وظيفة السنة مع القرآن
تعلمون جميعاً أن الله تبارك وتعالى اصطفى محمداً
الكريم » وأمره فيه في جملة ما أمره به - أن يبينه
للناس ؛ فقال تعالى : ( وَأنَْْنَا إِليْكَ الذْكْر لي
اناس مَا نل ليه [ النحل : 44 ]
والذي أراه أن هذا البيان المذكور في هذه الآية
الأول : بيان اللفظ ونظمه » وهو تبليغ القرآن +
وتعالى على قلبه كَقةٍ . وهو المراد بقوله تعالى :
أمر بتبليغه » فقد أعظم على الله الفرية » ثم تلت الآية
المذكورة » . أخرجه الشيخان . وفي رواية لمسلم : لو
والآخر : بيان معنى اللفظ أو الجملة أو الآية الذي
تحتاج الأمة إلى بيانه وأكثر ما يكون ذلك في الآيات
المجملة » أو العامة . أو المطلقة » فتأتي السئة +
فتوضح المجمل . وتخصص العام ؛ وتقيد المطلق .
ضرورة السنة لفهم القرآن وأمثلة على ذلك
وقوله تعالى : « وَالسَارِقٌ وَالَارِقَةٌ فَافْطَمُوا
يها [ المائدة : 98 ] مثال صالح لذلك ؛ فإنَ
السارق فيه مطلق كاليد » فبينت السنة القولية الأول
منهما » وقيدته بالسارق الذي يسرق ربع ديار بقوله
لام
قل : «لا قطع إلا في ربع دينار فصاعداً » أخرجه
وإقراره » فإنهم كانوا يقطعون يد السارق من عند
المفصل » كما هو معروف في كتب الحديث ؛ بينما
يت النبنةالفولية اليد المذكورة في آية التيمم :
الكف أيضاً بقوله كلةِ : ١ التيسم ضربة للوجه والكفين »
أخرجه أحمد والشيخان وغيرهم من حديث عمار بن
ياسر رضي الله عنهما .
فهماً صحيحاً على مراد الله تعالى إلا من طريق السئة .
١ قوله تعالى ا الّذِينَ آمنُوا وَلَمْ يَلبسُوا
[ الأنعام : 87] . فقد فهم أصحاب الني كَيةٍ قوله
لظم » على عمومه الذي يشمل كل ظلم » ولوكان
أينا لم يلبس إيمانه بظلم ؟ فقال كَفةِ : ليس بذلك . إنما
7 قوله تعالى : ( وإذَا ضَ
يقتضي أن قصر الصلاة في السفر مشروط له الخوف +
ولذلك سأل بعض الصحابة رسول الله كَيةٍ فقال : ما بالنا
نقصر وقد مثا ؟ قال : « صدقة تصدق الله بها عليكم +
فاقبلوا صدقته » رواه مسلم .
والسمك ؛ والكبد والطحال من الدم حلال ؛ فقال
السمك بجميع أنواعه ) + والكبد والطحال » . أخرجه
البيهقي وغيره مرفوعا وموقوفا » وإسناد الموقوف
صحيح ؛ وهو في حكم المرفوع » لأنه لا يقال من قبل
الرأي .
به 6 [ الأنعام : 140 ] . ثم جاءت السنة فحرمت
أشياء لم تذكر في هذه الآية » كقوله بي : « كل ذي ناب
من السباع وكل ذي مخلب من الطير حرام » . وفي الباب
أحاديث أخرى في النهي عن ذلك . كقوله كَيةِ يوم
خيبر : « إن الله ورسوله ينهيانكم عن الحمر الإنسية »
فإنها رجس » أخرجه الشيخان
ات مِنّ الرِزّقٍ 4 [ الأعراف : 77] .
حرير » وفي الأخرى ذهب » فقال : « هذان حرام على
ذكور أمتي » جل لإنائها » . اخرجه الحاكم وصححه .
والأحاديث في معناه كثيرة معروفة في الصحيحين
لدى أهل العلم بالحديث والفقه .
ومما تقدم يتبين لنا أيها الاخوة أهمية السئة في
التشريع الاسلامي » فإننا إذا أعدنا النظر في الأمثلة
المذكورة فضا عن غيرها مما لم نذكر نتيقن أنه لاسبيل
إلى فهم القرآن الكريم فهماً صحيحاً إلا مقروناً بالسنة .
ففي المثال الأول فهم الصحابة « الظلم » المذكور
كما قال ابن مسعود : « أفضل هذه الأمة » أبرها قلوباً
في ذلك الفهم » فلولا أن النبي كي ردهم عن خطئهم
وأرشدهم إلى أن الصواب في « الظلم » المذكور إنما هو
الشرك لاتبعناهم على خطئهم ؛ ولكن الله تبارك وتعالى
وفي المثال الثاني لولا الحديث المذكور لبقينا شاكين
على الأقل في قصر الصلاة في السفر في حالة الأمن إن
لم نذهب إلى اشتراط الخوف فيه كما هوظاهر الآية-
وكما تبادر ذلك لبعض الصحابة لولا أنهم رأوا رسول الله
وفي المشال الثالث ؛ لولا الحديث أيضاً لحرا
طييبات أحلت لنا : الجراد والسمك » والكبد
والطحال .
وفي المثال الرابع : لولا الأحاديث التي ذكرنا فيه
السباع وذوي المخلب من الطير .
لاستحللنا ما حرم الله على لسان نبيه من الذهب
والحرير . ومن هنا قال بعض السلف : السنة تقضي
على الكتاب .
ضلال المستغنين بالقران عن السنة
ومن المؤسف أنه قد وجد في بعض المفسرين +
والكتاب المعاصرين من ذهب إلى جواز ما ذكر في
المثالين الأخيرين من إباحة أكل السباع ولبس الذهب
والحرير اعتمادا على القرآن فقط » بل وجد في الوقت
الحاضر طائفة يتسمون ب ( القرانيين ) يفسرون القرآن
بأهوائهم وعقولهم » دون الاستعانة على ذلك بالسنة
عنه ؛ فيقول : لا أدري ! ما وجدنا في كتاب الله
وفي أخرى : « ألا إن ما حرم رسول الله مثل ما حرم
الله ع
بل إن من المؤسف أن بعض الكتاب الأفاضل ألف
كتاباً في شريعة الإسلام وعقيدته » ذكر في مقدمته أنه
ألفه وليس لديه من المراجع إلا القرآن !
وسنة ؛ فمن تمسك بأحدهما دون الآخر ؛ لم يتمسك
بأحدهما . لأن كل واحد منهما يأمر بالتمسك بالآخر كما
ا : 18] وقال :
[ الحشر : ]١7
وبمناسبة هذه الآية يعجبني ما ثبت عن ابن مسعود
أنت الذي تقول : لعن الله النامصات والمتنمصات +
والواشمات . . الحديث ؟ قال : نعم » قالت : فإني
تقول ! فقال لها : إن كنت قرأتيه لقد وجدتيه ؛ أما
َالْتهُوا » قالت : بلى ! قال : فقد سمعت رسول الله
كيةِ يقول : لعن الله النامصات . الحديث . متفق