وقام النبي 4 ببيان الأشراط المجملة في القرآن تتبيهاً من الغفلة عن اليوم الآخر»؛ وجعل
لو اعلاما تكدل على تننقبا داد المؤمنون بها إيمانا ويترب الغافلون قبل فوات الأوان»؛
وانقضاء الأجل أن تن تقول نَفس ا حَسْرتَى عَلَى مَا فرطت ذ ا
ولا بد للعلماء بعد رسول الله#من التذكير الدائم بهذه الأشراط؛ مما دعى البرزنجي إلى
أشراطهاء وييث الأحاديث والأخبار الواردة فيها بين الأنام؛ ويرددها مرة بعد مرة على
العوام؛ فعسى أن ينتهوا عن بعض الذنوب وتلين القلوب وينتهوا عن سنة الغفلة ويغتتموا
المهلة قبل الوهلةم!".
وخصوصاً عصرنا الراهن حيث تكالب الأعداء كما تنبا بذلك الرسول 8 لقول : بدأ
الإسلام غريباً وسيعود غريباً» مما أدى إلى تدهور حالة العالم الإسلامي وحلول المآسي فيه
الفقن ليحذروهاء ولابد من تشخيص المرض لعلاجه وفق توجيهات الرسول # في وسائل
اختياري للموضوع إلى كوننا نعيش في ظرف فتئة ومحنة لم يسبق لها مثيل في تاريخ
المسلمين» عصرتجمع فيها الأكلة على أمة الإسلام؛ حتى اضحى المتمسك بدينه كالقابض
على الجمر» فرغبت في الإسهام ببحث أسباب تلك الفتنة قديماً وحديشاً؛ ومعرفة حكمها
وفوائدها وسبل النجاة منها...
والواقع؛ وتحليل أسباب تلك الفتن في ضوء السنن الإلهية؛ أو ربط هذه الأشراط بالآيام
(0) الزمر 134 8-07
(7) البرزنجي؛ محمد بن عبدالرسول |. الحسيني الشهرزوري؛ الإشاعة لأشراط الساعة؛ تحقيق موفق فوزي
الجبرء ط: دارالهجرة بيروت؛ 1447 ص4١
المقبلة كدراسات مستقبلية في ضوء تلك النصوص الثميئة كتاباً وسنة؛ والاستفادة منهاء في
لذلك المعاهد التخصصة؛ والمسلمون أولى بذلك لوجود الوحي الصادق الناطق بما سيكون
في المستقبل؛ مع ما تضمنه من توجيهات وحلول تناسب ذلك.
وقد ألف العلماء قدماً في جال أشراط الساعة وعلاماتها كتباً على حدة» ودونت الفتن في
وخصوصاً الاجتماعية؛ فكان هدف هذا البحث الربط بين هذه العناصر مجتمعة.
١ - الفتن للحافظ تُعيم بن حماد الخزاعي (ت: 178ه)ء
؟ - السنن الواردة في الفتن وغوائلها والساعة وأشراطها لأبي حمر عثمان بن سعيد المقرئٌ
© - النهاية في الفان والملاحم للحافظ ابن كثير (ات:4/الاهافي جزاين.
4 - جنة الرضا في التسليم لما قدر الله وقضى لأبي يحيى محمد بن عاصم الغرناطي
(ت:/801ه) في ثلاثة أجزاء.
ء)ه١٠١7:ت( الإشاعة لأشراط الساعة للشريف محمد بن رسول الحسيني البرزنجي -٠
-١ أشراط الساعة ليوسف بن عبدالله الوابل؛ وقد تضمن ذكر جميع أشراط الساعة
الصغرى والكبرى» ولكنه جعل الآيات الكبرى منفردة وسماها الأشراط الكبرى؛ وجعل
كل ما سواها اشراطاً صغرى دون فصل بين ما مضى وانتهى؛ أو بدا ولا زال مستمراء
*- القيامة الصغرى لعمر سليمان الأشقر» وهو في خمسة فصول؛ كان أولها عن وقت
الساعة؛ والثاني عن العلامات التي وقعت؛ والشالث عن العلامات الممستمرة وامتكرر
©- فقد جاء أشراطها لمحمود عطية محمد علي» تضمن جميع الأشراط ولكنه قسمها على
تذكر كبرى الآيات مثل نزول عيسى اقل وطلوع الشمس من مغربها في بداية البحث
باعتبارها سماوية مما يضيع فكرة التدرج للقارئ للعلامات في كونها صغرى مضت أو
مستمرة أو لم تحدث؛ ثم العلامات الكبرى والآيات.
©- السنن الإلهية في الأمم والجماعات والأفراد لعبدالكريم زيدان؛ اقتصر على ذكر هذه
السنن في موضوعات متلفة دون ربطها بأشراط الساعة أو الواقع.
-٠ الابتلاء والمحن في الدعوات لمحمد عبدالقادر أبوفارس» اقتصر على بيان جانب واحدء
وهو الفتن الواقعة للدعاة وسبل مواجهتها.
خطة البحث:
اقتضت طبيعة البحث أن أجعله في مقدمة وتمهيد وثلاثة أبواب؛ في كل باب
بينت في التمهيد أن الفتن والمحن من السئن الإلهية الكونية؛ وقد ضم ثلاثة مباحث»
تناولت في الأول معنى السئن الكونية ومفهومها وذلك ببيان معنى الفتنة والمحنة وما في
معناهما في اللغة والقرآن الكريم؛ واستعرضت في المبحث الشاني الفتن والمحن في تاريخ
الأنبياء (عليهم السلام)ءفي مواجهتهم لأممهم في دعوتهم وبشكل خاص ما واجهه خاتم
بياء محمد و من فتن ومحن في | لدعوة والجهاد. وكشفت في البحث الثالث عن طبيعة
وجاء الباب الأول «أنواع الفتن والمحن في تاريخ المسلمين» في فصلين:
مشكلة الحكم والسلطة وما يتبعهاء إلى إثارة الحروب الداخلية والخارجية وآثارها. وفي
المبحث الثاني «الفقن الاقتصادية» بينت معنى الاقتصاد الإسلامي وخصائصه؛ ووقفت على
أبرز أنواع الفتن في هذا المجال» وهي فتنة الفقر» والغنى والترف» وسوء استخدام المال كسباً
وإنفااً؛ مع بيان أثر كل واحد على فثنة الأفراد والمجتمعات.
الاجتماعية؛ قدمت له بلمحة عن السنن النفسية والاجتماعية ثم تطرقت إلى أشكال هذه
متن فكانت في خمسة أنواع أساسية وهي: حب الدنياء والأمراض القلبية؛ والأمراض
ثم أتبعتها ببيان السنن النفسية والاجتماعية في القرآن» وفي المبحث الثاني حاولت استقصاء
الفتن الفكرية وحصرها بتركيز - لسعتها - في أربع نقاط أساسية وهي: ظهور البدع؛
والترجمة والفلسفة» والانتحال والوضع في الحديث والتفسير» ثم فتئة الحركات الفكرية
ثم جاء الباب الثاني وهو «الفتن والمحن في آخر الزمان وعلامات الساعة» في فصلين»؛
وبداته بمدخل لعلامات الساعة تحدثت فيه عن أهمية الإيمان باليوم الآخر والساعة
حجية أحاديث الآحاد في العقائد؛ ثم المنهج الذي اخترته في تقسيم العلامات.
أما الفصل الأول من هذا الباب فقد خصصته ل: «علامات الساعة الصغرى وأشراطها»
وتضمن المبحث الثالث العلامات الصغرى التي لم تظهر بعد؛ وهي قليلة بالنسبة لغيرهاء
أما الفصل الثانفي فقد تناول أشراط الساعة وآياتها الكبرى وجاء في مبحثين؛ اللبحث
المهدي؛ وبين يديه كثرة الزلازل وخروج السفياني» ثم الملحمة الكبرى في الأرض المقدسة
حول بيت المقدس» وآخرها الانتصار وفتح القسطنطينية الكبرى (روما)» ثم بقية العلامات
كخراب المدينة؛ وهدم الكعبة والريح الطيبة لفناء الأخيار ثم عودة البشرية للجاهلية. أما
المبحث الثاني : فقد خصصته للآيات العشر الكبرى؛ ومهدت لها ببيان آراء العلماء في
الثلاثة بعد زلزلة تعم الأرض» في المشرق والمغرب والجزيرة؛ وسوف تحدث هذه الخسوفات
المقدسة؛ أما ثاني هذه الآيات فهو ظهور الدجال إثر غضبة يغضبهاء ألا وهي الفتح الأكبر
للقسطنطينية اروماة؛ ثم عرضت بإيجاز لنهاية الدجال على يد عيسى الية.
متشعبة؛ ركزتها خشية الإطالة في إحدى وعشرين علامة»
بعد نزوله؛ وأولها قتل الدجال ثم الدعاء على قوم باجوج ومأجوج؛ وهي آية ارضية
أخرى. والحكم على الأرض في ضوء الشريعة الإسلامية؛ وحجه للبيت الحرام» والعيش
الآمن في زمنه.
ثم تأتي الآية السماوية الأخرى وهي «طلوع الشمس من مغربها» بتغيير أحوال العالم
العلوي» والتي يلجئ تحولها الكافر والعاصي إلى التوبة؛ ولكن هيهات وقد أغلق باب التوبة
فلن يقبل العمل بعد وقت التكليف..
منه الكفار ويصيب المؤمن مثل الزكمة تتبعها الريح الطيبة لفناء الأخيار وبقاء الأشرار
وعودتهم إلى الجاهلية ثم الآية الأخيرة وهي «النار» التي تحشر الناس إلى عشرهم.
آما الباب الثالث: «الفتن والمحن في واقع المسلمين وواجبهم نحوها» فقد تضمن فصلين
الفصل الأول عن جذور الفتئة المعاصرة» عرضت فيه خلال المبحث الأول خطط
أعداء الإسلام وآثارها في إسقاط الخلافة وما تبعها من دخول الاستعمار وقيام دولة
واستمراره إلى يومنا هذاء وتمثل ذلك في حركتي الاستشراق والتنصير والمذاهب الأخرى»
أما البحث الثاني فقد عرضت فيه نماذج من مآسي العالم الإسلامي ممثلة لها بمحنة
بتفسير القرآن وتحليله للواقع بإيجاز أوضحت فيه سبب نجاح خطط الأعداء؛ وهو تغافل المسلمين
وابتعادهم عن الشرع فانطبقت عليهم السنة الإلهية لمن ابتعد عن منهجه؛ فنالهم العقاب باشكاله؛
ومع ذلك ظهر جيل استفاد من المحنة؛ وذلك بظهور الصحوة الإسلامية.
وجاء الفصل الثاني من «فوائد الفتن والمحن وضوابط مواجهتها» استخلصت في مبحشه
الأول الفوائد والحكم من النصوص الشرعية وأقوال العلماء وصنفت تلك الحكم إلى فردية
خاصة؛ وجماعية عامة. وتطرقت في المبحث الأخير لضوابط مواجهة الفتن والمحن؛
وابتدأته بذكر جلة آداب يجب أن يتحلى بها الفرد قبل الفتنة وبعدهاء ثم قسمت الضروابط
كذلك إلى فردية وأخرى جماعية؛ مع الإشارة إلى المساحة المشتركة الواسعة بينهما؛ وتتمشل
الأول بالصبر والتسليم لأمر الله وتجنب الزلل ومنطق السوء؛ وعلى المستوى الجماعي
أوضحت أن مواجهة فتن المسلمين لا تتم إلا بالعودة لمنهاج الكتاب والسنة؛ ولااعزة
للمسلمين إلا بذلك» وإحياء فرائض الإسلام؛ والإصلاح العام لمرافق الدول الإسلامية» وفي
مقدمة ذلك الاقتصاد والتعليم والإعلام؛ ثم التأكيد على ضابط الصبر بشروطه وقواعده في
مواجهة الفتن بكل أنواعها.
وبعد: فهذه مباحث الرسالة؛ بذلت فيها غاية الجهد؛ بإعداد مادتها معتمدة على الكتاب
والسنة أولاً ؟ ثم المصادر الأولية والمراجع الثانوية؛ وقدصادقتني بعض الصعوبات في كتابة
الرسالق وأهمها اتساع الموضوع وتعدد جوانبه وكثرة تفصيلاته؛ ما بجعمل أمر الإحاطة به
وفكراً وثقافة؛ ولكني حرصت على الإفادة من المصادر التخصصة؛ والاستغناء عن
التفاصيل غير المهمة للجمع بين أطراف الموضوع المتباينة.
ولا يسعني في نهاية المطاف إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل للجامعة الوطنية الماليزية
(016) مثلة في قسم الكتاب والسنة بكلية الدراسات الإسلامية؛ وأخص بالذكر أستاذي
الدكتور وهاب محمد صالح المشرف على الرسالة لجهده في قراءتها ورعايته لها فجزاه الله
خيراً؛ وأسجل شكري لزوجي الدكتور مجاهد مصطفى بهجت على تشجيعه؛ وصبره معي
في تذليل الصعوبات» ومثل ذلك لأسرتي وأبنافي لاحتمالهم تقصيري في حقهم من أجل
خدمة كتاب الله العزيز واقدم شكري لكل من قدّم لي مساعدة في إعداد هذه الرسالة داعية
د. عفاف عبدالغفور حميد
الفتن والمحن من السنن الإلهية الكونية
المبحث الأول:
معنى الفتن ومفهوم السنن الكونية
اولاً: الفتئة والمحنة في اللغة والقرآن الكريم:
الفتنة'": الابتلاء والامتحان والاختبار وجمعها فتن» وقد وردت في القرآن الكريم ثلاثاً
وثلاثين مرة بصيغ .
وفتن الذهب والفضة إذا أذابهما بالنار لتمييز الرديء من الجيد؛ ومعرفة جودته؛ ويسمى
الصائغ الفتان.
وقد افتتح الزمخشري المادة في «أساس البلاغة» بالاستعاذة من الفتان وهر الشيطان..
واستغوتهم الفتان أي الشياطين وهو من المجاز.
سنة 1887 م3؛ ص 1718 7؛ وابن منظور؛ محمد بن مكرم:لسان العرب؛ دار صادر؛ بيروت»؛
للكتاب» 1480ء جاء ص 184 وإبراهيم أنيس وآخرون؛ العجم الوسيط؛ المكتبة الإسلامية؛
استانبول (د.ت)» ص 31777
)١( راجع: محمد فؤاد عبد الباقي؛ العجم الفهرس لألفاظ القرآن الكريم؛ طاء دار الحديث» القاهرة؛
)(٠ البروج 40: ٠١ وراجع الطبري؛ محمد بن جرير؛ جام ع البيان عن تأوي لآي القرآن؛ دار الفكرة
أورد الجوهري - صاحب الجخ - الحديث: «المؤمن أخو المؤمن يسعهما الماء
المجاز عند الزغشري «الناس عبيد الفتانين وهما الدرهم والدينار».
وتعني العذاب مما تضمنه معنى الإحراق السابق ومنه قوله تعالى؛ ذُوفُوا بتكم هذ
ٍ ن”"؛ أي عذابكم بالإحراق بالنار» ومنه قوله تعلل:
التعذيب للتحويل عن الرأي أو الدين وقوله على خَوْفو من فِرْعَوْنَ وَمَلاِبهِمْ
م" أي يقتلهم» وقول الرسول 88 «إني أرى الفتن خلال بيوتكم..:!"'؟ أي ف
() أبو داود سليمان بن الأشعث» سنن أبي داو مراجعة: : محبي الدين عبد الحميده كتاب الخراج والإمارة والفيء»؛
باب في قطاع الأرضين؛ » ط دار الفكر» بيروت؛ (ددت)؛ رقم (7070) جك ص 401 ابن الأشير المبارك بن
محمد النهاية في غريب الحديث والآثرء تحقيق: طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي» ط؟ء دار الفكر» يروت»
)٠ البخاري؛ محمد بن إسماعيل» صحيح البخاري. ط المكتبة الإسلامية؛ امستنابول» تركياء 14481» كتاب
الفتنه باب وبل للعرب من شر قد اققترب» جسه؛ ص 84-88 الإسام ملم بن الحجاج القشيري
التيسابوري؛ صحيح مسلمء؛ تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي» ط دار الحديث» القاهرة» سئة 1441؛ كتاب
تن وأشراط الساعة» باب نزول الفتن كمواقع القطره ح (1444) جناء ص 7711
وتعني الضلال: ومنه قوله تعالى: «وَمَن بره
الإمالة عن القصد والإضلال» ما تم عَلَيْهِ
الجَحِيم»”". أي مضلين؛ ويدخل هذا المعنى في الاختبار والابتلاء السابق ذكره.
وتعني | التشكيك واختلاف الناس بالآراء؛ ومنه قوله تعالى:
)١( الجوهري: الصحاح» ص1176 وفيه: وأنشد أبو عبيد لأعشى همذان:
الشن فتتتدى فهى بالأمس أفتنت سعيداً فأمسى قد قلا كل مسلم
وأنكر الأصمعي «أفتنت؛» بالألف.
كتاب الذكر والدعاء» باب أكثر اهل الجنة الفقراء» وبيان الفتنة بالنساء ح (7740: 1741)» جء
أحمد المسنده جف 7٠١
(1) الصافات 77: 117-137 وانظر تفسيرها في: القاسمي؛ محمد جمال الدين» حاسن التأويل» ط
(١؟) البقرة 7: 141
(؟)) البقرة 7: ٠47 وانظر تفسيرها في: ابن كثير» إسماعيل بن كثير؛ تفسير القرآن العظيم؛ ط دار إحياء
التراث العربي؛ بيروت سنة 04 7ه جداء الا
(17) آل عمران ؟: ا وانظر تفسيرها في: الألوسي؛ محمد شكري؛ روح المعاني في تفسير القرآن”