ديكارت؛ كانت قد قادت التحرر العلمى فى أورباء مثلما قاد الأدب الفرتسى
من ذلك كان ميدانها هو علوم الرياضة والميتافيزيقا واللاهوت. أما الفلسفة
الاجتماعية فلم تستطع أن ترفع سوى صوت خافت إلى آذان عصر من
أوتوقراطية شخصية أو بيروقراطية كالتى بدات فى فرنسا فى عهد هترى الرابع:
ونمت فى عهد ريشيليو ومازاران؛ وبلقت الذروة فى ملكية لويس الرابع عشر.
حقيقة لم تمر الحروب الأهلية الإنجليزية دون أن تلفت إليها الأنظار أيام حرب
الفروندا') ولكن مثل هذا الاهتمام الذى لقيته؛ لم يفد إلا فى أنه أظهر أن الأفكار
السياسية تكون عديمة القوة إلا إذا استجابت لمناسبات سياسية وكانت الاستجابة
إنسان. ولكنه عرش الله ذأته1") من حيث الشكل كآن هذا هو النظرية القديمة
اعتمد على حجة هويز فى أنه لا يمكن وجود مركز ثالث بين الحكم المطلق
والفوضى ومع ذلك, كانت الأعوام الثلاثون الأخيرة من حكم لويس الطويل الأمدء
من حوالى سنة 11/08 حتى وفاته فى ستة 1710, سنوات اتحلال متزايد بعد
من المجد العسكرى الذى سحر فرنسا اقرف لويس خطيئة الفشل
وأشاعت الضرائب الجائزة. والتى تفتقر إلى المساواة. الفقر فى طول البلاد
وعرضها وبرغم ثقل الوطأة على الكنيسة والدولة على حد سواء؛ فإنه باتباع
سنياسة جزويتية تغالى فى الاعتقاد بسيادة الباباء أبعد عنه عطف الكاثوليك
الغاليين كما أن اضطهاد البروتستانت الذى بلغ ذروته بإلغاء مرسوم ثانت؛ لم
يبعث الفزع فحسب فى نفوس جميع الناس من ذوى العقول الكريمة, ولكنه زاد
كثيرًا من إفقار البلاد.
كان تدهو الحكم المطلق سبيا فى أن تحول الفلاسفة الفرنسيون مرة أخرى
فى اتجاه نظرية سياسية واجتماعية. وببداية مشكوك فيها إلى حد ماء فى
السنوات الأخيرة من القرن السابع عشر؛ أخذ الاهتمام بالشئون السياسية ينمو
باطراد شفى التصف الأول من الشرن الثامن عشر. كان هناك إنتاج مذهل من
الكتب فى كل مظاهر الموضوع مؤلفات تاريخية عن الأنظمة الفرنسية القديمة.
ومؤلفات وصفية عن الحكم الأوربى وخاصة حكم إنجلترا. وكتب رحلات تصف
أخلاق الشعوب الأمريكية أو الآسيوية وأنظمتها: مع إشارة ملتوية فى العادة إلى
فرنساء وخطط لإصلاح نظام الضرائب وتحسين الزراعة آو التجارة؛ ونظريات
فلسفية فى الغاية من الحكم وتبريره.
وفيما بين عام +176 والثورة الفرنسية؛ صارت متاقشة أمثال هذه الموضوعات
تستحوذ على الأذان أصبح كل فرع من الأدب . الشعر والمسرحية والرواية - أداة
بل وحتى كتب العلوم ربما كانت تتضمن هى أيضًا أصول فلسفة اجتماعية فشاعر
فى هذا المضطرب من الأفكار المتكررة دون انقطاع مع تطبيقات متباينة:
يضعب إيجاد نسق دون رد الفلسفات إلى صيغ تطمس معناها؛ وتتضاعف
الصعوبة عند تقييم المعتى الجديد الذى كان يضفى باستمرار على الصيغ
فإنها تضمتت القليل مما كان جديدًا. فالغالب آن المناقشة عممت أكثر مما
خلقت. ومن ناحية الأصالة كان القرن الثامن عشر. بالنسبة للفلسفة؛ فى مركز
بالسابع عشر. ومع كل فالفكرة القديمة إذا ما أعيدت فى ثوب
أصبحت على مدار القرن. تميل إلى الغموض, وإلى اتخاذ الخاصية الانتقائية
المميزة للتفكير العام وبرغم أن بديهية الحقوق الطبيمية. كانت تؤكد ويعاد
تأكيدها. إلا أن المذهب العقلى الذى هو أمر جوهرى بالنسبة إلى نظام من المبادئ
البديهية. زاد ابتعادًا باستمرار عن المذهب التجريبى النامى للدراسات الاجتماعية
م تطور الفكر السياسى جء .177
يتطوى عليهاء تكرر تهجينه بتظرية الحقوق الطبيعية؛ برغم ما بين الموقفين من
تنافر منطقى وثمة تنافر أكثر خطورة كان متضمئًا فى نمو الرومانسية الفلسفية
المعادية للمذهب التجريبى العقلى على السواء: وإن ظل يجرى التعبير عنها
بالمصطلحات القديمة. هذا الاتجاه الجديد كآن العامل الأكثر أصالة الذى ظهر
فى فلسفة الفرن الثامن عشر؛ ولكن قوته التمزيقية لم تكن واضحة ثمامًا إلا بعد
ولعله يكون مستحيلا وضع ترتيب مرض تمامًا لهتء المادة المعقدة, ولكن بوجه
بمعزل عن غيرهاء تلك هى شخصية جان جاك روسو لقد شعر هو نفسه بهذه
يملك ضفة واحدة عزلته عن معاصريه؛ وأحدثت فجوة شاثلة بينه وبينهم؛ فقد
بالثامن عشر كانت متصلة بشكل مختلف بكل من الثورة الفرنسية؛ والفترة التى
أعقبت الثورة ومن ثم يبدو من الأفضل إرجاء روسو إلى فصل على حدة؛ حيث
فسيعرض ز؛ ما يعيز الفكر الفرنسى فى عصر ما قبل الثورة هذه الفلسفة
فى أساسها انبعثت من فلسفة لوك؛ ولكتها ابتدعت فوارق هامة تتطلب
استقبال أفكار لوك
لم يكن النقد الموجه إلى حكومة لويس الرابع عش والذى بدا فى نهاية القرن
الفعل من جانب بعض ذوى الضماثر الحية. إزاء الآثار المروعة الناتجة عن حكم
سيئ. لقد جاء من ملاحظات مهندس مثل فوبان عن آثار نظام الضرائب غير
العادل على الزراعة: أومن ملاحظات قاض مثل بواجيلبير عن الأثر المبدد
للأموال الناتج عن القيود ١ على التجارةا"؛ ولم يكن هذا النقد ليطلب إلا
شكلا من الأوتوقراطية أكثر استنارة. وجاء انتقاد الأوتوقراطية ذاتها؛ فى المرحلة
كتاباته من حين لآخرا') فإنشاء حكومات محلية مستقلة ومجالس إقليمية. وإعادة
مجلس لطبقات وإحياء سلطة ونفوذ طبقة النبلاء؛ واستقلال البرلمانات. هذه كلها
كان المنشود منها إدخال نوع من الإضلاحات على الحكم المطلق, وكان يدافع عنها
على اعتبار أنها عودة إلى دستور البلاد القديم!*).
وامتد التشيث بمثل هذا الحلم؛ وخاصة فى صفوف طبقة النبلاء حتى قيام
باريس؛ كان يقاوم من آن لآخر, تسجيل مرسوم ماء ويكسب بعمله هذا تأييدًا
شعبيا؛ وهو نوع من الاعتراض يوحى بالجدل الذى قام بين كوك وجيمس الأول»
فالحكم المطلق لم يورث فرنسا أى دستور تقليدى كان يمكن لفريق مصلح أن
أما تقد الحكم الملكى ا . فكان فى حاجة ملحة إلى فلسفة ما - وفى
حاجة مضاعقة إليها منذ بدأ التنقيب الشامل عن الجذور لتقليد دستورى -
وكانت فلسفة الثورة الإنجليزية جاهزة وفى متناول اليد ففى القرن السابع عشر
كانت الفلسفة والعلوم الفرنسية منطوية على نفسها نسبيًاء وضى القرن الثامن
عن قصد لتحل محلها فلسفة لوك وعلوم نيوتن وكانت هذه النتيجة فى الفكر
إلى جعل التسامح الدينى
عامى 1771 و 1774 وإقامة مونتسكيو بها عشر سنوات بعد ذلك أضبحت
السياسى لابد مثهاء بعد أن أدى إلغاء مرسوم
فلسفة إصلاحية وبفض|
قلسفة لوك أساس خر
الفكرة الأساسية للبرا
الجديد للأفكار» هو القاعدة العامة للتأمل الفا
الميادئ الواردة فى «رسالات فى الحكم؛ (المستكملة قطعًا بمود
جدًاء فقد كان المفروض أن يوفر قانون الطبيعة أو قانون العقل أسلوبًا متاسبًا
للحياة بدون إضافة أية حقيقة مهمة أو خارقة للطبيمة. وكان المعتقد آنه يتطبع
بنفس الشكل الأساسئ
أذهان الكافة. وكنتيجة لأفكار هويز ولوك أصبح
مضمون قانون الطبيعة فى جوهره. مصلحة شخصية مستنيرة:؛ ولكن بسبب
الانسجام المتأصل فى الطبيعة. كان ١
والامتياز أى باختصار, يجب أن مجتمع يكون فيه نشاط الفرد
وقدرته هما مفاتيح السلطة والجاه لم يكن ثمة اختلاف جوهرى حول صحة هذه
البيئة المتغيرة
المباد
يكن فى إمكان أى إصلاح فعال فى فرنسا أن يريط نفسه بفكرة إحياء الدستور
التقليدى فالمثل الأعلى القديم عن قانون أساسى والذى شاركت فيه قفرنسا القرن
السادس عشر كل أورباء والذى كان حتى ذلك الحين به قدر من الحيوية يكفى
لجعله يكاد يقف على قدم المساواة مع السيادة فى فلسفة بودان؛ هذا المثل الأعلى
فقد فى ملكية لويس الرابع عشر كل معني محسوس ففى إنجلترا لم ييزد إلا قليلا
يعنى شيئًا محسوسًا قى عرف القانون العادى أما حقوق الرجل ال
الحر مناشدته كانت بالضرورة أكثر تجريدًا. وأكثر انفصالا عن الاستعمال
والتطبيق العملى. وأكثر تعرضًا للتفسير التأملى وكان على الفرنسيين. لكى
استطاعتهم استيراد أفكار ريتشارد هوكر. ولا الانتقال التدريجى بالأفكار
والأنظمة التى مكنت لوك من أن يربط فلسفته بتعاليم متصلة بالقديس توما
والعصور الوسطى. كما لم يكن فى استطاعتهم أيضنًا إعادة ريط الفلسفة
الجديدة بأى مفكر فرنسى من مفكرى القرن السادس عشر فالصفة التاريخية؛
ذلك فى الفلسفة السياسية الفرنسية عميقا جداء
فقد وضع العقل فى مركز متعارض صارخ مع العرف والواقع؛ وهو أمر لم يكن
ما قاله أحد الخطباء أمام المجلس الوظتم
رنسى وكانت
فى ممالجة أمور على هذه الدرجة من الخظورة بحثت عن الحقيقة فى ثثايا التظام
الطبيعى للأشياء دون أى مكان آخر؛ إذ كنت أرغب إذا جاز التعبير - أحافظ على بثولة
وقد ازداد أيضًا بروز الصفة المتزمتة بداهة؛ ومن ثم الراديكالية, للفكر
استبدادى. وغالبًّا بمعرفة من لا خبرة لهم بالحكم. ولا إمكانية اكتساب مثل هذه
فى رسم سياسة ما وكان النقد أو المناقشة فى الاجتماعات العامة أوقى
الصحافة. أمرًا غير ذى موضوع والحكومات المحلية وهى دائمًا بمثابة المدرسة
الفكرية للسياسة الإنجليزية. كانت خاضعة تمامًا لسيطرة مركزية وما يصاحبها
عادة من تأخر واحتكاك وروتين حكومى وفضلا عن ذلك؛ لم يكن فى فرنسا آية
مجموعة من الأفكار العامة المختبرة بالتطبيق الميتين على غرار القانون العام
نظام من القوانين المجلية الخاضة: تركت قائمة بجائب التوحيد الإدازىئ:
الكلى للحكومة الملكية كانت الفلسفة السياسية الفرنسية فى القرن الثامن عشر
بالضرورة فلسفة أدبية بدرجة أبعد بكثير من الإنجليزية, وإلى حد ما تعتمد على
الكتب رغم كونها غير ذات طابع علمى؛ كتبت من أجل المجالس الأدبية والطبقة
البورجوازية المتعلمة. وهى تمثل الجمهور الوحيد الذى كان فى استطاعة أحد
المؤلفين أن يخاطبه إنها تفيض بصياغات وتعميمات جارفة. وتكافح من أجل نتائج
ساطعة, وتتحرك على مدى واسع فى جو من الأفكار الغامضة ولكنها شائعة وهى
كثيرًا ما تكون دعاية مؤثرة, وفى الغالب سلبية أكثر منها إيجابية. ولكنها نسبيًا
نادرًا ما تكون مسئولة ولعل من الإنتصاف فحسب.؛ أن نضيف أن الإنسان قليلاما
يعرف اليوم؛ كما فى القرن الثامن عشر على السواء؛ أن أى نقد للحكومة
وثمة أسباب احتماعية؛ فضلا عن السياسية أعطت الفلسفة السياسية
الفرنسية نغمة من المرارة ليس لها نظير فى فلسفة لوك كان المجتمع الفرنسى
نسيجًا من امتيازات جعلت الانقسام بين الطبقات أشد وعيًّاء وأكثر استفزازًا إن
لم يكن أكثر واقعية. منه فى إنجلترا وكان رجال الدين لا يزالون يملكون نحو
خمس أراضى فرنسا بالإضافة إلى دخل طائل وامتيازات وإعفاءات جوهرية؛
ولكن بلا تفوق أخلاقى أو فكرى يبرر مركزهم. وكذلك كانت طبقة النبلاء تتمتع
التطور الرأسمالى كالتى تمتع بها مالك الأرض الإنجليزى. كما لم توفر السياسة
الفرنسية لهم آية فرصة للزعامة فالربوع الإقطاعية لطبقة النبلاء كانت استتزافًا
فرنسا ما يمائل طبقة الأعيان من صغار الملاك الإتجليز. وكانت الزراعة
الفرنسية مشهورة, حتى قبل الثورة؛ بطبقة كبيرة العدد من كبار الملاك المزارعين»
كل رأس المال؛ وتكون الدائن الرئيسى لدولة عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها وكان
فى الكتابات السياسية الفرنسية وعى طبقى وإحساس بالاستغلال على غرار ما
كان يظهر بشكل متقطع فقط فى المؤلفات السياسة الإنجليزية ومع ذلك كانت
أنجزت الثورة الفرنسية فى مدى ثلاث أو أربع سنوات؛ نزع أراضى الكنيسة؛
فى إنجلترا خلال عهد كل من هنرى السابع وهنرى الثامن وليس من المبالغة فى
المصالح المكتسية؛ فى حين كانت فى إنجلترا دفاعًا عنهاء بعد حركة الإصلاحج
السابع عشر فى حين أن لوك فى فرنسا كان ينتمى إلى القرن الثامن عشر هى
فكرة الرجوع إلى صوت العقل تعد مخاطرة فكرية عالية؛ وريادة جديدة لحدود
ولكنها فى القرن الثامن عشر:
عن منبعها أصبحت أكثر
عا على الألسن؛ إذ على الرغم من
إن الكثير مما سمح به من منطق العقتل
(* الحصيف الذى لم يكن
و الآن مثيرًا من الناحية الأخلافية وقد أ
فى علم الأخلاق أو السياسة. كان نوعًا من الت
أدب التهذيب والتثقيف يمكن أن يكون تافهاء سواء كتبه رجل ملحد أو كتيه
مثل هذه الكتب بشغف واهتمام؛ وجعلوا جمهرة كبيرة وجديدة من الناس على علم
بما أنتجته سلسلة من كبار الفلاسفة والعلماء, متذ ديكارت وجاليليو حتى لوك
أنء يصيح القرن الثامن عشر فى مركز يعانى
عن أن تكون شعبية.
وثقته فى نور العقل. لم يتولد
عن إنجاز وطيد فإلى حين نشر كتاب «المبادئ؛ 1
ستة 11417 كان العلم
الحديث فى دور التجربة, وقلة من الفلاسفة كانت تعتقد فيه بحماسة ولكن ما
يكن لديه سوى الصورة الأكثر غموضًا للآلة الجديدة وقد آثرت فكرة العلوم
الحديثة بشكل أبعد بكثير من تأثير الحقيقة الفعلية فى التكنولوجيا. إذ بدا أن
منطق نيوتن قد نفد وتغلغل جدًا فى أعماق الطبيعة؛ وكشف عن «تلك الحكمة
ون بأن المعرفة هى القوة, واستطاع الإنسان. ولأول مزة قى
أن يتعاون مع المقاصد الخيرة التى كان حتى الملحدون أمثال هولباخ.