الفصل الأول : حكم الحج والعمرة من الصبياة
الفصل الأول
في حكم الحج والعمرة من الصبيان
وفيه أربعة مباحث :
المبحث الأول : في تكليف غير البالغ بالحج والعمرة ٠
المبحث الثاني ؛ في صحة حجة وعمرته ٠
المبحث الثالث : في إجزاء حج الصغير عن حجة الإسلام .
المبحث الرابع : بلوغ الصبي في أثناء الحج ٠
المبحث الأول ؛ في تكليف غير البالغ بالحج والعمرة .
اتفق أهل العلم على عدم وجوب الحج والعمرة على غير البالغ " ؛ لأن
الصبي مرفوع عنه القلم حتى يحتلم " . وما يدل على ذلك حديث علي « عن
البي ي أنه قال : " رفع القلم عن ثلاثة : عن الصبي حتى يبلغ ؛ وعن المجنون
حتى يفيق ؛ وعن النائم حتى يستيقظ * 9 .
9" انظر : حكاية الاتفاق في المجموع 34/77 ؛ المغني 6/5 ؛ نبل الأوطار 778/4 ؛ إعلاء السنن
المغني 6/5 الهداية 174/1 .
أخرجه أبو داود , في كتاب الحدود ؛ باب المجنون يسرق أو بصيب حداً 481/7 - 467 ؛ واين
ماجه في الطلاق ؛ باب طلاق المعتوه والصغير ؛ والنائم 658/1 . والزمذدي في الحدود ؛ باب ما جاء
فيمن لا يجب عليه الحد 2/4 ؛ والنسائي في الطلاق ؛ باب من لا يقع طلافه من الأزواج 1777/56 +
وأحمد في المسند 1173/1 118 40 . وقال الزمذي : حديث حسن . وأخرجه البخاري
معلقاً موقوفاً من قول علي لعمر : أما علمت أن الفلم رفع عن المجنون حتى يفيق وعن الصبي
حتى يدرك ؛ وعن الدائم حتى يستيقظ . الصحيح ؛ كتاب الحدود ؛ باب لا يرجم المجبوث
الفصل الأول : حكم الحج والعمرة من الصبياة
المبحث الثاني
اختلف أهل العلم في حكم حج الصبي لو حج على قولين :
القول الأول : أن حجه صحيح . ويئاب عليه .
ذهب إليه جمهور أهل العلم ومنهم ؛ الالكية " ؛ والشافعية "+
قال ابن المنذر : وأجمعوا على أن الصبي يطاف به ... وأجمعوا على أن
وقال الطحاوي : ... وهذا ما أجمع عليه الناس ؛ ولم يختلفوا أن للصبي
!© الإشراف 134/1 , بداية المجتهد 277/١ , الكافي 7617/1 ؛ الشرح الكبير 3/7 ؛ المعونة
24 التفريع 287/١ , التلقين 167/١ ؛ التمهيد 167/١ .
المجموع 74/7 , الحاوي 306/4 حلية العلماء 1174/7 .
المفني 50/5 , الإنصاف 240/7 , المبدع 88/7 المستوعب ٠/4
المجموع 41/7 , التمهيد ٠١7/١ » المفني 90/6 .
!"© انظر : الحجة على أهل المدينة 411/7 ؛ المبسوط 1/4 ؛ مختصر اختلاف العلماء 137/8 ؛ شرح
معاني الآثار 181//7 ؛ رد المحتار 464/7 ؛ فح القدير 437/7 , البحر الرائق 278/9 البناية
44/7 الفتاوى الهندية 117/1 .
الإشراف ص17 .
© الإشراف ص17 .
!"© شرح معاني الآثار 981/9
حبر الفصل الأول : حكم الحج والعمرة من الصبياة
وفي كتاب الحجة على أهل المدينة : أخبرنا محمد عن أبي حنيفة قال : لا
بأس بأن يحج بالصغير ؛ ويجرد للإحرام وممضع الطيب . وكل ما يمدع الكبير في
الاستدلال ؛
استدل أصحاب هذا القول بجملة أدلة منها :
١ - حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي لقي ركباً بالروحاء
فقال : من القوم ؟ قالوا : المسلمون ؛ من أنت ؟ فقال : أنا رسول الله .
فالحديث صريح فيه .
؟ - حديث السائب بن يزيد » قال : " حُجّ بي مع رسول الله » وأنا ابن سبع
© - حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي » بعله في التُقَلِ 0 .
؛ - وحديث ابن عباس : أقبلت وقد ناهزت الحلم أسير على أتان لي ورسول
الله » قائم يصلي بمنى حتى سرت بين يدي بعض الصف الأول ثم نزلت
أخرجه مسلم في الحج ؛ باب صحة حجة الصبي وأجر من حج به 474/1 .
"١ أخرجه البخاري في الحج ؛ باب حج الصبيان 118/7 -
©" السيل الجرار 168/7 .
الفصل الأول : حكم الحج والعمرة من الحبيان
وكان ذلك في حجة الوداع .
* - حديث ابن عباس قال : دمن رسول الله » ليلة المزدلفة أغيلمة بني عبد
اللطلب على حمرات ؛ فجعل يلطخ " أفخاذنا ويقول : " أي بني لا ترموا
الجمرة حتى تطلع الشمس " 9 .
+ - حديث جابر بن عبد الله قال : " حججنا مع رسول الله » فلبينا عن
الصبيان ورمينا عنهم * © ,
صحيح البخاري ؛ الموضع السابق ؛ عن يونس ؛ عن ابن شهاب ١
ل" قال أبو داود : الضرب اللين . انظر السنن له 4184/7 +
!" أخرجه أبو داود ؛ في المناسك ؛ باب التعجيل بجمع 484/1 ؛ وابن ماجه في المناسك ؛ باب من تقدم
من جمع إلى منى لرمي الجمار ٠٠١1/7 ؛ والنسائي في مناسك الحج ؛ باب النهي عن رمي جمرة العقبة.
قبل طلوع الشمس 7760/5 1779 . وأحمد في المسند 774/١ 07011 747
والزمذي في المناسك ؛ باب ماجاء في تقديم الضعفه من جمع بليل 371/7 ؛ ولفظه : أن البي 8 قدم
بعض أهله . وقال : * لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس * . وقال عقبة : حديث ابن عباس حديث
وقد صححه الألباني كما في الإرواء 4 . وكذا النووي في المجموع 388/8 ؛ وقال الحافظ في
الفتح بعد أن ذكر طرقه ؛ وهذه الطرق يقوي بعضها بعضاً ؛ ومن ثم صححه الؤمذي ؛ وابن حبان
9 أخرجه ابن ماجة في المناسك ؛ باب الرمي عن الصبياة ٠١١7 ؛ واللزمذي في أبواب الحج ؛ باب
ما جاء في حج الصبي 151//79 . ولكن بلفظ : فكدا نلبي عن النساء ونرمي عن الصبيان . وقال:
حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ؛ وقد أجمع أهل العلم على أن المرأة لا يلبى عنها . اه .
وقال الحافظ في التلخيص : فيه أشعث بن سوار ؛ وهو ضعيف + 970/3 . وقال الشنقيطي : ورجاله
ثقات ؛ إلا أشعث ؛ وهو ابن سوار الكندي النجار ؛ مولى ثقيف ؛ فقد ضعفه غير واحد ؛ ومسلم إنما
قال : وروى الدورقي عن يحبى : أشعث بن سوار الكوفي ثقة ؛ وقال ابن عدي : لم أجد لأشعث مما
منكراً ؛ وان يغلط في الأحابين في الإستاد ويخالف . منسك الشتقيطي ؟/117 .
0 الفصل الأول : حكم الحج والهمرة من الصبياة
- ولأنها عبادة يصح التنفل بها فصحت من الصبي كالطهارة والصلاة " .
- ولأنها عبادة تجب ابتداء بالشرع عند وجود مال ؛ فوجب أن يبوب الولي
فيها عن الصغير كصدقة الفطر © .
الجول الثاني ؛ أن حجه غير منعقد فلا يصح منه .
الخلاف © . وهو قول جماعة من فقهاء السلف '" . وهو قول الالكية في
الرضيع 9" .
قال الزمنخشري : الصبي ليس له حج صحيح عندنا © .
وقال القاضي عبد الوهاب : للصبي حج شرعي صحيح ... وقال
9 المجموع 40/7 , الإشراف 774/١ .
الحاوي 306/4 ؛ المغني 00/5 ؛ لأن أيا حنيفة قال : جنع مما جنع منه المحرم +
© الحاوي 15/6
" رؤوس المسائل ص15 » رد المتار 484/1 ١
© انظر : الإشراف 4/١ 27 ؛ بداية المجتهد 3277/١ , حلية الفقهاء 4/7 37 ؛ الحاوي 1096/4 ؛ المقني
8/8 ؛ رؤوس المسائل ص16 . وسأنقل جل من كلامهم في حكاية ذلك عنه .
المجموع 47/7 ؛ التمهيد ٠١ 4/١ ؛ نبل الأوطار 774/4 , معالم السنن 181/7 ؛ السيل الجرار
© بداية المجتهد 377/١ , الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 3/7 ؛ والمنتقى 78/7 ؛ لكن قال الباجي ؛
وهذا عندي إنا هو على سبيل الاستحباب , وإن أحرم به ؛ وألزم الإحرام لزم وإن كان صغياً جداً
لا يفهم : المنتقى 2/8/7
!© رؤوس المسائل ص157 +
الفصل الأول : حكم الحج والهمرة من الصبياة
وقال ابن رشد : ... فذهب مالك والشافعي إلى جواز ذلك ومنع مه
وقال الماوردي : وقال أبو حنيفة إحرام الصبي غير منعقد 0" .
وقال ابن رشد : وكذلك اختلف أصحاب مالك في صحة وقوعها من
الطفل الرضيع © .
وفي المنتقى : ... فأما الأول ؛ فروى ابن المواز وابن وهب عن مالك لا
يحج بالرضيع 9 .
الاستسلال © :
١ - قول النبي د : "رفع القلم عن ثلاثة ؛ عن الصبي حتى يبلغ ... " الحديث ©
ووجه الاستدلال ؛ ظاهر "١ .
© الإشراف 174/1
9" بداية المجتهد 177/١ .
("حلية العلماء ؟/4 17 .
للقي 80/6
!© بداية المجتهد 177/١ .
المنتقى ؟/8لا .
معظم هذه الأدلة منقولة كما هو ظاهر من كتب الحخلاف استدلالاً لأبي حنيفة ومن وافقه .
ل" سبق تخريجه ص 76
الفصل الأول : حكم الحج والعمرة من الصبياة
ونوقش من وجهين :
الوجه الأول : أن المراد رفع الإثم ؛ لا إبطال أفعاله .
الوجه الثاني : أن معناه لا يكتب عليه شيء ؛ وليس فيه منع الكتابة له »
وحصول ثوابه !© .
؟ - أنه لا نية للصبي ؛ فكيف ينعقد حجه !8 .
ونوقش : بالتسليم بعدم تأتي النية ؛ ولا تلزمه ؛ وإنما تلزم النية
المخاطب الأمور المكلف ؛ والصبي ليس مخاطياً ؛ ولا مكلفاً » ولا مأموراً ؛ وإنما
أجره تفضل من الله تعالى جرد عليه كما يتفضل على الميت بعد موته ؛ ولا نية له
أو صدقة ولا فرق ؛ ويفعل الله ما يشاء " .
© - أنه لا معنى لحجه ؛ وهو غير مجزىء عنه عن حجة الإسلام إذا بلغ ؛ ولس
واجيب :
بأن جرى القلم له بالعمل الصالح أمر جائز ؛ وغير مستتكر أن يكحتب
للصبي درجة وحسنة في الآخرة بصلاته وزكاته وحجه ؛ وسائر أعمال البر التي
يعملها على سنتها ؛ تفضلاً من الله تعالى ؛ كما تفضل على اميت بأن يؤجر
بصدقة الحي عنه ؛ ويلحقه ثواب ما لم يقصده ولم يعمله مثل الدعاء له ؛ والصلاة
( الحاوي 4//ا١ 3 المجموع 46/7 .
اغلى 475/7 .
"© التمهيد 1٠66/1١
الفصل الأول : حكم الحج والعمرة من الصبيان
ألا ترى أنهم أجمعوا على أن أمروا الصبي إذا عقل الصلاة بأن يصلي +
وقد صلى رسول الله بأنس ؛ واليتيم معه .
وأكثر السلف على إيجاب الزكاة في أموال اليتامى ؛ ويستحيل ألا
كما للذي يحججهم أجر ؛ فضلاً من الله ونعمة ؛ فلأي شيء يحرم الصغير
التعرض لفضل الله 9 .
© - ولأن الإحرام سب يلزم به حكم قلم يصح من الصبي كالتذر © .
ونوقش من وجهين ؛
الوجه الأول : أنه ينكسر © بالوضوء والصلاة فإنه لا يصح منه نذرهما
ويصحان منه .
الوجه الثاني : أن النذر بالقول وقول الصبي ساقط بخلاف الحج فإنه فهل
ونية ؛ فهو كالوضوء © .
* - ولأن كل من لم يلزم بقوله ل يلزمه بفعله كالمجنون © .
وأجيب عنه بجوابين :
الجواب الأول : القول بموجب هذه العلة وأن الحج لا يلزمه بفعله كما لا يلزمه
© التمهيد 1٠8/1 2
© المجموع 40/7 المفني 80/6 .
!© الكسر : أن توجد معنى العلة ولا حكم ؛ والنقض : أن توجد العلة ولا حكم . المجموع 46/7 +
9" المجموع 40/7 المفني 00/6 .
!© الحاوي 109/4 ؛ وانظر بداية المجتهد 177/1١ ,
الفصل الأول : حكم الحج والعمرة من الصبياة
ثم إن المعنى في المجنون أن إفاقته مرجوة في كل يوم فلم يجز أن يحرم عنه وليه»
لجواز أن يفيق فيحرم بنفسه ؛ وبلوغ الصبي غير مرجو إلا في وقته ؛ فجاز
مع ما يفيزقان فيه من الأحكام فيجوز إذن الصبي في دخول الدار وقبول
الجواب الثاني : عدم التسليم بعدم صحته من المجنون ؛ فيصح منه إذا أحرم
+ - ولأنها عبادة عن البدن فوجب أن لا ينوب الكبير فيها عن الصغير كالصوم
والصلاة " .
للولي أن يحرم بالصلاة عن الطفل ؛ ولا كان الحج نما يصح فيه النيابة جاز
للولي أن يحرم بالحج عنه © .
ونوقش من وجهين ؛
الوجه الأول : أنه منتقض بالوضوء .
الوجه الثاني : أن عدم الوجوب للتخفيف وليس في صحته تغليظ © .
( الحاوي 10/14
انظر : المجموع 17/م9 .
الحاوي ٠١١/4 المجموع 94/7 .
9 الحاوي 307/4 , المجموع 94/97 .
!© المجموع 94/7
المجموع 40/7