مع مرور الزمن أخذت حياة مجموعتنا السوفيتية الصغيرة تميل إلى
الاستقرار ولكن فى الوقت ذاته أخذ الحنين بالوطن يستبد بالكثيرين
بعد ولم يخمد ذلك الحتين الاتشغال يشؤون الوظيفة ولا المشاغل
المعيشية اليومية التى كانت بالغة التعقيد وتتطلب جهدا كبيرا عند
ترتيب الاقامة فى المكان الجديد وكنت بين أولئك الذين عانوا من
مرض الحنين كانت أفكارنا تنزع دوما الى الديار البعيدة حيث لم
تتوقف مقارعة العدو يوما واحدا أو حتى ساعة واحدة حيث كان
الجبهة متكيدين صنوف الحرمان
لم يكن مبعث الحنين احساس بانعزالنا عن القضية الوطنية المشتركة
لم تحس بالانعزال لأننا واصلنا فى الغربة؛ أداء واجبنا باستقامة ودون
أن تيخل بجهد بديهى أن الحنين الى الوطن كان تعبيرا عن شعور
متأصل فى المرء مع حليب أمه؛ كما يقال ولكنه من جهة أخرى كان
العقل والفؤاد انعكاسا لنسق حياتى معتاد تشعر فى ظله كل لحظة
انك بين أهلك
الأحساس بأنك بين أهلك وفى وطنك هو احساس عظيم لا يمكن
والروح أما هنا فكل شئ غريب علاوة على أنه فى الغالب؛ ميهم
مفهوما "الأليف" و "الغريب” يتقابلان ويتقاطعان وتعقد بينهما مقارنة
فتكون الغلية “للأليف” من كل بد ولم يكن من النادر ظهور رغبة حادة
للاحتجاج والتغيير؛ رغبة توجب أن نقمعها؛ واضعين فى حسابنا دوما
أنتا لسنا فى بلدناء واأنك هنا مطلوب ومرغوب ضمن شروط محددة
يتولد عنه النزوع إلى الوطن؛ وهو فى البدء شعور مكبوت غير واع؛ لا
يليث أن يتجلى بقوة متزايدة بل أن البعض من أفراد جاليتنا فقد؛ لهذا
السبب قدرا كبيرا من روح المبادرة والقدرة على العمل» بل اضطررتا
إلى أعادة قسم منهم إلى الوطن
يغية التصدى لهذه الظواهر كان ينبغى بالدرجة الأولى جمل
غالبيتهم على معرفة ببعضهم البعض فى الأمس القريب بديهى أن
العمل المشترك آلف فيما بينهم تدريجيا وقد دعمنا هذه العملية
الطبيعية بأنشطة اجتماعية مختلفة ففى ١ كاتنون الأول (ديسمبر)
استأجرناها قبل أيام لتكون منزلا لعائلتى ومقرا لاستقبال ضيوف
السفارة كما عقدنا اجتماعات احتفالية تقليدية بمناسبات الأعياد
السوفيتية مثل ذكرى تأسيس الجيش الأحمر وعيد العمال العالمى فى
سوف آتى على ذكر بعضها قيما بعد
كنا نستمد العزم والحماس من الأنياء السارة الواردة من الجبهات,
فى أوامر القيادة العليا وبلاغات مكتب المعلومات السوقيتى التى
كانت تبثها الأذاعة وتعمل نحن على تدوينها بانتظام وإحاطة كل أسرة
علما بها ومن البلاخ الصادر بمناسبة عيد تأسيس الجيش الأحمر فى
٠ شباط (فبراير) علمتا بسرور أن"المانيا الهتلرية تسير نحو الكارثة
اقترفها الهتلريون فى الأرض السوفيتية وفى بلدان أوربا المحتلة"
وتحدث بلاغ أول آيار (مايو) بمزيد من التفاؤل عن حلول مرحلة جديدة
ميدئيا فى الحرب وأن الجيش الأحمر وصل إلى حدود بلادنا مع
رومانيا وتشيكوسلوفاكيا ؛ وهو يواصل مطاردة وسحق القوات المعادية
فى أراضى رومانيا وصارت مسألة الملحمة تتمثل فى تطهير كل
أواضينا من الغزاة الفاشست؛ واستغادة حدود الدولة السوفيتية من
البحر الأسود إلى بحر بارنتس
متجمعة عن أسبوعين أو ثلاثة دفعة واحدة ولم يكن ثمة مجال لقراءة
والرئيسى وبغية مساعدة الذين لم تتسنٌ لهم مواكبة الأحداث من خلال
الصحف المحلية فى أن يكوتوا على بينة منهاء كنت بين الحين والحين
أعد تقارير عن الوضع الراهن تشمل طائفة واسعة من البلاغات الدولية؛
لدى كل فرد فإن العاملين فى سلك السفارة كانوا حتى فى الغرية
يحيون حياة سوفيتية موارة الأمر الذى كان ليتعذر بدوته أداء السفارة
لواجياتها بنجاح -
كما سبق وأن ذكرت استأجرت السفارة فى أواخر شهر كانون الأول
(ديسمبر) فيلا فى الجيزة تصلح للسكن ولإقامة الحفلات وبالإضافة
العاملين فى السفارة) مع ابنهما
اذكر عَرضاء أن الفيلا كانت ملكا لرئيس الوزراء السابق "على
ماهر باشا"؛ المعتقل منذ عام ٠8667 لذا فقد تفاوضنا حول الإيجار مع
عقيلته؛ ولكم كانت تلك مهمة شاقة
بعد أشهر الأنتظار الطويلة التى قضيناها فى موسكو وحقائبنا
محزومة؛ وبعذ كل متاعب حياة الترحال فى فنادق "طهران" و"القاهرة”»
وبعد ظروف السكن الصعبة فى غرف العمل بالسفارة حططتا أخيرا
الفيلا لم تكن مجرد مسكن لناء بل ضمت قاعات الضيافة التى تادرا
طويلة لم يستطيع التركيز وجمع أفكاره وأخيرا بدأ فى التقاط كلماته
- إن الوضع فيما يتعلق بالتسوية فى الشرق الأوسط لم يعد يطاق»
ماذا يحدث لو انفجر الموقف؟ ومن يستطيع أن يستعبد احتمالا مثل
الوسيلة الأخيرة فى السياسة لكن تتائجها وفى الغالبية العظمى من
الحالات لايمكن تخمينها فكل طرف واثق فى أن التصر سيكون حليفه
وعلى كل حال فإن المنتصر لن يكون سوى واحد من الطرفين بينما تحيق
الهزيمة بالطرف الآخر وغاليا مايكون البادىء بالحرب
وفى الثالث من أكتوبر كنت فى زيارة للسادات فى منزله الخاص
بالقرب من سفارتنا بالقاهرة وفى هذا اللقاء تحدث معى عن
العسكرى المصرى عليها وبعدها - على حد تعبيره "يكون مايكون"؛
المحتمل أن يبدأ فيه الرد العسكرى على هذه الاستفزازات أجاب
المناسب" ومرة ثانية لم يقل شيئا محددا لكنه طلب منى ألا أغادر
وفى اليوم التالى أبلفته بقرار موسكو بترحيل أسر العاملين السوقيت
من مصر وطلبت المساعدة فى ذلك فوافق
وفى وقت قياسى قصير رحلنا مايقرب من 77 من المواطنين
السوفيت مابين طفل وامرأة الى موسكوء فضلاً عن ما يقرب من ألف من
أبناء وزوجات العاملين فى السفارة السوفيتية؛ ومن البلدان الاشتراكية
السوفيتية, أو خلال الليل على رحلات جوية خاصة من مطار القاهرة
وكان قد تم تشكيل فريق للإخلاء فى السفارة بحيث لايثير انتباه
أحد :
ولم نعد نركن الى التوم أكثر من ساعتين أو ثلاثة فى اليوم أننى لن
أنسى مطلقا ماقام به في هذه الأثناء كل من المستشار الاقتصادى
الأول "يودين"
فى السادس من أكتوبر دعانى "السادات" إلى قصر الطاهرة وأخبرنى
بأن الموقف فى تطور مستمر» وأن الاسرائيليين يبالغون فى استفزازاتهم؛
ويمكن أن نتوقع حدث ما "بعد أربع ساعات وأعرب عن رغبته فى أن
يكون السفير السوفيتى بالقرب منه فى هذا الوقت بالذات وأضاف بعد
فترة صمت
- - لكن هذا أمر غير ممكن اذ يجب عليك أن تكون فى السفارة و أن
تكون على اتصال دائم بموسكو
العسكرية قد بدأت بالفعل؛ فأين هى وعوده بالتشاور معنا؟
استعداداً لما سيواجهنى وفى الساعة الثانية بعد الظهر تقريبا رن جرس
- سيادة السفير أننا الآن على الضفة الشرقية للقناه, وقد ارتفعت
عالياً فى سمائها الاعلام المصرية لقد عبرنا القناة
الوضع فى الشرق الأوسط ولا تتسع هذه الذكريات للإفاضة فى
الحديث عن حرب أكتوبر 147/7 التى تستحق وضعاً متفرداٌ وتحليلاً
متفصلاً لذلك سأكتفى بذكر الأمور المهمة؛ التى توضح حقيقة الأحداث
تواصلت لقاءاتنا - أنا و"السادات"- خلال شهرى أكتوبر ونوفمير
حيث كنا نلتقى أكثر من مرة كل أسبوع كما تحادثنا طويلا عبر
٠ التليفون وبأمر من "السادات" تم تركيب تليفون خاص مغلق بيّئنا من -
نوغ "بى بى أكس" كما تواصل الاتصال بيتى وبين موسكو عبر خطوط
الهاتف والراديو وقمنا باخفاء الأنوار عن طريق طلاء الزجاج بلون قاتم
حتى لايصيح مبنى السفارة عرضه للقصف بالقنابل كما تم تخزين
احتياط كاف من المواد الغذائية والمياه ومصادر احتياطية من الطاقة
والضوء والشموع والكبريت والمهمات الطبية والاسعاقية والأدوية
وبمساعدة من تبقى من النساء نظمئا حياة جماعية كاملة فى مبنى
فى الأيام الأولى للحرب؛ جرت المعارك بتجاح لصالح المصريين؛ ففى
خلال عدة ساعات تمكنوا من عبور قناة السويس على طول امتدادها
وقركزت قواتهم فى الضفة الشرقية منها وكانت الخطة تقوم على أساس
أن تتم هذه الخطوة فى يوم كامل وأن تصل خسائر اقتحام خط بارليف
إلى 1//ز متالقوات المسلحة التى شاركت بصورة مباشرة فى عملية
اللاقتحام؛ لكن الخسائر تراوحت بين 7016-٠١ ولم ينجح الهجوم
الطيران الاسرائيلى وعلى الأرض أظهرت الصواريخ المضادة للديابات
التى كانت ببحوزة المصريين كفاءة عالية ودقة متناهية فى اصابة الهدف
بأيدى القوات المسلحة المصرية كفاءتها فى ظروف حرب تجرى فى
الصحراء المكشوفة
للسلاح وفى جميع لقاءاتنا وجه عبارات شكر وامتثان حارة للاتحاد
- سبأتى الوقت وأتحدث باستفاضة عن المساعدة العظيمة التي
قدمها لنا الأخوة السوفيت
أمريكية؛ بل كان يتعلق أيضا بالدور الهام الذى لعيه المستشارون
لعسكريون والمتخصصون السوقيت فى رقع مستوى الكفاءة لدى الجترد
والضباط المصريين؛ والنهوض به من نقطة الصفر بعد خسائره الفادحة فى
حرب ٠471 وهو التدريب الذى تم تحت شعار "التدريب الشاق يجعل
المعركة سهلة"
وهكذا بدأ المصريون الحرب ينجاح متقطع النظيرء لكن حدث شيىء
لماذا لم تلاحظ المخابرات وأجهزة الاستطلاع الاسرائيلية ذات الكفاءة
العالية ولاتقول هنا المخابرات الأمريكية وأجهزة استطلاعاتها المتطورة-
تمركز القوات المسلحة المصرية بالقرب من قتاة السويس؟ ١
** هل كانت العمليات العسكرية التى شنتها القوات المسلحة
بالقرب من الحدود السورية - برغم أن القوة الرئيسية العربية - أى
القوات المسلحة المصرية - كانت ترابط ناحية الجنوب؟