بات
وهم لا يصدقون بالسمع » فاضطربت أقوالهم . فمن
من غلب عليه البلغم رأى أنه يسبح فى الماء ا ونحو
ذلك » لمناسبة المامم طبيعة البلغم . ومن غلبت عليه
الصفراء رأى النيران والصعود فى الجو . . وهكذا إلى
خرف
وهذا وإن جوزه العقل + وجاز أن يجرى الله العادة
به + لكنه لم يقم عليه دليل ولا اطردت به عادة 6
والقطع فى موضع التجويز غلط .
ومن ينتمى إلى الفلسفة يقول : إن صور ما يجرى
فى الأرض © هى فى العالم العلوى كالنقوش + فما
لا برهان عليه ؛ والانتقاش من صفات الأجسام ©
وأكثر ما يجرى فى العالم العلوى الأعراض » والأعراض
لاه
قال : والصحيح ما عليه أهل السّنة : أن الله يخلق
فى ثانى الحال . ومهما وقع منها على خلاف المعتقد ©
فهو يقع لليقظان . ونظيره أن الله خلق الغيم علامة على
بحضرة الملك فيقع بعدها ما يس ٠ أو بحضرة الشيطان
فيقع بعدها ما يضر ؛ والعلم عند الله تعالى .
وقال القرطبى :
سبب تخليط غير الشرعيين إعراضهم عما جاءت به
الأنبياء من الطريق المستقم . وبيان ذلك أن الرؤيا إنما
هى إدراكات النفس + وقد غُيَّ عنا علم حقيقتها
- أى النفس - » وإذا كان كذلك فالأول أن لا تعلم
السمع والبصر إنما نعلم منه أمور جميلة لا تفصيله .
ونقل القرطبى فى د المفهم » عن بعض أهل العم :
إن لله ملكا يعرض المرثيات على المحل المدرك من
النائم + فيمشل له صورة محسوسة فتارة تكون أمثلة
موافقة لما يقع فى الوجود © وا تكون أمثلة لمعادن
معقولة » وتكون فى الحالين مبشرة ومنذرة .
قال : ويحتاج فيا نقله عن الملك إلى توقيف من
الشرع » وإلا فجائز أن يخلق الله تلك الممالات من
غير ملك .
قال : وقيل : إن الرؤيا إدراك أمثلة منضبطة فى
التخيل جعلها الله أعلاماً على ما كان أو ما يكون .
وقال القاضى عياض :
اختلف فى النائم المستغرق ؛ فقيل : لا تصح
استغراق أجزاء قلبه ؛ لأن النوم ايُخرجٍ الحى عن
صفات التمييز والظن والتخيل كما يخرجه عن
صفة العلم . وقال آخرون : بل يصح للنائم مع استغراق
أجزاء قلبه بالنوم أن يكون ظاناً ومتخيلاً © وأما العلم
فلا » لأن التوم آفة تمنع حصول الاعتقادات الصحيحه .
نعم إن كان بعض أجزاء قلبه لم يخل فيه النوم
تكليف عليه حينئذ » لأن رؤياه ليست على حقيقة وجود
العلم ولااصحة التمييز . وإنما بقيت فيه بقية يدرك ما
ضرب المثل .
من النائم © ولذا قال : « منضبطة فى التخيل ؛ ء لأن
بحسه ؛ إلا أن التخيلات قد تركب فى النوم تركيباً
يحمل به صورة لا عهد له بها ؛ يكون علماً على أمر
نادر + كمن رأى رأس إنسان على اجساد فرس اله
جناحان مثلاً . وأشار بقوله : « أعلامًا + © إلى الرؤيا
وأما الحديث الذى أخرجه الحاكم والعقيل من
رواية محمد بن عجلان عن مالم بن عبد الله بن عمر
عن أبيه قال :
لتى عمر علياً فقال : يا أبا الحسن » الرجل يرى
الرؤيا » فمنها ما يصدق ومنها ما يكذب ؟ قال : نعم
سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول :
« ما من عبد ولا أَمٍ ينام فيمتلء نوماً إلا تخرج
روحه إلى العرش فالذى لا يستيقظ دون العرش +
فتلك الرؤيا الى تصدق » والذى يستيقظ دون العرش +
فتلك الرؤيا الى تكذب + .
هذا حديث منكر لم يصححه المؤلف . ولعل الآفة
من الراوى عن ابن عجلان . قلت : هو ه أزهر بن
وقال
إنه غير محفوظ .
ثم ذكره من طريق أخرى عن إسرائيل عن أب
إسحاق عن الحارث عن على ببعضه . وذكر فيه اختلافاً
وذكر ابن القيم حديثاً مرفوعًا غير معزو : « إن
رؤيا المؤمن كلام يكلم به العبد ربه فى المنام » . ووُجد
الحديث المذكور فى « نوادر الأصول » للترمذى 6 من
حديث عبادة بن الصامت » أخرجه فى الأصل الثامن
: قال ابن ميمون
: عن حمزة بن الزبير عن عبادة » قال الحكم
: قال بعض أهل التفسير فى قوله تعالى
أى فى المنام ؛ ورؤيا الأنبيام وحى بخلاف غيرهم.
)١( الشورى
وقال الحكم أيضاً :
وكل الله بالرؤيا ملكا اطلع على أحوال بنى آدم من
اللوح المحفوظ ؛ فينسخ منها ويضرب لكل على قصته
مثلاً فإذا نام مّل تلك الأشياء على طريق الحكمة ©
لتكون له بشرى أو نذارة أو معاتبة . والآدى قد تسلط
عليه الشيطان لشدة العداوة بينهما ؛ فهو يكيده بكل
وجه » ويريد إفساد أموره بكل طريق فيلبس عليه
امرالى تنحصر على قسمين :
١ - الصادقة :
وهى رؤيا الأنبياء ومن تبعهم من الصالحين ©
وفق ما وقعت فى النوم .
* - والأضغاث :
الأول : تلاعب الشيطان ليحزن الرأتى + كأن
الثانى : أن يرى أن بعض الملائكة تأمره أن يفعل
الثالث : أن يرى ما تتحدث به نفسه فى اليقظة
عن المستقبل غالباً وعن الحال كثيراً ؛ وعن الماغضى
الرؤيا الصادقة والرؤيا الصالحة
ترجم البخارى رحمه الله لذلك بباب رؤيا الصالحين
وقوله تعالى ؛
« لقد صدق الله رسولَهُ الرؤيا بالحق ؛ لتدخلن
المسجد الحرام إن شاء الله آمنين مُحلْقين رؤوسكم
ومقصّرين لا تخافون » فعلم ما لم تعلموا » فجعل من
وأخرج عن أنس بن مالك أن رسول الله لله
صل الله عليه وسلم قال : « الرؤيا الحسنة من الرجل
الصالح جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة » .
وأخرجه عن عبادة بن الصامت وأنى هريرة عن
الى صل الله عليه وسلم قال : « رؤيا المؤمن جزء من
ستة وأربعين جزءاً من النبوة »
(ا) الفتح :297