وقد جمعت هذه الرسالةٌ الأنهٌ كلها بعد تفرقى وتمزق وشتات » ومنحتها العزة
ورََعَنْها إلى افاق عالية ومكانة سامية بعد أن تردّتُ في مهاوي الضلال والضياع +
إخواناً ؛ وكتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها » كذلك يين الله لكم آياته
لعلكم عدون 6( .
وقد كانوا قبل إنقاذه إياهم بمحمد ع ؛ أهل كفر في تفرقهم واجتاعهم »
يجمعهم أعظم الأمور : الكفر بالله وابتداع مالم يأذن به الله ! حتى بعث الله تعالى
الله حقّ جهاده حتى أناه اليقين من ربه تبارك وتعالى » وترك هذه الأنمة على المحجة
ومن تمام النعمة » التي أنعمها الله على هذه الأمة ؛ نَممَةٌ أخرئ ؛ حفظ الله
لحافظون »!" ؛ ومن مقتضيات هذه النعمة أن يحفظ الوحي غير المتلوء وهو
السنة النبوية » من خلال جهد أولتك العلماء الأتقياء وجهادهم » وهم الذين ينفون
عن هنا الدين تحريف المرفين والخرفين » بغُلرٌ الغالين » وتأويل المبطلين »
لتبقى هذه الأمة على الجادة من الطريق المستقيم » لاتتفرّق بها النيّل ولاتتتازعها
الأهواء :
١ ) عون آل عبرا الآية د عي
) سونة الحجر الآية د +
ذلكم وك به لعلكم تتقين 6(" .
وما أقسى الوعيد ! وما أشدٌ التهديد عندما تتنكب الأمة الطريق وتتبع غير سبيل
ولقد كانت هذه الأمة في عصورها الأول مستمسكة بما أوح الله تعال إليها +
معتصمة بكتاب ربا وسنة نيا ع بعيدة عن كل انحراف أو اختلاف في
العقيدة وأصول الدين » رغم ماقد يقع من خلاف بينها في بعض المسائل الفرعية أو
الأحكام الفقهية ؛ وكانت أبعد ماتكون عن البدعة والفة السنة » وكلاهما يغلق
أبواب الرحمة ؛ وكلما اقتربنا من عصر الوحي والتنزيل » ابتعدنا عن البدعة وعن
الاختلاف والتفرق في “الدين ؛ تماماً ما نجد في انحراف البشرية عن التوحيد
من رسله الكرام ليعيد الناس إلى توحيد الله تعالى وعبادته .
الاتحراف الذي ينثا بسبب جملة من العوامل الداخلية النفسية في كيان الأمة »
ونجمعت ؛ فكان لا من الأثر ماكان » ولول أنَّ الله سبحانه وتعالل قد تكفل ببقاء
هذا الدين وحفظه وقد هياً الأسباب أيضاً لذلك كله لأصبح أثراً بعد عين »
لكنة مالاقى من الكيد والهجمات على كل صعيد وفي كل زمان » ولكن الله غالب
١ ) سوة الأنعام ؛ الآيا
( 7 ) ساسا الآية :م11
الكافرون » هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو
كره المشركون 6(" .
لل نهم يكيدون كيدا » وأكيد كيدا ؛ فمهّل الكافرين أمهلهم رويداً »9 .
وني القرن الخامس الهجري وفي بلاد المرصل بالعراق » عاش الشيخ عدي
ابن مسافر الأموي الهكاري » رحمه الله تعالى » وكان عالاً فاضلاً . من أفاضل عباد
الله الصالحين ؛ وأكابر المشايخ الشبعيناء وله في الأنة صيت _مشهور ؛ وذكرٌ
حسن » وقد كتب الله تعالى له القبول بين الناس » وكان له فيهم تأثير » وبعد وفاته +
فكان من الواجب على علماء المسلمين ؛ من ذوي العقيدة الصحيحة ؛ أن
يقومرا بتصحيح الانحراف ورد الجامحين عن الح إلى جادة الطريق المستقم +
وقد قام بهذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله » فكتب رسالة إلى أتباع عدي بن
مسافر ء يذكرهم فيا بما كان عليه سلفهم من المشابخ الذين يقتدون بهم وتتمون
في الطريقة إليهم » وبين لهم ماينبغي أن يكونوا عليه من الاعتصام بالكتاب والسنة
ويحذرهم من أسباب الضلال ؛ ليحيا من حي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة .
الصف ل الآية :م
ية العية ١ الآجان د 6ت ++
رضي ا
) سلمع بإذن الله تعال ب إل هنا في ترجمة الشيخ عدي قينا سأي ؛ أنظر :م 3 8# )
من هذه الرسالة
وقد عرفت هذه الرسالة باسم « الوصية الكبيى + ؛ وهي في الجزء الثالث من
مجموع فاو شيخ الإسلام ابن تيمية ؛ رحمه الله » المطبوع في الرياض رتيب
الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم » رحمه الله ء وفي المجلد الأول من
مجموعة الرسائل الكوى .
ولا لهذه الرسالة النفيسة من أهمية بالغة في إلقاء الضوء على أدب علمائنا في
المناصحة » ولا تتضمنه من أفكار في العقيدة الإسلامية ؛ ينبغي أن يعرفها كل
مسلم » ولا فيا من الحث على اتمسك بالسنة » مع بيان آثار المخالفة عنها +
الأهمية ماعرضه شيخ الإسلام من أصول الضلال » التي ينبغي على المسلم أن
شبيبة بما عالجه شيخ الإسلام في رسالته ومما واجهه فيها +
وستلمع فيما يأتي إن شاء الله تعالل إلى مضمون هذه الرسالة بخطوط
عريضة » وإشارات سريعة ؛ تعطي فكرة كلية موجزة عن مجمل أفكارها ؛ ثم نشير
إلى طريقة عملنا في إخراجها ؛ يعقب ذلك فقرتان » نترجم فيهما ترجمة موجزة
لشيخ الإسلام ابن تيمية ؛ وللشيخ عدي بن مسافر » رحمهما الله تعالى » ومن الله
مضمون الرسالة
* استبل شيخ الإسلام رسالته » بعد أن حمد الله تعالى وأثنى عليه ؛ ببيان فضل الله
تعالل خير أمة أخرجت للناس ؛ كا جعلها الأمة الشاهدة على سائر الأمم » والرائدة
بيث النبي تَهثْْ بأمرين هما : أصول الإيمان » والشريعة » إذ أن كل دين من عند
الله تعالى يتضمن عقيدة وشريعة تنظ حياة اناس .
وجعل من تقوم به الحجة إلى يوم القيامة » ومن هنا امتاز أهل الحتق من هذه الأمة من
أهل السنة والجماعة عن أهل الباطل الذين يُغرضون عن سنة رسول الله عت وعن
جماعة المسلمين .
الإسلام وسط في الملل .
فالمسلمون وسط في : أنبياء الله ورسله وعباده الصالحين » فلم يفلا فيهم كا
© وهم وسط في شرئع دين لله قم عر عل الله أن يخ مايشاء يبحو
مايشاء وثبت ينبت » كا قالت اليهود ؛ ولا جوّزوا لأكابر علمائهم أن يغيرّوا دين الله
© وهم وسط في باب الحلق والأمر .. وني صفات الله تعالى .. وفي باب الحلال
والحرام .. اخ +
وأهل السنة والجماعة وسط بين الفرق » وتظهر هذه الوسطية والاعتدال في أبواب
والشريعة كلها :
© فهم في الأ ماء والصفات
وسط بين أهل التعطيل وأهل اتمثيل +
لله وبين المفسدين
© وهم في باب الخلق ولأمر : وسط بين المكذيين بقدرة
لدين الله الذين يعطّلون الأمر والنبي والثواب والعقاب +
© وفي باب الأسماء والأحكام والوعد والوعيد : وسط بين الوعيدية وبين المرجثة +
© وهم في أصحاب سول الله عله ورضي عنهم : وسط بين الغالية وبين
وكذلك في سائر « أبواب السنة » هم وسط ؛ لأنهم متمسكون بالكتاب والسنة
وماتفق عليه السابقون الأرلون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان إلى
يوم الدين .
* ثم يلتفت إلى أتباع عدي التفاتة فيها إشادة وثناء وتذكير بسلفهم الصالح » الذين
لم يخرجوا في أصول الاعتقاد عن أهل السنة والجماعة » التفانة رائعة يضعهم ؛ من
خلافا . على طريق الإسلام الصحيح +
ثم يعود استطراداً ب إلى ضرب أمثلة أخرى عن وسطية الإسلام وتوازثه »
محذراً من نزغات الشيطان الذي يحرف الناس عن الهدى والحق ويعترض طريقهم
حتى يخرجهم عن كثير من شرائع الدين » بواحد من أمرين : الإفراط أو التفريط ©
ويضرب بعض الأمثلة على ذلك من الواقع التاريخي للمسلمين في عصور مختلفة ٠
ماأجمله من أصول الضلال والبدع والباطل » التي ابتدعها من ينتسب إلى السنة »
وقد مرق منها ؛ وصار من أكابر الضالين :
أ الفصل الأول : الاحتجاج بالأحاديث الموضوعة والضعيفة + في أبواب
العقائد » وفي الصفات بخاصة ؛ مما يؤدي إلى الكفر ؛ وقد جاء رحمه الله 6 على
كتير من الأحاديث الباطلة في هذا الباب » ونه على مافيها » مي بين الحق
والباطل » وقد أفاض في رؤية الرب تبارك وتعالى ؛ ا هي عقيدة أهل السنة
والجماعة من خلال الآيات القرانية والأحاديث الصحيحة » ون على الذين يزعمون
ب الفصل الثاني : الغلو في الأشخاص أو في الأفكار » وقد كان هذا الغلو أول
أسباب الضلال والشرك وأكبرها ؛ وقد ذكر الله تعال غلرٌ قوم نوج في صاليهم +
غلىا في علي بن أني طالب رضي الله عنه,ء أو في غي: كالخلاج والحام
الفاطمي » والشيخ عدي ... إل ويذكر أن بعض الفرق ضلت بغلوها في الدين
وافراطها فيه » وهم من ضل بسبب غلوه في فهم آيات الوعيد مثلاً كالوارج .
ومرة أخرى يعود » رحمه الله ؛ خلال هذا الفصل ليدعو إلى الاعتدال والاقتصاد
في السنة واتباعها » ويقصد بالسنة أبواب الاعتقاد جميعها ؛ وإلى الاقتصاد في أمر
« الصحابة » و « القرابة » رضي الله عنهم -
جد الفصل الثالث : التفرق والاختلاف بين الأمة وتفريق كلمتها وامتحانها بما لم
يأر به الله ولا رسوله » وقد ذم الله تعالى التفرق في الدين وحذَّر منه فقال : ف إن
المسلمين » والحوارج الذين فارقوا جماعة المسلمين واستحلّا دماء من خالفهم مثال
صارخ يعلن هذه الحقيقة .
والذي يدفع إلى هذا التفرق والخلاف إنما هو هوى النفوس واتباع الظن"' » ولذلك
() و الأنام .|
)١( أنظر التفصيل : مقدمة في أسباب اختلاف المسلمين وتفرقهم . تأليف محمد العبدة ؛ طارق
عد الحكم .
( ) سور الأنام الآية :118
ل قل : لا يع أهوايم قد صلَلتُ إذن وماأنا من المهتدين !" ... خم +
* وهذا الضلال والابتداع منكر يجب على أولي الأمر ء وهم علماء كل طائفة
يبحث شيخ الإسلام في ختام هذه الرسالة مايجب أن يأمر أولياء الأمر فيه بالمعروف
مثل شرائع الإسلام كانه كان الإيمان ؛ وسائر ماأمر الله به وسوله من الأمور
الباطنة والظاهرة .
وساثر ماحرمه الله كالعدوان على النفس ولمال .. ويدخل في هذا المنكر العبادات
المبتدعة التي لم يشرعها الله ولا رسوله عَكِت . وهنا يضرب شيخ الإسلام أمثلة كثية
على ذلك ؛ ويضع الفوارق بين ماهو مشروع وماهو غير مشروع في بعض هده
* وهكذا تظهر براعة شيخ الإبلام رحمه الله وأدبه الجم في مخاطية هذه
المناسب وببئء النفوس لتقبل النصح + لتقم بتصحيح الانحراف ؛ دون أن يكون
هناك عدوان منه عليهم ولو بالكلمة » وهذا أيضاً اعتدال ووسطية في موققه ؛ فكما
أنه لم يُفرط عليهم لم يفرط أيضاً ولم يترك واجب النصح والأمر بالمعروف والنبي عن
المنكر ؛ وهنا نشير إلى أن « الوسطية والاعتدال + كانت محور رسالة الشيخ رمه
الله تعال .
+ + سورة الأثعام ) ١
11١ : ؟ ) سورة الأثعام ؛ الآية
عملنا في الرسالة
اعتمدنا في إخراج هذه الرسالة على مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ؛
والذي جمعه الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم » وتقع هذه الرسالة في
الصفحات ( 317 130 ) من الجزء الثالث » إذ ليس بين أيدينا نسخة خطية
جزء من الآية » عند الحاجة لذلك .
١» تحر الأحاديث النبوية من مصادرها تريجاً تفصيلياً » يذكر الكتاب
ولباب والجزء والصفحة » وإذا كان الحديث مالم يخرجه البخاري ومسلم 6 تنقل
الحكم عليه من أقوال علماء الحديث كالحافظ ابن حجر والمنذري وغيها .
ترجمة الأعلام الواردة في الرسالة ترجمة موجزة ؛ والإشارة إل بعض مصادر
الترجمة » ول نترجم للأعلام المشهورة كالخلفاء الأبعة ؛ رضي الله عنهم +
4 تصويب ماوجدناه من أخطاء في الآيات الكريمة ؛ وفي أسماء بعض الأعلام +
وماوقع من أخطاء مطبعية أو أخطاء في الرسم .
© توثيق بعض النصوص والأحكام ؛ بالدلالة على مواضعها في مصادرها .
+ التعليق على بعض المواطن التي تحتاج إلى ذلك » وشرح بعض الأفكار الواردة
مما له صلة بموضوع الرسالة الأساس .
١ وضع بعض العناوين الرئيسية والفرعية ؛ لتساعد على حصر الأفكار ال
في الرسالة ؛ وليس في الرسالة عناوين غيرها » ولذا نكتفي بالإشارة إلى ذلك في
هذه المقدمة .
8 - قدمنا للرسالة بمقدمة عامة مع إيجاز لمضمون الرسالة + وترجمة
الإسلام ابن تيمية والشيخ عدي بن مسافر ء رحمهما الله .