تالمهم
إن الحمد لله ؛ نحمده؛ ونستعينه » ونستخفره » ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيثات
أما بعد :
فإن الدب عن عقيدة الأمة من أعظم الجهادفي سبيل الله» والجهاد في ذلك تارة
يكون بالسنان وتارة يكون باللسان» والقلم أحد اللسانين. وقد صح عن النبى صلى الله
المهمة هي مهمة الأنبياء وأنباعهم» فإن بيان الحتى من الباطل مقصد عظيم من مقاصد
بعثة الأنبياء والرسل +
)١( الحديث من رواية أنس بن مالك رضى الله عنه . أخرجه الإمام أحمد فى مسنده (81/7): وأيو داود
فى سنته. كتاب الجهاد/ باب كراهية ترك الغزو )٠١7( قال الألبانى : صحيح انظر: صحيح سنن ألى
داود 474/10 والنسائى فى سننه/ كتاب الجهاد/ باب وجوب الجهاد (1/7). والحاكم فى المستدرك:
كتاب الجهاد (51/7). وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهى+
وقد كان لرسولنا صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن القدح المعلى . فقد كانت
حياته صلى الله عليه وسلم حافلة بالجهاد بشقيه (اللسان والسنان) . للدعوة إلى العقيدة
الصافية والحنيفية السمحة وذم الكفر والشرك وأهلهماء ومجادلتهم» وبيان ما هم عليه
من الضلال والباطل ٠
وكان أعداء الدين في وقته نوعين : الكفار والمنافقون» وقد أمره الله تعالى : بجهاد
الطائفتين والإغلاظ عليهما بقوله: يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ
وأدى الأمانة صلوات الله وسلامه عليه +
من رد البدع والأهواء المضلة وهجر أصحابها وتأديهم +
وجاء بعد ذلك دور التابعين. فقاموا في وجوه أهل الأهواء وكاسروهم؛ بالقلم
الفاسد. وكانت لهم في هذا الشأن الأقضية والفتاوى والخطب المعروفة المشهورة.
وصفهم إمام السنة أحمد بن حنيل رحمه الله - في خطبته المشهورة التى قدّم بها
قد أحيوه؛ وكم من ضال تاله قد هدوه؛ فما أحسن أثرهم على الناس» وأقبح أثر الناس
+ 2300 انظر : الدر على المخالف من أصول الإسلام )١(
عليهم» ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين » وانتحال المبطلين + وتأويل الجاهلين»
الذين عقدوا ألوية البدعة وأطلقوا عقال الفتنة؛ فهم مختلفون في الكتاب؛ مخالفون
للكتاب» مجمعون على مفارقة الكتاب» يقولون على الله وفي الله؛ وفي كتاب الله بغير
علم؛ يتكلمون بالمتشابه من الكلام» ويخدعون جهال الناس بما يشبّهون عليهم» فنعوذ
وكان من منهج الصحابة رضوان الله عليهم في تعاملهم مع أهل الأهواء» والبدع
عصر التابعين» ومن بعدهم وانسعت رقعة البلاد وكثرت الأهواء والبدع وأصبحت لها
في بعض الأحيان الصولة والدولة. كان لا بد من مجادلتهم ومناظرتهم والتنزل معهم
ومخاطبتهم باصطلاحاتهم المبتدعة لبيان ما فيها من الباطل'". كل ذلك حماية لدين
الأمة وعقيدتها من تلبيس الملبسين» وشبهات المبتدعين» وقد امتحن في ذلك كثير من
علماء الأمة فصبروا على ذلك واحتملوا لأجله صنوفاً من الأذى والعذاب» وقدم البعض
الناس من عهد النبوة وأنوارها ازداد أهل الباطل توسعاً في باطلهم وهم على مر العصور
يتشكلون في أشكال مختلفة تبعاً للظروف والأحوال» فإذا خبا نور النبوة في وقت من
الأوقات أطل الباطل برأسه؛ وكشر عن أنيابه؛ وأظهر ما كان يبطنه ويعمل جهده في
إخفائه؛ وإذا ما دالت الدولة لأهل الحق والإيمان عاد ذاك الباطل يلبس لبوس التقوى
والورع ؛ ويتدرع بالتقية والمكر والكذب.
فالرد على أهل الأهواء والبدع» والحال هذه باب شريف من أبواب الجهاد في سبيل
:)5( مقدمة كتاب الرد علي الجهمية والزنادقة ص )١(
19 انظر: مواقفهم وأقوالهم فى ذلك : شرح أصول اعتقاد أهل السثة 111/17 +18
(©) انظر: درء تعارض العقل والنقل (4111- 247 1748 171) وشرح الطحاوية (- 4)
الله وبيان حالهم وتخذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين ؛ وقد قيل للإمام أحمد
رحمهالله: «الرجل يصوم ويصلي ويعتكف؛ أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟
فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه؛ وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو
للمسلمين؛ هذا أفضل .106
(المسائل الاعتزالية في تفسير الكشاف للزمخشرى في ضوء ما ورد في كتاب
الانتصاف لابن الميّر عرض ونقد ).
وكان لاختياري له عدة أسباب أذكر منها 5
-١ إنه يعرض بالمناقشة والرد لكتابين مهمين يمثلان مذهيين من مذاهب أهل
الأول : كتاب الكشاف . للزمخشريات (678) ه.
والثانى : كتاب الانتصناف . لابن المنيرت (687) ه.
* فالأول (الكشاف) : يمثل مذهب المعتزلة ؛ إذ هو تعبير عن عقائدهم من خلال
شرحه لآيات القرآن الكريم. وهو أضخم تفسير لهم وصل إلى أيدينا. وقد نال من الذبوع
والشهرة والتأثير الشيء الكثير قديماً وحديثاً » وتكمن الخطورة في هذا الكتاب في كون
مؤلفه حسن العبارة» ذا مقدرة فائقة على دس البدع في كلامه» وإلباس الباطل لبوس
الحق حتى إنه يروج على كشثير من المطالعين له ما يخفيه من عقائد باطلة في ثنايا
البدعية؛ وإظهاره في صورة محققة ومنمقة . وذلك من قبل شرذمة من المستشرقين
أعداء الملة والدين يساعدهم في ذلك بعض الموتورين من المتنسبين إلى الإسلام ممن هو
.)171/14( انظر: مجموع الفتاري / لابن يمية )١(
متهم في عقيدته مغموص عليه بالنفاق ٠
وهذا يجعل مهمة الرد على باطل هذا الكتاب الذي طبّقت شهرته أكثر الآفاق
وكان له الأثر الكبير في شرق العالم الإسلامى وغربه» يجعل تلك المهمة أكثر إلحاحاً في
زماننا هذا الذي كثر فيه خلط الحق بالباطل -
* والكتاب الثانى (الانتصاف) : يمثل مذهب الأشاعرة أوضح تمثيل فمؤلفه قد
ندب نفسه للدفاع عنهم وتصحيح مذهبهم » والأخذ بشأرهم من الزمخشرى الذي يرى
أنه قد مجنى عليهم وأساء معهم الأدب في كشافه.
ومكمن الخطورة في هذا الكتاب أن مؤلفه يدّعى أنه يقرر مذهب أهل السنة
والجماعة في رده لاعتزاليات الكشاف . وهى دعوى عريضة يدّعيها الأشاغرة لمذهيهم
هذا المذهب الذي يضرب بأطنابه في شرق العالم الإسلامى وغربه فكان من الضرورى
فوائد جمة ونكت مهمة لا يستغنى عنها طالب العلم؛ فكتاب الكشاف يعد من كتب
التفسير القلائل التى اعتنت بالجانب اللغوى والبلاغى في القرآن الكريم» وقد أجاد
مؤلفه في هذا الجانب وعرض فيه للكثير من الأسرار البيانية والبلاغية في القرآن الكريم»
كل ذلك بأسلوب سهل الفهم جزل العبارة واللفظ»
وابن المنيرٌ لا يقل في هذا الشأن عن الزمخشرى فقد أودع كتابه (الانتصاف)
جملة من التنبيهات البيانية اللطيفة» وكشف عن الكثير من الأسرار البلاغية الجميلة»
وله أيضاً إضافة إلى ذلك الكثير من التحقيقات والتعليقات الصائبة في مسائل من الفقه»
والعقيدة؛ وعلوم القرآن واللغة ؛ فرأيت أن في تصحيح ما وقع فيهما من أخطاء عقدية
الحق خلفآً عن سلف؛ لذا رأيت أن أسانة العلم توجب علىّ أن أدلى بدلوى في هذا
الجانب» - مع اعترافي سلفاً بقصر باعى فيه لكن استمد من الله العون وأسأله التوفيق
وقد اشتملت خطة هذا البحث على مقدمة . وتمهيد؛ وقسمين؛ وخاتمة .
المقدمة : وقد بينت فيها أهمية الموضوع » وأسباب اختيارى له؛ ومنهجى فيه
وخطة البحث.
٠ ترجمة موجزة للزمخشرى -١
7 التعريف بكتابه الكشاف.
7 ترجمة موجزة لابن المنّر.
4 التعريف بكتابه الانتصاف.
القسسم الأول : ويتكون من فصلين:
الفصل الأول ؛ بعنوان (منهج ابن المنيرٌ في الاستدلال) ويشتمل هذا الفصل على
أربعة مباحث :
-١ المبحث الأول : موقفه من العقل والنقل في الانتدلال على مسائل الاعتقاد.
"- المبحث الثاني : تعامله مع ظواهر النصوص النقلية
7 المبحث الثالث : مفهوم التأويل عنده.
المبحث الرابع : استدلاله بالسنة.
الفصل الثانى : وعنوانه: مذهب ابن امير في مسائل الاعتقاد. والغرض من هذا
الفصل إعطاء نبذة مختصيرة عن مذهب ابن المنيّرٌ في مسائل الاعتقاد من خلال
الاستعراض السريع مجمل المسائل الثى تطرق لها في تعقيباته على الزمخشرى؛ ويشتمل
-١ المبحث الأول : مذهبه في التوحيد والصفات.
"- المبحث الثانى : مذهبه في الملائكة والأنبياء.
المبحث الفالث : مذهبه في اليوم الآخر.
المبحث الرابع : مذهبه في القدر.
المبحث الحامس : مذهبه في الإيمان.
١ المبحث السادس : مذهبه في الصحابة.
أعرض فيه تعقيبات ابن المنيّرَ على الزمخشرى فيما يتعلق بالعقيدة وأتبعها حسب
مدعمآ ذلك بالأدلة من الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة وأئمتها. وقد سرت في ذلك
أ أورد الآية الكريمة ذات العلاقة بالموضوع مرقمة حسب ورودها في السورة ٠
ب - أنبع ذلك بذكر نص كلام الرسخشرى فيهاء وأجمله بين قوسين ثم أتبع ذلك
بتعقيب ابن المنيرٌ عليه وهو أيضاً بين قوسين +
أما المناقشة فتكون كالتالى :
النظر في تعقب ابن المنيره فإما أن يوافق منهج السلف أو يخالفه ٠
7 قد يوافق ابن المنير رأى الزمخشرى فأقوم ببيان ذلك ومناقشته.
6 المناقشة تكون أولا ب
ن خطأ القول . ثم انبعه ببيان المذهب الصحيح ثم الأدلة
أما الخاتمة ففيها عرض مختصر لأهم نتائج البحث.
الفهارس :
وقد ذيلت الرسالة بأنواع من الفهارس وهى كالتالى:
-١ فهرس موضوعى للمسائل.
7 فهرس الآيات المفسرة.
٠ فهرس الأحاديث ولآثار.
6 فهرس الأبيات الشعرية.
8 فهرس الأمثال.
7 فهرس البلدان والقبائل والدول .
لا فهرس لبعض عبارات ابن المنير.
ه فهرس الفرق والطوائف ٠
4 فهرس المصطلحات. والألفاظ الغربية.
-٠ فهرس الأعلام المترجم لهم.
. فهرس المراجع والمصادر ١١
١ فهرس الموضوعاث
وقد سلكت في هذا البحث المنهج التالى +
-١ اعتمدت في تتبعى لتعقيبات ابن المنير طبعة موئقة »وعند العزو أذكر رقم الجزء
والصفحة؛ وقمت بمقابلة هذه الطبعة بطتعات تر عند الحاجة إلى تصحيح
بعض الكلمات أو العبارات. فالطبعة المعتمدة في النقل هى طبعة دار الريان يمصر»
: طبعة دار المعرفة ( بيروت 6. ورمزت لها بالحرف ؛ (ع)
وزيادة في التوثيق قمت بمقابلة هذه الطبعات بمخطوطة لكتاب الانتصاف واثبت
الفروق بينها وبين النسخ المطبوعة في الهامش ورمزت للمخطوطة بالحرف (خ)
١ سرت في ترتيب التعقيبات ومناقشتها تبعاً للترتيب الوارد في كتاب الكشاف وهذه
٠ في القسم الخاص بالعرض والمناقشة قد يحدث أن بعض التعقيبات تتشابه في
موضوعها؛ فإذا كنت قد فصلت الكلام في الموضع السابق أجملته في الموضع
اللاحق وأشرت إلى موضع التفصيل فيه من البحث برقم الصفحة +
جعلت القسم الأول من البحث لبيان منهج أبن المنير في الاستدلال ؛ وإعطاءصورة
مختصرة لمجمل_المسائل الاعتقادية التى تعرض لها في كتابه ومذهبه فيها واقتصرت
في ذلك على مجرد العرض» وأشرت في الهامش إلى مكان مناقشة تلك المسائل في
جملت الآية القرآنية اللقصودة بالتعليق في أعلى الصفحة؛ وأنبعتها مباشرة يذكر
رقمها واسم سورتهاء والتزمت في كتابتها موافقة الرسم العثمانى؛ وفعلت الشىء
نفسه في الآيات الواردة في عرض الكلام غير أننى لم ألتزم فيها بالرسم العثمانى.
اساقتصرت في النقل من كلام الزمخشرى على الشاهد المقصود بالتعليق في كلام ابن