وهذه الظاهرة المؤسفة هى سمة حجاج بيت اللو الحرام فى الوقت الحاضر
على وجه العموم » يجهلون أحكام المناسك » ولا يمون بدراستها وتعلها -
ليكون حجهم مروراً + وذنهم مغفوزا ؛ وعملهم مقيولا - بقدر اهتامهم بأمر
الهدايا وَالسّحَف والأشياء النادرة والثمينة ؛ الموجودة فى هذه الأراضى القدّسة
ثانيا : ما رأيت من بعض الإخوة - المقيمين وغيرهم -من القيام بجمع
الدماء الواجبة على الحجاج بسبب ترك مأمور » أو ارتكاب محظور فى الإحرام +
مع جهلهم بطريقة أدائها ؛ أو إخلاهم ببعض أحكامها .
وهبة وقرض وتوكيل » ويم كل ذلك من غير أن يعلم الطرف الثانى - الحجاج -
بالأمر شيئا .
وفى بعض الأحيان يحاول هذا الفريق من الناس أن يستضيف بعض الحجاج
لتناول الغداء أو العشاء فى بيته ؛ ثم فى النها؛ كجهاز فيديو
أو ساعة ثمينة - لرئيس القافلة أو البعثة مقايل خدمة بسيطة ؛ وهى أن يقوم هذا
لثانى بجمع الدماء!”؟ من الحجاج المتمتّعين أو القارنين » ثم يسلّمها إليه ؛ ليقوم هو
بدوره فى أدائها نيابة عنهم .
فإذا بلغ عدد الدماء السُْلمَة منهم سبعاً أو أكثر فإنه بدلاً من أن يشت
بقيمتها شياها - بموجب عقد الوكالة - راح با يشو بكرة »اللا وعد أ
قيمة البقرة أقل بكثير من قيمة سبع شياه . وتكون بقية المبلغ مائفة لهم
فهؤلاء الناس لا يبسّهم إلا اللكسب والزيادة » دون النظر إلى كبر حجم
أم لا؟ وهل يقتصر دورهم فى الشراء والذبح فحسب أم أنه يجب عليهم
التصدق بلحومها؛ والقيام بتفريقها إلى فقراء الحرم؛ المستوطنين منهم
يقدّم هدية قيمة -
أو القيمين ؟ وهل يجوز لهم تأخير أداء هذه المهمة إلى ما بعد الموسم + نظراً إل
ارتفاع أسعار النعم!" فيه .
وأيضا بصفتهم وكلاء عن الحجاج » + هل يجوز لهم الأكل منها إذا كانت
والتسليخ والتنظيف
وماذا لو رمى الجزّار بالرأس ؛ أو الجلد المسلوخ » أو الكوارع ؛ فى المزيلة
بدلا من الإنتفاع بها والتصدق بها للفقراء ؟
والعارف منهم لا يتحرّى الحلال ؛ والدقة فى الأداء + بل ريما . ينعمس
صور أكل أموال الناس بالباطل + وهناك صور أخرى لا تقل جُزْماً وثما من التى
للواقعين فيه ؛ وهى :
لجال بالربا وتلقى الركبان وبيع الحاضر لباد ؛ والنيابة فى رمى
الجمار » بأجرة أو بدونها مع قدرة الموكّل عليه
أما عن الأول + فهو قيامهم بشراء التقود المحلية من الحجاج مع عدم
التقابض بين البدليّن فى المجلس .
وبيان ذلك ؛ أن يطلب الحاج مبلغاً مقينا من الريالات » أو أراد أن
يستبدل كذا مليون رويّة إلى عملة أخرى » فيقوم الطرف الآخر بشراء تلك
العملة منه ؛ على حسب السعر المعلن فى البنوك أو المصارف" "إذا كان لديه المبلغ
(*) النعم فى الشرع يُطلق على الإبل والبقر
(**) وهذا لا غبار فيه .
بدلاً من أن يعتذر » أو يج عمليّة ابيع والشراء إلى وقت آخر » راح يتسلّم
لمبلغ المقابل من الحاج » ثم بعد فترة يسلّمه المبلغ المطلوب منه ؛ وهذا التصرّف
وفى بعض الأحيان يحتاج الحاج إلى العملة المعدنية المستعملة فى المكالمات
بذهب يشتريها من أحد الموظفين_بالسفارة ؛ أو البعثة بأكار من
قيمتها - فمثلا - خمسون ريالاً من العملة المعدنية - فنة الريالات - مقابل خمسة
وهذا هو ريا التفاضل الذى نبى عنه بى الإسلام عله ففى « البخارى
ومسلم » عن أنى سعيد الخدرى - رضى الله عنه - أن رسول الله عت قال :
وى لفظ : « إلا يدا بيد 6 .
ونى لفظ : « إلا وزنا بوزن ؛ مثلا بمثل + سواء بسواء 6( .
* (*) ريما يقول لى قائل : إن هذا لا يدخل فى دائرة الربا حرم لأنه بمنزلة العروض
التجارية فلا يشترط فيها اتماثل » وقد قال بعض الفقهاء بعدم ربوية النقود الورقية عناد
الصرف .
فى قيمتها » ومعلوم أنها تختلف باختلاف نوعية العملة نفسها » وهذا الاختلاف فى القيمة إما
ينشاً بسبب اختلاف قوة وضعف رصيدها العالى من الذهب والفضة » فالعملة الورقية ف
الوقت الحاضر تقوم مقام العملة النقدية من الذهب والفضة فى جميع الأحكام » وإلا لزم أن
مبلغا معينا من أحد البنوك أو الأشخاص مع زيادة معينة ( بالريا ) +
وأيضا ما قول هذا القائل : لو سرق أحد ملايين الدولارات من أحد البنوك أو الوزارة
المسروق بقيمته الورقية لم ييلغ نصابا ؟ 72
من بلادهم » بالسعر الذى يحدّده » دون تعريفهم بسعرها الحقيقى فى السوق
أو المراكز التجارية - وكثيراً ما يم هذا البيع فى مدينة ١ جدة » فى المطار الدولى +
أو اميناء الإسلامى - وهذا التعامل داخل فى نطاق تلقى الركبان -
+ وبيع الحاضر لباد المنبين فى الحديث الصحيح .
ففى « صحيح البخارى ومسلم وغيرهما » عن أنى هريرة - رضى الله
بعض ؛ ولا تناجشوا ؛ ولا بيع حاضر لباد ... ؛ الحديث .
أن الحاج أو الحاجة غير قادر على الرمى بنفسه ؛ لمرض » أو زَمِنِ ؛ أو كبر سن »
ولابد فى المرض أن يكون مما لا يُرجى شفاؤه إلا بعد خروج أيام التشريق الثلاثة +
أما أن يتعلّل الحاج فى ترك الرمى بببب الزحمة ؛ أو ارتفاع درجة
الحرارة » أو أصابه صداع أو نحوه مما سيزول, عن قريب » فإنه فى مثل هذه الحالة
لا يجوز أن يوكل غيره - بأجرة أو بدونها - كم لا يجوز للطرف الآخر أن ينوب
عنه مقابل بعض الريالات .
وذلك لأن هذه الأعذار عرضية » ستزول عن قريب كا قلنا » وبالإضافة
إلى انساع وقت الرمى فى هذه الأيام .
فإذا لم يمكنه أن يرمى نهاراً بعد الزوال للإزدحام » أو شدة الحرارة فبإمكائه
وإذا فاته رمى بعض أيام التشريق فإنه يتداركه فى اليوم التالى » وهكذا إلى
آخر أيام التشريق الثلاثة . والله أعلم .
هذا وأنا على يقين أن هذا القائل سيتفق معى فى القول بأن الزكاة نجب فى الأوراق
النقدية ؛ وأنه لا يجوز القرض والإقتراض بفائدة » ومن سرقها من حرز مثلها وقد بلفت
نصابا فإنه تقطع يده . والله أعلم .
فالثا : جرى بننا وين بعض الأماتذة حوار ساخن حول موضوع
الدماء ؛ هل يعنى أنها تقوم مقام واجيات الحج بمعنى أن الحاج مير بين فعل
الواجب كالرمى » والمبيت » والوداع » وبين إخراج الدم بدلا عنبا ؟
وإذا ارتكب محظورا فى الإحرام كالليس » والحلق ؛ والطيب ؛ فهل الدم
محظوراً ما دام قادرا على إخراج الفدية .
وى هذا الحوار قلت : إن الحاج مطالب بأداء ما يجب عليه من المناسك
كالرمى ؛ والمبيت ؛ والوداع ؛ ونحوهاء ومطالب أيضا بالإبتعاد عن المحرمات +
وكونه قادرا على دفع الفدية لا يعنى أنه بياح له الإقدام على ترك الأمور
وارتكاب المحظور » لأن الذى أمرنا بأداء فريضة الحج ؛ وأوجبه علينا هو الذى
أمرنا باتباع رسوله المبِلّم عنه ؛ وقد قال عز من قائل : م وما آتام الرسول
فلماذا تتكاسل عن أداء واجبات الحج بحجة أننا قادرون على دفع الفدية ؟
ونتعلل بعلل لا تسمن ولا تغنى من جوع ٠
أليس لنا فى رسول الله أسوة حسنة ؟ أليس من شروط الحج المبرور أن
فيا حجاج بيت الله الحرام أفيقوا من غفلتكم ؛ واطلبوا مرضاة ربكم »
واعلموا أن إخراج الفدية لا يغنى عن التوبة » فالعامد فى ارتكاب المحظور
آم وعاص » والفدية لا تخلّصه من الإم .
ويجب عل المحرم التحتمظ من هذه المحرمات » إلا فى مواضع العذر الذى تهنا
متوهما أنه بالتزام الفدية يتخلص من وبال المعصية » وذلك خطأ صريخ ؛ وجهل
قبيح » فإنه يحرم عليه الفعل » وإذا خالف أنم ؛ ووجبت الفدية » وليست الفدية
مبيحة للإقدام على فعل المحرم +
وجهالة هذا الفاعل كجهالة من يقول : أنا أغرب الخمر وأزنى والحد
بطر ؛ ومن فعل شا ما يُحكم بتحرمه » فقد أخرج حجه عن أن يكون
وفى موضع آخر يقول : وأما الواجبات : فمن ترك منها شيفا لزمه دم
قلت : وهذا من الإمام النووى رحمه الله تعالى فى غاية الصراحة والوضوح
ولا يحتاج إلى تعليق أو توضيح .
وعموماً فإن هذه الرسالة تعتبر من أحسن ما آلف فى موضوع الدماء .
فقد تناول المؤلف - رحمه الله - إيضاح جميع أنواع الدماء الواجبة فى
لج والعمة + سواء كانت بسب تر لأمورات أ ارتكاب الحطورات + وعى
عد من أهم المراجع فى هذا الشأن . حيث أن أكثر المسائل التى يُسأل عنها العلماء
فى أي ام الحج يدور حول هذا الموضوع .
وهذه الرسالة وإن كانت تتحدث عن أحكام الدماء وأنواعها » غير أنها
أيضا تتناول ضمنا أركان وواجبات الحج والعمرة ؛ وما الذى يحرم على الحاج
+ متن الإيضاح : ص 8ه . ط دار الكتب العلمية عام 1886 م )١(
. ط دار الكتب العلمية عام 1886 عم . ١8 متن الإيضاح : ص )(
وفى الحتام أرجو من الولى عز وجل بأن يكون معنا دائماً بالتوفيق
والرشاد » والتأبيد والإمداد » والحفظ والرعاية والسداد .
وصلى الله على سيدنا محمد النبى الأكرم ؛ وعلى آله وصحبه وسلم +
١ ابريل 1446 م : + ذو القعدة 1616 مه
بقلم
إلا محمد نور الدين مربو بنجر المكى ١
هو الإمام العلامة إماعيل بن أنى بكر بن عبد الله بن إبراهم الشرجى 1
ولد رحمه الله تعالى سنة 04لا هء وقيلى سنة 108 ع الموافق 164 م .
تفقه بالجمال الريمى » وقرأً العربية على محمد بن زكريا ؛ وعبد اللطيف
الشرجى » وغيرهما » وقرأ فى عدة فنون + وبرز فى جميعها » وفاق أهل عصرة »
وطال صيته ؛ واشتهر ذكره » ومهر فى صناعة النظم واللغراء وجا بما لا يقدر
عليه غيره » وأقبل عليه ملوله !! + وصار له حظ عظيم عند الخاص وآلعام » عُيّن
للسفارة إلى الديار المصرية » ثم آخر رغبة منه فى الإستقرار فى قضاء الأقضية بعد
امجد الشيرازى صاحب « القاموس ؛ إلا أنه لم يتم له ما تتام .
وعندما عمل المجد كتابا للسلطان الذى جعل أول كل سطر منه الألف »
فاستحظمه السلطان » فعمل له صاحب الترجمة كتابه الذى لم يُسبق إليه » المعروف
بعنوان «الشرف الواق فى الفقه والنحو والتاريخ والعروض والقوافى» - ط-.
ولم يتم هذا الكتاب فى حياة الأشرف ) فقدّمه لول » الناصر » ووقع عنده بل
وعند سائر علماء عصو يبلده وغيرها » موضع القبول والإستعظام .
. نسبة إلى شرجة من سواحل ان )١(
. نسبة إلى بشى شاور اسم قبيلة بالجن )(
سم ونه اديس
آواخرها فقط ؛ استخرج من ذلك علم النحو » والتاريخ » والعروض » والقوافق ٠
بل قبل : إن الجن لم ينجب مله .
فهو إمام فى الفقه » والعربية » والمنطق ؛ والأصول » وذو يد طول فى الأدب
نظما ونا » ومتفرد بالذكاء » وقوة الفهم » وجودة الفكر ء وله فى هذا الشأان
عجائب » وغرائب » لا يقدر عليها غين » ول يلغ زبته فى الذكاء ؛ واستخراج
الدقائق ؛ أحد من أبناء عصره » بل ولأ من غوهم .
وبالرغم من هذه المزلة الرفيعة » والمكانة السامية من الذكاء » وقوة الفهم » إلا
ومن أعجب ما يحكى فى نسيانه : أنه نسى مرة ألف دينار » ثم وقع عليها بعد
مدة اتفاقا فتذكّر ذلك » بالرغم من عدم توسّعه فى الدنيا ؛ ومزيد حاجته إلى ما هو
أقل من ذلك .
شهادة العلماء عليه :
قال الحافظ ابن حجر : اجتمعت به فى اسنة 00م ه ثم فى سنة 8م هاء
قال : وفى كل مرة يحصل لى منه الود الزائد والإقبال
وقال : وله تصانيف » وحذق تام ؛ ونظر مليح ؛ ما رأيت باجن أذكى منه ٠
وقال الحافظ السخاوى : مهر فى الفقه » والعربية » وفى غيرهما من العليم +
وبرز فى المتطوق والمفهوم
وقال الموافق الخزرجى : إنه كان فقيها + » بّاثًا + مشاركا » فى كثير
من العلوع » والإشتغال بالمشور والمنظوم » إن نظم أعجب يعر » وإن ثثر أجاد
وأوجز » فهو المبرز على أترابه » والمقدم على أقرانه وأصحابه .