التأويل القريب والبعيد؛ والقوي والضعيف»
ولو رجعنا إلى ما ذكرناه عرضاً عن علوم القرآن حين أوردنا فيها أسباب
النزول؛ لو رجعنا إلى ذلك لوجدنا مناسبة ظاهرة بين علم أسباب الفزول
وعلم البيان» وذلك لأن أسباب التزول - كما سنبينه في الباب الأول - هي
النصوص النقلية الي تبين الأمر الذي نزلت الآية أو الآيات تتحدث عنه أيام
وقوعه؛ فكان الحدث سبباً لزول الوحي على رسول الله 4 بص قرآي في
موضوع معين. ثم نصوص متعددة في موضوع واحد؛ وإن اختلفت مصادرهاء إذ
سبب النزول نص من السنّة والآخر نص قرآني.
وهذه الحالة صورة مناسبة لإعمال البيان ولإيضاح العلاقة فيما بين النصين»
ومدى تأثير أحدهما في الآخرء فضلاً عن الحاجة الماسة لمعرفة ما يراد من النصّ
القرآني من أحكام تشريعية أو خلقية أو اعتقادية أو إرشادية أو غير ذلك.
يقول العلامة محمد الطاهر بن عاشور موضحاً أثر سبب النزول وما يحدثه
من بيان لا يستغي عنه المفسر: (إن من أسباب النزول ما ليس المفسر بغ عن
ونظراً للحدل الذي يثيزه بعض الباحئين حول النصوص القرآنية من ا
!© التحزير والتتوير (470/1)
الباحئين - أن يقتصر العمل بالنصوص القرآنية فيما نزلت له» وألا يتوسع بها لتصل
نية ينبغي أن ينحصر العمل بالقرآن الكريم في عصر نزوله؛ لأنه
نزل لينظم شؤون بيئة محددة في عصر محدود لا يتجاوز عصراً آخر؛ متغفافين أن
أكثر القرآن نزل ابتداء من غير سبب معين.
واخترته ليكون أطروحة لنيل درجة الدكتوراه؛ لحاجة المكتبة الإسلامية -
فيما ييدو لظي - إلى دراسات مقارنة ومعاصرة لأسباب النزول» تعرض صلة
هذا العلم بالعلوم الشرعية الأخرى» إذ أقصى ما يجده المرء من الدراسات في هذا
الإطار أن يعرض الباحث صلة أسباب نزول القرآن بعلوم القرآنء
أما الدراسة المقارنة الي تربط مفردات علوم الشريعة بعضها ببعض» وتجمعل
منها وحدة متآزرة؛ فتظهر الأشباه والنظائر في علوم الشريعة؛ وتتحده معها
الفروق. فهذا مطلب عزيز لا يقع عليه الباحث”".
لذلك قصدت في دراسيّ هذه أن أخرجها على منهج تأصيلي مقارن أربط
فيه علم أصول التفسير بعلم أصول الفقه؛ من خلال علم أسباب التزول.
!'؟ في حال ربط أسباب النزول بغير العلوم الشرعية لا يغفل ما قام به الدكتور حسين جحلو
حفظه الله من تركيز الضوء على أهمية الإفادة من أسباب التزول في علم التربية؛ وذلك
بدراسته القيّمة: «منهج القرآن التربوي في ضوء أسباب النزول» دراسة تحليلية في التربية
القرآنية في ظل الأحداث».
ولا يخفى ما للدراسات التأصيلية المقارنة لعلوم الشريعة من أثر في عرضها
على نحو متماسك» يساهم في بناء الفكر الإنساني؛ ويثبت وجودها في الثقافة
وأما على المستوى الإسلامي فإنها تسهمُ في تقريب اللسافة بين علوم
الشريعة وتعقدَمُّها ميسرة لطلاب العلم. وما هي إلا محاولة متواضعة؛ بيتغي كاتبها
من خلالها رضا الله والدار الآخرة.
وقد لا يكون منهجياً أن أسطّر نتائج هذا البحث قبل أن أشرع فيه؛ قن
لذا سأطلق لقلمي العنان كي يشقّ طريقه في البحث عن الحقيقة» وسأحرص على
أن أرتب دراسيٍ على شكل قواعد وأسس تبين علاقة النص بسبب نزوله دون أن
للجميع أن هذا الطرح لا يار إلا في الأوساط العَلْمانية الي تُشكّك في صلاحية
القرآن لأن يحكم الناس في هذا العصر.
يعني - وأنا باحث - أن أحكم على الأفراد» إنما أتعامل مع الأفكار» وقيمة الفرد
متطاولة؛ فالأفراد يذهبون وتبقى أفكارهم.
والباحث المنصف لا يشغل بالحكم على الفرد» بل ذلك يبعده عن المنهجية.
الثاني أني مؤمن تمام الإمان بصلاحية القرآن لأن يحكم الناس إلى قيام الناس
النضٌ القرآني بسبب نزوله؛ بل من مصادر أخرى من القرآن الكريم نفسه؛ ومن
طبيعة التشريع الإسلامي وخصائصه وغير ذلك» وليس هذا التقدم محل بيان لهذا
الأمر. لذا فإني لا أرى تلازماً بين قدرة القرآن على استيعاب الزمان كله بالحكم
وإقامة العدل؛ وعلاقة النصّ القرآني بسبب نزوله» وهذا ما يدفعي إلى مزيد من
الحرية في كتابة البحث» لأن ما يثار من جدل لا يهدّد حقيقة عندي أخشى من
بيان بطلانما حى تحتح بي نفسي إلى التعصب في مناقشي أو ركوب الحوى في
النفس من الهوى يحول دون أن يمكنها من أن تستسيغ حلاوة الحقّ. ونسأل الله عرّ
وحن تحقق الدراسة غايتها فقد قسمت البحث إلى مقدمة وخائمة بينهما
ثلاثة أبواب.
تناولت في الباب الأول ما يتعلق بأسباب التزول من تعريف وفوائد
وأنواع وأحكام.
وتناولت في الباب الثاني الدلالة والبيان وما يتعلق بهما من أنواع وأحكام؛
ودرست ذلك دراسة مقارنة عند الأصوليين والمفسرين وذكرت ما يقابل ذلك عند
وفي الباب الثالث تناولت المناسبة بين أسباب النزول والبيان وفضصل ت
الأحكام في ذلك» فذكرت المناسبة بين أسباب النزول ومفردات عملية البيان من
كما أني حرصت على ترجمة الأعلام الذين يرد ذكرهم في هذا البحث؛
اللهم إلا من علا ذكره وانتشر فضله؛ كالخلفاء الأربعة والأئمة الأربعة؛ فلا توي
قدرهم ترجمة يسيرة؛ إذ ينبغي أن تفرد لترجمتهم مصنفات مستقلة. وقد توخيت أن
أذكر الترجمة في أول موضع يرد فيه ذكر العلم» إلا إذا ازدحمت الترجمات في
صفحة واحدة.
وهذا هو مخطط البحث :
أسباب اللزول وأثرها في بيان النصوص
آ- أهمية البحث.
ب- شبب اخقيارة,
الباب الأول: أسباب اللزول (دراسة تأصيلية).
الفصل الأول: التعريف العام بأسباب التزول
ويضم (تعريفهاء طريق معرفتهاء فوائد معرفتها؛ صيغهاء أنواع
الرواية فيهاء صلتها بعلوم الشريعة واللغة؛ المصنفات في أسباب
اللبحث الأول: أسباب النزول باعتبار الزمن.
المبحث الثاني: أسباب النزول باعتبار التعدلد.
الفصل الثالث: تعارض روايات أسباب النزول.
الباب الثاني الدلالة والبيان:
الفصل الأول: الدلالة عند علماء اللغة.
اللبحث الأول: تعريف الدلالة.
المبحث الثاني: مدخل إلى علم الدلالة.
المبحث الثالث: أنواع الدلالة.
اللبحث الرابع: تطور الدلالة.
الفصل الثاني: الدلالة عند المفسرين والأصوليين.
المبحث الأول: تعريف الدلالة عند الملفسرين
المبحث الثاني: أنواع دلالة اللفظ الوضعية
-١ عند الجمهور.
؟- عند الحنفية.
المبحث الثالث: أقسام الألفاظ من حيث الوضوح
-١ عند الجمهور.
؟- عند الحنفية.
المبحث الرابع: أقسام الألفاظ من حيث
-١ العام والخاص.
"- المطلق والمقيد.
اللبحث الأول: تعريف البيان.
المبحث الثاني: بحالات البيان.
المبحث الثالث: أنواع البيان.
أ البيان بالقول.
ب البيان بالفعل.
ج - تنازع القول والفعل في البيان.
المبحث الرابع: تأخر البيان.
الباب الثالث: المناسبة بين أسباب التزول والبيات.
الفصل الأول: أسباب النزول وتخصيص العام.
المبحث الثاني: سبب النزول الوارد على بعض أفراد
البحث الثالث: سبب النزول الذي يخرج الكلام على
وجه المدح أو الذم.
المبحث الرابع: هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص
أولاً: التخصيص بالسياق والتخصيص بسبب التنزول
ثانياً : التخصيص بالمناسبة والتخصيص بسبب النزول.
الفصل الثاني: أسباب النزول وتقييد المطلق.
المبحث الثاني: سبب النزول الوارد على فرد بعيئه.
اللبحث الثالث: سبب النزول وتقييده للنص.
الفصل الغالث: أسباب النزول وتأويل الظاهر.
المبحث الثاني: أنواع التأويل.
المبحث الثالث: بحال التأويل.
المبحث الرابع: سبب النزول والتأويل القريب.
المبحث الخامس: سبب النزول والتأويل البعيدء
البحث السادس: سبب النزول والتأويل الواحب.
الفصل الرابع: أسباب النزول ورفع الإجمال.
البحث الأول: رفع الإجمال.
المبحث الثاني: أسباب الإجمال.
المبحث الثالث: سبب النزول وبيان المشترك المفرد.
المبحث الرابع: سبب النزول وبيان الاشتراك الذي في
للبحث الخامس: سبب النزول ويان لحمل بجهول القدر