والحديث والفقه؛ فهو من هذا الجانب أشبه بالعمل الموسوعي الذي يستقراً الربا
في كل أصوله وفروعه بأسلوب فقهي مقارن؛ فقد أردت؛ وقد لمست تفرّق أحكام
ومسائل الريا وصعوبتهاء لا سيما في بطون كتب الفقه؛ أن ألم شعت هذه
المسائل والأحكام » وأردها إلى أصولها الضابطة؛ وأبسّطها بالقدر الكافي؛ وأن
كما يتناول الكتاب بالدراسة التطبيقات المعاصرة لمسائل الربا في كل باب من
أبواب الفقه؛ لا سيما وأن اللغط والاشتباه قد كثر في جانب كبير منهاء مييّناً في
والكتاب في الأصل أطروحة دكتوراه تقدمت بها إلى كلية الشريعة من جامعة
دمشق قبل نحو عامين» ونالت بفضل الله تعالى درجة الامتياز.
وأسأل الله تعالى أن أكون قد أسهمت بشيء في سبيل تيسير وتأصيل الفقه
المالي» الذي هو أساس علم الاقتصاد الإسلامي» المحورٍ الأساسي من المحاور
المطلوبة لإقامة الدولة الإسلامية الحاكمة بشرعة الله تعالى؛ والله تعالى من وراء
عبد العظيم جلال ابوزيد
حلب 5؟شوال /474 اه
الموافق ٠4 كانون الأول/ 1007م
فقهلربا
منهج البحث في كتاب , فقه الربا »
يعالج الكتاب قضية الربا بمختلف جوانبهاء فيذكر بادئ ذي بدء نبذة عن موقف
الأمم السالفة من غير المسلمين من الربا؛ وكذا موقف قطبي الاقتصاد الوضعي
المعاصر الرأسمالي والاشتراكي.
ثم يتحدث عن مختلف الآثار الناجمة عن التعامل بالربا» وهي آثار واقعية
ملموسة؛ محاورها الاقتصاد والسياسة والاجتماع؛ وكل ذلك تمهيد بين يدي
البحث المقصود» وهو الربا في الفقه الإسلامي. والبداية هي بتعريف الربا وتعداد
أنواعه؛ وبيان تحريمه وعقوبته؛ من حيث هو أصل مجمع على تحريمه؛ بقطع
النظر عن مسائله واختلاف القول فيها.
ولما كان الكتاب والسنة أصل كل فقه وحكم شرعي» فقد تيت نصوص الريا
فيهماء واستقصيت ما يمكن أن تدل عليه هذه النصوص من أحكام في الربا فيما
بدا لي» وأوضحت وجه الدلالة تلك» ليكون في ذلك بين لصلة فروع الفقهاء في
الربا بأدلتها من مصادر الشريعة؛ وعون لي على الترجيح بين أقوال الفقهاء» بل
وفي اختياري لما لم يختاروه أحياناً. واستعنت في تفسير تلك النصوص بأقوال
وبعد ذلك كان الشروع في علة الربا بنوعيه الفضل والنسيئة؛ ولا تجهل أهمية
بأحكام وشروط خاصة لتنأى بها عن الرباء وقد تم التعرض قبلاً لتلك الشروط التي
منها ما يتعلق بالعاقدين ومنها ما يتعلق بالمحل.
وقد كانت دراسة العلة مستقصية لعلة كل مذهب فقهي» وأهم ما في ذلك
الطريقة التي استنبط بها تلك العلة ودليله ثم مناقشات المذاهب لعلل كل » بدفاع
كل مذهب عن علته وبيان مثالب علة المذهب الآخر.
تحقق مقصد تحريمه؛ مستفيداً من دارستي السابقة لنصوص الكتاب والسنة؛ ومن
الحاصلة في الأموال الربوية عن بعض في الأحكام المرتبطة بالفضل والنسيئة.
ولما كان تحقيق التمائل فيا يشترط فيه من بيوع الأموال الربوية بعد تحديدما
بالعلة الأمرّ الذي يستدعي التفصيل» وكان الخلاف بين الفقهاء في كثير من
المسائل التي ترتبط بهذا الجانب» فقد فصلت القول في كل ذلك. وكذا كان حال
التقابض الذي هو شرط أصيل في بيوع الأموال الربوية؛ مفرّعاً عن ذلك مسائل
الصرف؛ وخصوصاً المعاصر منهاء شاملاً في ذلك حكم الأوارق النقدية
المتداولة في أيامناء
وبعد الفراغ من الأحكام الأساسية الضابطة للرباء انتقلت بالحديث إلى
استقراء المسائل الربوية (أي كل معاملة منعت وعلل منعها بالريا) في شتى أبواب
الفقه؛ وكان الباب الأول من أبواب الفقه باب القرض ذا الصلة الوثقى بالرباء
فتتبعت في هذا الباب ما كان ذا صلة منه بالرباء ثم استنبطت مسائل الربا في باب
الصلح؛ ثم في بيوع الدين؛ ثم في باب الكفالة؛ مركزاً على التطبيقات المعاصرة
المصارف للبحث» فناقشتها بيت عورهاء ورددت عليها؛ وأدرجت في ذلك شبه
اعتمدها الفقهاء فأورث ذلك اختلافهم في تلك البيوع؛ فكان الحديث بعد في
تلك الأصول والترجيح فيها. ثم ختمت البحث بالتعرض لأهم مسألتين معاصرتين
وقد كان مني في سبيل استقرائي لمساثل الربا في كتب الفقه أن قمت بقراءة أشهر
ِ 1 الربا ومسائله؛ ثم عملت على لمّ المسائل المتفرقة ما
أمكنني ذلك في عناوين ضابطة تجمع شملها بعد شرحها وتبسيطها؛ وذلك ليكون
فإن التطبيقات المعاصرة في كل بحث هي الثمرة العملية منه.
وقد اقتصرت حين نقل أقوال الفقهاء على المذاهب الأربعة في الغالب؛ لكني
كثيراً ما تعرضت لأقوال الفقهاء من غير المذاهب الأربعة؛ ولم يخل عملي في كل
ذلك من ترجيح وموازنة بين الأقوال» آخذاً بالاعتبار قوة الدليل ومتاسبة القول
لواقعنا الحياتي.
كما إني قد قابلت في محال كثيرة بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي»
الصلة بالموضوع.
على التخريج من صحيحي البخاري ومسلم إن كان الحديث متفقاً عليه. كما إني
قد ترجمت للأعلام في الكتاب؛ وعقدت فهارس شملت الآيات والأحاديث
والآثار والأشعار الواردة؛ وترجمة الأعلام» ثم صنعت فهرساً عاماً لكل ما تقدم.
الباب الأول
مبادئ الربا ونصوص الشريعة فيه
ويتضمن هذا الباب ثلاثة فصول:
الفصل لأول ( تمهيدي): توطثة في الربا
الفصل الثاني: تعريف الربا وانواعه وتحريمه
الفصل الثالث: دراسة نصوص الكتاب والسنة في الربا
الفصل التمهيدي
توطئة في الربا
المبحث الأول: من قضايا التطور التاريخي لذربا
المبحث قفلثاني:آثارلربا
المبحث الأول:
من قضايا التطور التاريخي للربا:
الربا عند الإغريق؛
اشتهر عن عمالقة فلاسفة الإغريق معاداتهم للرباء فارسطو”'" كان يبغفض
ما لا ينبغي أن يكون؛ لأن غرض النقد الأساسي هو تسهيل المبادلات. وهذه
سابقة تحسب لأرسطو» حيث استطاع أن يحدد وظيفة النقد الأساسية؛ ودعا إلى
عقيم لا يلد).
(الجمهورية الفاضلة)؛ إذ رأى أن ما في الفائدة من استغلال لا يتناسب والقوانين
)١( أرسطو طاليس الفيلسوف الإغريقي؛ ولد سنة 3184.م» يسمى بالمعلم الأول؛ نقلت كتبه
كتبه التي بلغت العشرين أربعة أقسام: المنطق والطبيعيات والإلهيات والأخلاق؛ مات
سنة 77اق.م.دائرة المعارف الإسلامية: /١ 117 وما بعدها؛ موسوعة أعلام الفلسفة:
() أفلاطون: الفيلسوف الإغريقي المشهور» ولد سنة 478ق.م؛ أستاذ أرسطوء له الكتاب
وصية أفلاطون لتلميذه أرسطو؛ مات سنة 48 اق.م. دائرة المعارف الإسلامية: ؟/ 417 وما
بعدها ؛ موسوعة أعلام الفلسفة: 5/١
ف فقهالربا
وبالمقابل؛ فقد وُجد فلاسفة يونانيون انتصروا للفائدة ودافعوا عنهاء ومن
أولئك ديموستن!"؛ فقد رأى أن المقترض في موقع القوة؛ إذ يأخذ المال
ويتصرف فيه كما يشاءء بينما المقرض في موقع الضعف» إذ لا ينال في المقابل
إلا ورقة صغيرة عليها وعد بالوعد.
وجد الربا في أرض الإغريق» فعرفت قروضاً ربوية مختلفة؛ منها القروض البرية
والقروض البحرية؛ وكانت الأخيرة أمكنّ في الخطر من الأولى؛ إذهي معرضة
لخطر عجز المدين عن السداد؛ فضلاً عن أخطار ركوبه البح ر؛ فلذا كانت الفوائد
عليها أكبر» فقد كانت بين (*7و18/) تبعاً للمخاطر التي تتفاوت بحسب ذمة
المقترض؛ ووجهة المركب» ومدة الرحلة البحرية؛ والوضع الاقتصادي السائد؛
بينما كانت فوائد القروض البرية بين (17و718).
كما عرف الإغريق ومارسوا الفوائد المركبة المفروضة حال تأخر المدين في
السداد؛ وكذا اقتطاع مبلغ الفائدة سلفاً؛ فإذا أقرض مائة بعشرين فائدة؛ اققطع
المصارف في أيامنا!".
ت له في ذمة المدين ماثة. وهو ما تقوم به
الربا عند الرومان:
عرف الرومان الربا شأن سائر الأمم ومارسوه رغم أن الإمبراطورية الرومانية قد
منعت التعامل بالرياء إذلم يلبث هذا المتع أن رضخ لسلطان الأقوياء وذوي
النفوذ؛ فقد استغل هؤلاء حاجة الناس التي نمت بتأثير الحروب وفرض الضرائب
)١( ديموستين أو ديموستينس: سياسي وخطيب + ولد سنة 184ق.م؛ تقلم المقاومة ضد
فيلبس المقدوني والإسكندر. مات سنة 17ق.م. المنجد: 147
() مصرف التنمية الإسلامي للدكتور رفيق يونس المصري » ص *44...4 + الريا والفائدة
لعبد الرحمن يسري أحمد: ص 14
على الشعب. ووصل الربا إلى نسب كبيرة؛ مما أورث الفساد في الإمبراطورية
الرومانية على نحو لم تعرفه أمم الجوار؛ حيث اضطر الفقراء إلى الاقتراض
الدين؛ مما ألجأ بعض رجال الدولة إلى فرض حدود عليا للفائدة. ومنع الفوائد
المركبة؛ ومعاقبة المرابين الذين لم يرضخوا لتلك القوانين» ويذكر في هذا الصدد
أن جستنيان'" قد جعل الحد الأقصى للفائدة 0/117
الربا عند اليهود:
يقول الله تعالى : فعا
كير 2 5 © تَأنْدِيمٌ
استحلالهم بألوان من الشبه وأصناف من الحيل كما ذكر ابن كثير"".
وإذا ما أردنا أن نبحث في مفهوم الربا عند اليهود» وجدنا أن المقصود به
الزيادة عندهم» فهو فيما بين أيديهم الآن من كتب يقدسونها : حرامٌ من اليهودي
وحلال من غيره؛ ففي داثرة المعارف الكتابية: (منعت الشريعة - أي اليهودية - بني
)١( جستنيان (الأول)؛ ولد بمقدونيا سنة 48م» إمبراطور بيزنطة (الإمبراطورية الرومانية
الشرقية)؛ ومدونته أو قانونه هي مجموعة من القوانين المدنية أمر عشرة من رجال الدين
() موسوعة الاقتصاد الإسلامي؛ محمد الجمال» ص 3877؛ مصرف التنمية الإسلامي
للدكتور رفيق يونس المصري ص 47...48
(ه) دائرة المعارف الكتابية؛+
: الرباء ص :4/نت لت 3