الظاهر إلى الباطن ؛ ولا البريق إلى القيمة... فكل نصيب المحب هو الانفعال
الفوري» والإعجاب الذي يجترف الأحاسيس من غير هوادة.
في ظاهر الشيء المحبوب شيء مما اصطلح على تسميته بالجال...
كان غنياً جميل الظاهر سواء بسواء .
ويحب الزهرة الجميلة لا لأنها تزين الموائد والمحافل» ولكن لأن دلالاتها
على إبداع الخلق أكثر من أن تحصى...
ويجب المال لا لأنه وسيلة ترف وزيئة؛ ولكن لأنه يستطيع أن يغني به
فقيرا ؛ ويحافظ على إبمان مؤمن ويحمي عرض مضيع من أهله وقومه.
هذا هو الفرق بين حب النفس وحب العقل والقلب .
ومن هنا اختلف التعبير عن هذا الحب تبعاً لقدرات النفس المنفصلة عن
العقل؛ أو لقدراتها مقترنة وممتزجة بقدرات العقل والوجدان القلي
بعضهم: ألا نسجد لك ؟ فأعلن أنه عبد ولا شي
المستحق للسجود هو الله وحلدة...
غير عبد الله ورسوله؛ وأن
النفسي إلى حب عقليٍ وجداني بلغ قمته في قول الأنصار : ؛ والله يا رسول الله
ومن يطع الرسول فقد أطاع الله) (.
وعلموا: أن الحب هو الموافقة في القول والعمل والسمت والحلية؛ وداسوا
في سبيل العمل كل زينة وكل بهرج تهواه النفس بخداعها وضاالها ؛ وتحاولتها
الحيدة بصاحبها عن المنهاج السوي.
ومضت السنون؛ وكان آل البيت قادة في العمل وأعجب بهم بعض
وإشاعة الخرافة؛ حتى قال الإمام زين العابدين علي بن الحسين لبعض غلاة
ويستحيل أن يكون حبهم عليهم عارا وهم يقتدون بهم في القول والعمل .
لقد ردد غلاة الشيعة أقوالاً حول عصمة الإمام؛ وحول استقلال الإمام»
(7) سورة: النساء آيا
بحساب شيعته يوم البعث » وتلك نحلة ن
الحشاشين في « الموت6.
ت تماماً على يد حسن الصباح زعم
نفسياً خالصاً عن الحب الممزوج بخداع النفس مركب الشيطان.
ولهذا مألوا الإمام زين العابدين : متى يبعث الإمام ؟ يعنون علياً رضي الله
أحكم الحاكمين».
وتطور خداع النفس؛ وتطور صرفها لأصحابها عن العمل تعبراً عن
الحب إلى مظاهر أخرى بعيدة عن العمل المشروع... فنصبت الأضرحة على
مقابر آل الثيت والصالحين بشكل معين يكاد يكون واحداً في كل صقع من
الأصقاع؛ وَأوقدت القناديل» وأحرق البخور ونحرت الذبائحء وأقام
شوق النفس إلى عالم الأسرار .
الرحلة المضنية التي يصل من خلاها إلى اليقين بالله» فصنعت له النفس مصّدراً
سهلاً من اليقين المتسلسل من عالم المادة إلى عالم الغيب . وما على الإنسان إلا
أن يوقن بسر العالم المادي » فإذا اليقين بالغيب مكتوب ومحكوم به لهذا العبد
ولست أول من قال بذلك.
ولكن الإمام الناقد الجليل الحارث بن أسد المحاسبي أفاض في القول
بذلك في كتابه ؛ آداب النفوس ؛ ! و أقام الأدلة المحسوسة على ضلال الحب
(+) أنظر : آداب النفوس للمحاسي. من تحقيقنا
في أي مظهر إلا في العمل الموافق لمرضاة الله عز وجل .
الجائع بوضع الطعام أمامه. ولا العطشان بتعليق الماء في رقبته؛ حتى ينال من
الطعام ويشرب من الماء فإذا قرب الطعام والشراب إلى الجائع والعطشان فام
أمر الله ورسوله.
بل إن هذا هو المشهود في عالم الدنيا من يحب بعضهم بعضا من الناس»
وغويل وشموع ونذور باطلة؟!!
وكيا يقول المحاسبي: « يتقرب إلى الله بما يسخط الله».
ونحن لا نرمي كل المحبين بهذا السفه في الرأي , والعته في الفكر ... وإنما
وجهل؛ فراحوا يشيعون حول أنفسهم وحول من أحبوهم عالاً من الأسرار
تلك الأسرار » وحثوا الجهلاء على التقرب للمحبوبين بمثل ما تقرب به أولئك
السدنة في هيكل الأسرار ؛ وحذروهم من الاعتراض على أعالهم خوفاً من أن
يصيبهم المحبوبون بالدمار والبوار.
لقد أصبحنا نسمع في عالم الأسرار أقوالاً ما كانت في أقوال السلف» وما
نزل بها قرآن» وما نطقت بها سنّة؛ نتيجة لهذا الانحراف في المسلك حين
يحب الإنسان الجاهل ربه ورسوله وصالحي أهل دينه.
١ من اعترض انطرد »!!؟
وقد كان رسول الله ب أول بذلك حينا اعترض عليه عمر رضي الله
عنه لما توجه للصلاة على عبد الله بن أني سلول رأس النفاق حين مات» ولم
ينهه رسول الله يَلهٍ عن الاعتراض ؛ بل رد عليه مبيناً وجهة نظره في هدوء
المعام الحكم الهيّن اللي .
وفقهياً؛ مبيناً ضلال غلاة الشيعة عن مذهب الإمام علي رضي الله عنه؛
وضلال الجهلة من المحبين عن سنة رسول الله عل .
عاش الإمام ابن تيمية في عصر تبدلت فيه أحوال الأمة الإسلامية فكراً
وسلوكاً؛ وكان ذلك منذ أن بعدت عن كتاب الله وسنة رسوله يِل ؛
على طريق الجهاد... وكان أن أخذت الأمة من فكر غيرها ما لا يحكمه
كتاب ولاسنة بقدر ما تركت من هذين المصدرين الرئيسين في شرعة
وارتفعت الصيحات المخلصة تدعو الأمة حكاماً وبحكومين وعلماء وعامة
إلى الأخذ بمنهج الإصلاح الذي صلحت به حال هذه الأمة من قبل؛ وهو
العودة إلى الكتاب والسنّة والا سترشاد بمفهوم السلف الصالح وتطبيقهم لما في
الكتاب والسنة من المبادىء والمقومات البناءة للنهضة والإصلاح.
كان المرض الذي أصاب الأمة هو الزيف الفكري ؛ والابتداع الزائف
لشرع الله وسنة رسوله.
وقد أدى هذا الابتداع الزائف إلى صراع مرير بين دعاة الإصلاح عن
طريق العودة إلى سلوك السلف من الصحابة والتابعين وبين أولئك الذين
أعطوا أنفسهم حق الاضافة والحذف كبا يحلو هم وفها ليس لهم فيه حق.
واقتفى هذا الصراع ظهور مدارس متعددة تدور حول العقيدة والسلوك
وكانت أبين هذه المعارك وأظهرها صيحات شيخ الإسلام ابن تيمية في
القرن الثامن الهجري في وجه التصوف والصوفية إذ له ابن تيمية تبعة كثير
من مظاهر الفساد في الأفكار والابتداع في السلوك.
ومن يدمن مطالعة مؤلفات ابن تيمية يمكن أن يدرك بسهولة أنه كان
يميل إلى الزهاد الأوائل؛ ويمدح شيوخ التصوف المشروع؛ وفي الوقت نفسه
لقد رمي شيخ الإسلام بالغلظة وتحجر القلب من جانب الصوا
والحق أنه لم يكن غليظ القلب ولا متحجراً ؛ ولكن طبيعة الحوار الساخن
الذي دار بينه وبين خصومه وهو يدعو إلى وحدة الفكر والسلوك تحت لواء
كان يفيض رقّة حين كان يأوي إلى المساجد المهجورة يناجي ربه أن يفتح
عليه مغاليق الفكر في مسألة قائلاً: ؛ يا معلم ابراهيم علمني ».
والحق أن ابن تيمية ركز هجومه على المدارس التي ظهر فيها إيهام الحلول
والاتحاد كمدرسة ابن عرني » وابن سبعين» وابن الفارض » والحلاج.
وقد تتبع ابن تيمية الأفكار التي أثرت في الحلاج من معاصريه أو من
قربي العهد من عصره كابن بسكويه (314 ه) والحافظ البغدادي ( 177
وأثبت باطنية الحلاج وادعاءاته الباطلة مثل فتوى ابليس» وبما جرى على
لسانه من قوله: « أنا الحق » وهاجم اعتذار الصوفية عن الحلاج؛ وكشف أن
الحلاج حاول خداعهم بمثل قوله : « عليك بنفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك
بالباطل 6.
دم يكن ابن تيمية يعبر عن فكره المجرد في قضية الحلاج بل إنه حكم
الشرع في أمره حيث حاول أن ب يسقط ركن الحج من الإسلام.
نأسف أشد الأسف لما أصاب التصوف على أيدي أهله من موبقات نرى
أنا نمثل خطرا على العقيدة ذاتها» ويمكن إجال تلك الأخطار فيا بلي :
للاستهواء الذي يفوح من أرجاء عالم التصوف؛ ونظرا لما يتبع الصفاء الروحي
من شفافية قد حجبت الكثافة المادية إلى ما وراءها من المعاني كل ذلك أدى
الى تطور خطير في المصطلح ابد به عن أصله الصحيح إلى تفريعات باطلة
لا أصل ما من دين في الوقت الذي تنضح فيه بالابتداع .
فمثلاًمصطلح « امريد » . وهو من الإراد والإرادة في المصطلح العلمي
السلوكي الذي يمكن أن نسميه بالمصطلح الصوفي هي عملية 7 تسبق النية في
الإرادة فيفسدها .
هذا التحديد هو الإرادة» وفاعله هو المريد . لكن هذا المصطلح تطور
فأصيح المريد هو مريد الطريقة؛ ثم تطور فأصبح المريد هو مريد شيخ
والراسخون في العام .
؟ - وترتب على فساد المصطلح هكذا عدوان على العقيدة ذاتها . فالشيخ
هذا المجد الدنيوي الذي يجمع الناس من حوله طائعين لأمره؛ مبجلين»
اختلفت التعليلات.
: إن الشيخ له حال مع الله لا يعلمها إلا الله فلا يجوز الاعتراض
ومن قائل إن الشيخ مرشد وليس بمعصوم...
ولكننا في كلا الحالتين لا ندري علة شرعية لتعطيل الأمر بالعروف
والنهي عن المنكر ؛ ولأصل النصح لله ورسوله وكتابه وأئمة المسلمين وعامتهم»
على رسول الله عَم من عمر حين ذهب للصلاة على زعم المنافقين ومنه ومن
(ب) ألا يجلس على سجادته ولا يأكل في حضرته ولايستعمل ما
يستعمله الشيخ من وسائل الحياة لثلا يلحقه المقت من الله!!؟
فيضطرب أمره!!؟.
(ج) أن يصور شيخه بين عينيه حين الذكر ولا يدع صورته أبدا حق
يغيب في الذكر ... وهذا شرك واضح لا يحتاج إلى بيان»
(د) أن يكون بين يدي شبخه كالميت بين يدي غاسله لا يتحرك ولا
(ه) أن يطيع شيخه طاعة عمياء ولو لم يعام لأمره إياه حكمة ظاهرة!!؟