ما مغزى هذه التيارات الثلاثة ؟
مغزى التيار التتارى تدعيم التخلف الحضارى للعالم العربى. ومغفزى التيار
اللاثورى عبثية أية محاولة لتغيير الواقع الاجتماعى. ومغزى التيار اللاعلمانى إسقاط
دعوى منظمة التحرير الفلسطينية الخاصة بإنشاء دولة علمانية فى فلسطين كبديل عن
مواجهة كل من النظامين الرأسمالى والاشتراكى. وصدر كتاب لآية الله خومينى عن
«الحكومة الإسلامية» وهو جملة محاضراته التى ألقاها فى النجف فيما بين 1١ يثاير»
6 فبراير عام .147٠ والكتاب يدور على ثلاث قضايا :
-١ الحاجة إلى ربط السلطة السياسية بالأهداف الإسلامية.
؟- واجب الفقهاء تأسيس الدولة الإسلامية أو ولابة الفقيه.
*- برنامج عملى لتأسيس الدولة الإسلامية.
وهذه القضايا الثلاث تدور بدورها على فكرة محورية هى أن الأمر الإلهى له سلطان
مطلق على جميع الأفراد وعلى الحكومة الإسلامية. وأن الفقيه العادل من واجبه
استعمال المؤسسات الحكومية لتنفيذ شريعة الله لتأسيس النظام الإسلامى العادل. ذلك
أنها (أى الشريعة) هى الحاكم الحقيقى. ويخلص خومينى من هذه الفكرة المحورية إلى
أن فصل الدين عن الحكومة؛ وح الدين بنسق من العيادات والشعائر أمر غريب على
روح الإسلام وتعاليمه. فالإسلام شريعة إلهية يلزم تجسيدها فى صورة دولة؛ ومن ثم
يلزم بناء حكومة لتنفيذ قوانين هذه الشريعة بطريقة مطلقة.
ثم يتساءل خومينى عن سمات الحاكم المسلم الذى يتولى مسئولية الحكومة
وليس إلى الإرادة الإنسانية. والسمة الثانية : أن هذا الحاكم هو الفقيه العادل. وعند
هذه النقطة ومن هاتين السمتين يمكن القول بأن المطلق متجسد فى الفقيه العادل. ومن
ثم يتطابق المطلق مع النسبى وذلك بإحالة النسبى الى المطلق. أو بالأدق بمطلقة النسبى+
ليست ممكنة من غير حرب ضارية. وقد نظر على شريعاتى لضرورة هذه الحرب فى
التاريخ البشرى. أى قصة الحرب التى اشتعلت منذ بدء الخليقة ومازالت مشتعلة إلى
اليوم. فقد كان الدين هو سلاح كل من هابيل وقابيل. ولهذا السبب فحرب دين ضد
دين هى العامل الثابت فى تاريخ البشرية. وإن شئنا الدقة قلنا إنها حرب الذين
يشركون بالله ضد حرب التوحيد على حد قول شريعاتى. وإذا كانت أسس الإسلام هى
النقية والخضوع للإمام والاستشهاد ؛ فالاستشهاد؛ فى رأى شريعاتى, هر أهمها لأنه
المبدأ الذى يدفع المسلم إلى الحرب من غير تردد. ومن هذه الزاوية فإن المرت لايختار
الشهيد وإما الشهيد هو الذى يختار الموت.
بيد أن تنظير شريعاتى لم يأت من فراغ فقد سبقه تنظير أبى الأعلى المودردى
حاكمها هو الله؛ ومن ثم فالسلطة الحقيقية مختصة بذاته تعالى وحده. ويترتب على
ذلك أن ليس لأحد من دون الله شىء من أمر التشريع. والمسلمون جميعا لايستطيعون
أنها تحكم بما أنزل الله وتنفذ أمره تعالى فى خلقه.
الكهنة تشرع للبشر قانونا من عند نفسها حسب ما شاءت أهواؤها وأغراضها. وتسلط
ألوهيتها على أهل البلاد متسترين وراء القانون الإلهى. أما فى الفيوقراطية الإسلامية
فالذين يقومون بتنفيذ القانون الإلهى فى الأرض لايكون موقفهم إلا كموقف النواب من
الحاكم الحقيقى. ولهذا فإن الاسلام يستعمل لفظة الخلاقة. بممنى أن كل مَنْ قام بالحكم
فى الأرض نحت الدستور الإسلامى يكون خليفة الحاكم الأعلى. ويزيد المردودى الأمر
إيضاحا فيقول إن الديموقراطية العلمانية | عم أنها مؤسسة على سلطة الشعب.
ولكن ليس كل الشعب مشاركا فى التشريع أو إدارة الحكم. ثم إنها فصلت الدين عن
لاتستحق طاعة الناس إلا من
بو لمعتل عقوام فاصم بقممضا رصقلا آم وو5021010 00 , ت1ة01ه56 الم (1)
السياسة بسيب العلمانية. فلم تعد مرتبطة بالأخلاق '"'. وخطأ المردودى هنا هو فى
تصوره أن العلمانية تعنى فصل الدين عن الدولة؛ ذلك أن العلمانية. فى جوهرهاء
التفكير فى الأمور الإنسانية من خلال ماهو نسبى. وليس من خلال ماهو مطلق؛ أى
عدم مطلقة ماهو نسبى . وهذا الخطأ ناشىء أيضا من تصور أن العلمانية مفهوم خاص
إسلامية فى حين أن الحضارة واحدة مع تعدد مستوياتها. ومسارها يتجه من الفكر
الأسطورى إلى الفكر العقلانى. والعلمانية هى المغير إلى العقلانية.
وفى اتجاه المودودى سار سيد قطب بعد انفصاله عن حسن البنا. فالمجتمع, عنده إما
أن يكون مجتمعا جاهليا وإما إسلاميا. الجاهلية هى عبودية الناس للناس بتشريع
أما الإسلام فهو عبودية الناس لله وحده بتلقيهم منه وحده تصوراتهم وعقائدهم
وشرائعهم وقوانينهم وقيمهم وموازينهم والتحرر من عيودية العبيد. والإسلام لا يقيل
أنصاف الحلول مع الجاهلية. فإما إسلام وإما جاهلية. ذلك أن الحق واحد لا يتعدد ؛ وأنه
ويرى سيد قطب من خلال مفهومه للمجتمع الجاهلى أن جميع المجتمعات القائمة
اليوم فى الأرض فعلا تدخل فيه المجتمعات الشيوعية بإلحادها؛ وبإقامة نظام العبودية
فيه للحزب؛ وبإهدار خصائص الإنسان باعتبار أن المطالب الأساسية هى فقط مطالب
الحيوان. وتدخل فيه المجتمعات الوثنية بتقديم الشعائر الدينية لشتى الآلهة والمعيودات
التى تعتقد بألوهيتها؛ وبإقامة شرائع المرجع فيها لغير الله. أى لهيئات علمانية.
وتدخل فيه المجتمعات اليهودية والنصرانية فى أرجاء الأرض جميعا بتصورها
الاعتقادى المحرف بالألوهية بأن يجعل له شركاء فى صورة من صور الشرك. وأخيرا
يدخل فى إطار المجتمع الجاهلى تلك المجتمعات التى تزعم لنفسها أنها مسلمة؛ لأن
ويخلص سيد قطب من كل ذلك الى أن الإسلام إعلان عام لتحرير الإنسان فى
(7) سيد قطب. معالم فى الطريق؛ مص هم - 4
الأرض من العبودية للعباد وذلك بإعلان ألوهية الله وحده للعالمين. بيد أن هذا الإعلان
يدرك طبيعة الإسلام يدرك معها حتمية الانطلاق الحركى للإسلام فى صورة الجهاد
من عصر الإحياء (النهضة) وعصر التنوير. !9
الإسلامية». والذى دفعنى إلى إطلاق هذا المصطلح هو التماثل القائم بينه وبين
لفظ انجيلى مشتق من لفظ آخر هو 7000085308 بمعنى أساس .وأغلب الظن أن الذى
مهد لصك هذا المصطلح سلسلة كتيبات صدرت بين عامى 1804 - 1816 بعنوان
«الأصول» بلغ عددها اثنى عشر كتيبا هاجمت تيار نقد الانجيل وهو تيار يدور على
اعتبار الانجيل تسجيلا لتطور دينى؛ ونقد النظريات العلمية وبالأخص الداروينية.
كانت هذه هى هموم الأصولية المسيحية فى بداية القرن العشرين ثم تطورت فى مواجهة
الثورة البلشفية فارتأت أن المؤسسة الأمريكية جزء من المؤامرة الشيوعية ومن ثم
مصطلح «اليمين الراديكالى» عالم الاجتماع الأمريكى سيمون مارتن لبست عندما فرق
أن أصحاب سياسة الوضع الراهن هم اليمين الراديكالى. والفكرة المحورية لدى هذا
اليمين الراديكالى أن الشيوعية تهدد أمريكا ليس فقط من الخارج بل أيضا من
() سيد قطب. المستقبل لهذا الدين. القاهرة. دار الشروق؛ ط 4 مح ص 89
الداخل. وقد بالغ اليمين الراديكالى فى عدائه للشيوعية إلى الدرجة التى أمتنعت فيها
مجلاته لفترة من الزمن» عن الإشارة إلى إطلاق السوفييت ل «سبوتنك» إلى القمر»
ذلك نشأة تنظيم يؤلف بين الطابعين وهو مايسمى ب «اليمين الجديد». وانجيل اليمينة
عام ١87٠ يعارض فيه عصر التنوير. إذ هو يرى أن الدولة والكنيسة كيان واحد لأن
الدين هو مصدر التشريع, ولهذا فليس من حق أحد أن يغير التشريع «والعدالة أيضا
وينظر كيرك الى بيرك على أن مدرسته هى المدرسة الحقة للفكر المحافظ؛ إذ قد
أوضحت؛ لأول مرة؛ الفارق بين المحافظة والإبداع وانحازت إلى المحافظة دون الإبداع
البشرية؛ وأن الإنسان محكوم بالشهوة أكثر مما هو محكوم بالعقلء وأن الإبداع أقرب
إلى التدمير منه إلى التعمير. ولهذا فإن أعداء المحافظين. فى رأى كيرك. هم فلاسفة
وأقوى أجنحة المحافظين. أو بالأدق اليمينيين الجدد هى حركة «الغالبية الأخلاقية»
الحركة عام 1874 وتضم 0.000 قسيس من بين أربعة ملايين عضو. والغاية من
تأسيس هذه الحركة. فى رأى قولول. العمل من أجل أمريكا وذلك ببناء شبكة دفاع
قوبة وتدعيم دولة إسرائيل لمنع الشيوعيين من السيطرة على العالم (9).
العلم الحديث والمجتمع الحديث. فالعلم الحديث المتمثل فى نظرية دارون علم
يضعف سلطة الإنجيل لأنه إذا لم يكن الله خالقا للعالم فى ستة أيام فسفر التكوين
الضعف العماس البشرى. ومن ثم
البشرية. ولهذا فشعارهم «خلق الله القرية وخلى الإنسان المدبنة». وسبب هذه التفرقة
الأسلوب؛ وهو أسلرب يتميز أشار إليهما
هارفى كوكس فى كتابه «المدينة العلمانية
البرجماتية؛ عنده؛ تعنى اهتمام الإنسان بالمسائل العلمية أو المادية. وبمسار الفكرة
بة؛ أو بمعنى آخر اغتمام الإنسان بما ينتج؛ ومن ثم ابتعاد الاتسان عن
الانشغال بالمسائل الدينية. أما الدنيرية فيقصد بها الأفق الأرضى للإنسان العلمانى؛
فلفظ 11010116 دنيرى مكون من قطعتين 170-172116 ويعنى حرفيا «خارج المعبد»:
الأصولية إذن ضد العلمانية. وإذا كانت العلمانية هى سمة التحديث فالأصولية إذن
التحديث. وقد أوضع عالم الاجتماع الأمريكى بيتر برجر التناقض القائم بين الأصولية
والتحديث؛ إذ هو يرى أن التحديث نوع من الهرطقة؛ وبالأخص فى العالم الغالث؛ لأن
التحديث بهز القيم التقليدية التى تستند إلى القدر. فمنذ قديم الزمان والجنس والتسل
مرتبطان بالقدر. وجاء التحديث فأنكر «القدر» ودعا إلى «الاختيار». وثمة فارق
جوهرى بين القدر والاختيار. فى الحالة الأولى تتسم المؤسسات الاجتماعية بطابع اليقين
قبل التحديث لأن العلاقة بين المجتمع والقدر تبدو كأنها القدر. أما بعد التحديث فليس
سلطة الدين. ويتمثل هذا الضعف فى بزوخ العلمانية التى تضعف من قبضة الدين على
والمسألة بعد ذلك هى البحث عن الطبقة الاجتماعية التى تدخل فى علاقة عضوية
مع الأصولية الدينية. وهو بحث لازم من اللزوم القائم بين الاقتصاد والدين على النحو
يقرر أن التحرر من الاقتصاد التقليدى يسهم فى تقوية التشكك فى التراث الدينى
الروح وليدة البروتستانتية. والبروتستانتية تعنى أن أسلوب الحياة الوحيد والمقبول من
الله يقوم فى تحقيق الالتزامات المفروضة على الإنسان بحكم موقعه فى هذا العالم؛ ولا
يقوم فى تجاوز الاخلاق الدنيوية عبر الزهد الرهبانى. ومعنى ذلك تبرير البروتستانتية
لضرورة النشاط الدنيوى.!*' هذا بالإضافة إلى أن التقدم العلمى قد أسهم فى مساندة
الطبقة البورجوازية الصاعدة فى القرن الثامن عشر. فقد امتدت ميكانيكا نيوتن إلى
جميع مجالات المعرفة الإنسانية مطعمة بالرياضيات الجديدة التى صاغها ليبتتز
وأسهمت فى حل المشكلات الناجمة من الكهرباء والحرارة وتأسست رؤية كونية علمية
كبديل عن الرؤية الكونية الدينية التى هيمنت على فكر العصر الوسيط.
وتأسيسا على هذه العلاقة العضوبة بين البروتستانتية والطبقة الرأسمالية المسعندة
إلى العلم نتساءل عن نوعية الطبقة الملازمة للأصولية الدينية. والجواب عن هذا
التساؤل ليس ممكنا من غير معرفة العلاقة بين الأصولية الدينية والعلم. ودليلنا فى
معرفة هذه العلاقة سيد قطب المنظر الرئيسى للأصولية الإسلامية إذ يقول فى كتابه!١١؟
«المستقبل لهذا الدين» أن عصر الإحياء (النهضة) وعصر التنوير وعصر النهضة
)٠١( سيد قطب؛ المستقبل لهذا الدين. القاهرة. دارا
الانفصال بين التصور الاعتقادى الإلهى ونظام الحياة الاجتماعية وحدث مايسميه سيد
قطب «القصام التكد» ."١١( والقصام مرض عقلى من أهم أعراضه التجول الذهنى فى
عالم الخيال والرهم؛ وعدم الاتساق بين المزاج والفكر؛ واعتقادات باطلة .''"١ ومعنى
ذ نة مريضة بسبب عصر التثوير والثورة الصتاعية ١
الى العلم. فإذا أردنا ثقافة صحية وجب استبعاد التنوير والصناعة والعلم. ولكن هذا
الاستبعاد يلزم منه تحريل مسار الرأسمالية المستندة الى العلم والصناعة الى مسار آخر
ما يُغيب العقل سوى المخدرات فى شتى أنواعها وما يلازمها من تقوية للشهوات
والأهواء. ومن تعامل مع السوق السوداء الأمر الذى أدى إلى بزوغ ظاهرة جديدة هى
مامكن أن يطلق عليها «رجل الشارع المليونير»؛ أى أنه فى إمكان رجل الشارع أن
يارس عملية تراكم رأس المال بلا إنتاج. وتأتى تجارة المخدرات فى مقدمة هذه
(1) المرجع السابقء ص 8
ادى لجاع هروب احد اقطاب تبارة المخدرات فى العالم من سجن «لابيكارنا» فى كولومييا الى توتر العلاات
امتحدة مبلغ 3٠ ٠ الف دولار مقابل أى مملومات تؤدى الى القبض عليه وادائته وقد ثم اطلاق سراح اوشوا الذى مبلغ من
رجدير بالذكر ان اوشوا يجى» فى المركز الشانى بعد بابلو اسكربار «الاب الروحى » لهيئة واتحاد ميدلين» عصبة تجارة
الخدرات ودقرها ثانى اكبر مدن كولومييا وتتحكم فى :.8// من تجارة الكركايون فى العالم. وتصل ثررة ارشوا الشخصية
القضايا المطروحة فى قائمة الحوار الأمريكى السوفيتى. ذلك أن الفرق العسكرية
وفى مصر تلاحمت الرأسمالية الطفيلية المتمثلة فى «شركات توظيف الأموال» وفى
وهى منظمة « أصولية دينية» من مطار هشرو نقطة انطلاق لتهريب الهيروين وبيعه من
أجل تقويل حركة النضال والمعارضة فى سرى لانكا. وتبدأ رحلة الهيروين من بومياى
بتهمة إدخال ٠٠" طن كركايين إلى أمريكا خلال عامى 1874 -188. وكارلوس هو
الرأس المدبر لرابطة ميدلين فى كولومبيا التى تتحكم فى .8/ز من تجارة الكوكايين.
وهو يمتلك جزيرة خاصة فى الباهاما يستغلها كمركز لتصدير الكوكايين. ويمتلك بها
ث إن كلا من الرأسمالية الطفيلية والأصولية الدينية مدمر لحضارة العصره
علاقة يمكن أن يقال عنها إنها تعبير عن «وحدة وصراع الاضداد»
أما بعد - فهذه المقدمة هى افتتاحبة لندوة عن «الدين والاقتصاد » عقدتها فى يوم
فى الصفحات التالية.
-701 4تمععا ما بقاع 7100 فط م1 تف1ام1ا عقا ون00 0:6فنا5 ,810 80580
(17) مجلةالمصور يتاريخ ١484/1/17