بحق : أحمد بن حتبل الثاني . والثلاثة هذه هي : درء التعارض +
ومنهاج السنة » وبيان تلبيس الجهمية ١
الإمام أحمد وأصحابه » وما جاء ذكر نغ الإسلام قلت :
وإذا سألت عن ابن تيمية قَسَلْ عن مهل يروي غَليل الضاحي
درء التعارض لم يؤلف مثله وأذَل بدعة كل كبش نطاح
وابن المطهّر لم يُطهّر رجسه إلا بمنهاج الدليل الماحي
وبيان تلبيس التجهّم والفرى . أخْرى وأردى زمرة الذراح
رتبت الأغلاط التي نبّه عليها شيخ الإسلام على حسب المواضيع +
مبتدءاً بالاعتقاد ثم بأبواب الفقه ؛ وجعلتها مسائل : المسألة الأولى »
والثانية . . . وهكذا .
ولعل هذا العمل يكون مشاركة في خدمة مصنفات شيخ الإسلام
وتقريبها إلى طلبة العلم بالقدر المستطاع
وجزى الله خيراً أخا نبّهنِي على خطأ » أو استدرك علي فائتاً » فإن
هذا من النصيحة اللازمة للمسلمين .
وليس هذا الكتابُ امجموع من كلام شيخ الإسلام تتبّعاً لعورات أَهْلِ
بل هو جمعٌ لمواضع تحقيق فيها من الفوائد الرفيعة العالية وهو أيْضاً ذب
عن الإمام أحمد ودَقُمٌ للخطأ عَنْه وهو َيْضاً دريب لطالب العم في
اختيار التأني والترّي في باب العلم والفقه قبل القطع بالحُكم والجز
اللَهُ الهادي إلى سواء الصراط +
-١ مسألة : في بيان أنواع الغالطين على الإمام أحمد
قال شيخ الإسلام في«مجميع الفتاوى» (184/7) :
المنحرفون من أنباع الأثمة في الأصول والفروع » كبعض الخراسانيين
من أهل جيلان وغيرهم » المنتسبين إلى أحمد وغير أحمد :
انحرافهم أنواع :
بالعلم ؛ كما يقوله بعضهم من قدم روح بني آدم ونور الشمس والقمر
والنيران » وقال بعض متأخريهم بقدم كلام الآدميين ؛ وخرس الناس إذا
رفع القرآن وتكفير أهل الرأي ولعن أبي فلان ؛ وقدم مداد المصحف .
الثاني : قول قاله بعض علماء أصحابه وغلط فيه ؛ كقدم صوت
والقرآن والفضائل ؛ ونحو ذلك .
والقدرية » أو ذمه لأصحاب الرأي بمخالفة الحديث والارجاء ؛ فيخرج
الصرائح بخلافه ؛ وكخروج من خرج في بعض الصفات إلى زيادة من
الرابع : أن يفهم من كلامه ما لم يرده » أو ينقل عنه مالم يقله .
يكون في اللفظ إطلاق أو عموم فيكون لهم فيه بعض العذر » وقد لا
يكون كإطلاقه تكفير الجهمية الخلقية » مع أنه مشروط بشروط انتفت
فيمن ترحم عليه من الذين امتحنوه ؛ وهم رؤوس الجهمية ٠
السادس : أن يكون عنه في المسألة اختلاف فيتمسكون بالقول
السابع : أن لا يكون قد قال أو نقل عنه ما يزيل شبهتهم مع كون
لفظه محتملاّلها .
الثامن : أن يكون قوله مشتملاً على خطأ .
فالوجوه الستة تبين من مذهبه نفسه أنهم خالفوه » وهو الحق ٠
ينتفي الأمران .
وأهل البدع في غير الحنبلية أكثر منهم في الحنبلية في وجوه كثيرة ؛
لان نصوص أحمد في تفاصيل السنة ونفي البدع أكثر من غيره بكثير »
مرجثة لم يكن ذلك مذهباً للإمام إلا في الإرجاء فإنه قول أبي فلان »
وأما بعض التجهم فاختلف النقل عنه ؛ ولذلك اختلف أصحابه
المنتسبون إليه ما بين سنية وجهمية ذكور وإناث مشبهة ومجسمة لأن
أصوله لا تنفي البدع وإن لم تثبتها » وفي الحنبلية أيضاً مبتدعة » وإن
كانت البدعة في غيرهم أكثر » وبدعتهم غالباً في زيادة الإثبات في حق
الله » وفي زيادة الإنكار على مخالفهم بالتكفير وغيره » لأن أحمد كان
وأما بدعة غيرهم فقد تكون أشد من بدعة مبتدعهم في زيادة
الإثبات والإنكار » وقد تكون في النفي - وهو الأغلب - كالجهمية
والقدرية والمرجئة والرافضة » وأما زيادة الإنكار من غيرهم على المخالف
من تكفير وتفسيق فكثير .
والقسم الثالث من البدع : الخلوعن السنة نفياً وإثباتاً ؛ وترك الأمر
"- مسألة : غلط من أفرط أو فرط في تحقيق قول الإمام
أحمد في هجر المبتدعة .
قال شيخ الإسلام في مجميع الفتاوي (110/78) : فصل : في
مسائل إسحاق بن منصور » وذكره الخلال في كتاب السنة في باب
مجانبة من قال : القرآن مخلوق » عن إسحاق أنه قال لأبي عبدالله :
من قال : القرآن مخلوق؟ قال : ألحق به كل بليَّة . قلت : فيظهر
لتركناها عن أكثر أهل البصرة » ومع ما كان يعاملهم به في المحنة من
الدفع بالتي هي أحسن ومخاطبتهم بالحجج يفسئر ما في كلامه وأفعاله
من هجرهم والنهي عن مجالستهم ومكالمتهم حتى هجر في زمن غير
ما أعيان من الأكابر » وأمر بهجرهم لنوع ما من التجهم ؛ فإن الهجرة
نوع من أنواع التعزير » والعقوبة نوع من أنواع الهجرة التي هي ترك
السيئات ؛ فإن النبي # قال : «المهاجر من هجر السيثات» وقال :
«من هجر ما نهى الله عنه » فهذا هجرة التقوى» . وفي هجرة التعزير
والجهاد هجرة الثلاثة الذي خُلّْفُوا ؛ وأمر المسلمين بهجرتهم حتى تيب
عليهم . فالهجرة تارة تكون من نوع التقوى إذا كانت هجراً للسيثات
كما قال تعالى : «وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض
عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا
تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين ؛ وما على الذين يتقون من
حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون6[الأنعام نمحخح] 6
فبيِّن سبحانه أن المتقين خلاف الظالمين ؛ وأن المأمورين بهجران مجالس
الخوض في آيات الله هم المتقون .
وتارة تكون من نوع الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة
الحدود » وهو عقوبة من اعتدى وكان ظلاً .
وعقوبة الظالم وتعزيره مشروط بالقدرة » فلهذا اختلف حكم الشرع
في نوعي الهجرتين بين القادر والعاجز » وبين قلة نوع الظالم المبتدع
وكثرته وقوته وضعفه ؛ كما يختلف الحكم بذلك في سائر أنواع الظلم
من الكفر والفسوق والعصيان ؛ فإن كل ما حرمه الله فهو ظلم ؛ إما في
وما أمر به من هجر الترك والانتهاء وهجر العقوبة والتعزير إنما هو إذا
حسنة راجحة لم تكن سيئة .
وإذا كان في العقوبة مفسدة راجحة على الجريمة لم تكن حسنة بل
تكون سيئة ؛ وإن كانت مكافئة لم تكن حسنة ولا سيئة ٠
فالهجران قد يكون مقصوده ترك سيثة البدعة التي هي ظلم وذنب
وام وفساد » وقد يكون مقصوده فعل حسنة الجهاد والنهي عن المنكر
وعقوبة الظالمين لينزجروا ويرتدعوا ؛ وليقوى الإيمان والعمل الصالح عند
أهله . فإن عقوبة الظالم تمنع النفوس عن ظلمه ؛ وتحضها على فعل ضد
ظلمه : من الإيمان والسنة ونحو ذلك . فإذا لم يكن في هجرانه انزجار
أحد ولا انتهاء أحد » بل بطلان كثير من الحسنات المأمور بها لم تكن
هجرة مأمور بها » كما ذكره أحمد عن أهل خراسان إذ ذاك : أنهم لم
يكونوا يقوون بالجهمية ؛ فإذا عجزوا عن إظهار العداوة لهم سقط الأمر
بفعل هذه الحسنة » وكان مدارائهم فيه دَق الضرر عن المؤمن الضعيف »
ولعله يكون فيه تأليف الفاجر القوي . وكذلك لما كشر القدر في أهل
البصرة ؛ فلو ترك رواية الحديث عنهم لاندرس العلم والسنن والآثار
المحفوظة فيهم . فإذا تعذر إقامة الواجبات من العلم والجهاد وغير ذلك
إلا بمن فيه بدعة مضرتها دون مضرة ترك ذلك الواجب : كان تحصيل
مصلحة الواجب مع مفسدة مرجوحة معه خيراً من العكس . ولهذا
كان الكلام في هذه المسائل فيه تفصيل ٠
وكثير من أجوبة الإمام أحمد وغيره من الأثئمة خرج على سؤال
سائل قد علم المسؤول حاله ؛ أو خرج خطاباً معين قد علم حاله »
فيكون بمنزلة قضايا الأعيان الصادرة عن الرسول # » إغا يثبت
حكمها في نظيرها .
ينهون عنها غيرهم » ولا يعاقبون بالهجرة ونحوها من يستحق العقوبة
استحباباً ؛ فهم بين فعل المنكر أو ترك النهي عنه » وذلك فعل ما نهوا
عنه وترك ما أمروا به . فهذا هذا . ودين الله وسط بين الغالي فيه
والجافي عنه . والله سبحانه أعلم .