انقضاء عرى الدعوة
يقول العلامة ابن تيمية رحمه الله:
« ولهذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه إنما تنقض عرى
الاسلام عروة عروة إذا نشاً في الاسلام من لم يعرف الجا
كمال الاسلام هو بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتمام ذلك بالجهاد
في سبيل الله».
ومن نشاً في المعروف لم يعرف غيره فقد لا يكون عنده من العلم
كان الصحابة رضي الله عنهم اعظم إيمانا وجهادا ممن بعدهم لكمال
معرفتهم بالخير والشر وقبح حال الكفر والمعاميم
نقض الاسلام عروة بعد عروة؛ وتمزق المسلمون شرّ ممزق. تلك هي
* مجموع القتادى )301/1١(
يقول شيخ الاسلام ابن تيمية: «ولهذا قال من قال من السلف
كسعيد بن جبير: إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها وإن من عقوبة
وتنجو بهاء في ترويضها على حب فعل المأمور وبغض فعل المهجور
مستنقع الرذائل والموبقات, التي هي سبب بغض الخلق وبطء النصر
والحرمان من كل خير يقول الطبيب المجرب ابن القيم عليه رحمة الله
تعالى: «ومن عقوبة المعاصي انها تزيل التعم الحاضرة. وتقطع النعم
الواصلة؛ فتزيل الحاصل وتمنع الواصل. فإن نعم الله ما حفظ
موجودها بمثل طاعته ولا استجلب مفقودها بمثل طاعته, فإن ما عند
يجلبه وآفة تبطله, فجعل أسباب نعمه الجالبة لها طاعته, وافاتها المائعة
« مجموع الفتاوى )11/1١(
)١( الجواب الكافي )١77( للعلامة بن القيم الجوزية.
شرعية البيعة في العمل الجماعي
يقول شيخ الاسلام رحمه الله: «إن الصادقين في دعوة الايمان هم
المؤمنون الذين لم يعقب إيمانهم ريبة. وجاهدوا في سبيله بأموالهم
وأنفسهم, وذلك إن هذا هو العهد المأخوذ على الأولين والآخرين كما قال
رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه؛ قال ١أقررتم وأخذتم على
قال ابن عباس «مابعث الله نبيا إلا اخذ عليه الميثاق لئن بّعثُ محمد وهو
محمد وهم أحياء
ويقول العلامة ابن خلدون في بيانه معنى الميثاق او البيعة: ,إعلم ان
البيعة هي العهد على الطاعة كأن المبايع يعاهد أميره على أنه يُسلم له
فيما يكلفه به من الأمر على المنشط والمكره»!").
والب ية اعطاها المسلمون لرسول الله صلى الله عليه وسلم
مرارا في حياته كبيعة العقبة الأولى والثانية وكبيعة الرضوان, وب
نا بعد وفاته يعطيها المسلمون لأولياء أمورهم. عن عبادة بن
)41( سورة ال عمران )١(
)17/1١( مجموع الفتادى *
مقدمة بن خلدون (08؟) ط دار الكتب العلمية بيروت. )١(
حلام
ويعلق العلامة ابن حجر العسقلاني على قوله دفي منشطنا ومكرهتاء
أي في حالة نشاطنا وفي الحالة التي نكون فيها عاجزين عن العمل بما
تؤمر به, إذن فالبيعة علينا نحن معاشر الدعوة الآن هي من أوجب
والزم أولويات العمل الاسلامي لاسيما البيعة القائمة على استرجاع
الشريعة الاسلامية الغائبة الناثية عن واقع البشرية اليوم. وإلى مزيد
من التأصيل والتدليل نقول من ينكر على الدعاة ويبدع عليهم عملهم
هذاء أن منهج السلف رضوان الله عليهم في فهمهم للايمان وحقيقته لم
يكن مجرد تصديق بالقلب بل إنما فهموه إعانة ومساعدة باليد والوقت
والمال وتكثير السواد وتوحيد صفوف جماعة المؤمنين وتقويتها في
المنطلق (117) محمد احمد الراشد بتصرف! )(
يسلا
احذروا هذا الوعيد أيها المتشبطون من الدعاة
وعشيرتكم واموال اقتر فتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن
يأتي الله بآمره والله لا يهدي القوم الفاسقين»!*.
يقول شيخ الاسلام في ظلالها «فإن لم يكن الله ورسوله والجهاد في
سبيله: احب إلى العبد من الأهل والمال على اختلاف أنواعه فإنه داخل
ولكن وللأاسف الشديد نجد بعض قيادات الحركات الاسلامية لا
تُعي لهذا الأصل (الجهاد) اي اعتبار او اهتمام, لا في مجالس خاصة
البعد عن منهج سلف الأمة وخيارهاء فذلك مزلق خطير إن لم ياخذ في
عين الاعتبار لاسيما إذا نشاً جيل لم يترب على أدنى رتبة من مراتب
الجهاد الا وهو تحديث النفس بالغزو فالعصوم صلوات ربي وسلامه
من نا اق(" إن صاحب هذا القول انتصر يوم انتصر حينما جعل من
لا مجزءاً؛ على طريقة التأصيل العقدي في ميادين الجهاد العملي بحيث
(#) سورة التوبة نه
«* مجموع الفتاوى (385/14)
)١( رواه مسلم رقم (141)
صاغ من عقيدة الاسلام صياغة حول ايمان اتباعه بالاسلام جهادا
وعملا في كل الميادين. سواء ميادين الد.
انكر اوميدان تربية النفس على ملاحمة الأعداء ونحوه. ولعل سائلا
غ :العسكرية
تعني بحال اسقاط التربية الاخرى من الحساب؛ ولا تعني التفرغ
العسكرية او اهمال التربية الروحية والفكرية والسياسية
والحركية؟ إنما هي تعني تأصيل روح الجهادية لدى الفرد والجماعة
وجعل هذه الروح وشيجة الربط بين ساشر الاهتمامات. والعنوان
الرئيسي لهاء تعني ايجاد الانسان الذي يعيش من اجل الاسلام»
نيام بهذا الدور على اكمل وجه؛ الانسان المعلق قلبه بالله
وبالآخرة فهو لا يعيش لدنياه مقدما فضول الوقت والجهد لآخرته
ودعوته. بل هو الانسان المتلهف الى الشهادة في سبيل الله. والذي
يعيش حقيقة الشعار الذي يردده «الموت في سبيل الله اسمئى
)١( انظر
التصور الحركي للعمل الاسلامي (4845
الات
قواعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
قال شيخ الاسلام رحمه الله : « قوله تعالى علواً كبيرا: «عليكم
بالمعروف والنهي عن المنكر لا نهيا ولا إذنا كما في الحديث المشهور في
السنن عن ابي بكر الصديق رضي الله عنه أنه خطب على منبر رسول الله
وسلم يقول: إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله
بخويصة نفسك»!") وهذا يفسر حديث أبي سعيد في مسلم «من راى
وذلك اضعف الإيمانء!' فإذا قوى أهل الفجور حتى لا يبقى لهم
اصغاء إلى السيدء بل يؤذون الناهي لغلبة الشح والهوى والعجب
سقط التغيير باللسان في هذه الحال وبقى بالقلب «والشح» هو شدة
الحرص التي توجب البخل والظلم وهو منع الخير وكراهته و«الهوى
() اخرجه احمد (5:7/7)
(؛) أخرجه مسلم رقم (49)
لام
فساد القوى الثلاث التي هي العلم والحب والبغفض. كما في الحديث
الآخر «ثلاث مهلكات: شح مطاع وهوى متبع واعجاب المرء بنفسه»
وبإزائهاً الثلاث المنجيات خشية الله في السر والعلانية والقصد في الفقر
والغنى وكلمة الحق في الغضب والرضى» وهي التي سالا في الحديث
٠ الآخر «اللهم اني اسألك خشيتك في السر والعلانية واسالك كلمة
الحقأ") في الغضب والرضى واسالك القصد في الفقر والغنى» فخشية
الله بإزاء اتباع الهوى فإن الخشية تمنع ذلك كما قال «وأما من خاف
مقام ربه ونهى النفس عن الهوى»(") والقصد في الفقر والغنى بإزاء
الشح المطاع وكلمة الحق في الغضب والرضى بإزاء اعجاب المرء بنفسه
وماذكر الصديق ظاهر فين الله قال «عليكم انفسكم» اي: إلزموها
وقال «لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم» وإنما يتم الاهتداء إذا اطيع
إليه وادي الواجب من الأمر والنهي وغيرهما ولكن في الآية فوائد
«احدهاء : الا يخاف المؤمن الكفار والمنافقين فانهم لن يضروه إذا كان
اهتدى والحزن على ما لا يضر عبث. وهذان المعنيان مذكوران في قوله
(*) اخرجه ابن حبان ( موارد/ 4 *)
() سورة التحل: 177
«الثالث»: الا يركن إليهم ولا يمد عينيه الى ما أوتوه من السلطان والمال
والشهوات كقوله « لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به ازواجا منهم ولا
ونهاه عن الحزن عليهم والرهبة منهم-
«الرابع»: أن لا يعتدي على أهل المعاصي بزيادة على المشروع في
كثيرا من الآمريين الناهين قد يتعدى حدود الله إما بجهل وإما بظلم»
وهذا باب يجب التثبت فيه وسواء في ذلك الأنكار على الكفار والمنافقين
والفاسقين والعاصين.
«الخامس»: ان يقوم بالأمر والنهي على الوجه المشروع من العلم
والرفق والصبر وحسن القصد وسلوك السبيل القصد فإن ذلك داخل
تستفاد من الآية لمن هو مامور بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكروفيها
المعنى الآخر وهو اقبال المرء على مصلحة نفسه علما وعملا واعراضه
عما لا يعنيه كما قال صاحب الشريعة «من حسن اسلام المرء تركه مع
لا يعنيه»!*) ولاسيما كثرة الفضول فيما ليس بالمرء اليه حاجة من أمر
(1) سورة السجردعة
(*) أخرجه مالك في الموطأ )٠٠7/7( والترمذي رقم (37117)