العربية الاسلامية بصفحة مشرقة من ماضيها المجيد ٠ وقد بدا ذلك
الاهتمام منذ أواخر عهد الخديو اسماعيل + حيثما اقبل المثقف-ون
المصريون على نشر أمهات كتب التراث + وكان ذلك جزها من برنامج
العمل الوطنى الذى اضطلع به عدد من اعلام مصر كانوا ييدقفون
الى انماء وعينا القومى المتلهف الى ثقافة ءربية جيدة نقف أمام تياد
الثقافة العربية الوافدة ٠ وعليئا ان ننوه بالدور العظيم الذى قامت
به في نشر آمهات كتب التراث التاريشى والادبى النديم مطبعة
بولاق وجمعية المعارف التى تأسبت سنة فا +
وقد كان للاندلس وتاريخها وادبها نصيب من هذه العناية
بالتراث القديم » اذ كان بين أمهات الكتب الترائية التى بودر بنشرها
ما تضمن كثيرا من أخبار ذلك (( الفردوس المفقود » فى سسياق
التاريخ العام للاسلام + مثل تاريخ ابن الاثير وتاريخ ابن خلدون
والعقد الفريد لابن عبد ربه ٠ وكان من بينها مصادر خلصت للتراث
الاندلسى بصفة خاصة , مثل (( نفج الطيب » للمقرى ( طبع فى
7 ) وديوان ابن خفاجه ( جمعية المعارف ١876 ) +
عن الاندلس خلال اواخر القرن التاسع عشر اليلادىق + ويهمنا فى
هذا المقام ان نشير بصفة خاصة الى تأثير هذه المادة على المؤلفات
الروائية والمسرحية ٠ وهى فنون كانت فى ذلك الوقت مستعدثة
ولذت من خلال احتكاك الثقافة العربية بالثقافة الغربية عن طريق
المبعوثين المصريين الى بلاد أوربا أو الكتب المترجمة عن الفكر
الجديد بتراثنا العربى القديم , فاستايموا منه موضوعات ارواياتهم”
ومن أول مؤلاء الكاتب ابراهيم رمزى الذى آلف فى سنة ٠/17
مسرحية بعنوان (١ المعتمد بن عياد )) صسود فيها حياة هذا الملك
الاندلسى الذى كان يحكم اشبيلية فى عصر ملوك الطوائف + وماساة
خلعه ونفيه + ومن الطريف .أن الزعيم الوطنئ الكييد مصطفى كابل
شارك ايضا فى هذا الميدان برواية كتبها عن (( فتج الاندلس ) »+
وضمنها ما يتفق مع فكره السسيادي القومى من خلال الخطب
والاناشيد الحماسية + متخذا منها وسسيلة لمهاجمة الاسستعمار
والاحتلال , وهكذا وظف أحداث الفتح العربى للاندلس فى سبيل
الدفاع عن قضية مضز الوطنية ٠ حتى المسرح الغثائى الذى كان له
جمهوره الكبس فى اواخر القرن الماضى لم ييمل الالتفات إلى الاندلس
فر آنا الشيخ سلامة حجازى يعرض منذ سسنة ٠١١ روايات
تاريخية غنائية من بينها رواية (( غانية الاندلس ) +
تعددت اتجاهاته بين قصص يستوحى التراث العربى القديم وقصص
رواية «١ ذينب » التى الفها الدكتور محمد حسين هيكل فى باريس
واما النوع الثانى الذى كان مرتبطا بالثراث القديم فقد تفرع
الى اتجاهين : الاتجاه الاول تأثر بذلك الفن القصصى العربى القديم
وهو فن المقامة , وصاحب هذا الاتجاه هو محمد المويلحى صاحب
(( حديث عيسى بن هشام » ؛ وكان ينشره فى صورة مقسالات مند
السنوات الاول للقرن العشرين , ثم جمعه فى كتاب سنة ١١١/ +
حقى .. لم يكن مجرد مجموعة من الفصول حاكى بها المؤلف مقامات
بديع الزمان أو الحريرى + وانما كان (( قنطرة تصل بين الشسكل
فى الماغى وبين موضوع اليوم الى وصف المجتمع القائم » فهو يتخذ
شكل المقامة فى البناء العام والاسلوب المسجوع الذى .يعلى
بالمحسنات اللفظية وايقاع النغم , ولكنه يتناول موضوعا عصريا +
اذ هو يستهدف نقد مجتمع عصره بأسلوب فكه خفيف الظل +
عصرى فى شكله واسلوبه ٠ وتعنى بتراثية موضوعه انه يستوحى
مادته من التاريخ العربى القديم , وبعصرية شكله واسسلوبه انه
لا يلتزم بالسجع ؛ ولا يقلد أساليب الكتاب القدماء + وانما يمفى
نثره بسيطا مرسلا فى غير تكلف ٠ وهو على الرغم من اراتبساطه
الذى عالجه الروائيون الغربيون من أمثال الاسسكوتلندى والتر
سكوت ( ١877 - ١/١ ) والفرنسى اليكسندر ديماس الاب
لقا لس 0
ولد جورجى زيدان في إبروت فى ١١ ديسمبر 186١ + وهاجر
من بلاد الشام ممن كان لهم بمصر فضل عظيم على الصحافة والادب
وكان قد تلقى تعليمه الابتدائى وجانبا من تعليمه الشانوى فى
ببروت الا آنه لم يصبر على الدراسة المنتظمة , فترك معاهد الدرس
واقيل على القراءة , حتى أصبح من ذلك الجبل النظيم من اعلام
الثقاقة الذين علموا انفسهم بأنفسهم ٠ وفى مصر عمل بالصحافة +
بالتأليف والترجمة متزودا بزاد ثرى من المعرفة ٠ وعل الرغم من
والرقى + ولم يستطع الاحتلال أن يخماد صسوت المثقفين المصرين
عهدها من النشاط والتنوع + ولا سيما منذ ولى السسلطة الخدبو
عباس حلمى فى سنة ١47 *
واقبل جورجى زيدان على الاستزادة من الثقافة الاوربية مثاد
قدومه الى مصر ؛ فاتقن الانجليزية , ولهذا فقد اختبر لمرافقة الحملة
فانتدب .عضوا فى المجمع العلمى الشرقى » وانتهز الفرصة + فتعلم
اللغتين العبرية والسريانية هدة عشرة اشهرء وفى صيف سئة 1889
ذهب الى لندن وقفى فيها فترة عاد بعدها الى مصر ليواصل عمله
فى الصحافة , فكان يكتب فى مجلة (١ المقنطف ) حتى سئة أخذذا ء
وفى سنة ١89١ اسس مجلة « الهلال » التى لم اننقطع عن الصدور
حتي اليوم , وهي بذلك اطول المجلات الثقافية عمرا في مصر +
ولم تشغل الصحافة جورجى زيدان عن التأليف منذ ستهل
حياته ٠ فكان أول كتاب أخرجه فى فقه اللغة العربية , ولكثه اتجه
مصر الحديث » فى مجلدين /, و (١ تاريخ الماسونية » و « التاديخ
العام » وهو موجز لتاريخ قارتى آسيا وافريقيًا ٠ وشا ناسيسه
دراسات عديدة من ابرزها السلسلة التى كتبها فى تراجم مشاعر
الشرق ٠ على انه كان خلال هذه السنوات يرى أن يحبب الجمهود
وكان جورجى زيدان على وعى تام بذلك ٠ وقد عبر عنه فى مقدمة
الطبقة الاولى من كتابه « تاريخ التمدن الاسلامى » الصادد فى سئة
٠ اذ يقول :
« لا مشاحة فى أن تاريخ الاسلام من اهم التواريخ العامة لاه
يتضمن تاريخ العالم المتمدن فى العصودر الوسطى ؛ او هو حلقة
موصلة بين التاريخ القديم والتاريخ الحديث + فيه انتهى التمدن
القديم » ومنه اشرق التمدن الحديث ٠ وقد علقتا بدرس هذا التاريخ
من أعوام ء وكنا تغتثم ساعات الفراغ من انشاء « الهلال » /وتعلق
ما يبدو لنا من حقائقه على أمل التفرغ لتأليف مطسول فيه ٠ وقد
ونظرا لما نعتقده من افتقار قراء العربية علي اختلاف مشاربهم
الفرص لنثبر ما يسهل تثاوله وتدعو الحاجة اليه فى حينه مما يتعلق
بهذا التاريخ ٠ واخذنا نهيىء أذهان القراء على اختلاف ظبقاتهم
وتفاوت م ومداركهم لمطالعة هذا التاريخ بما ننشره من
التاريخ المرف تثقل على جمهور القراء . وخصسوصا فى بلادثا +
والعلم لا يزال عندنا فى دور الطفولة + فلابد لنا من الاحتيال فى
نشر العلم بينثا بما برغب النا القراءة ٠ والروايات ١١
وكان زيدان قد أصدر حتى كتابة هذه السطود فى سئة ١9٠١
ست حلقات من تلك الروايات , تضمثت وقائع التاريخ الاسلامى
منذ ظهور الاسلام حتى مقتل عبد الله بن الزبيرٍ وخلوص الخلافة
عشرة حلقة , وصل فى نهاينها الى ثورة محمد المهدى بالسودان +
وهى أحداث عاصرها جورجى زيدان وشهد اطرافا منها +
ولم يمنعه التاريخ ولا الرواية التاريخية من مواصلة اهتمامهة
بالحشارة الاسلامية وتاريخ الادبٍ العربى + فاصدر فى. سئة ١١٠١
كتايه « تاريخ التمدن الاسلامى » فى خمسة أجزاء ٠ وفى سنة
أضدر. كتابه الكبير « تاريخ آداب اللغة العربية © فى اربعة
سنة ١14 وهو فوق الخمسين بقليل ٠ وهو عمر قصير بالفياس
الى ما خلفه هذا الكاتب العظيم من ثروة فى مختلف ضروب الدراسات
الاسلامية شرقا أو غربا الا وكان لقلمه منه نصسيب ٠ وقد اختص
الجناح الغربى من عالم الاسلام بثلاث روايات اولها « فتاة القيروان »
ثم « فتح الاندلس أو طارق بن زياد » وهى موضوع هذا الحديث +
وآخرا « عبد الرحمن الناصر » وفيه يتناول الفترة الطويلة الى حكم
"الاندلس فيها أعظم من جادت به هذه البلاد من رجال الدولة + وهو
الخليفة العظيم عبد الرحمن بن محمد الناصر لدين الله ( حكم بين
تاريخية تتضمن تاريخ اسبانيا قبيل الفتح الاسلامى ووصف أحواليا
وفتحها على يد طارق بن زياد ومقتل رودريك ملك القوط » +
وعلى الرغم من أن طارق بن زياد هو البطل الذى حملت الرواية
اسمه فانثا ثرى من تتبع احداثها أن البطولة الحقيقية انما هى من
نصيب (( فلورندا )» ابنة الكونت يوليان حاكم سبتة وهى خطيبة
وفاة غيطشة ؛, وتمكن من الصعود الى العرش ٠ وكان الاساقفة م
الدين نصسبوه ملكا خدمة لروما ٠ فقد كان معظم رجال الدين من
القوط واليهود الذين كانوا يعانون من قسوة اضطياد الرومان ثم
المتسامحة ٠ وهذا هو السبب الذى جعل الاساقفة الرومان يتحدون
لعزله او قتله +
أما فلورندا فقد كان ابوها قد بعث بها الى بلاط الملك الجديد
الى القصر الصغير الملحق بقصره + وشرع يعمل على مراودتها عن
الملك والسلطان بعد وفاة ابيه واعتلاء رودربك على العرش ٠ غير أن
الفتاة تقاوم ولتمسك باخلاصها للامبر الشاب + وكان لالفونس عم
انخرط فى سلك رجال الدين هو أوباس ( عباس ) يعمل على اعائة
فيدبر حيلة لهروب الفتاة من قصر الملك ٠ ويقتحم عليه مخدعه وهو
يراود فلورندا فيوبخه على ما ينوى ارتكابه ٠ ويثور غضب رودريكة
لدلك ويعزم على الايقاع باوباس , ويشجعه على ذلك أسقف رومانى
يكن الكراهية والحسد لاوباس يدعى « مرتين » وحيثما يعود ال
حيث ترك فلورندا يتبين انها استطاعت الهرب:من القهر ٠ ويقبض
الملك على أوباس عم الفونس ويقدم للمحاكمة آمام مجمع كنسى بتهمة
التحريض على الثورة ضد الملك٠على أن أوباس يواجه الملك بالتعزيض
بما كان يهم من جريمة انتهاك عرض الفتاة التى آواها فى قصره +
ويرى مرتين مستشار رودريك ان ينهى جلسة المحاكمة حتى لايكشف
اوباس عن مزيد من التفاصيل ؛ ويؤجل المحاكمة الى جلسة اخرى »
ويامر بايداع اوباس فى السجن حتى تعقد تلك الجلسة ٠٠
اما الفونس فيعمل الملك علابعاده عن طليطلة +ويبعث اليه بكتاب
ويصدع الفونس بالامر ويرافقه فى هذه الرحلة يعوب وهو خادم
ومستشار ثقة لعمه الاسقف اوباس ٠ وفى أثثاء الرحلة يطلمالفونس
على ما يعانيه عامة الشعب من الظلم والاضطهاد على أيدى رجال املك
رودريك؛ كما يتبين له جو التذمر الذى يعيشه الارقاء والمستضعفون
الى اجنماع غريب فى قبو تحت الارض مع قوم ملثمين ؛ واذا به
يكتشف أن المجتمعين فى ذلك القبى من اليهود الذدين كانوا ,يتآمرون
زعماء الطائفة اليهودية تظاهر بالثصرانية والتحق بخدمة اوباس حتى
يدبر أمر الثورة ٠ وفى الثاء الاجتماع يقدم تاجر يهودى يدعي سليمانٌ