عقول المستقبل
يروق له. وحقق الإنسان تلك السيطرة خلال فترة وجيزة جدا من الزمن.
فلقد اكتشفت عظام متحجرة للإنسان البدائي يرجع تاريخها إلى مائة الف
التسجيلات المكتوبة للأحداث التاريخية فلا يرجع تاريخها إلى أكثر من
فستجد أن هذا الأمر الأخير يستفرق وقتا الول بكثير, إذايضل إلى ما
يقرب من مليون عام. وأما الإنسان فقد استفرق أقل من واحد على مائة
من ذلك الزمن ليرتقي من مجرد كاتب بدائي ومسجل لخبراته إلى السيطرة
على كافة أشكال الحياة الحية على الأرض. بل انه بدأ في الخروج إلى
سيحقق تمام استغماره والسيطزة عليه في وقت قريب
فإذا كان بإمكان الإنسان أن يرتقي وينمو بهنه السرعة ويذغب إلى هذا
المدى البعيد في مثل هذا الوقت القصير
إليه في المستقبل ؟
من المؤكد أن المستقبل يخ له إنجازات أخاذة ولكن أهمها سيتملق
يستفيد منها الآخرون. فهنه القدرة الفريد تسمى الترميز ممنتضناوظارق
وبها تكون الكلمات المكتوبة رموزا للأفكار. وهذه الرموز نفسها يمكن
استخدامها لتوضيح الأفكار بل وللوصول بسرعة اكبر فاكر إلى أفكار اكثر
الإنسان على غيره من الكائنات الحية. فقد أحرز قصب السبق في
قدرة عقله على التعامل بالرموز. وبالمزج بينها وبين الخيال يستطيع الإنسان
أن يخطط للمستقبل عن طريق إدراكه الواقعي لنتائج حدث معين مختار
من بين عدد من البدائل والاحتمالات. ويمكنه بعد النظر هذا من تجنب
الكوارث كما يمكنه من أن يكسب مزيدا من وقت الفراغ والراحة. وهكذا
فلكي نمرف ما يخبّه المستقبل للإنسان من الضروري أن تكتشف بأي
سرعة وإلى أي مدى يمكن لعملياته العقلية أن تتطورء ومن الضروري أن
نحدد شكل العقول المقبلة. إن هذا الشكل هو الذي سيحدد مستقبل الإنسان
أي مدى لن يستطيع الوصول
الثورة العقليه
مظما أتى له قبل ذلك بالسيطرة على الأرض والوصول إلى القمر والعودة
ولقد أجاب دارون منذ حوالي مائة سنة على السؤال: كيف تأتى للإنسان
لتي يفكر بها اليوم ؟ بنظريته عن التطور. فقد بين كيف
يمكن لنوع من الأنواع أن يتطور إلى نوع آخر عن طريق عملية الانتخاب
الطبيمي؛ فكل جيل جديد من نوع ما يشمل صغارا يختلفون عن آبائهم في
عدة وجوه. وتنشاً هذه الاختلافات عن أخطاء متنوعة في عملية انتة
الوراثة. وقد تكون بعض هذه التفييرات ذات آثر ضار على الكائن. بينما قد
يمكنه بعضها الآخر من أن يستمر في حياته بشكل أفضل من زملاثه بل
ومن آبائه. ومثل هذه التنويعات تكون لها قيمة خاصة في بيئة متغيرة لا
تثبت على حال. إذ أن لحيوانات التي تمتلكها ستكون هي التي تتحمل
منافسات الحياة العتيفة وتنقل إلى أبنائها بالتالي صفاتها الجديدة الأكثر
ملاءمة وكفاءة. وسيتعرض هؤلاء الصفار بدورهم على الأرجح, لطفرات
معينة ستساعدهم على أن يستمروا في حياتهم بشكل أفضل.
إن النوع لا يمكن أن يفير طبيعته خلال أجيال قليلة. إذ أن تعديل النوع
هو عملية بطيئة جداء ففي حالة الثدييات مثلا يستدعي الأمر مليون سنة
لتفسير ظهور التنوع الهائل في الحيوانات والنباتات الموجودة حاليا على
سطح الأرض من عدد مخدود من الأجداد البدائية التي كانت تميش مت
أكثر من ثلاثة آلاف مليون عام. ولقد زودنا دارون ومن أتى بعده من العلماء
بمعظم تفاصيل شجرة النسب هذه من سجلات الحفريات المتحجرة. ومن
الإنصاف أن نقول إن صورة التطور قد اكتملت الآن تقريبا ولو انه لا تزال
توجد بعض الثفرات الطفيفة التي تنتظر الملا
فإذا لم يكن من الممكن تتبع تطور الإنسان إلى أن بلغ حالته الراهنة بكل
حوالي خمسمائة مليون سنة. وكان من بين ذريتها الزواحف التي ظهرت
لمدة خيالية هي ماثة مليون سنة. وكانت الزواحف تشمل من بين أتواعها
عقول المستقبل
العديدة أضخم حيوان عرف على الإطلاق وهو الديتاصور. وكما هي الحال
عسبية بالمشلات واعشاء الجسم الحسية غير ان شغ الولحف لم يكن
للتجازب مع الظروف المتفيرة على الأرض قرب تهاية الحقبة الوسخلى
من الحياة على سطح الأرض؛ آي منذ حوالي ستين مليون ستة. ومن الجائز
أن انخفاض درجة الحرارة على سطح الأرض في ذلك الوقت قد أدى إلى
الزواحف. واغلب الظن أن السبب في ذلك هو أن الثدييات كانت أفضل
فقد كان لديها جهاز داخلي لتنظيم الحرارة يسمح بأن يظل جهازها
أفضل حرارة ملائمة. والواقع أن منظم الحرارة هذا (الترموستات) موجود
ي؛ ولكن رغم ذلك متظم الحرارة أن لديه من
القدرة الفائقة على الاستمرار في الحياة ما أتاح للإنسان وغيره من الشدييات
أن يحل في السيطرة محل الزواحف. فقد استطاع الإنسان دائما أن يجعل
منظم الحرارة يحتفظ بحرارته الداخلية ملائمة لكي تتفرغ بقية مخه
للتركيز على المهام الشاقة الأخرى مثل كسب العيش أو حتى مجرد البقاء
وقد اتسم بناؤها بخطين أحدهما هو وجود هيكل خارجي مما عاقها عن
تطوير حجمها. والثاني أن لها عددا من الأمخاخ الموضعية المسماة بالعقد
العصبية وليس لها مخ موحد . وهذه العقد هي مجموعات من الأعصاب
وهي كافية للسيطرة الموضعية. إلا أنها لا تسمح للحشرة بوجود وحدة
الثورة العقليه
مخ واحد ريما لم يكن الإنسان قد ظهر على المسرح على الإطلاق ولكانت
قصة التطور أصبحت مختلفة جد الاختلاف. ولكن الذي حدث أن الحشرات
أن يبسط سيطرته وسلطائه. ولكننا لم نتتبع بعد بالتفصيل تطور قوة ذكائه
إليه الإنسان هو والقردة العليا والليمور والقرود قد انحدر منذ حوالي
سبمين مليون سنة عن جد كان يميش على الأشجار التي مازالت توجد حتى
اليوم في غابات إندونيسيا . وغالبا ما كان هذا الحيوان الصفير يتسلق
الأشجار ليحتمي من غيره من الثدبيات ذوات الأظلاف والحوافر والقرون
أو الأتياب التي تجمل منه فريسة لغذائها . ومن طريق عمليه الانتخاب
الطبيمي كان لأ بد من أن تتمو لديه حاسة إبصار قوية حتى يستطيع القفز
من غصن لغصن في أعالي الأشجار. وكان إبصاره في البدء متوازيا أي
الليمور: ولكنه استطاع في النهاية أن ينمي لديه رؤية مجسمة ثلاثية الأبعاد
ذات كفاءة حيث تتم المطابقة بين الصورتين اللتين تحصل عليهما الميتان.
وهو على قم الأشجار التي تضيتها أشمة الشمس أو استجابة ابطأ من
اللازم كفيلة بأن تورده حتفه. ولقد استمرت هذه الطريقة تحفظ له حياته
مخلوقات أشبه بالقردة العليا تعيش على الأشجار, ذات إبصار حاد وقدرة
متطورة جدا على الإمساك بالأشياء بيد ذات خمس أصابع. وحدث تطور
هام آخر في نفس الوقت: قمنذ حوالي عشرة ملايين سنة نزل الإنسان من
عقول المستقبل
الأشجار إلى السهول المكشوفة وبدأ في الوقوف منتصب القامة. ولكي
يتمكن من البقاء في مواجهة الأظلاف والقرون والأنياب المحدقة به من
كانت قاسية جدا حيث كانت حيوانات تلك الأيام الأشد وحشية والأثقل
هذا بالتأكيد صراعا من أجل بقاء الأصلح. وهكذا صار الإنسان في طريق
النمو إلى ما يقرب من مليون عام مضى, وكان لا يزال عندئذ أقرب في
حجمه نصف حجم مخ الإنسان الحالي. وفجأة وخلال ما يقرب من مليون
الارتقاء. وسببه غير مفهوم كما ينبغي . ولكن لا شك هنالك في أن الزيادة
في وزن المخ من رطل ونصف تقريبا إلى ثلاثة أرطال عند الإنسان الحديث
إنما حدثت خلال عملية بقاء للأصلح في مجتمع تسوده المنافسة التي لا
هوادة فيياء
نصف المليون سنة الأخيزة تميزت بتكون صفائح عظيمة من الجليد في
المناطق الشمالية لأوروبا وأمريكا الشمالية. ولقد تحركت تلك الصفائح
لذلك مكره وسعة حيلته. وريما كان هذا هو السبب في زيادة حجم المخ عند
أجداد الإنسان. فلا شك أن تلك الزيادة هي التي ساعدت الإنسان البدائي
الوقت استخدم الإنسان الحجر الصوان والعظام كأدوات. كما كان لديه
حس فنيء فكان يحقر وينحت تماثيل من العظام ويلون جدزان الكهوف
الكهوف التي تصور أساليب الصيد؛ واللحظات الحاسمة في القتص
الثورة العقليه
سحرية. وتوجد رسومات عديدة جميلة ودقيقة جدا للحيواتات المتوحشة
في تلك الأيام كالثور البري والحصان المتوحش والماموث والرنة وبقر الوحش.
وغالبا ما تظهر صور تلك الحيرانات وقد اخترقتها الرماح والسهام. وأغلب
الظن أن هذه الرسوم كانت تستخدم كطقوس أو شمائر اعتقد الإنسان أنها
تؤدي إلى ضمان نجاحه في الصيد . فكما يفعل الإنسان برسمها سيفعل
نفس الشيء بصيدها. وهذا شكل متقدم جدا من الرمزية ما زال يوجد
حتى اليوم في بعض الطقوس السحرية وما يشابهها في مختلف أتحاء
وزادت سرعة تقدم حضارة الإنسان بعد ذلك. فمنذ ستة آلاف سنة
بعد ذلك بحوالي ألف عام؛ وكان استخدام الحديد قد بدا قبله بحوالي
ثلاثة آلاف عام . وتغلم الإنسان أن يشتفل بمواد متنوعة وأن يستزرع النباتات
ويربي الحيوانات لمنفعته الخاصة. وفضلا عن ذلك تعلم كيف يكتب وكان
ذلك متذ خمسبة آلاف ستة؛ ولقد كانت هذه القدرة على وجه التحديد هي
من خبرات أوسع بكثير مما يتاح لفرد واحد خلال حياة واحدة. وأدى
مكن الإنسان من التحكم والسيطرة على الأرض+
وصل الإنسان إلى مركز السيادة ؟ والإجابة هي لقد وصل إلى ذلك بعملية
الانتخاب الطبيعي: فهو النوع الأكثر لياقة للبقاء في مواجهة المنافسة الحادة
التي واجهها خلال المليون سنة الأخيرة. فلديه منظم حرارة كف»ء داخل
مخه سمح لبقية المخ أن ينمو بحرية والى مدى أبعد بكثير مما يستطيعة
أقرب أقربائه في شجرة التطور. وكان لا بد من هذا النمو ليتمكن من
البقاء في ظل تلك الظروف القاسية. وخلال تلك العملية نمت لديه القدرة
وتستطيع استخدام هذا التفسير لتفوق الإنسان الحالي لنتنباً بكيفية
تطوره في المستقبل؛ ولو أن هذه العملية ستكون أشبه بمحاولة استشفاف
عقول المستقبل
بمئات الآلاف من السنين إن لم تزد . والتتبؤ على مدى طويل كهذا مسألة لا
الماثة أو قل الثلاث
ستة القادمة. ولا يبدو أنه من المستطاع استخدام ما
عرفناه عن تاريخنا التطوري على مدى المليون سنة الأخيرة لنتنباً بكيفية
التطور على مدى فترة قصيرة من الزمن كهذه. على أن الأمرلا يبدو
أن الإنسان كان لا يزال
على غيره من الحيواثات أو على بني جنسه؛ إنما تتقدم عن طريق ازدياد
تستخدم هي تكتها لتوطير مزيد من الأمان وكذلك للحسبول على مؤي م
العلومات. ولقد رآيْنا كيف أن هذا الفهم للبيئة قد تقدم بسرعة بفضل
الترميز لدى الإنسان. فقد وصل الإنسان إلى هذا الفهم قبل كل شيء-
بواسطة تطويره للغة المكتوبة بحيث تمكن من تسجيل ممرفته والإضافة
لها على م المنقين وتمكن خيرة من البشبر آن زتعلموها "من ريق ,هته
أن يسيطر, وكان المنهج العلمي الذي استقز مت أربعمائة سنة فحسب هو
الآلية, تلك التي أنتجت السيارة والطائرة والتلفزيون والقنبلة الهيدروجينية
وتلوث البيئة والوصول إلى القمر. ويبدو آنه من الضروري لتصور ما سيكون
عليه مستقبل الإنسان بعد ثلاثين أو ماثة ستة من الآن أن تدرس هذه الثو
الآلية ونستقرئ منها إلى هذا المدى البعيد . ويبدو أن شكل عقول المستقبل
الثورة العقليه
على هذا النهج فكل ما تستطيع التنبؤ به هو آلات اكبر وأحسن
البقاء.بل ويمني أيضا نسيان أن الإنسان قد امنتيدل بني جنسه بمتافسية
من الشبيات. فالتنافس على البقاء ما زال على أشده ولكنه أصبح لا يعني
في ايامنا هذه أن البقاء للأصلح بل أصبيح يعتي أن البقاء للأنجح. فضي
الصراع من أجل السيطرة سيفرض الأصلح الأنماط الثقافية التي ستصوغ
الدرس الذي تلقيناه من ماض الإنسان التطوري فسنعرف أن الناجحين
سيكونون هم الأكثر ذكاء. ولكننا تعرف الآن أن التفيرات في تطور الذكاء
لن تستفرق مليون عام لتحقق نجاح الأصلع, إذ ستحدث على مدى زمني
أن نجاح الأصلح سيحققه هؤلاء الذين يستطيعون تطويع المنهج الملمي
للسيطرة على عقولهم (او على الآخرين) وخاصة لتحسين ذكائهم هم
وإذا تحقق فهم عميق وسيطرة على العقل الإنساني في القريب العاجل
ننظر في الكرة البلورية لشرى صورا وردية (أو قائمة) علينا أن تنظر حولت
لنرى ما إذا كانت هناك ثورة على الأبواب في فهم عقل الإنسان وهل بدت
والحق أن الثورة المقلية قد بدأت بالفعل, لقد بدات متذ حوالي ماثة
أشاءها. فقد حدث التطور الثوري الحقيقي في فهم الإنسان لعقله خلال
عشرات الستين الأخيرة فقطل. وييدو تنا في خضم الثوزة العقلية وأن
ميلاد أساليب فعالة للتحكم في سلوك الإنسان ومشاعره وذكائه. شكل
نواحي سلوكه وعملياته الفكزية يمكن الآن التحكم فيهاء بشكل عام وأحيانا
عقول المستقبل
والاعتقاد السائد أن العقل ليست له صفات مادية. ويمرف قاموس
اوكسفورد العقل بأنه «الموضوع غير المحسوس للملكات النفسية؛ أو الروح
العمليات العقلية في عالم عقلي يعتبر متفصلا عن العالم المادي لأجسامناء
النهج العلمي 8 اتنا تستطيع استخدام آساليب منادية فشتكم هيما هو غير
للثورة العقلية هي أن ذلك التحكم أصبح
ممكنا. لقد تم التوصل إلى ذلك عن طريق فهم أفضل للعمليات المادية ١!
تجري في المخ متأنية مع مختلف الحالات المقلية. وعن طريق الدراسة
الوصول إلى التحكم في الحالات العقلية غير الملموسة.
وهذه نتيجة ملفتة للنظر ولو أنه يبدو أن هناك حالات عقلية قليلة لا
جسم الإنسان. ولكن توجد الآن أدلة كافية حصل عليها البحث العلمي تبن
بل وتشير هذه الأدلة إلى ما هو أبعد من ذلك, فالمقل مستقر كافة الحالات
العقلية.يكاد يكون في الحقيقة وجها لا حول له ولا قوة من وجوه النشاط
المادي للمخ. فتحن نستطيع الآن التحكم في الكثير من الحالات العقلي
تحكما تاما تقريبا بوسائل مادية إلا أن سلطان هذه الوسائل لا يزال في
السهر جا
إلا أن هذا لا يمني أن العقل لا يوجد أو آته طرد وأبعد: قهذه فكرة
أن وجود العقل والحالات المقلية هو إحدى حقائق الحياة؛ بل لقد
اعتبر حقيقة الحقائق كلها وعبر عنها الفياسوف الفرنسي ديكارت ابلغ
تعبير حين قال «أنا أفكر إذن أنا موجوده. ولكن ما تفعله الثورة العقلية هو
مادي. إن إحدى النتائج .١