كانت مصر تنقسم الى قسمين كبيرين » الواحد : مصر العليا
( الصعيد ) ويمتد من أسوان جنوبا » وحتى أطفيح بمحافظة الجيزة
شمالا » والآخر : مصر السغلى ( منف والدلقا ) » وكان كل منهما
الى عدة محافظات أو أقاليم » وقد ثبتت أقاليم الصعيد منذ الاسرة
أربعة عشرة اقليما فى الاسرة الرابعة ؛ وثمانية عشر اقليما فى عهد الدولة
وكان على رأس الدولة الملك المؤله الذى استطاع أن يجمع بين يديه
كل السلطات » وأن يقيم حكومة كان فيها هو المحور » بل هو الروح التى
تبحث الحياة فى الدولة ؛ وكل ما يحدث فيها وحى منه » بل كان فى نظر
الآلهة » من التقديس والمهابة » وهكذا كان الأساس الاجتماعى والسيامى
الذى قامت عليه الحضارة المصرية هو التاكيد ؛ كل التأكيد ؛ بأن مصر
يحكمها اله » وأن هذا الاله الجالس على العرش غير معدود المعرفة
والمقدرة وأنه عليم بكل شىء فى أرض الكنانة » وأن البلاد » بما فيها ومن
تتركز بشكل واضح فى يده » وقد باشر الملوك » وخاصة الأوائل منهم +
سلطائهم بصورة تكاد تكون فعلية *
غير أن هذا الوضع غير مقبول من الناحية العملية » ذلك لأن الملك
لن يستطيع وحددان يقوم بسكولياتالحكم الادارية والدينية والقشائية
وغيرها فى جميع أذحاء البلاد » ومن ثم فقد استعان بجمهرة من الموظفين
لينوبوا عنه فى آداء تلك الاعمال © وليؤدوا ما فرض عليه من واجبات +
ويشبه « جون ويلسون » الدولة والمجتمع حينتد بالهرم » فيضع ف أعلى
هذا الهرم » هرم صغير مستقل » ويروى أن هذا الهرم الاخير ممثلا
الذين كانوا فوق عمد البلاد والقرى +
البالة المقدسة التى كان يتمتع بها الفرءون فى مصر » فقد كان يخضع
للقانون ؛ وطبقا لرواية ديودور الصقلى خلم يكن الملوك المصريون يعيشون
على نمط الحكام المستبدين فى البلاد الأخرى فيعملون ما يشاؤون تبما
لأهوائهم غير خاضعين ارقابة ما ؛ فقد رسمت لهم القوانين حدود
المموك مقيدة فى حدود القانون +
ومن البدهى أن التاريخ انما يسجل بحروف من ذور أن مصر قد
كتب لها فى عصر الامبراطورية نجحا بعيد المدى فى أن تشع للبشرية
الكثير من المبادىء العسكرية التى ما يزال يسير على منواليا الق
فالتاريخ يسجل بكل فخر أن المصريين ائما كانوا أول شعوب الارض
التى فكرت فى تقسيم اليش الى شرق ثم الى فيالق » والى قلب
وجناحين » والمصريون هم أول من فكر فى مفاجأة العدو بحركة التفاف
حوله ؛ والمصريون هم أول من ابتدع فكرة الكماشة وأول من استعمل
القوات البحرية الى جانب القوات البرية » والمصريون أول من أنشاً
فرقا هائلة من العربات كانت هجوما مباشرا ء فتوقع الذعر فى
صفوف الاعداء » تنشر الهلم » الذى يكون من أثره أن تحيق المزيمة
كان الدين فى مصر القديمة ذا أثر خطير على كل مناحى الحياة +
وقد أخذت الديانة المصرية حين نشأتا » وف مراحل طويلة من تاريخا +
القديمة » ولكنها ظلت أغنى من غيرها فى وفرة نصوصها ووضوح
عقائد التعدد الى صور مخقلفة من أفكار التوحيد » وفى الواقع ؛ فلقد
عام » ثمرة تداخل عدد كبير من العبادات القبلية الاصلية . وكان لكل"
راب
هدينة معبودها الخاص ؛ ثم سرعان ما ربط القوم بين تصوراتهم العقائدية
كل قوة عليا » وعلة خفية ؛ تخيلوها برمز حسى يعبر عن سر من أسرارها
ويحمل صفة منصفاتها ؛ والتمسوا أغلب رموزها هذه فيما عمر بيات:؛
من حيوانات وطيور وأشجار وزواحف +
انما قد آمنت برب واحد خالق مسيطر على الكون كله + ومن ثم
و «(أن صائد الطيور قد يسعى ويكافح ء ولكن الله أو الاله قد لا يجعل
النجاح من نصيبه » » و « أن ما يزرع فى الحقل وما ينبت فيه انما
لا يعرف أهل السوء» ؛ وأيا ما كان المراد من لفظ الجلالة سنا زألله أو
الاله) » فالذى لا ريب فيه أن القوم انما قد ساورتهم فكرة » حتى وان
يحبهم الله أولى الناس بطاعته . وان أولئك الذين مندهم الل هناء الد يا
حق عليهم شكره +
عن العقيدة الحقة ؛ وبالتالى فقد كان من المنتظر أن يتطور ذا
التوحيد » وذلك عن طريق ضم مظاهر الالوهية وتطورها فى قوة عظامى
هى «الله» سبحانه وتعالى ؛ غير أن ذلك لم يحدث » وبقى
قريبين من التوحيد ؛ ينسبون كل شىء فى هذه الدنيا الى قوة خارقة
العليه » وهذا ما لا نستطيع التيقن منه +
وهكذا كان هؤلاء القوم الذين يعتقدون فى تعدد الالهة » انما كانوا
فى نفس الوقت يؤمنون بالتوحيد بطريقة خاصة فى التفكير » لا تدركها
فى النصوص الآنفة الذكر » وى غيرها من النصوص » انما يظهر فيما
« الاله ) بمفهوم التوحيد »4 وريما كان هذا شيكًا طببعيا للغاية ؛ ما دامت
هذه الاعمال قد خرجت من نفس الاوساط المثقفة التى خرجت منها
النصائح الائفة الذكر » ومع ذلك فلم يصل القوم الى التوحيد الصحيح ؛
وانما بقوا كذلك مذبذبين بين التوحيد والوثنية ٠
واستمرت تسابيح الدين تقترب من التوحيد حتى تكاد تبلغه ؛
ثم تعود ثانية الى التعدد » فتطيل فيه وتعيد » حتى جاء اخناتون قبيل
منتصف القرن الرابع عشر قبل الميلاد » فدعا الى عبادة اله واحد 6 ونبذ
ما عداه من آلهة أخرى » ويهذا كانت عقيدة « أتون » أول صيحة عالمية
من التوحيد ؛ أذ كان اخناتون أول من نادى « من غير الانساء » بدعوة
الوحدانية » حين بشر الناس » باله واحد » لا شريك له » وقال عنه فى
برآأت الدنيا وكنت فردا ؛ خلقت البشر والانعام ؛ وكل ما يسعى على
الارض بقدم » ويحلق فى الفضاء بجثاح » ؛ ومن هنا كان اعجاب العلماء
وهكذا اهتدى القوم الى معرفة الاله الواحد الاحد ؛ يوم أن كانت
الشعوب الاخرى تضطرب جهلا بين العديد من الالهة ينسبون اليها
ما يعجزهم من ظواهر وأحداث » ومن هنا كان شعبنا العظيم أول شعب
فى الدنيا » شق طريقه نحو الايمان بالاله الخالق الاعظم » وآمن بخلود
كل مكان من أرض الكنانة من عصور الفراعين العظام +
والله أسأل أن يكون فى هذه الدراسة بعض النفع ولله العزة
ولرسوله وللمؤمنين *
دكتور
محمد بيومى مهران
أستاذ تاريخ مصر والشرق الادنى القديم
ورئيس قسم التاريخ والاثار المبرية والاسلامية
كلية الاداب جامعة الامكندرية
( الثامن من المحرم عام 1609 ه
بولكلى فى ؟ اغسطس عام ف/قام
ربا ب الأول
الحياة الاجتماعية
التضسل الأول
الأمسرة
)١( الؤزؤزواج
كانت الاسرة هى النواة الحقيقية للحياة الاجتماعية المصرية » ويبدو
أن الاسرة كانت فى بادىء الامر ذات اطار محدود > قوامها زوج هو
رأس الاسرة » وزوجة هى ربة البيت » وأطفال يعيشون فى كنف الاثنين
الافراد الذين يعيشون فى كنف رب الاسرة » آيا كانت درجة القرابة
التى تربطهم به ؛ وييدو أن رب الاسرة انما كان يتكفل عادة بنساء الاسرة
غير المتزوجات (" » أو أن الاسرة كانت تشمل الوالدين والاولاد والاخوة
الاخوات والاصهار والموالى والمحظيات والخدم ؛ فقد كانوا جميعا
يخضعون لسلطة رب الاسرة9) +
هذا وقد تا
ومقومات شقائها ؛ وفى كفايات أزواجها وزوجاتها » وف نجاح تسلها »
ولكنها » رغم هذه التفاوت الطبيعى الذى شهدته الاسرة فى كل مجتمع
وزمان » فقد نعمت بنصيب من الاستقرار لم تعهده الشعوب القديمة
الاخرى » هذا وقد اختلفت كذلك عوامل الاستقرار الاسرى بين طبقة
وأخرى ؛ وكان أوضحها بين الطبقتين الثرية والوسطى نوعا من التوازن
المقبول » عدل المجتمع به بين أوضاع الزوجين فى الاسرة » فالزوج بالنسبة
الى زوجته انما كان يوصف بأنه « هى » بممنى البعل » و «« نب » أى
« حمة »أى حرمة » و « مرة » أى
( ولعلها تشبه اللفظ العربى صنو ) أى أخت » واذا تحدث الناس عنها
ويزعم كتاب الاغريق القدامى » ويتابعهم فى هذا بعض المأرخين
الغابرة ؛ فعل ذلك الفراعين ل ؛ كما فعله بعض آلهة القوم مثل أوزير
وايزة ؛ وسث ونبت حت » وأن هذا الزواج بين الاخوة انما كان ثمرة
الالفة والمودة والمترابط العائلى + فضلا عن الرغبة فى الاحتفاظ بأملاك
الاسرة دون تبديد لها عن طريق الزواج من الاغراب » ولعل هذا الامر
(ه) عبد العزيز صالح : الامرة فى المجتمع المصرى القديم
من أخواتهم + كما حدث مع ملك الانباط « مالك الثائى » بن
» بان احدى زوجات الحارث
كذلك » والامر كذلك بالنسبة الى اليهود » وطبقا لرواية
وج 'ابراهيم من اخته سارة ؛ حيث تقول « وبالحقيقة هى
فى الحضارة العربية القديمة الرياض 1577 ص 7-7 - 706 © سفر
التكوين 0 :13) +
الاخير انما كان سنة عند الشعوب القديمة » كالعرب واليهود » بل أنه أمر
ما تزال بعض آثاره عندنا فى الصعيد حتى الان » غير أن الامر عند
أوزير بايزة » وست بنبت حت ؛ وصحيح أن بعض الملوك قد تزوجوا من
أخواتهم" ؛ ذلك لان نظرية تولى العرش فى مصر انما كانت تجعله
وقفا على من تكون أمه من تسل ملك ىوكذلك يجب أن يكون أبومبولعل
هذا هو السبب فى زواج الاخ بأخته الذى لجآ اليه بعض الفراعنة لتأكيد
صفاء الالوهية » ولتقليل عدد المتطلمين الى العرش 9 +
على أن ذلك كله لا يسوغ لنا القول بأن القوم انما كان الواحد
منهم يتزوج بأخته ؛ ذلك لان عبارة الاخت تطلق على الزوجة على سبيل
الاعزاز والتكريم فحسب » ومن الثابت أن تلك التى كان يطاق عليها اسم
فيه أخا واختا » سواء أكانا من طبقة النبلاء أو من الطبقى الوسطى +
الملكيين عما اذا كان القانون يسمح من يشاء أن يتزوج من أخته » فأجابوه
زواج الخال من ابنة أخته ؛ ذلك لان من تسمى « باكت آمون » » انما
تظهر فى مقبرتها وهى تجلس بجوار خالما (« أمتمدات » وكانما هى
وكان الزواج يتم فى مرحلة مبكرة ؛ كما هى العادة فى الشرق » وان
لم تصلنا تفصيلات عن المرحلة السابقة له » ولا عن الطقوس التى كانت
تمارس بهذه المناسبة » لكن يبدو أن مراسيم عقد الزواج انما كانت