مستقلة لهذا الجانب مما اضطرني إلى البحث عن كل ما له علاقة بموضوع السياسة بين كتب
الفقه وأصول اللدين من المباحث الاجتماعية كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ والإمامة
والولاية والبراءة؛ والأحكام والدماء؛ هذا إذا اسعنينا ما وجدته في (قاموس الشريعة) للشيخ جميل
بن خميس السعدي العماني(ق6 ١ م) وهذا القاموس عبارة عن موسوعة فقهية تقع في 60 مجلداء
أفرد لموضوع الإمامة فيه بكتاب خاص لا يزال مخطوطا. وبما أن البحث مركز على آثار القطب
فاني لم أعتمد على الخطوط المذكورة التزاما بنهجية الدراسة.
©*- أمام ندوة المصادر اضطررت للرجوع إلى تاريخ باعشاره مصدرا بديلا للمادة نظرا لأهمينه في
كانت التجربة الإباضية غنية في الميدان السياسي ومن هنا تزداد صعوبة البحث بالخلط ين
التاريخ والفاسفة.
؛-من بين المصادر الإباضية المهمة يوجد منها عدد لا يزال مخطوطا وهذه الأخيرة ينعدم وجوئها
في المكتبات العامة فضلا عن الوطنية والجامعية. فسعيت للحصول عليها في الخزائن الخاصة
بقرى وادي مزاب وتكلف مني ذلك جهذا وغناء.
هيكل البحث
قسمت البحث إلى: مدخل وبابن؛ يضم كل سهما أربعة فصول. ثم الخاتمة.
في المدخل اختصرت أسباب نشأة الفكر السياسي عند المسلمين وما نتج عن ظهور المذاهب
السياسية وكان ذلك تمهيدا في صميم الموضوع والتركيز على المذهب الإباضي.
الباب الأول(المذهب الإباضي) ويضم الفصول التالية:
الفصل الأول: فصلت فيه الكلام حول ظهور الإباضنية كفرقة مستقلة متميزة برجالها وآرائها كما
وضحت فيه ظروف النشأة وأصل التسمية بالإبائنية ثم أجملت القول حول اننشار هذا الملهب
في المشرق العربي ومغربه.
والقدر الولاية والبراءة؛ الأمر والنهيء الوعد والوعيد» المنزلة بين المنزلتين» لا منزلة بين المنزلعين؛
الأسماء والأجسام؛ ثم وضحت آراء الإباضية ومواقفهم من بعض المسائل الخلافية بين المذاهب
وس أهمها: نفي الرؤية ومسألة الخلود؛ وخلق القرآن.
الفصل الثالث: بينت علاقة الإباعنية بالفرق الإسلامية مع الإشارة إلى أوجه الاتفاق والاختلاف مع
كل من الأشعرية والمعنزلة والشيعة والخوارج.
الفصل الرابع: بعد التعريف بالإباضية وآرائهم وعلاقتهم بغيرهم حصرت دائرة البحث حول
شخصية الشيخ محمد بن يوسف اطفيش فعرضت إلى حياته وآثاره والتعرف بمعالم فكرد.
الباب الثاني: (الفكر السياسي عند الإباضية).
الفصل الأول: عرضت فيه تصور الإبانية لمسألة الإبامة وبينت آرائهم حول مقهونها وبشروعيتها
وشروطها وثوتها مع المقارنة بين آراء الإباضية مع غيرها من آراء المذاهب الإسلامية الأخرى.
رابلا
الفصل الثاني خصصته لنظرية مسالك الدين عند الإباضية وهي نظرية سياسية اجتماعية؛ تحاد
مواقف الإباضية من الأوضاع التي تعنرضهم كما تحدد نوع الإمامة وطبيعة كل سلطة سياسية
تختلف باختلاف المراحل الأربع لمسالك الدين وهي:
الدفاع عن الدين والدولة.
الشراء واعلان الثورة عند الفساد والعدو الظالم.
الكتمان وفيه يبتعد الإبانية عن المجال السياسي ويتنازلون عن إقامة الدولة ليشغلوا بالإصلاح
الديني والاجتماعي.
الفصل الثالث: وهو خاص بالإمام في مرحلة الظهور» وتناولت فيه مسألة اختيار الإمام وتنصيبه
وقبل ذلك شروط الأمامة ومؤهلاته» وموجبات عزله أو الخروج عليه. وبينت موقف الأمة من الإمام
والاقتصادية والاجتماعية.
الفصل الرابع: عرضت فيه جهاز الحكم المتكون- علاوة على الإمام- من مجلس الشورى والوزير
والقاضي والولاة والحسبة والشرطة والجيش مع تحديد مهام وصلاحيات كل من يتولى هذه
الخاتمة: استخلصت فيها نتائج البحث الأساسية؛ وأجملت فيها القول حول ديموقراطية السلطة
في الدولة الإباضية بالمقارنة مع الآراء السياسية عند فلاسفة الإسلام.
مدخل
أهمية دراسة الفكر السياسي
لا يزال الصراع بين الفكر والواقع يشكل أهم ميزات العصر الحديث. حيث أصبحت الأفكار
تحدد أهداف الإنسان وغايته. وتوجه الجماعات في نمط من السلوك والممارسة من مسيرة
حضارية؛ وبالأفكار تتحد الشعوب أو تختلف» ويتخذها الساسة مطية للمحافظة على السلطة. ونا
نظم الحكم المختلفة إلا تجسيدات عملية للأفكار السياسية والاجتماعية أفرزها واقع الإنسان من
خلال حاجاته الاجتماعية والقيم الروحية والمادية والتطلع نحو الأفضل.
فانطلاقا من جدلية الفكر الواقع؛ تتشكل المذاهب السياسية والاجتماعية والأخلاقية. وتختلف
التوفيق بين الجوانب الأساسية في حياة المجتمع وهي ثلاثة:
الجانب الروحي متمثلا في عقيدة تشكل القاعدة النظرية.
والجانب المادي في شكل نظم اقتصادية.
والجانب التنظيمي متمثلا في جهاز والترتيب الإدارية. ولعل أهم هذه الجوانب هو الجانب الروحي
إذ لا يقوم مذهب سياسي أو اجتماعي إلا على أصول عقائدية(دينية) أو فكرية فلسفية تستمد
جذورها من مناخ عدة منها الواقع فتكون الأوضاع القائمة وما تفرزها الحياة البشرية من خبرات
بمثابة الأصول التجريية؛ الني مستخدمها إعلام الفلسفة السياسية في وضع تعاليم وصياغة آرائهم
«ونينشة(7) هي السند الفكري للحزب الاشتراكي الألماني(النازي) كما غدت آراء هيجل الدعامة
أما عند المسلمين فعود جذور الفكر السياسي لديهم إلى أصول العقيدة الإسلامية بالإضافة إلى
وضعها المهدي ابن تومرت(ق؟ ١ م) وهي تشكل الإطار النظري والسند الفكري للدولة
)١( نسبة إلى كونفوشيوس (نحو 581 3179 ق.م) فيلسوف عيني لا يقر بالله.
فريدريك هيجل 1831 -1770) 11681م) فيلسوف ألماني قال الكائن والفكر شيء واحد.
1817-3) 1815ام) من رجال السياسة والفاسفة الاجتماعية عاش في ألمانيا.
فؤاد محمد شبل الفكر السياسي؛ القاهرة 57/4 ام جاءضص ١١8
() دولة شيعية في المغرب والأندلس؛ أشهر سلاطينها: عبد الرحمن بن علي.
ولعل أهم ما يتميز به الفكر السياسي عند المسلمين أنه لا يفصل بين الدين والدولة فالعلاقة بسن
الجانين ليست مصطعة بل أصيلة تنبع من التعاليم الدينية ويفرضها الاجتماع المدني بحيث ينتفي
التفاصيل بين الجانين لأن الواحد منهما يكمل الأخر لتنظيم أحوال الدولة وسياسة الرعية.
إلا أن هذه العلاقة قد تتعرض إلى زعزعة فتحيد عن أصلها بفعل الاحتكاك الحضاري وتغير
الظروف وتعاقب الدهور. فإذا حدث شيء من ذلك؛ هيمن المضمون الاجتماعي والمصلحة
الوعي الإسلامي وفتور الوازع الديني. وهذا ما حدث في التاريخ الإسلامي بتفاوت بين الدول
الإسلامية من حيث اتساع أو يق الهوة الفاصلة بين الجانب الديني والجانب السياسي-
وهذه الدراسة الني بين أيدينا تلقي ضوءا على التجربة الإباعنية في موضوع الحكم وهي تجربة
إسلامية حاولت أن تبقي العلاقة بين الدين والدولة قائمة على أسس تضمن التوفيق بين الجانين
من أجل تحقيق المصالح الدنيوية في حدود الشرع.
نشأة الفكر السياسي عند المسلمين
يتمحور الفكر السياسي عند المسلمين حول مسألة الخلافة أو الإمامة وهي خلافة المي في إدارة
شؤون المسلمين وتسييس الرعية؛ فصاحب هذه المهنة هو الحاكم الأعلى لجماعة المسلمين.
تولى الخلافة أولا أبو بكر(رضي) فالتزم بالكتاب والسنة وحرص على تطبيق العدالة الاجتماعية
فاتسمت سياسته بالعدالة المطلقة؛ واجتهد في وضع القوانين والنظم في إطار الحدود الشرعية
بحسب ما تقتضيه المصلحة العليا للأمة؛ التي اتسعت رقعتها وضمت ألوانا جديدة من الأجناس
محملة برصيد فكري مميز وقيم أخلاقية واجتماعية لم يعهدها المجتمع العربي في شبه الجزيرة
العربية؛ فعاش الجميع في ظل القيادة الإسلامية؛ لا فرق فيما بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى.
لكن باعتلاه عثمان(رضي) عرش السلطة تغيرت الأوضاع وبدأ الضعف يدب في الساسة فضلاعن
العامة ونتج عن ذلك ظهور العرة القبلية من جديد واستفحل خطر العصية التي أذابها الإسلام
واستمر الوضع في ترد إلى حين قتل عثمان وخلفه علي(رضي) ولم يتمكن من رأب الصدع فتطور
النحو إلى أن استقر الحكم عند العباسيين؛ وفي خضم هذا الصراع حول منصب الخلافة ظهر
كتاب مسلمون تناولوا هذه القضية بالبحث والدراسة والنظرية؛ من أجل إضفاء الشرعية للأحداث
السياسية. وتأييد الزعماء القائمين برعاية المسلمين. أو نقد الأوضاع ومحاربة أصحاب السلطة
لاحتكارهم مقاليد الحكم دون موجب شرعي وكان هؤلاء الفقهاء والمفكرون يعبرون في الغالب عن
آراء الفرق الني يتمون إليها.
فأثارت الشيعة مسألة أحقية علي (رضي) وأبنائه في تولي منصب الخلافة الأمر الذي شجع الخوارج
على الرد عليهم؛ كما فعل غيرهم من أهل السنة وكان مصدر التشريع هو القاسم المشترك
والمنطلق الأول بين العلماء ومفكري الإسلام. غير إن الآراء اختلفت حول القضية نفسها وتباييت
وجهات النظر ينهم فراح كل يؤول النص حسما يمليه اتجاهه السياسي ويفسر الأحداث من زاوية
ويمكن تحديد مواضع الخلاف السياسي في جملة من المسائل؛ لكل منها موقفان متعارضان ينتج
عنها مجموعة محاور منا تتولد المذاهب السياسية عند المسلمين؛ ونعرض هذه المحاور على
الشكل التالي:
الموقف الأول؟
الأول
الثاني
الثالث
السادس
السابع
الثان ... الموقف الثاني
وجوب تنصيب الإمام
جواز تعدد الألمة
تحصر الخلافة في آل اليت
يكون الخليفة قرشيا
الإنام بعصوم
الخلافة تنتقل بالوصية والوراثة
تنبت الإمامة بالشورى والبيعة
يجب الخروج على السلطان الجائر؟
؟لا صرورة لتنصيب الإمام
لا يجوز إلا إمام واحاد
لا تحصر في آل اليت
لا عصمة إلا للأبياء
لا تجب الوصية ولا الوراثة
لا وجوب للشورى والبيعة
لا يجب الخروج وقد يجوز
ومن هذه المحاور تفاعلت الآراء وتبلورت النظريات لمسفر عن مبادئ أساسية قامت عليها تكتلات
القوة والنفوذ.
أولا- حزب بني أمية ويهتمد في الحكم على المبادئ الأساسية النتالية- وجوب نصب الخليفة
باليعة والشورى على أن يكون قرشيا عدلاء طاعته واجبة والخروج عليه غير جائر" ومن هذا التكتل
البنقت مذاهب الأشاعرة والماتريدية" الأثرية والمعنزلة'(1).
ثانيا- حزب بني هاشم والمبدأ الأساسي الذي يقوم عليه في موضوع الحكم. إن الخلافة تتحصر
ويعتمد هذا الحزب في موضع الحكم على المبادئ التالية- البيعة والشورى والعدالة دون اعبار
إذا انحرف كان أمر الخروج عليه بيد أهل الحل والعقد وهو جائز وليس واجب. ومن هذا التكتل
رابها- الحزب المتطرف؛ وهو متفرع عن الحكمة الأولى من أهم مبادئه في السياسة أن الإمامة
غير واجبة عند البعض» وعند آخرين من الحزب نفسه الإمامة مشاعة لكل المسلمين بشرط
الكفاءة والعدل. وتتم بالاختيار المطلق» فإذا جار الإمام وجب أن يعزل وإلا يحارب ويقتل. إلا إن
هذا الحزب لم يدم طويلا لانتهاجه الأسلوب الثوري وتطرف آرائه. ومنه ابثقت الخوارج.
على ضوء هذا العرض نستطيع تلخيص الآراء السياسية العامة الني تبني عليها فلسفة الحكم عند
أ- الإمامة من قريش يعين بالبيعة طاعته واجبة ولو جار (الحكم ورائي معتدل)
ب- الإمامة في آل البيت فقط بالوصية وهي من أصول الدين والإمام معصوم.(الحكم ورائي
ج- تعيين الإمام بالشورى والبيعة سواء من قريش أو من غيرهاء طاعنه واجبة والخروج عليه جائزة
إذا جار (الحكم ديمقراطي معتدل).
د- الإمامة حق لكل إنسان عن طريق الانتخاب الحر يطاع الإمام ما دام عادلا؛ ويقتل إذا جار وقد
١( ) نقلا عن علي يحيى معمر الإباضية بين الفرق» ص6 ٠ 8( بنصرف).
بعد هذه المقدمة حول نشأة الفكر السياسي عند المسلمين؛ نعود إلى فرقة الإباعنية لتركز البحث
حول آرائها في السياسة من خلال مفكريها عامة وآثار قطب الألمة ش. محمد بن يوسف اطفيش
وقبل ذلك نعرف المذهب الإباضي؛ من حيث نشأته؛ وأصوله العقيدية وعلاقته بغيرا من
المذاهب؛ ثم نعرض لحياة القطب وآثاره.
الباب الأول
المذهب الإباضي
الفصل الأول: نشأة المذهب الإباضي.
الفصل النا
الفصل الأول
نشأة المذهب الإباضي
أولا: ظروف النشأة
رابعا: الإبانية في المغرب
نشأة المذهب الإباضي
أولا: ظروف النشأة
: الأصول العقيدية للمذهب الإباضي.
إذا تعرضنا في هذا الفصل إلى الأسباب العامة والظروف الخاصة الني ساعدت على نشأة الفرقة
الإباضية فليس ذلك من قبيل التعريف بالمذهب الذي نحن بصدد دراسته من الجانب السياسي»
وعليه فإن الحديث سيكون مركزا على الأحداث التاريخية ذات الصلة الوثيقة بظروف النشأة والتي
تمثل الأسباب المباشرة لظهور الإباضية كفرة إسلامية مميزة بأصولها واتباعها. وما سوى ذلك من
تفاصيل وجزئيات فستركها للراغب في التوسيع والتحقيق يلتمسها في المصادر والمراجع
)١( للمزيد من التفاصيل حول نشأة الاباعنية أنظر: رسالة الإمام عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن
رستم إلى أهل طرابلس» ذكرها الشيخ بواب بن سلام في كتابه (شرائح اللدين) مع نسخة الشيخ
ناصر المرموريه ص31 الشماخي؛ كتاب السير- الدرجيني طبقات المشائخ بالمغرب ج١ أبو
القاسم البرادي» الجواهر المنتقاة- أبو الحسن الأشعري. مقالات الإسلابيين» ص4 1- الحافظ
بن كثير البداية والنهاية ج/ا ص.ص -3١ ١-1779 عبد الحليم محمود التفكير الفلسفي في
الاسلام ص.ص 87-13 -١ سليمان الباروني باشاء الأزهار الرياضية- سالم بن حمود السيابي
طلقات المعهد الرياضي ص4 /١-علي يحبى معمر الابانية في موكب التاريخ(جميع الحلقات)
وكتابه: الاباضية بن الفرق الإسلامية- محمود إسماعيل؛ الحركات السرية في الاسلام
ص.ص؛ ١8-١ - عوض محمد خليفات. الأصول التاريخية للفرقة الاباضية- صالح بن أحماد
الصواف؛ الإمام جابر بن زيد العماني ص676١
.14. عتوعلذ فى عسسوتاتلوم اممسطماء 6ل عا, زعقطاءط طمطععمدس
) علي يحبى معمر؛ الابائنية في موكب التاريخ 111-7787 الحلقة(١) نشأة المذهب الإباضي
١ مط دار الكتاب العربيء مكتبة وهبة القاهرق 86 17ه/4 67 ١م) صة.
؟) عبد الرحمن بن عمر بكلي(1 ٠168 ,1م/ 4 1,167 ,11م) فتاوي البكري مط العرية
غرداية الجزائر 11678 جا ص لاه ؟.
4) ظهرت بوادر التناقض الاجتماعي بتكون الطبقية عندما تراكمت رؤوس الأموال لدى الأعيان في
قريش من ناحية واحتكار بني أمية لمناصب السلطة من ناحية أخرى وذلك في عهد ثالث الخلفاء