فبالتراث يرفد الماضي الحاضر بتفاعل متجدد مع أحداث كل جيل؛
وكل زمان في عرض دائم ومستمر للتاريخ حيث تتجلى العبر؛ وتثير
العظات» وتشرق آيات الهدى لتتلاقى المثل والقيم في صعيد الكرامة ما
يدفع إلى التطور الصالح.
بعلومهم ومصنفاتهم شتى الفنون ومختلف المعارف؛ حتى وصفوا بنقلة
الدين وحفظته؛ وحملة الشريعة؛ ودعامة الدعوة؛ وأركان الرسالة التي
المفسرين» وغيرها على مر العصور؛ ألفت كتب الحديث والتفسير بأعيانها
واستوجب علم الرواية نشوء فن الدراية؛ ومنه توثيق الرواية وقبول الأخبار»
ونقد المحدثين والرواة؛ وحملة العلم التمييز الصالح من الطالح والمسخوط
من المقبول» ويعرف ذو العدل منهم ومن هو مجهول»!"؛ حيث كان لأهل
الحديث القِدْح المعلى في تحديد قواعد الرواية وضبط أصولها.
وتجلت - من جهة أخرى عناية الأمة في تلك الاتجاهات التاريخية
غير تشتيت للجهد أو تضييع للوقت في قصر مجهرد على نوع بع على
ضوء الأعمال التي جعلت منه شخصية مميزة
تصل بالباحث إلى الحافز الذي قاد صاحب السيرة
(© ثيل الابتهاج للتبكتي: 5 - 6.
الخالد» فبالحافز تتجسد إرادة الإنسان ويتبلور سلوكه»؛ ومن خلال الإرادة
والسلوك تتحدد معالم شخصيته.
أفكارهم وآرائهم خاصة وواقع هذه الأمة التي اتجهت - في هذه الحقبة من
الزمان للبحث عن ذاتها ومقوماتها الحضارية» تلتمس الأسباب والوسائل
وتتحسس بالحوافز التي حققت لها الأمجاد الفكرية والحضارية المؤصلة
بناؤها على الدين الإسلامي الحنيف الذي هو الهضبة المستقرة التي ارتفعت
ولا يخفى أن الدراسة التاريخية للأعلام تتطلب التعرف على نتائجهم
العملية؛ والكشف عن مناهجهم الفكرية؛ وجوانب الإبداع عندهم»
ومواهبهم وأسرار عبقريتهم ضمن منظور علمي عال» وسط الأحداث
المحيطة بهم والظروف المعايشة مع إظهار الأثر الذي خلفوه في جيلهم
ومن بعدهم» وعليه فإن بيان الحقيقة وسط زحمة فكرية وركام من الآراء
طريق وعرة ملتوية؛ والتدوين للفكر ضرب من المعاناة قدر صعوبته
وقد تطاول العهد؛ وبعدت الشقة؛ واستطال الزمن. . .006
وقد تخيرت هذا المجال» لأتناول فيه سيرة شخصية علمية فذة من
مشاهير علماء الجزائر البارزين من القرن الثامن الهجري» تصلح - بالفعل -
أن تكون موضوعاً للبحث في العلوم الشرعية؛ بقصد الكشف عن آثارها
الوقائع والأحداث نبراساً أهتدي به.
() الحقيقة في نظر الغزالي لسليمان دنيا: 7
ونظراً لتعلقي الشديد بعلم أصول الفقه باعتباره أهم العلوم الموصلة
إلى معرفة أحكام الله عز وجل في الكتاب والسنة إذ هو العلم الذي
صفو الشرع والعقل سواء السبيل؛ فلا هو تصرف بمحض العقول بحيث لا
يتلقاه الشرع بالقبول؛ ولا هو مبني على محض التقليد الذي لا يشهد له
العقل بالتأييد والتصديدهة!".
فقد تهت بين جمهرة الأصوليين الذين أقلامهم بالأصول سائلة
وعقولهم لأسراره جامعة؛ إلى أن وجدت ضالتي - بتوفيق من الله عز وجل
- ووقع اختياري على شخصية الفقيه الأصولي المتفنن الجامع من كبار
علماء الشمال الإفريقي: «أبي عبد الله محمد بن أحمد الشريف الحسني
التلمساني»؛ فارس المعقول والمنقول» صاحب الأصول والفروع؛ المتوفى
سنة (771ه - 1370م
وقد كان الدافع لهذا الاختيار بالدرجة الأولى - هو التعريف بأمجاد
الماضي وأعلام الجزائر للوقوف على أصالة التراث الجزائري خصوصاً
وإحياء التراث الإسلامي عموماً؛ وما تركه أسلافنا العلماء عبر التاريخ من
ذخائر التراث لا سيما في المجال الفقهي والأصولي» إثراء للمكتبة الفقهية
والأصولية؛ وخدمة للعالم الإسلامي المتطلع إلى معرفة آثار الأقدمين
في طليعتها الاهتمام بعلم أصول الفقه والعناية به حيث أنه يمثل قانون الفكر
الإسلامي ومعايير الاستنباط فيه.
فضلاً عن الرغبة الأكيدة في إبراز قيمة فتاوي الشريف التلمساني
(© المستصفى الغزالي: 3/1
بناء الفروع على الأصول» الذي اشتهر بين علماء إفريقيا الشمالية وفقهائها
صغيري الحجم مختصرين إلا أن فيهما من الفوائد الجمة ما لا يخفى على
- معالجة المسائل الفقهية المطروحة وفق منظور أصولي عال.
- تفريع الأحكام وربطها بأدلتها مع بيان وجه الربطء وأثرها في فقه
- العناية في تطبيق الفروع على الأصول» الأمر الذي يساعد على فهم
- الإفصاح بطريقة ضمئية عن الاختلاف الوارد في جملته لم يكن
بالاختلاف المحرم لكونه يعتمد على أسباب علمية وموضوعية.
ومن أجل ذلك رأيت من المفيد تقديم دراسة موضوعية هادفة لهذه
الشخصية العظيمة من جميع جوانبها في أهم المصادر العلمية والتاريخية
وقد سلكت عند تناولي هذه الدراسة منهجية تتمثل في قسمين:
* أما القسم الدراسي فقد حرصت من حيث التنظيم - أن أجعله
وتشتمل المقدمة على تقويم هذه الدراسة وتثمينها من الناحية العلمية؛
وإبراز الدافع لاختيار الموضوع محل الدراسة والبحث؛ وبسط منهجيتي
في عهد بني عبد الواد الزيانيين وأثناء النفوذ المريني مقتصراً على ذكر
الملوك والأمراء الذين تعاقبوا على حكم «تلمسان» في عصر أبي عبد الله
الشريف التلمساني من غير التعرض لانعكاسات الوضع السياسي على الوضع
الاجتماعي لعدم جدواه في هذه الدراسة» مركزاً من الناحية الفكرية على
ذكر ملامح الواقع العلمي وعوامل الازدهار الفكري المتجلية في القواعد
الثقافية والدعائم الفكرية في ذلك العصر مع بيان الاتجاه المذهبي
والمؤلفات الدينية المعتمدة ومناهج التعليم.
ثم قسمت البابين على الشكل التالي:
الباب الأول: حياة الشريف التلمساني.
الفصل الأول: التعريف بالشريف التلمساني.
المبحث الأول: شخصية الشريف التلمساني.
المطلب الأول: نسب الشريف التلمساني وأسرته.
الفرع الأول: اسم ولقب وأصل ومولد الشريف التلمساني.
- الفقرة الأولى: اسم الشريف التلمساني ولقبه.
- الفقرة الثانية: أصل الشريف التلمساني ومولده.
الفرع الثاني: أسرة الشريف التلمساني +
المطلب الثاني: نشأة الشريف التلمساني ووفاته.
الفرع الأول: نشأة الشريف التلمساني.
الفرع الثاني: وفاة الشريف التلمساني.
المبحث الثاني: صفات الشريف التلمساني ومواققه.
المطلب الأول: صفات الشريف التلمساني ومنزلته.
- الفقرة الأولى: صفات الشريف التلمساني الخلقية.
الفقرة الثانية: صفات الشريف التلمساني الخلقية.
الفرع الثاني: منزلة الشريف التلمساني بين أهل عصره.
- الفقرة الأولى: علوم الشريف التلمساني ومعارقه.
- الفقرة الثانية: ثناء الناس على الشريف التلمساني.
المطلب الثاني: مواقف الشريف التلمساني.
الفرع الأول: مواقف الشريف التلمساني من سلاطين وأمراء
الفرع الثاني: مواقف الشريف التلمساني مع شيوخه
- الفقرة الأولى: موقف الشريف التلمساني مع شيوخه.
- الفقرة الثانية: موقف الشريف التلمساني مع تلامذته.
الفصل الثاني : حياة الشريف التلمساني العلمية.
المبحث الأول: مساعي الشريف التلمساني التحصيلية.
المطلب الأول: المرحلة التعليمية الداخلية للشريف التلمساني.
المطلب الثاني: المراحل التعليمية الخارجية للشريف التلمساني.
المبحث الثاني: شيوخ الشريف التلمساني وتلامذته.
المطلب الأول: شيوخ الشريف التلمساني.
الفرع الأول: شيوخ الشريف التلمساني بتلمسان.
الفرع الثافي: شيوخ الشريف التلمساني خارج تلمسان.
- الفقرة الأولى: شيوخ الشريف التلمساني بفاس.
- الفقرة الثانية: شيوخ الشريف التلمساني بتونس.
المطلب الثاني: أقران الشريف التلمساني وتلامذته.
الفرع الأول: أقران الشريف التلمساني.
- الفقرة الأولى: أبو عبد الله المقري.
- الفقرة الثانية: أبو عبد الله ابن مرزوق الخطيب.
الفرع الثاني : تلامذة الشريف التلمساني.
- الفقرة الأولى: تلامذة الشريف التلمساني بالمصاحبة.
- الفقرة الثانية: تلامذة الشريف التلمساني بالمراسلة.
الباب الثاني: آثار الشريف التلمساني العلمية.
الفصل الأول: مؤلفات الشريف التلمساني وفتاويه.
المبحث الأول: مؤلفات الشريف التلسماني واجتهاداته.
المطلب الأول: كتب الشريف التلمساني ورسائله.
الفرع الأول: كتب الشريف التلمساني
الفرع الثانفي: رسائل الشريف التلمساني وأجوبته.
- الفقرة الأولى: أجوبة الشريف التلمساني عن المسائل
- الفقرة الثانية: أجوبة الشريف التلمساني عن المساثل
المطلب الثاني: اجتهادات الشريف التلمساني.
الفرع الأول: اختيارات الشريف التلمساني الفقهية.
الفرع الثاني : اختيارات الشريف التلمساني وتحقيقاته
المبحث الثاني: فتاوي الشريف التلمساني العلمية.
المطلب الأول: فتاوي الشريف التلمساني الفقهية.
الفرع الأول: أجوبة الشريف التلمساني الفقهية.
الفرع الثاني: شرح الشريف التلمساني لحديث «التحبيب».
- الفقرة الأولى: الشرح الأول لحديث «التحبيب».
- الفقرة الثانية: الشرح الثاني لحديث «التحبيب».
المطلب الثاني: فتاوي الشريف التلمساني الأصولية.
الفرع الأول: قول الإمام المجتهد المرجوع عنه.
الفرع الثاني: إشكالات في المنطق والفلسفة والكلام.
الفصل الثاني: دراسة تحليلية لكتاب «المفتاح» و «المثارات» للشريف
المبحث الأول: التعريف بكتاب «المفتاح» و «المثارات» .
المطلب الأول: توثيق ووصف كتاب «المفتاح» و «المثارات».
الفرع الأول: توثيق ووصف كتاب «مفتاح الوصول».
فقرة الأولى: توثيق كتاب «المفتاح» وبيان سبب وتاريخ
- الفقرة الثانية: وصف نسخ كتاب «المفتاح».
الفرع ١١
المطلب الثاني: مصادر كتاب «المفتاح» و «المثارات».
: توثيق ووصف كتاب «مثارات الغلط».
الفرع الأول: مصادر كتاب «المفتاح».
- الفقرة الأولى: المؤلفات الأصولية والفقهية.
- الفقرة الثانية: المؤلفات الأخرى.
الفرع الثاني : مصادر كتاب «المثارات».
المبحث الثاني: منهج الشريف التلمساني وأثر كتاب «المفتاح»
المطلب الأول: منهج الشريف التلمساني في كتابه «المفتاح» و
الفرع الأول: تقويم كتاب «المفتاح» و «المثارات».
الفرع الثاني : مآخذ كتاب «المفتاح» و «المثارات».
المطلب الثاني: أثر كتاب «المفتاح» فيمن بعله.