه واشتماله على ما في كتاب «روضة الناظر وجنة المناظر» من مسائل وقضايا
وادلة» لموفق الدين ابن قدامة المقدسي» وواذ أن هذا الاشتمال والتضمن قد
جاءا في المختصر على سبيل الإيجاز الذي لايل بما جاء في كتاب الروضة .
بل هي في كل مجال: في المتن وهي القضايا والمسائل المستدل عليها؛ وفي
الاستدلال بذكر أدلةٍ من النصوص لم يتعرّضٌ لها صاحبُ الروضة» وفي نقل
الخلاف وتحقيقه بتصويب عزو الآراء إلى أصحابهاء وفي تعليل المسائل بذكر
عللها وأدلتها من غير النصوص .
تيل الرضاء وتُظهر رونقها وبهاءهاء كما أن البليل الغزيدَ ذا الصوت
دقيق؛ وح رقيق .
د سهولة العبارة؛ ووضوح المعنى» والبعد عن الُّموض والإبهام في العبارات
والتراكيب بحيث يفهم القارىء أو السامع المراد من العبارة بمجرد القراءة أو
فى الخاخردم تابع أبا حامد الغزالي على إلحاق المنطقى بالأصول إلا ابن
الحاجب في مختصره» .
ومن الواضح أن الطوفي يَقُصِدُ من قوله: «إنه لا تحقيق له في فن المنطق»
عدم التخصص والتبحر فيه؛ إذ الثابتٌ من تاريخه العلمي أنه قد درس المنطق»
وله مشاركة فيه بكتاب ألّفه عنوائه «دفع الملام عن أهل المنطق والكلام» كما أن
نفي علمه بمتابعة أحدٍ من المتأخرين أبا حامد الغزالي في إلحاق المنطق
بالأصول غير ابن الحاجب» قاصرٌ على المتأخرين في زمه وإلا فبعد قرن
ونصف من وفاة الطوفي تقريباً وضع الكمال بن الهمام من أعلام الفقه والأصول
في المذهب الحنفي - المقدمة المنطقية في صدر كتابه «التحرير» كما فعل ذلك
أيضاً ابن عبد الشكور في كتابه «مسلم الثبوت».
العشرين من الشهر نفسه» أي : أنه ألفه في أيام؛ وهي مدة لا تسمح له
بتسجيل الرأي المخالف والدفاع عنه» بالإضافة إلى أن تسجيلّها يخرج عما التزمه
من اختصار كتاب «الروضة» والالتزام بما فيه؛ إذ الاختصار يعني جمع المعاني
الكثيرة من كتاب «الروضة» في ألفاظ قليلة؛ وآراء الطوفي المخالفة ليست جزءاً
8 - وإذا كان ما التزمه الطوفي في مختصره البلبل لم يُسعفه» ولم يسمح له بإبداء
له المجال في التعبير عما بولا وتسجيله في حرية تامة؛ ودفاع قوي .
4- ولكن ما الذي دفع الطوفي إلى تأليف متن في الأصول. وأن يكون هذا المتِنّ
أما الدافع إلى تأليف المتن. فأغلب الظن أنه مجاراة الحركة العلمية
والفكرية في هذا العصر في مجال تأليف الكتب» إذ كانت هذه الحركة تتجه إلى
تأليف المتون؛ وهي الكتب المختصرة في العلوم المختلفة؛ وذلك تيسيراً على
الدارسين من طلبة العلم» وإظهاراً لبراعة المؤلف في القدرة على جمع المعاني
الكثيرة في الألفاظ القليلة .
الظن أيضاً أن كتاب «الروضة:كان من أشهر الكتب المؤلفة في أصول مذهب
الحنابلة؛ وقد ظَفِرٌ قال أهل العلم عليه؛ ولا بد لمن يؤلف في أصول الحنابلة
أن ينسج على منوالهم. فلذلك أقدم الطوفي على اختصاره؛ مع إضافة بعض
٠ واخيراً يقول الشيخ ابن بدران في وصف المختصر في كتابه «المدخل إلى
أصول مذهب الإمام أحمد بن حنبل»: «إنه مشتمل على الدلائل مع التحقيق
» والترتيب» والتهذيب؛ ينخرط مع مختصر ابن الحاجب في سلك
سهولة العبارة ووضوح المعنى في مختصر الطوفي على حين أن مختصرٌ ابن
الحاجب يصل الإيجاز في بعض عباراته إلى حد الإلغاز وإن سَعِدَ بالشهرة
في أولهاء وهو في حاجة إلى تنقيح وتحقيق .
ب تحديد ما يُقْصَد من كل عبارة في المتن» مع نفي ما همه من معانٍ غير
مقصودة» وبيان المعاني اللغوية للألفاظ التي تحتاج إلى بيان» مع رد الكلمة إلى
أصلها اللغوي مقتضرا في ببان معناها على ما يقتضيه المقام» دون إفاضة في بان
العلماء كثيراً ما يُفرَكُونَ بين المعاني والدلالات باختلاف الحروف. كقولهم:
المصادر اللغوية الموثوق بهاء وإن كان أكثر ما يعتمد عليه كتاب «الصحاح»
على التعريف من نقد ودفع » وجواب ورد. ونقص وتكميل؛ ويستمر في ذلك
حتى يسلم له التعريف الذي يطمئن إليه.
جد عرض المسائل عرضاً واضحاً» وتحرير محل النزاع فيها؛ وبيا
حولّهاء مع عزو الآراء إلى قائليهاء وتصحيح ما وقع فيه غير من خطأ في هذا
العزي بحيث تبدو المسألة المطروحة للبحث والاستدلال في غاية من الوضوح
الصياغة المنطقية
الصياغة بالنصيب الأوفى + لم يستطع الطوفي أن يتخلص من هذه الصياغة مادام
يُلْت شرحه في أصول مذهب الحنابلة وطريقتهم تنحو نحو طريقة المتكلمين
- طريقة الجمهور التي تحتفي بالمنطق احتفاءاً كبيراً. لكنه يبعد القارىء عن
الإحساس بها بأسلوبه الأدبي الرائع
ه- التعمق في تحليل المسائل ببيان دقائقهاء وما يُُحيط بها مستخدماً في كثير من
الأحيان طريقة الاعتراض والجواب التي تدفع القارىء أو السامع إلى الاتباء
من الجواب سوا بالجواب وهكذاء وهي طريقة أقرها البحث العلمي ؛
مها العلماء 0 بحولهم وتعرف عند المتأخرين باسم «الفناقل»
جمع فنقلة وهي نحت لكلمة «فا قيل» على غرار البسملة؛ والحوقلة» وغيرها ء
و ظهور شخصية المؤلف الأصولية ظهوراً واضحاً تنطق بها صفحات شرحه في كل
في الأجو, المرضية؛ وأخرى في المسائل والأدلة وعرضهاء ونقده في
بعض. الآراء أو التعريفات أو التراكيب ترجيحاً مدعوماً بالأدلة والتعليلات» وهي
ترجيحات تغطي الكتاب كله
١١ - والشرح المذكور فوق ما تقدم - شرح اموب ات صاحبّه علمّ الأصول على
نَمْطٍ لم إليه غير فيما نعلم - في قوة الأسلوب ووضوحه؛ وعرض
المسائل وترتيبهاء وسوق الأدلة اا ومناقشاتهاء وبيان السليم المنتج
منهاء والتحليل الرائع لمفاهيم الاصطلاحات والألفاظ والعبارات» واختيار
الأمثل في كل ذلك. بحيث يخرج الدارس المتفهم له أصولياً خبيراً بالصياغة
ودقة التعبير, والقدرة على الجدل والمناقشة» وهوما نشد في طلبة العلم
عونا ودارس أصول الفقه خصوصاً
وفي قيمة الشرح المذكور يقول الشيخ ابن بدران في كتابه «المدخل إلى
أصول مذهب الإمام أحمد إن حنيل» عند كلامه على مختصر البلبل : «وقد
هذا الفن واطلاع وافرء وبالجملة فهو أحسن ما ضُلْف في هذا الفن وأجمعه
١٠ ولهذه القيمة العلمية العظيمة لهذا الشرح اعتمد عليه كثيرٌ من أكابر العلماء في
مؤلفاتهم الأصولية فمن هؤلاء: علاء الدين علي بن سليمان بن أحمد المرداوي
المتوفى سنة 0ه من كبار فقهاء الحنابلة. فقد اعتمد في كتابه «تحرير
المنقول وتهذيب علم الأصول» على الشرح المذكور: حيث نقل عنه كثيراً» وقد
ومنهم تقي الدين الفتوحي المتونى سنة 4174ه أحد كبار فقهاء الحتابلة
انتهت إليه رئاسة المذهب في مصرء وولي القضاء بسؤال جميع أهل مصرء فقد
نقل من الشرح المذكور كثيرا في كتابه «شرح الكوكب المنير» وحسبك باعتماد
هُذين الشيخين الجليلين على «شرح مختصر الروضة القدا
» ثقة به وتقويماً
٠ - والكتاب بعد هذا كُلّه فوق ما وصف به؛ مما يجعله جديراً باحتفاء كل دارس
لعلم الأصول ومهتم به وأخصٌ من هؤلاء القائمين على أمر الجاممات
الإسلامية الذين يُرجى منهم أن يجعلوا هذا الكتاب على رأس الكتب التي
تدرس بكليات الشريعة. وأقسام الدراسات العليا بهاء وهو رجاء جديرٌ
الأول: أن نجم الدين الطوفي قد اتهمه العلامة ابن رجب بالتشيع» ودافع
عن هذه التهمة بعض الباحثين المعاصرين في رسالة علمية اجيزت بدرجة
الروضة قد جاء كُله جملة وتفصيلآ على أصول. , مذهب الحنابلة» ولا أثر للتشيع
الثاني : أن نجم الدين الطوفي قد أثر عنه في شرحه لحديث «لا ضرر ولا
هذه المقالة؛ إذ جاء كُه على وفق أصول مذهب الحنابلة التي يبرأ مذهبهم عن
القول بهاء والحمد لله تعالى .
ولا يسعني في ختام هذه الكلمة الموجزة أشدٌ الإيجاز إلا أن أشكّرٌ محقق هذا
والتدقيق» والتعليق. حتى أخرج هذا التراتٌ الأصولي الضخم للناس عامة؛
الخصوص فأثرى بذلك المكتبة الإسلامية كانت تفتقده من قديم .
ثناءاً ومدحاًء ولكنني أدعوله بكل خير» وبالمزيد من التوفيق في خدمة الإسلام»
في ساحة الاصول بخاصة؛ وساحة العلوم الإسلامية بعامة؛ والله ولي ذلك
والقادر عليه .
عبد العال عطوة
أستاذ ورئيس قسم السياسة الشرعية
بالمعهد العالي للقضاء
بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية