الحمد لله رب العالمين ؛ والصلاة والسلام على سيدنا محمد » وعلى آله
وبعد .
فقد نشرت صحيفة المدينة في ملحقها ( الأربعاء ) في العدد ( 13 )
الثالث والستين » بتاريخ ١( ) شعبان 1404 ه موضوعاً في غاية الأهمية
والموضوع هو : ( ماحكم الاسلام في الزوا اج المبكر ) وفيه السؤال التالي << ماذا
يقول علماءالإسلام في زواج التي تت بعائشة رضي الله عنها ؟ ؛ والبحث هو
« للدكتور السيد رزق الطويل » الأستاذ المشارك بقسم الدراسات العليا » بجامعة
أم القرى بمكة المكرمة ؛ كا هو مسجل في أول البحث .
ويرى الدكتور الطويل ؛ أن الزواج المبكر هو ضرب من العبث ؛ وهو
بدون طائل » وأنه نتيجة شهوة لبعض الأسر » بل يرى أنه لا سند له من الشرع
عند زواجها ؛ ويقول « وفي رأي أن هذه التحديدات كانت غير دقيقة ؛ ولا
تقوم على سند قوي » أو فهم عميق لمسيرة الأحداث . 2 الم .
ولا أدري مالذي دفع الأستاذ الطويل إلى هذه التخرصات ؛
إجماع » بل لم يذكر لنا قولا واحداً لفقيه » اللهم إلا أنه ذكر رأيه المبني على
التوهم والتخيل ؛ والعقل الخاضع للظروف الطارئة التي يعيشها بعض أبناء هذا
الزمان .
والذي يدو لي والعلم عند الله تعالى أن الأستاذ الطويل ليس غخصاً
بالتفسير أو الحديث أو الفقه » لأنه لو كان مختصاً بواحد من هذه العلوم الثلاثة لما
تكلم هذا الكلام ؛ ولا صدر عن هذا الرأي .
ولما كنت جاهلاً باختصاصه » أجدني أسوق الأصول والفروع أولاً » ثم
والتشكيك الذي أبداه الدكتور الطويل في سن السيدة عائشة هو نفس
التشكيك الذي كان قد كنبه الأستاذ أحمد محمد جمال ونشر في مجلة الفيصل"" في
عددها التاسع » والصادر في شهر ربيع الأول لعام 18 ه لكن الأستاذ أحمد
محمد جمال كتب بعد أيام اعتذاراً عن مقاله » ونشر في مجلة الدعوة السعودية +
فكاات مكرمة له وشجاعة أكبرتها له .
وإن من المستغرب جدا أن يكتب أستاذ بقسم الدراسات العليا -
الأمة » من مفسرين وعدثين وفقهاء ؛ لكن الذي يظهر أن الرجل ليس عنده
اطلاع على كتب التفسير والحديث » فصدر عنه هذا الحكم معتمداً على العقل
إن واقع المسلمين اليوم ينبئك عن نوعين من الكتاب تجاه كثير من المسائل
الإسلامية التي انتقدت من قبل المستشرقين والمستغربين ؛ متهم من انساق وراء
أولتك القوم » فحمل معول الخدم والتخريب والتشهير معتمدا على ما قاله
أولفك المستشرقون أصحاب ( الآراء الحرة والدراسة المنبجية . .!؟ ) +
ومنهم من أوقف نفسه مدافعا عن الإسلام » لكن ليس بالأسلوب الذي
ظن أنه يرضي القوم » ويرفع السبة عن الإسلام +
)م وقد أحذته مجلة الفيصل من جريدة البلاد من عددما و فح » وارع ( ها 1747//1م) +
سام
لذا كثر في الآونة الأخيرة من يكتب في غير اختصاصه ؛ راداً كثيرا من
السلمات ؛ بحم أي نسيء إل الإسلام ؛ وهؤلاء إن أحسنا فيم لظن تقول <
إنهم يجهلون كثيرا ؛ ويعلمون قليلا ؛ فظنوا أن ما فعلوه وهو خطأ هو من
باب الدفاع عن الإسلام .
وليس قولي هذا طعنا في الأستاذ الطويل » فأنا أستغفر الله تعالى من إساءة
الظن ؛ لكن الواقع هكذا » فكم من مختص بالقانون الدولي يطالب بحذف
أحاديث من الصحيحين وهي من أصح الصحيح » وم من طبيب » يفي
ماهو معلوم من الدين بالضرورة » وكم من منكر لمسلمات يعلمها من يقرأ
إن من المصائب الكبرى في أيامنا هذه وفي شرقنا بالذات أن كثيرا
من الناس يكتبون في غير اختصاصاتهم ؛ زاعمين أن الإسلام ليس حكراً لأحد »
ولا وقفا على أحد ء وهذا صحيح » إذ ليس في الإسلام طبقة كهنوت ؛ ولاهو
حكر على أحد » لكن فيه علماء ف فانرا أل لخر ! كثمْ لا تَعْلَمُونَ "
« العلماء ورثة الأنبياء 6 , . وهكذا .
غيرهم » ولا يرجع في فنهم إلا إليهم » فهم المرجع فيه » والعمدة ؛ وإذا ما تعدى
عليهيم من هو من غير صنفهم عوقب حسب قوانين الدول ؛ . . إلا الإسلام +
فهو لكل إنسان سواء كان مسلماً أو غير مسلم » له الحرية المطلقة ؛ واليد
الطولى » يكتب ما يشاء فيثيت ما يريد ؛ وينفي ما يشاء ؛ من غير رادع ولا
وازع » ولا عقوبة » ولا نظام ينظم ذلك » والمشتكى إلى الله عز وجل .
) سور التحل ( 47 ) وسورة الأنبياء ( لا )١(
() سور المجادلة ( ١١ ) +
(©) رواه أحمد في مسنده (ه 2 147) وأبو دايد : تاب العلم . رقم ( 7141 - 7147 ) والترمذي:
كاب العلم رقم (1587) وابن ماجه : في المقدمة رقم (177) والداربي ١( : 87 رقم 44 3) وموارد
الظمآن (/ 14 رقم ..8) ورواه الحا وصححه » ورواه غييهم وكلهم من حديث أني الدرداء رضي
له عند » ونظر ع لباري ( 31 110) -
كبوا مختصا بالحديث أو الفقه أو التفسير » وإنما هو خارج عن اختصاصاتهم +
متضمنة مقالة الأستاذ أحمد محمد جمال ؛ والدكتور الشموط الذي كان الأستاذ
أحمد قد اعتمد قوله .
وقد رتبت البحث في ثلاثة فصول :
الفصل الأول : ويشمل : الأدلة على مشروعية الزواج المبكر .
الفصل الثاني : زواج السيدة عائشة رضي الله عنها ؛ وإئبات صغر سنها عند
الزواج « عقدا وبناء 6 .
الفصل الثالث: ويشمل الرد على الأوهام والشببات الموجودة في مقالتي الدكتور
الطويل والأستاذ أحمد .
اند سال جنا سام والآخرة ؛ والصدق
وصل الله وسلم على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه
وكتب
خليل إبراهم ملا خاطر
نزيل المديئة المنورة
الفصل الأول
الأدلة على مشروعية الزواج المبكر »
لقد ثبتت مشروعية الزواج المبكر بالقرآن الكريم ؛ والسنة النبوية +
والاجاع » وعمل الصحابة رضي الله عم ه ثم عمل المسامين من يمدهو؟ م
المواءمة للفطرة » وتدل عليه مصالح الشريعة ؛ كا يدل على ذلك العقل أيضا »
وسوف أذكر الأدلة تحت كل عنوان مما مضى باختصار
أولا : الدليل من القرآن الكريم :
اب قال الله تعالى في سورة الطلاق د لضي
لقد ذكر الله تعالى في سورة البقرة عدة المرأة المطلقة وهي من ذوات
الأقراء وعدة المتوفى عنها زوجها على الإطلاق مالم تكن حاملا .
فقال تعالى : ف َالمُطلقَاتُ يَرَيُصْنَبأنفُسِنَ َه قروء ا
78 : سورة البقرة )١(
378: سورة البقرة )(
أما في آية سورة الطلاق المشار إليها آنفاً فقد حدد الله تعالى عدد
الأصناف الثلاثة من النساء » وهن التبقيات ؛ وهن المرأة الكبيرة التي يست من
المحيض » والمرأة الصغيرة التي لم تحض بعد (وَاللائي لَمْ يَحِضْنَ والمرأة
الحامل .
فالتي لم يسبق لا الحيض هي من كانت دون البلوغ أصالة » حدد الله تعالى
عدتها بعد الطلاق من زوجها ثلاثة أشهر ؛ فإذا كانت العدة كا هو معروف
عند الجاهل والعالم لاتكون إلا بعد طلاق أو فراق » وكلاهما لا يكون إلا بعد
إذ العدة كم قلت لا تكون إلا بعد فراق » والفراق لا يكون إلا بعد زواج ٠
فإذا أنيت الله تعالى لا الرواج والطلاق والعدة » فهل يجوز لأحد أن يقول
قولا يخالف حكم الله تعالى !!؟ أعتقد أن المسلم سيقول : لا جوز -
وقد ورد في سبب نزول هذه الآية ما ذكره أغلب المفسرين كا أخرجه
ناساً من أهل المدينة لما نزلت هذه الآية في البقرة في عدة النساء » قالوا :
لقد بقي من عدة النساء عدد لم يذكر في القر الصغار » والكبار اللاني قد
المَحِيضٍ .. # الآية .
فدل قوله : « الصغار » على أن هذا كان متعارفاً عليه » وأنه واقع
ومنتشر » وإلا لما سألوا عنه راغبين في معرفة الحكم .
أما الدليل الثاني من القرآن الكريم » فهو قوله تعالى في سورة
(ا) سو النساء : 7
ابن أختها عروة بن الزبير : يا ابن أختي هي البنيمة ؛ تكون في حجر وليها *
وبيلغوا بهن أعلى ستتهن في الصداق . . » متفق عليه ؛ ورواه البخاري في اثني
إلا أن يقسطوا » على أن النكاح مشروع للصغيرة » التي لم تبلغ » خاصة إذا
عرف أنه لا يتم البلوغ وإنما اليم ما كان قبل البلوغ ؛ ويدل على ذلك قوله
تعال : ظ وا اجام » على إذا نلكو لكا فإ ألم ينع رحد قُ
َم أَنْوالَهُمْ .. »!" الآية .
رفع عنه اليم » فإن أنس منه الرشد بعد الاختبار تدفع له أمواله ؛ لأنه صار أهلا
للقصرف. وكذا قوله ع : لا يم بعد احتلام » رواه أبو داود . في كتاب
الوصايا رقم ( 3877 ) عن علي رضي الله عنه ؛ وفيه مقال » لكن روي من
طرق أخرى دونه أيضا . لكن يكفينا ماني القرآن ؛ والصحيح الثابت في قصة بني
قريظة ؛ حيث جعل الحد الفاصل بين من يسبى ومن يقتل البلوغ وكذا حديث
ابن عمر رضي الله عنهما في غزوة أحد حين عرض ومن معه من الأطفال الذين
وكذا حديث : « رفع القلم عن ثلاث : عن الصبى حتى يحتلم . .. » الحديث
رواه أحمد وأصحاب السنن وغيرهم » ومن طرق عن : علي وعمر وعائشة
وثوبان ؛ وشداد بن أوس » وابن عباس ؛ وغيرهم » رضي الله عنهم +
الثالث من القرآن » قوله تعالى ( يفتك في
+: سورة النساء )١(
مغلاف
روى الشيخا -البخاري ومسلم؟" عن عائثة (. ضي الله عنها في تفسير
ماله ؛ حتى في العذق ( أي النخلة ) فيرغب أن ينكحها ويكره أن يزوجها
بهن أعلى سنتهن من الصداق ؛ وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن .
قال عروة : قالت عائشة 0
قول الله في الآية الأخرى وَتْعَُونَ أن كوه رغبة
يمة التي تكون في حجره » حين تكون قليلة المال والجمال » فنهوا
(ا) سو النساء : 1877
: صحيح البخاري : كتاب التفسير : سوزة النساء : باب اف ويستفتوتك في النساء وصحيح مسلم )١(
أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلا بالقسط + من أجل
التفسير ثابت عن ابن عباس وقتادة وإبراهيم وغيرهم!".
وقد على الحافظ ابن حجرا" على هذا الحديث بقوله : وفيه جواز تزويج
اليتامى قبل البلوغ لأتهن بعد البلوغ لا يقال لهن يتيمات . . 2 الم +
وسبق التعليق على هذا المعنى من أنه لايم بعد البلوغ عقب الآية السابقة »
والله أعلم .
هذا وقد دلت الآيات الكريمات على أن الصغيرة التي لم تبلغ - يجوز
وإن كانت صغيرة السن من باب أولى » الله أعلم .
ثانيا : الدليل من السنة البوية :
١ - عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : ١ كنا مع النبي عَْلهِ
شباباً ؛ لا نجد شيا ؛ فقال لنا رسول الله عَْةِ : يا معشر الشباب » من استطاع
منكم الباءة فليتروج ؛ فإنه أغض للبصر ء؛ وأحصن للفرج ؛ ومن لم يستطع +
(1) صحيح البخاري : تاب لتقسير : سو النساء : باب فخ ون خفم ألا تقسطوا في التامى وراه في
غييا : وصحيح مسلم في الكتاب السابق رقم (0 +
() انظ تفسير الطيري (4 :357 ونا يعدم لابن كير 7( 3 221)والدر المثور
(1) صحيح البخاري : كتاب النكاح : باب من لم يستطع الباءة فليصم : وصحيح مسلم : كتاب التكاح