مهمة رجال الدين مع الناس فُرادى لا مجتمعين» لان كل إنسان مسئول عن نفسه
«وكل نفس بما كسبت رهينة». أن البناء السياسى الجيد هو الذى يكفل للمواطتين
والمساواة؛ والتفكير بلا عاثق» والتعبير عن أفكارهم بشتى الوسائثل الممكلة» بحيث
لا يجوز على الإطلاق منع الرأى المخالف بالغاً ما بلغ خطؤه فى نظر الآخرين.
باعظم من حقه فى إخراس البشرية» إذا تهيات له القوة التى تمكنه من ذلك . .0906
والنظام الوحيد - فى رأينا - الذى يكفل ذلك كله هو النظام الديمقرا 1
(وإضافة صفة اللمسرالى هامة حتى تُبعد عنها - أى عن الديمقراطية - اللصوص
والخطوة الثالشة : أن نفرق بين الأحلاق والسياسةء فلكل مجاله» ومعناه+
البالغة أن لا نخلط بين هذين المجالين. ولا يعنى ذلك التقليل من أهمية أى متهماء
أو إنكار الاتصال والتعاون بينهما. فتقسيم العمل وتنظيمه» وترتيب الوظائف وبيان
اختصاصهاء وتنسيق الأدوار فى أى ميدان الخ هو سمة من سمات المدنية
الحديثة. فى حين أن الخلط والدمج وعدم التمييز بين الأشياء هو علامة لا تخطىء
)١( جون سيتورات مل «اسس اللبرالية السياسية» ترجمة د. إمام عبد الفتاح إمام وزميله» مكتبة مديولى
عام 1447 ص 116- 01797
المعرفة البشرية عن الفلسفة؛ وتمايز يعضها من بعض» فلم نعد نسمع عن عالم
الفدون. . بل سار التخصص إلى أقصى مداه؛ وأصبح الباحث الجاد هو الذى يفاخر
بان موضوع بحشه يمائل حجم «رأس الدبوس»!"؟. ومن هنا جاء المثل الإنجليزى
يسير التطور الثقافى للإنسان من الدمج والتجانس إلى التمايز والتخصص» فقد
كانت الاخلاق»؛ مع القانون والدين. مدمجة كلها فى كتلة واحدة تمثلها العادات
يتحرك فى شبكة من العادات والتقاليد تبلغ بصرامتها وتفصيلاتها حداً يجاوز
المعقول: فألف تحريم يحدد سلوكه»؛ وألف إرهاب يشل إرادته: «. . فالتقاليد
تتحكم فى كل مظهر من مظاهر حياته. . فتحدد له طريقة الجلوس» والقيام
بذاته فى البيئة الفطرية. .»("؟. ثم حل القانون محل العادات وال قاليد حين حلت
الدولة محل الاسرة والقبيلة والعشيرة؛ والمجتمع القروى وكلها أنظمة. وحين حل
القانون محل التقاليد ظهرت الكتابة!"". ويحدث باستمرار انتخاب طبيعى لألوان
السلوك التى ثبت صلاحيتها فى خبرة المجتمع .
وأثتاء هذا التطور الطويل ظل الخلط بين «الأخلاق والسياسة» قائماً عند كثير
من المفكرين السياسيين» وفى كثير من النظم السياسية فى الحضارات القديمة فى
الشرق القديم. وعند اليونان؛ وعند المسلمين» وطوال العصور الوسطى ... الخ -
]ما نتحدث عن «عالم النبات» مثلاً؛ لكن ذلك على مسبيل اتسهيل؛ لان البحوث فى
بات كغيرها من أفرع العلم الأخرى أصبحت بالغة الدقةء شديدة التخصصص؛ فهناك
رسائل للدكتوراة فى البصل» ودراسات متعمقة فى الذرة؛ وإدخال الهندسة الورائية فى هذا الميدان
وما أدى إليه وتطورات ابلغ دليل على مثل هذا التخصص الدقيق
(7) ول ديورانت قصة الخضارة» المجلد الأول ترجمة د. ركى تجيب محمود م 51 .
(©) المرجع السابق نفسه ص 58 وما يعدما.
ولقد كان الاعت قاد القائم هو أن الحاكم الذى هو رأس الدولة - هو اللموذفج
والقدوة فإذا كان شخصاً «فاضلاً» استطاع أن يخلق «المواطن الفاضل» الذى تتكون
منه «المدينة الفاضلة». ومن هنا انصب الاهتمام فى معظم الفلسفة السياسية القديمة
على تربية «الحاكم الصالح» صاحب الخلق القويم القادر على أن يغرس فى الناس
القيم ومبادىء الأخلاق. مع أن الأاخلاق نتيجة مترتبة على نظام الحكمء؛ لا
المكسء فالاخحلاق القويمة لا توجد إلا فى الشخصية المتكاملة التى تالت جميع
والهتاقات المدوية التى تشق عنان السماء لتفتدى الحاكم «بالروح والدم» ثم يفرون
ولقد قَسّمنا الكتاب إلى ثمانية أيواب تسبقها مقدمة وتتتهى يخاتمة جملنا الباب
يوصفه أفضل أنظمة الحكم السياسى قاطبة . أما الفصل الثانى فأدرناه حول مجموعة
من الأفكار المبدثية عن «الحاكم . . والأخلاق»؛ ثم عرضتا فى الفصل الثالث لتحديد
طبيعة التطور الثقافى وعرضنا فى الفصل الأول منه لما أسماه الفيلسوف الإتجليزى
هربرت سبثشر )٠407 - 187 ١( بقانون التطور الذى يسير من العقجانس إلى
التمايزء وعرضنا فى فصول أخرى لنماذج من اندماج الأخلاق» والقانون (السياسة)
والدين فى المجتمعات البدائية. أما الباب الثالث فقد خصصناه للخلط بين الأخلاق
والسياسة فى حضارات الشرق القديم وسقنا مصر والصين كتماذج لهذه الحضارات .
وعرضنا فى الباب الرابع للخلط بين الاخلاق والسياسة فى الفكر اليونانى: عند
)١( حدث ذلك يوم مقثل الرئيس السادات» ويوم الانقلاب ضد عبد الكريم قاسم... الخ قارن فى ثفاق
- 17 من الطبعة الثالثة مكتبة مدبولى بالقاهرة عام 1447» ومقالتنا عن “التفاق الجمعى* فى
أفلاطون وأرسطو. ووقفنا وقفة طويلة فى الباب الخامس عند «الفكر السياسى عند
المسلمين» لأنه يهمنا بصفة خاصة لا فيه من خلط ظاهر بين الاخلاق والسياسة ما
زال يتردد صداه عند الكتّاب المحدثين حتى يومنا الراهن: فعرضنا للفلسفة السياسية
عند ابن أبى الربيع+ والشارابى ومديدته الفاضلة»؛ والماوردى وأحكامه السلطانية +
لكنه لا يصلح قط لبناء الدولة الحديثة التى ننشدها. ثم عرضنا فى الباب السادس
لانفصال الأخلاق والسياسة عند «ماكيافللىا؛ و«توماس هوبز»؛ و«جون لوك» -
وفى الباب السابع عرضنا لنماذج من تجارب الديمقراطية فى الدول المتقدمة بدأنا من
البداية من أعرق الدول الديمرقاطية: إنجلتراء ثم الولايات المتحدة» وفرنسا وأخيراً
هى تجربة الإنسان بما هو إنسان. أما الباب الثامن والأخير فقد عرضنا فيه
ختامية» ناقشنا فيها وجهة نظر قوية تنسف الديمقراطية اللبرالية من أساسها وتسميها
ففى رحلة طويلة وشاقة كهذه؛ وفى دراسة موضوع بالغ التعقيد كالعلافة بين
الأخلاق والسياسة ووضعهما فى النظام السياسى لايد أن تقع الكثير من الاخطاء
فمن يعمل لابد أن يخطىء. والعصمة لله وحده. ولو أردت لكتابى هذا الكمال ما
راسخا لا يتزعزع أن تردى الأوضاع العربية يعود بالدرجة الأولى للنظام السياسى
والحق أن الأمر يحتاج إلى تضافر جهود المفكرين والمثقفين العرب لدراسة هذا
إمام عبد المتاح إمام
« إنتا ل* نتتاقش موضوعاًهيتاء إنتا تناقش :؛ كيف
يتبغي أن يعيش الإنسان ...1
أفلاطون: «محاورة الجمهورية 07 66
كان تواس جيفرسون 1056:5008 100705 (1747 - 18176) أول رجل
حديث صاغ مبادىء الديمقراطية فى عبارات ذات صبغة إنسانية؛ واعتبراها: «حقائق
ناسلو يي
وهو يرى أن كل شىء يمكن أن يتغير إلا حقوق الإنسان التى لا يجوز المساس
الذاتى+ فلا يكفى أن نقول أن «الإنسان حر» ونقف عند هذا الحدء وأن نستحج أن
الحقوق فى صورة تصيح «موضوعية»؛ وتتتفى منها الصفة الذاتية فلا يستطيع
أحد أن يقسرها على هواه . ومعنى ذلك أنها لابد أن تلتحم فى نسيج اجتماعى عام
لقد انقبلت «الثورة الفرنسية» العظيمة إلى إرهاب جر رقاب الناس لان القائمين
الخ دون تقنين لها فساد «قانون الاشتباه» كما يقول هيجل بحقء وبدآت المقصلة
)١( جون لوك «الخرية الثقافة» ترجمة أمين مرسى قنديل» مكتبة الانجلو المصرية ص لا؟1 وما بعدهاء
الدماء...! والسبب استخدام مفاهيم أخلاقية فى مجال السياسة الذى ينبغى أن
تسوده القوانين +
سيامسى ضرورة تحتمها ماهية الإنسان وطبيعته. وإذا كان اخلط بين«الأخلاق
والسياسة» إبان الثورة الفرنسية هو الذى أحالها إلى إرهاب - فأن ذلك كله يجمل
لزاماً علينا - فى بحث عن «فلسفة الحكم» أن ندرس أولآذ لم كانت الديمقراطية
بين مجالى الاخلاق والسياسة . وذلك ما قمنا به فى هذا الباب الأول «مناقشات
والمساواة هما عصب الديمقراطية» فقد عرضنا فى «الفصل الاول» نماذج لثلاثة من
الفلاسفة ينظرون إلى الديمقراطية من ثلاث زوايا مختلفة. لكنها تصب كلها فى
بؤرة واحدة هى: حتمية هذا النظام الذى يحقق للإنسان إنسانيته بما يكفله له من
حقوق طبيعية تشكل فى النهاية ماهيته .
ثم عرضنا فى الفصل الثانى لأريع عشرة فكرة مبدئية عن «الحاكم. .
والاخلاق» حاولنا فيها أن نوضح مدى الخلط بين «الأخلاق والسياسة»» أو «الفضيلة
القصوى أن نعيد فيه النظرء بل أن نتخلص منه تماماً.
وحاولنا فى الفصل الثالث «الاخلاق والسياسة» أن تحدد أهم سمات هذين
المجالين فالأخلاق مطلقة وثابتة وداخلية (أى باطنية)... الخ فى حين أن السياسة -
الفصل الأول
الديمقراطية
« النظام الديمةراطي هو النظام الأمثل والأفضل
«جون ديوي 66
أولا: الديمقراطية .. ونهاية التاريخ :
فى عام 1884 نشر «فوكوياماء!'؟» مقالا فى إحدى المجلات الأمريكية!")؛
بعنوان «نهاية التاريخ 08131500177 1508». ثم طور الفكرة التقى عرضها فى هذا المقال
فى كتاب ضخم يحمل العنوان نفسه نشره عام 1487 - ذهب فيه إلى أن إجماعاً
ملحوظا قد ظهر فى السئوات القليلة الماضية فى جميع أنحاء العالم حول شرعية
الديمقراطية اللبرالية كنظام للحكم بعد أن لحقت الهزيمة بالايديولوجيات المنافسة
وآخرها النظام الشيوعى. وأضاف إن هذه الديمقراطية «قد تشكل تقطة النهاية فى
النظام الايدلوجى للإنسان». فتكون بذلك الصورة النهائية لنظام الحكم البشرى.
وبالتالى فهى تمثل «نهاية التاريخ». بمعنى أنه من غير المستطاع أن نجد ما هو أفضل
من الديمقراطية اللبرالية مثلاً أعلى لنظام الحكم!".
ويعتقد «فوكوياما» أننا فى نهاية القرن العشرين» نشهد سقوط الانظمة
الدكتاتورية : -
أ الدكتاتورية السلطوية العسكرية اليمينية من ناحية .
ب - والدكتاتورية الشمولية الشيوعية اليسارية من تاحية أخرى.
فهى كلها تفسح الطريق فى جميع الحالات أمام الديمقراطية اللبرالية المستقرة
مناصب رفيعة فى الإدارة الامريكية» وييدو أنه كان يتطلع إلى أن يصبح «كيسنجر آخخر فى هذه
(©) الواقع ان انهاية التاريخ» ليست فكرة «فوكوياما» وإنما هى تأويل الفيلسوف الفرنى الجنسية الروسى
الأصل «الكسندر كرجييف 160[676 .ْم (14:7 - 1438) لفلسفة هيجل. وقد هرب كرجيف من
«هيجل» ابتداء من عام 1877 . وتركزت محاضراته يعد الجرب حول فكرة «نهاية التشاريخ؟ وت