دولة بني مرين...
العلاقات مع أقطار المغرب الكبير...
الحاسة السياسية لملوك بني مرين.
حرصهم على دعم صلاتهم بالعالم الخارجي-
عمل الممالك النصبرانية على إلهاب القتن بين زعماء أقطار المغرب.
سفارة أبي الحسن لدى ابن تاشفين بتلمسان قبل الإصطدام...
مصاهرة ملوك تونس لملوك المغرب.
السلطان أبو الحسن في تونس-
دولة بني مرين...
يتجلى من خلال الانطباعات الأولى عن العلاقات الخارجية لبني مرين (أو
بني يابان)!" أنهم كانوا من أنشط الدول المغربية وأكثرها رغبة في الانفتاح
السابقة في عهد المرابطين والموحدين تميّزت على العموم - بقلة النصوص
ذلك أوضح وأوثق وأثمل...
وإذا ما عرفنا أن إمكانيات بني مرين العسكرية كانت دون ما توفر عليه
أسلافهم من المرابطين والموحدين أدركنا إذن مغزى انصرافهم إلى الزاد الدبلوماي
وان نشاطهم السيامي في الأندلس سواء مع مملكة أراغون أو مملكة قشتالة
ومملكة غرناطة ليعطي فكرةٌ عن «المدرسة» التي تكون فيها رجال السياسة من
إلى مجلّدات ومجلدات تكشف عن مدى تعلقهم بأداء رسالتهم في الأندلس...
أجل هذا فإن الحديث عن علاقات بني مرين بهذه المنطقة جا
المواضيع التي تستحق العناية من طرف الذين يهتمون بالتحركات الدبلوماسية
)اذ أبان بن كرماط بن مرين» من أبرز القبائل المرينية» وإليها ينتسب الوزير عمر
بن عبد الله الياباني الذي ف على شرفه كتاب جَنى زهرة الآس حوالي سنة 766 - 1363 من قبل
وإلى جانب اتصالاتهم بالجزيرة الإيبيرية خلال مائتي سنة أو تزيت
كانت لهم صلات مع البابا وجمهورية بيزة وجنوة وصقلية وميورقة والبندقية
هذا إلى علاقاتهم بفرنسا ومكاتباتهم لملوكها... واستقبالهم لسفراء
بريطانيا والبرتغال ومواصلاتهم ومهاداتهم لملوك إفريقيا ومملكة مالي على
وقد حرص المرينيون على مناهضة كل حركة انفصالية تهدف إلى التقليص
من أجزاء المملكة المغربية سواء في تونس أو تلمسان أو سبتة:" ومع ذلك
وجدناهم يحتفظون ما أمكن بما يربطهم من طيب العلاقات مع مملكة
وإن في أبرز المواضيع التي تغدّي تاريخ بني مرين السيامي موضوع
صلاتهم ببلاد المشرق» فلقد كان لهم مع ملوك مصر والشام والحججاز والعراق...
مراسلات وسفارات ومنامرات ومهاداة تحدثت عنها مصادر المشرق والمغرب
على السواء...
وأخيراً نرى بني مرين - وهم يتتيعون ظهور الأتراك في المشرق بكامل
الانتباه نراهم في آخر أيامهم يبادرون بإرسال سفارة لهم إلى العثمانيين
لإرساء قواعد الأخوة بين الفاتحين هناك وبين الملوك المناضلين هنا...
علاقات بني مرين بباقي أقطار المغرب
كان سقوط الدولة الموحدية باعثاً رئيسيا في طموح عددٍ من الولاة
للاستئشار بالحكم في المناطق التي كانوا يتولونها وللانفصال عن السلطة
حاول بنو العزفي في الثمال الاستبداد بسبتة وطتجة؛ كما أسلفنا ومعلوم أن السلطان أبا يوسف
يعقوب (أول ملوك بني مرين) هو الذي استطاع أن يطوّعهم عام 672 - 1274 كما أن يفمراسن بن
وتموله» وبين هذا وذاك لا ننسى أن للمغاربة قاطبة سواء منهم الموجودون في
للبحر المتوسط المقابلة لضفتهم» ولهذا فليس بغريب أن مع من الآن عن
وجود أيادٍ خفية أحياناً وظاهرة حيناً آخر, كانت وراء إلهاب الفتن بين أهل هذه
الأقطار مما لم تستطع كتب التاريخ القديمة؛ ولا الوثائق الدبلوماسية المعاصرة
متمردين عن الحُكم الشرعي؛ خوارج عن طريق الجماعة؛ وبالرغم من أن جل
يضا استمرت» في دولة بني مرين وبخاصة في الصدر الأول
من حياتهاء استمرت تعتبر أن أولئك الزعماء كانواء بمثابة عمال الأقاليم ولكن
حول مرحلة مهمة من تاريخ كان يتمخض لاستقلال كل عن الآخر..!
ففيما يتعلق بالمغرب الأوسط أو تلمسان يظهر مع مطلع دولة يعقوب بن
عبد الحق اسم الزعيم يغمراسن ابن زيان الذي ممعنا عن علاقته باغتيال العاهل
الموحدي أبي الحسن علي الملقب بالسعيد عام 646 - 1248 واقتطاعه المغربً
الأوسط لنفسه.")والذي أصبح يسعى بكل ما يملك من قوى «لتخذيل عزائم
يوسف» وقد كان يتوفرء فيما يتوفر عليه من عدة؛ على حماية من
وفي وقت كان فيه أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق يستعد لإسكات
يغمراسنء وردت عليه سنة 670 - 1271 سفارة من سلطان غرناطة ابن الأحمر
تستصرخ وتطلب النجدة؛ وقد قدّموا إليه وصفاً مؤلماً لما يوجد عليه حال
المسلمين بتلك الديارء وأن العدو بعد اختفاء دولة الموحدين ازداد شرهاً لالتهام
بلادهم... ومن هنا طرأت عليه فكرة العدول عن مواجهة أخيه يغمراسن والاتجاه
3) الاستقصا 3 50 7.227 ممىتاقسماوا0 عاص كماه>ست-00 :ما
4) الاستقصا 2 225 226
إلى الأندلس» فكانت السفارة المرينية الأولى إلى يغمراسن» وهى تتألف من
أشياخ القبائل وأعيان بني مرين... وكان مما زوّد به يعقوب هذه البعشة قوله :
بالخبر....» وقد اجتمعت السفارة بالقائد الجزائري بظاهر تلمسان حيث كان
ذ العدة للقاء بعدما حشد قبائل زناتة من بني عبد الواد وبني راشد
وأحلافهم ومغراوة وعرب بني زغبة؛ فبلغوه الرسالة وعرضوا عليه مقالة
السلطان يعقوب فأبى واستكبر وم عن مماع قولهم وموعظتهم قائلاً : أُبْعَدَ
مقتل وَلَدي أصالحه. والله لا كان ذلك أبداً حتى أثأر به وأذيق أهل المغرب
النكال من أجله !» فرجعت الرسل إلى السلطان بالخبر..." ولم يلبث الجيشان
وكانت برئاسة زعيمهم محمد بن عبد القوى بن العباس بن عطية التوجيني.
ومع ذلك فعندما قرّر السلطان يعقوب الجواز الأول إلى الأندلس سنة
4 - 1275 قرر أن يبعث سفارة أخرى إلى يغمراسن أملاً في جمع الشغمل
وتوحيد الصف» وكان رسوله هذه المرة هو محل حفيده الأمير تاشفين بن عبد
الواحد بن يعقوب الذي راح على رأس وفدٍ هام من بني مرين لغرض عقد السلم
مع الزعيم المذكور والرجوع للاتفاق والموادعة ووضع أوزار الحرب بين
المسلمين للقيام بوظيفة الجهاد» وهنا أكرم يغمراسن موصل الأمير تاشفين
وموصل قومه وبادر إلى الإجابة والألفةء وأجاب على هذه الوفادة بأخرى تألفت
من مشيخة من بني عبد الواد وقيمت على السلطان يعقوب لعقد السلم وقد بعث
5) تذكر ببعض المصادر أن مما كتب به يغمراسن إلى يعقوب :
فلا صلح حتى تروى السيف والقا . وتأخذ عبد الواد منكم بشارها
ابن خلدون : العبرج 7, 380 381 الاستقصا 3 ر 32 الميلى : تاريخ الجزائر 2» 335
مع الرسل أسنى الهدايا... وكانت بالفعل بشرى خيرء ليس لبلاد المغرب فقط
ولكن على بلاد الأندلس التي كانت تنتظر مثل هذه الوحدة التي تظل ضرورية
وبعد العودة من الأندلس أجاب السلطان يعقوب يغمراسن عن هداياه السالفة
الذكر بهدايا مماثلة كان فيها فسطاط ملكي رائق مع ثلاثين من المطايا
ولا شك أن هذا الاتفاق بين المغربين الأقصى والأوسط كان مما لا يروق
العدو المشترك بالأندلس فسعى مرة أخرى إلى التشغيب وإذكاء نار الحقد» بل ان
توجهت أواخر سنة 676 - مايه 1278 سفارة من السلطان ابن الأحمر ومن ملك
حضّ يغمراسن على «مشاقة السلطان أبي يوسف وإفساد ثغوره وإنزال العوائق
الهدايا والتحفء وجنب يغمراسن إلى ابن الأحمر ثلاثين من عتاق الغيل مع
ثياب من عمل الصوفء وبعث إليه ابن الأحمر مكافأة على ذلك عشثرة آلاف
إحكام أمرهم وسد مذاهبه إليهم...90)
وقد شعر العاهل المغربي بخطورة الموقف فقرر إزالة العوائق عن طريقه
نحو الجهادء والجواب عن الحلف الثلاثي الذي تم بين ابن الأحمر والفونصو من
جهة وبين يغمراسن من جهة ثانية. وهنا ا أن يبعث بوفادة ثالثة إلى
الزعيم الجزائري يسأله عن مدى صحة الأخبار التي وصلت للمغرب» ويطلب إليه
تجديد الصلح وجمع الكلمة لكن يغمراسن لج في الخلاف على ما تذكره كتب
التاريخ وأعلن بما وقع بينه وبين أهل العدوة الأتدالسية مسلمهم وكافرهم...
ولكن يعقوب لم ييأس فجدّد إعادة الرسل إلى يغمراسن وكان فيما خاطبه به
في رسالة صادرة عنه : «إلى متى يايغمراسن هذا النفور» والتمادي في الغرور ؟
أما آن تنشرح الصدور وتنقضيّ هذه الشرور ؟»7) بيد أنّ الجواب كان سلبياً
بضواحي تلمسان أواخر عام 679 - أبريل 1 حي قارف أمير بني توجين
السلطان أبا يوسف في حركته على نحو ما كان في المرة الأولى. وعندما توفي
الأمير يغمراسن سنة 681 - 1282 وتولى الزعامة مكانه ابنه عثمان رأى من
السياسة أن يسلك منهجاً آخر مع العاهل المغربي فاغتنم الفرصة وبعث سفارة
إلى السلطان يعقوب وهو بالأندلس في جوازه الرابع وكانت السفارة برئاسة
أخيه أبي عبد الله محمد بن يغمراسن» وهناك رحب به العاهل وأيرم عد للسلم
بين الطرفين عام 684 - 1285 وعاد المبعوث إلى أخيه الذي أخذ يتجه في
طموحاته وفتوحاته نحو الجهات الشرقية للمغرب الأوسط»ء وقد ذكر ابن خلدون
لهذا التحول الجديد في سياسة بني يغمراسن تفسيراً لا يخلو من الصّواب» فقد
بقوله : «يابني إن بني مرين» بعد استفحال ملكهم واستيلائهم على حضرة
الخلافة بمراكش؛ لا طاقة لنا بلقائهم ؛ فإياك أن تحاربهم» فإن مددهٍ موفور
أخشى معرة الجبن عنهم بعد التمرس بهم والاجتراء عليهم» وأنت لا يضرك ذلك
وحاول ما استطعت الاستيلاء على ما جاورك من عمالات الموحدين : أصحاب
تونس يستفحل بها ملكك وتكافى حشد العدو بحشدك» !
وتستقر العلاقات نسبياً بين المغربين الأوسط والأقصى زهاء نصف قرن
ا ل ا ل ل ل اد تطوولاً على
7آ يذكر البيلى 2 ر 336 أن في جملة ما تضمنته رسالة الماهل المغربي في تأكيد الصلح هذين
البيتين : "
فلتترك النساس إلى هام مؤمين في حمى بلادهم !
وقد ولا تنهض إلى توجين 0 فالبهافي العهد مع مرين !
ابن خلدون : ج. 7 ص 4م
مهمة ديسبّر يتك !
إلهاب الفتن بين زعماء أقطار المغرب !!
في كلّ متعريرمن التاريخ السياسي لبلاد المغرب لا بدّ أن تجد وراء موقف بعض القادة المغاربة يداً من
وهكنا فعلاوة على دور المليشيات المسيحية المتنائرة في قواعد المغرد الأقضى والأوسط والأدتى. ذلك الدور
بعض الوتائق التي مثلاً أن المغرب استعان بأسطول أراغون ضد انفصال بني عد الواده كما تقيد أحياناً أنه
عندما كان المغرب يتصئى لقشتالة (إسبانيا) كان بنو عبد الواد يُشعلون المغرب بالتقدم داخل ترابه... وقد
وقمت على بعض الوثائق الني ترد من بعض ملوك المسيحية أحياناً لتحريض ملكع على ملك على نحو ما تقرأه
رسالة إلى الأمير أبي تاشفين الأول يطلب إليه فيها أن يقوم بسليات تحريض
السلطان أبي سعيد عثمان لما أن هنا الأ أبدى تشتٌّاً إراء ملك أراغون»
المغرب ويحمله على الطاعة, طلب إلى «حليفه» في الجزائر أن يساعده على تحقيق هنا الهدضه..!
تحمل تاريخ 14 أبريل 1319 - 3 ربيع الأول 719, أي أيام أبي سعيد المري
حلفائه") وأصهاره بتونس» وقد كان تزوج من بني حفص على ما نذكره في فصل
العلاقات مع المغرب الأدنى...
ولهذا نجد السلطان أيا الحسن يبعث لأول بيعته بسفارة إلى أبي تاشفين
ورثها عن سلفه؛ وكان فيسا نقلت إليه البعشة المغربية : «كفة عنهم ولو سنة
8) ابن خلدون : 7» 453 استقصاء 3 119.
ف على ما يذكر من ذلك وأغلظ للرسل في القول وأفحش بعض
المرافقين من عبيده في الرد على السفراء بمجلس الأمير أبي تاشفين. ونالوا
من السلطان أبي الحسن بمحضره... الأمر الذي تقل إلى العاهل المغربي الذي
حمى لذلك وغضب؛ وشبّت الحرب من جديد بين الجيشين أواسط عام 735 -
يناير 1335.
واقتحم السلطان أبو الحسن مدينة تلمسان يوم 27 رمضان 737 <
0 أبريل 1337 بمد تخريب وجدة ووفدت عليه قبائل مغراوةا") وبني
توجين حيث استمع إلى كبار الرجال في العاصمة... وهكذا بسط أبو الحسن
ومن الملاحظ أنه أي السلطان أبا الحسن استقبل وهو بتلمسان سفارةٌ
عن مقاطعة لانكضوك (0«»»»ما) بجنوب فرنساء وذلك لإمضاء اتفاقية بتاريخ
شوال 739 - 15 أبريل 1339 لصالح ملك ميُورقة الذي كان سيّد مونبوليي
وروسيّون أيضا على ما نذكره أيضا في علاقات المغرب بفرنسا.
ويتجدد طموح بني يغمراسن في أعقاب وفاة السلطان أبي الحسن ويتجدد
الصدام بقيادة السلطان أبي عنان ويتم تغلب بني مرين؛ ويجلس أبو عنان
عاهل بني مرين لاستقبال الوفود المؤيدة,(9") وكذلك السقارات المهنئة الواردة
من الأندلس التي كانت تعتقد أن كل نصر يحققه سلطان المغرب يزيد في طاقة
9) المغراوي : جامع جوامع الاختصار والتّبيان... تقديم وتحقيق د.عيد الهادي التازي نشر مكتب
التربية العربي لدول الخليج 1407 - 1986 ص 14/13
هذا وقد ترددت أخبار السدام بين بني مرين وبني عبد الواد في بلاد السودان على ما يحكيه ابن
بطوطة في رحلته 4 340.. ويراجع (المسند) لابن مرزوق حول اعتراض والدة أي الحسن على
حصار قلمسان ص 123.
0م كان منها وقد أمير بجاية أبي عبد الله محمد بن أبي زكريا بن أبي بكر الحقمي الذي استقبل من
لدن أبي عنان في المديّة شعبان 753 - 1352 استقبالاً عظيماً؛ وكان من حديث هذه الوفادة أنه
ناجى الأمير الحقصي السلطان أبا عنان بنات صدره وشكا ما يلقاه من الامتناع عن أداء الجباية