قال المأمون : ما زدت على أن جعلتني عجوزاً في حراب وفي يدها
سبحة'""؛ أعجزت أن تقول كما قال جرير في عمر بن عبدالعزيز:
فلا هو في الدنيا مضيع نصيه
ولا عرض الدنيا عن الدين شاغله
عوامل الانفلا والتغيي الضاربة أعماق الأمة» السارية في
مقوماتها كافة. الواصلة إليها بعدوين أنفسها وظفه العدو الخارج
بيضتهاء ومنهبا دعوات تقول: (إلى الإسلام . . . إلى
الانتشار والتعدد مبلغاًء ثم تفرقت الجماعة الواحدة متها إلى
«الشعار» ومستحدث اللقب الذي يكون في البداية «كلمة» وفي
النباية «نخلة» يسري تيارها المتصاعد في «الأمة» وفي «الطبقة
يترامون في مجاهل الصراع » والغليان الفكري» سالكين في الدفاع
عنباء والمقاومة من أجلها طرائق قددا» وعلى أعقاب ذلك
تتابعت فتن تغلي مراجلهاء إذ انتفخت في الصدور البغضاء وثار
)١( السبحة للذكر: بدعة هندية كما ترى الحديث عن تاريخها مبسوطأً في كتاب:
«مساهمة الهنده وهو بحث مهم وعن السبحة انظر : الفكر السامي للحجوي
4/8 السير للذهبي 377/1» الجراب الجامع لكنون ص//ا4؟.
مجلة مجمع اللغة بمصر 247/70 لعام 4 160ه. السلسلة الضعيفة
للألباني برقم / 8 وفيها بيان شافٍ في بدعيتها للذكر
غبار الوحشة والشحناء. وتراشقت الأقلام بكلمات مسمومة على
ساق النخوة والحمية فكأن الخال تقول:
على القوم لم أنصر أخي حين يظلم
وهذا الشقاق وحده كافٍ في إماتة ما في أفراد أي جماعة من قوة
وما نتيجة التدابر إلا الضعف والتصدع والتناثر. . قال الله تعالى :
تدور رحاها وبسرعة مذهلة. وهذا ما يقرره عدد من أرباب
من الناس» وتغير المفهوم في أفهامهم وصاروا لا ينظرون إلى
«طريق الدعوة» إلا بمنظار ما ينتمي إليه من الفِرّق» أو يعيش في
الحق حيناً وانتصر له أحياناً وصار الناس في أمر مريج ٠ بل في
حالة نزع مؤلة؛ مضطربين اضطراب الأرشية في الأطوية فصار
لابد من البيان:
)١( سياي إن شاء الله تعالى في مبحث «المآخذ على الأحزاب» ذكر جلة منها,
واد
وكان الناس في لبس عظيم فجاءوا بالبيان فأظهروه
وكان الداس في جهل عظيم فجاءوا باليقين فأذهبوه
فأقوام ابتلعهم تيار التغريب لمالم يجدوا أمامهم رؤية صحيحة بقدر
ما في مواجهتهم من واقع . وأقوام كسبتهم «جماعة إسلامية» دون
الأخرى ففرحوا بنصر الله . . إذ دخلوا تحت الشعار الخاص في
المتحنى الحزبي (الانتماء)» (الولاء)؛ (السمع والطاعة)»
(تصحيح المسار. وقوم يترامون على أبواب الأحزاب فتخفق
أقدامهم في أجواف الجماعات بين الولوج والخروج من جاعة إلى
أخرى. وقد كان السلف رضي الله عنهم ينون عن «التلون في
دين الله» كما روى بعض الآثار عنهم ابن بطة العكبري الحبلي في
وآخرون مرجون لأمر الله يسألون أين الطريق؟؟؟
ومن هنا صار السؤال الكبير والخطير معاً عن (حكم الانتماء) إلى
الفرق. والأحزاب» والجماعات المعاصرة العاملة في (الحقل
الإسلامي) ويمكن تصوير هذا السؤال بصفة تجمع الواردات على
هل هذه الأحزاب والجماعات الإسلامية القائمة في عصرنا
جماعة المسلمين بعد عصر الخلافة الراشدة, وإن اختلفت في
اللقب والشعار. وشيء من التخطيط والمنبج وما هو الوجه الجامع
(المتنفس) الذي ينفذ منه المسلمون إلى إقامة الإسلام, والخلافة
الله محمد رسول الله)؟ وأن الفرق الإسلامية في الماضي ؛ المنشقة
الصراط المستقيم با تبنته من آراء وأهواء ضالة. ولأنها كانت تعيش
في وسط ولاية إسلامية شريعة الله فيها نافذة بخلاف الأحزاب
الغالب متحللة من تحكيم شريعة الإسلام» آبقة من حضائتة
مستعبدة لكل طاغية من أعداثه وإن كانت معلنة للإسلام من وجه
الزمان النورسي (م/سنة 1774ه) رحمه الله تَعالى - إذ قال عن
واقع الحال المعاصرة:
(البلاد الإسلامية حبل» وستلد الإلحاد يوماً ماء والبلاد
الأوروبية حبلى وستلد الإسلام يوماً م فالمسلمون من واقعهم
يجتازون مرحلة «التيه» في «غربتهم الشانية» والعداوة المرصودة
يسير تحت غلم واحد» فقد بدد «جسم الأمة» ممزقاً المشرق إلى :
مشارق؛ والمغرب إلى: مغارب؛ في دويلات متأكلة بالمنطقة
الإسلامية. أضحى المسلمون على أنقاضهاء فريسة ما استشرى
)١( انظر بحثاً مهيًا في هذا في (مجلة البيان) ص / 0١ - 85 العدد / ٠ لعام
() انظر كتاب: واقعنا المعاصر لمحمد قطب.
والحروب الفكرية القائمة على أشدهاء والأزمات المتلاحقة من كل
تضرب فارهة في قناة المسلمين بأنواع السلاح : وثنية والحاد» وتحلل
في الأخلاق. وجور في النظام ؛ وشذوذ وضياع » في موجات عارمة»
الحا وتقليصاً لظل الإسلام عن الديار فيتهاوى من شاء الله من
المسلمين في جنباتهاء مفرزة أفراداً في غقول لا دينية (علمانية)
يعيشون في أحشاء الأمة؛ ويديرون في الغالب دفتهاء ويمهدون
لزحف مهول في (علمانية ساحقة) يشتغل فيها كباكب من أدعياء
وأعداء لضرب الإسلام وتصفيته من العاملين في كل مكان”""
فالمتأهلون من أهل العلم في قعود وانحسار عن الساحة وما يجرى
فيهاء إلا من شاء ربك .
وأي حزب تسمح الشريعة بالانتساب والانتماء إليه؟؟ وما هي
جماعة واحدة فيشال إليها؟ أو إلى هجرها؟؟ أو إلى سابلة رفع
الإسلام سمكها فسواهاء ورفض ما سواهاء يدين المسلم بها ريف
(1) انظر: العلمانية لسفر الحوالي
هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه؛ ويبحث المسلم عن الجواب
المحكمة من الكتاب والسنة والتصور للرؤية الصحيحة لواقع
الفرق المعاصرة حتى يقول كما قال أبو بكر رضي الله عنه حين
تدله المداولة مع الصحابة رضي الله عنهم على سنة : (الحمد لله
فصار من المتعين على أهل العلم إيضاح الجواب عن هذا
السؤال» نصحاً للأمة. واستبقاءً على روح الإسلام وجماعة
َي فقال سبحانه : إفاستقيموا إليه» . وفي صحيح مسلم وغيره أن
رجلا طلب من النبي فل أن يوصيه فقال له في : (قل آمنت بالله
ثم استقم). فجمع له في قوله (قل آمنت بالله): معاني صلاح
الاعتقاد وفي قوله (ثم استقم) معاني صلاح العمل؛ وعلى هذين
الاصلاحين مدارج قيام أمة الإسلام . ولزوم هذا الإيضاح يتصل
من الإسلام بحبل وثيق» ومن واجب النصيحة لله ولرسوله كي
الشريف» دأب على بيانها أهل العلم في القديم والحديث» كا في
بيان حال : الراوية؛ والشاهد» والداعية إلى ضلالة. وأهل الأهواء
والبدع في الدين» والفِرّق. وبيان أحوال المفتين» والقضاةء
تحول دون الاقتداء والأخذ بمذاهب وآراء وأخبار قا دون
آخرين» وهكذا من أنواع البيان والنصح للأمة. وإ لبسبيل
يباط الأذى عن الطريق .
والباحث» أن يعرف مدى الربط بين الماضي والحاضر ولأ
بالأفهام مثل قلب (لغة العلم) و (الشعارات) المستحدثة؛ لاسيا
ابن الطراوة في وصف أبي علي الفارسي النحوي : (ترجمة تروق بلا
منهج الفرّق في القديم في جل مضامينباء أو بعضهاء فكم تابطت
العام» بل (لغة الدين» إلا تكليف بأمر غير طبعي وهو شبيه بإتيان
البيوت من ظهورهاء وإمراض اللغة (مرض في الدين).
وعليه يجب أن يكون النظر والبحث» وترتيب الحكم في قالب
(لغة العلم) لا غير. فلنعبر بالفرق لا بشعار (الجماعات
الإسلامية). لأن رجماعة المسلمين) واحدة لا تتعدد (على مثل م
المسلمين فهم من (الفرق) من (جماعة المسلمين)!". ولتعبر
بالبدعة أمام السنة. وأهل السنة والجماعة أمام: أهل البدع
والأهواء .
)١( ويأتي لهذا البحث مزيد بيان إن شاء الله تعالى في المبحث السادس.
والدعوة إلى الله والجهاد» والنفير وتنصيب الولاة» بدلا من:
الانقلاب الروحي» الانقلاب السياسي» إذ الإسلام دين رحمة
ينتفض إلا العليل كالمحميم والرعديد. والدعوة والإنذان
ذا روح كتحرك الأشجار.
من (الضمير)» (الوجدان) (الإنسانية) . . وهكذا في سلسلة يطول
العلم وحقائقه؛ وإثارة للشبهات» وانقصام عن مآثر الأسلاف»
وبحث للخصومات وفكتا",
وكما يكون قلب (لغة العلم» من جهة المباني كما رأيت» فإنه
-17// انظر: المذهبية الإسلامية والتغيير الحضاري لمحسن عبدالحميد ص )١(
وفي كتاب ربانية لا رهبانية لأبي الحسن الندوي ص/4 177-١١ “1
مبحث مهم في هذا وني خصوص (مصطلح التصوف) بما يستحق أن 4 -
يقال إنها كلمة حتى» لكنها تعني أنواعاً من البواطيل بحكم ما قرره بعد من
تزيين مسالك الصوفية؛ وأن العقدة بينهم وبين خصومهم هذا الاصطلاح
(التصوف) فَأَطَبٌ بهذا زكاماً لكنه أحدث جذاماً؛ بتمجيد غلاة المتصوفة
6 باك حل ٠ وأنهم هم الذين حفظوا الإسلام كما في ص/ىء
الكتاب. وللشيخ قدم صدق في خدمة الدعوة لا تنكر وانظر كتابه رسيات
العلم وقد أتيت على جملة من هذا في (فقه النوازل) الجزء الأول وفي
(معجم المناهي اللفظية).
يكون أيضاً من جهة المعاني. بالتعبير عن البدع والأهواء
صنيع «إخوان الصفاء» في رسائلهم وفي كل واحدة من الوجهتين:
جناية على الشريعة فالأولى (لباس ضال) والثانية (فيها
وقبل الجواب: رأيت من الضرورة التمهيد أمامه بأبحاث سبعة
وإن كان الفصل سيطول بين السؤال والجواب» لكن التمهيد بين
يدي المسائل المهمة مسلك شرعي كما هو معلوم "' وهي :
المبحث الأول : الحزبية في العرب قبل الإسلام .
المبحث الثاني : هدي الإسلام أمام هذه الحزبيات.
المبحث الثالث : لاحزبية في صدر الإسلام وتاريخ ظهورها بعد .
المبحث الرابع
المبحث الخامس : منازل الفرق والمذاهب من جماعة المسلمين .
المبحث السادس : تساقطها أمام جماعة المسلمين.
المبحث السابع : جماعة المسلمين أمام المواجهات.
)١( انظر: الصفدية لشيخ الإسلام ابن تيمية رمه الله تعال 1ك /ا؟
(©)_بينت ذلك في مقدمة فقه النوازل / القضايا المعاصرة