أسانيدها ومتونها وبيان درجة كل حديث استناداً إلى القواعد الحديثية والمعرفة
ائقةً من لدن العلماء المحققين العارفين بهذا العلم الشريف+ في حين تأخرت
"6 بالكتب الأربعة إلى هذه الأزمنة؛ مع أنها أولى من كثير مما ضرفت له
العناية الفائقة وحُقَّقَ التحقيق الجيد الدقيق
ٍ وسؤلف هذا الكتاب'" عَلَمٌ من أعلام الأمة الإسلامية وفارسٌ من
فُرْسان الحديث الأفذاذ. ولد في نهاية العقد الأول من المثة الثالشة+
فعاش في عصرٍ من أزهى عصور العناية بالحديث النبوي الشريف»؛
والعراق والحّرّمين ؛ فلقي بار الشيوخ» وأكثر عن الشيوخ العراقيين
البُخاري اتصالاً قوياً َلْمَذَ عليه وتفقه به ومرن بين يديه؛ وأكثر من
مُساءلته ومُناظرته؛ فأفاد منه؛ و صار من أنجب تلامذته؛ قال : «ولم أ
)١( ترجمة الترمذي في: ثقات ابن حبان 167/4 وأنساب السمعاني 46/7 ومعجم
البلدان لياقوت الحموي 3077/1 و 08» والكامل في التاريخ 478/7 ووفيات
الأعيان 778/84 وتهذيب الكمال 17/ 707-166 اع الإسلام للذهبي» الورقة
(مجلد الأوقاف 8887)» وسير أعلام النبلاء 770/17 والكاشف “/ الترجمة
141ه» والعبر 37/7» وميزان الاعتدال ©/ الترجمة 80738 وتذكرة الحفاظ
1/١ والوافي بالوفيات للصفدي 744/4؛ ونكت الهميان 174» والبداية والنهاية
17-13/11» وتهذيب التهذيب 7487//4» والنجوم الزاهرة 88/7 وشذرات الذهب
7 وغيرها. وللأستاذ الدكتور العالم الجليل نور الدين العتر كتاب « الإمام
الترمذي والموازنة بين جامعه وبين الصحيحين » ثال به رتبة الدكتوراه؛ وطيع ثانية
ببيروت سنة »٠484 وهو كتاب نافع جداً.
أحداً بالعراق ولا بخّراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد كبير
أحد أعلم من محمد بن إسماعيل !9 .
بمتزلته» وقد قال له البخاري مرة:« ما انتفعتٌ بك أكثر مما
الطرق حتى كان يُضرب به المثل في الحفظ ؛ روى هوعن نفسه؛ قال:
البخاري فلم يخلف بخراسان مثل أبي عيسى في العلم والحفظ والورع
اشتهر الترمذئُ بكتابه العظيم « الجامع الكبير ** الذي عُدَ أحد دواوين
(1) تهذيب التهذيب 784/4
(©) سير أعلام النبلاء 1177/17
المستغربة الواردة في الجامع الكبير» وغيرهما .
5 أنه حكم على أحاديشه من حيث الصحة والسقم وأبان عن عللها في
الأغلب الأعم.
؟- أن جميع أحاديث الكتاب هي مما عمل به بعض الفقهاء .
*- أنه خَرَّى آراء أشهر الفقهاء المسلمين الذين عاشوا قبله .
أنه اعتنى بذكر « العلل » وأحوال الرواة وبيان منازلهم +
8 سهولة ترتيبه وتبويبه ووضوح طريقته حتى قال أبو الفضل محمد بن طاهر
المقدسي: « سمعت الإمام أبا إسماعيل عبدالله بن محمد الأنصاري بهراة»
وجّرى بين يديه ذكر أبي عيسى التٌرمذي وكتابه ؛ فقال : كتابه عندي أنفع من كتاب
وصفه العلامة عز الدين ابن الأثيربأنه « أحسن الكتب ؟!" .
قال الترمذي : « صنفت هذا الكتاب فعرضِتُةُ على علماء الحجاز والعراق
سبب تأليف الكتاب:
إلى اختيار هذه الأحاديث دون غيرهاء يدل على ذلك عدة أمور :
الأول: قوله سي ارهق اليه لكاي ملا وقد أخذ به
بعض أهل العلم. . . 9"
+ 11707//17 وانظر سير أعلام النبلاء )١(
(©) تذكرة الحفاظ 2374/7
(4) الجامع 777/1
الثاني: قوله: « وإنما حملنا على ما بيّنَا في هذا الكتاب من قول الفقهاء وعلل
منفعة الناس
الثالث: أنَّهُ كان يسوق الحديثٌ المعلول في بعض الأبواب مع معرفته وإشارته
وهذا هو الذي يفسر لنا السبب الذي يدفع المصنف إلى سياقة الحديث في
الباب ثم يتكلم عليه ويبين عِلَنه ويحكمُ عليه بالصٌّعفٍ وعدم صلاحيته
طبعات الكتاب
ومع كل هذه المنزلة الرفيعة لجامع الترمذي؛ ٠ فإنّ أحداً من عُلماء العُصر لم
الشيخ أحمد محمد شاكر - يرحمه الله - قد بدأ بتحقيق هذا الكتاب وشرحه منذ
أكثر من ستين عاماً»؛ فأخرج مجلدين منه أطال فيهما النَّفّس على عادته؛ فلم
يتضمنا سوى ست مئة حديث ونيّف» ثم توقف عن ذلك .
بعض الطبعات وهي على سبيل الاختصار:
-١ النسخة المطبوعة ببولاق سنة 797١ه» وعليها تعليقات أحمد الرفاعي
المالكي الأزهري.
نسخته الخاصة من طبعة بولاق نفسهاء وقد سمعها على والده العلامة محمد
شاكر سنة 177١ه.
نسخة مطبوعة في مديئة دهلي في الهند سنة 17718ه وبحاشيتها شرح يسمى
« نفع قوت المغتذي » للبجمعوي .
4 نسخة مطبوعة في دهلي أيضاً سنة 1741- 1707ه في أربعة مجلدات
كبار» ومعها شرح « تحفة الأحوذي » تأليف العلامة المباركفوري.
نسخة مخطوطة في أربعة مجلدات محفوظة بدار الكتب المصرية برقم
7- نسخة العلامة محمد عابد السندي محدث المدينةالمنورة في القرن الماضي
لا نسخة مخطوطة بأخرة وقعت له بالشراء بعد البدء بطبع الكتاب.
وكان جل اعتماد العلامة الشيخ أحمد شاكر على نسخة العلامة محمد عايد
السندي» فقد ذكر في مقدمته أنها ١ هي العُمدةٌ في تصحيح الكتاب 6
والإمام العلامةً الكبير الشيخ أحمد محمد شاكر تغمذه الله بواسع رحمته -
علامةٌ الديار المصرية حمل لواء السنة في زمانه» ولم تخلف مصر بعده مثله»
وهو إمام مجتهد في الحكم على الأحاديث من حيث الصحة والسقم» له
منهجه الخاص به القائم على قبول كثير من الأحاديث الضعيفة؛ ومحاولة
الوصول بها إلى درجة الصحة» وميله الواضح إلى توثيق كثير من العلماء
المختلف فيهم كابن لهيعة؛ وابن جُدْعان وعطية العوفي؛ وَشَهْر بن حوشب»
وذَرّاجٍ أبي المح ونحوهم كثير» ثم اعتداده بالمجاهيل وتصحيحه لكثير من
الترمذي أم لاء ولذلك أدرج كثيراً من الزيادات والشروح والتعليقات الواردة في
نسخة العلامة محمد عابد السندي .
وقد عمل في هذا الكتاب ولم تكن كثير من الكتب قد طبعت أو فُهرست»
ومنها « تحفة الأشراف »؛ و « تهذيب الكمال » وكلاهما للمزي» فلم يكن أمامه
ومن المعلوم في بدائه علم تحقيق النصوص أنَّ المحقق يسعى جاهداً إلى
يخ أحمد شاكر رحمه الله - في بعض الأحيان إلى إثبات ما يرونه صواباً
تدخل في نص المصنف فيحيله إلى شيءٍ آخر .
فمن ذلك مثلا إضافته من نسخة السندي عبارة : « قال أبوعيسى : حديث
حسنٌ صحيح » عقيب الحديث رقم (177)؛ ثم ذكر في تعليقه أنها لم تقع في
الترمذي» ولا جاءت في شيء من الأصول الخطية !
نسخ الترمذي »؛ ثم كتب حاشية مطولة يثبت فيها أن
حينما ساق الحديث في الشحفة - وبين يديه النسخ ١ ثم قول ابن حجر في
ومنه أيضاً أنه أضاف من نسخة السندي باباً لأبواب الصلاة ساق فيه
طريقين لحديث جرير بن عبدالله في المَشْح على الخفين احتلا الرقمين
(11) و (117) من طبعتهء وقد تقدم هذا الحديث برقم (44) وصرّح العلامة
حذفنا ما أضافةٌ العلامة أحمد شاكر إلى النص من نسخة الشيخ محمد عابد
ونتيجة لاعتقاد العلامة الشيخ بضرورة إضافة كل ما يرد في النسخ فإنه أثبت
في المجلدين الأولين من طبعته ستة أحاديث ليست من جامع الترمذي» كما بيناه
بالأدلة وهي الاحاديث التي احتلت الأرقام (17) و (87) و(167١) و (117) و
وكان العلامة يثيت ما يراه صواباً؛ فقد قال الترمذي عن حديث أشعث
عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص في أن لا يأخذ المؤذن على أذانه أجراً :
« حديث عثمان حديث حسن » فأضاف إليها العلامة الشيخ لفظة ١ صحيح ؟
فصارت « حسن صحيح » » وهي إضافة تخالف النسخ العتيقة من جامع
الترمذي» وتخالف ما نقله عن الترمذي : ابن قدامة في « المغني » والنووي في
« المجموع »؛ والمزي في « التحفة »؛ والزيلعي في « نصب الراية 4
وإنما ذهب العلامة الشيخ هذا المذهب لأنه اعتقد أنَّ أشعث
المذكور هنا هو « أشعث بن عبدالملك الثاني » الثقة» مع أنَّ الصحيح
فيه أنه أشعث بن سؤر الككندي الضعيف كما ب في تعليقنا المطول
المحقق إضافة شيء إلى نص المؤلف إلا بمرجحات تثبت أن المصنف كتب
ولو كان الإمام العلامة الشيخ أحمد محمد شاكر أتم تحقيق هذا الكتاب
الناشرين طبع هذا الكتاب» وعهدوا به إلى من ليس الحديث صنعته» فأشرف
الأستاذ محمد فؤاد عبدالباقي على نشر المجلد الثالث» وأشرف السيد إيراهير
عطوة عوض على نشر المجلدين الرابع والخامس» وكان عملهما فيه شيئاً عجباً
من الأخطاء المركبة التي لا تقع لمن له أدنى معرفة بهذا العلم» ولذلك سوف
وكان الكتابٌ قد طبع في البلاد الهندية طبعات عديدة منها ما أشار إليه
العلامة الشيخ أحمد شاكر _ يرحمه الله ومنها ما نشير إليه بعدٌُء لكن الطبعة التي
انتشرت بين أهل العلم هي الطبعة التي بدأ بتحقيقها العلامة الشيخ أحمد شاكر»
بإعادة تنضيد هذه الطبعة ووضعوا عليها أسماء تخلصاً من حقوق المحققين!
الأصول المعتمدة في التحقيق:
لما كان كتاب « الجامع الكبير » لأ؛ عيسى الترمذي واحداً من دواوين
الإسلام الستة؛ ولما كان طلبة العلم أكثر انجذاباً إليه لما حواه من بيان العلل
وإيراد آراء الفقهاء في كل باب ووضوح منهجه ويُسره؛ فقد كثرت العناية بانتساخ
نخ منه طوال عهود المخطوطات» كما قام عدد من العلماء الأعلام قديماً
العربي في « عارضة الأحوذي »؛ وابن سيد الناس اليعمري؛ وابن الملقن»
والعراقي» وجلال الدين السيوطي؛ والشيخ محمد بن عبدالرحمن ابن الحافظ
عبد الرحيم المباركفوري؛ وشيخ مشايخنا محمد يوسف البنوري؛ وغيرهم .
وقد روى « الجامع الكبير » غير واحد من تلامذة الترمذي» لكن الرواية
المتداولة المشهورة هي رواية تلميذه الإمام المحدث أبي العباس محمد بن أحمد
ابن محبوب المحبوبي الجروزي؛ ولد بمرو سنة 144ه ورحل به خاله أبو بكر
0ه فسمع عليه 3 الجامع » وسماعه صحيح مضبوط بخط خاله أبي بكر
وتوفي سنة 77م
وأشهر من روى ١ الجامع » عن المحبوبي هو تلميذُ الشيخٌ الصالحٌ الثقةأبو
محمد عبد الجبار بن محمد بن عبدالله بن محمد بن أبي الجراح الجٌرَّاحي
المروزي « 417-771ه ». حدث بالكتاب غير مرة» ولاسيما حينما سكن
هراة» فحمل الكتاب عنه خلق منهم : أبو عامر محمود بن القاسم الأزدي؛
وأحمد بن عبدالصمد ارج و وشيخ الإسلام أبو إسمافيل عبدال بن محمد
الأنصاري الهَرَوي؛ وعبد العزيز بن محمد الترياقي + ومحمد بن محمد
)١( انظر «المحبوبي» من أنساب السمعائي؛ وسير أعلام النبلاء 077/16 والعبر
7177/1 والوافي بالوفيات 48/7 وشذرات الذهب 1 ١
ومن أشهر من رواه عن هؤلاء هو الشيخُ الإمام الثقة العابد المتقن أبو الفتح
عبد الملك بن أبي القاسم عبدالله الكَرُوخي الهَرّوي ١ 437-/04ه ». وقد كتب
الكَروخي نسخة من الكتاب بخطه ووقفها. وحَدّث بالكتاب غير مرة
ببغداد؛ وقُرىء عليه عدة نوب بهاء وذكر التمعاني أنه كان
أبي عيسى بالأجرة ويتقوتا""؛ وكانت عند الحافظ ابن حجر نسخة من
جامع الترمذي بخطه؛ كما نص عليه في أثناء كلامه على عمرة القضاء
من الفتح (١ .
العظيم» متهم كبار العلماء الأعلام: ابن السَّمْعانِي؛ وابن عساكرء وابن
الجوزي؛ والخطيب الدّولعي؛ وعبد الوهاب بن سُكينة؛ وزاهر بن رُسْتُّم؛ وابن
صدقة الباخرزي» ومحمد بن معالي الحلاوي وغيرهم.
نقنة منها إلا بجمع جميع الخ ودراستهاء وهو أمر متعذر علينا لعدة أسباب
حينما استولى الأتراك على البلاد العربية؛ وهم ضنينون بها على طلبة العلم
العرب لا يمكن تصويرها إلا بالرشا الباهظة» أو شد الرحال إليهاء وهو أمر يكاد
أن يكون متعذراً علينا لصعوبةحصولنا على إذن بدخول هذه لدان والتنقل فيها
في هذه الشنيات الهجاف لظروف خارجة عن إرادتنا؛ فضلاً عن بذل وافر المال
مع عدم تحمل الحال» نسأل الله حسن الختام!
كتاب
)١( انظر «الجراحي» من أنساب السمعاني» وسير أعلام النبلاء /79/8-707//17؛ والعبر
٠١8/7 وتذكرة الحفاظ 1067/3
() انظر «الكروخي» من أنساب السمعاني؛ والمنتظم /1٠ 160-164 والتاريخ المجدد
لابن النجار 81/١ وسير أعلام النبلاء 775-7773/90؛ والعقد الثمين للقاسي
© فتح الباري 174/7