(وَبَشْدٌ كَنَا النَّظُمْ للْعُرِيِد): أي: وبعد ما تقدم من حمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي صل الله
عليه وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ فإن الشيخ الجمزوري كتب هذا النظم -أي متن
تحفة الأطفال- فكلمة النظم في اللغة تأني بمعنى الأبيات الشعرية؛ (للمريد): أي الطالب لعلم التجويد
(فِي النُونٍ انون وَالمُدُودٍ): أي: يتناول هذا النظم أحكام النون الساكنة والتنوين والمدود
ومن الجدير بالذكر أن الناظم ذكر هنا بعض أحكام التجويد التي تناولها في نظمه؛ مراعاة لطبيعة النظم
الشعري الذي يمتاز بالإيجاز والاختصار وبالإضافة لما ذكره الناظم في هذا البيت؛ فقد احتوى النظم على
أحكام الميم والنون المشددتين وأحكام الميم الساكنة وأحكام المتاثلين والمتجانسين والمتقاربين وأحكام لام
التعريف ولام الفعل
(سَمَيْتَهُ شُحْفَةٍالأَطْقَالٍ): سمى الشيخ الجمزوري رحه الله هذا النظم التي تناول فيها بعض أحكام
التجويد بتحفة الأطفال والتحفة: الشي الحسن» وقصد الشيخ ب (الأطفال) هنا: الصغار الذين لم يبلغوا
لطيفة: يُذكر هنا أن الشيخ الجمزوري رحه الله عندما شرح معنى (تحفة الأطفال) في كتابه فتح الأقفال
بشرح تحفة الأطفال قال الأطفال: '"المراد مثلي في هذا الفن '" يقصد المبتدئين في علم التجويد؛ وهذا يبين
درجة تواضعه رحمه الله تعالى
(عَنْ شَيْخِنَا الَيِهِي ذِي الْكَمَالٍ): أي: إن الشيخ الجمزوري رحه الله أخذ علم التجويد الذي ذكره في
نظمه أو أخذ اسم النظم (تحفة الأطفال) أو كليهما؛ عن شيخه/ نور الدين الميهي رحمه الله؛ وقد سبق
الحديث عنه
ضدبطها الشيخ/ د أيمن رشدي سويد بفتج الميم» وفي نسخ أخرى جاءث (الميهع) بكسر الميم ويقول الشيخ/ د أشرف محمد فؤاد
طاحث: " طابطت كلمة المبهى بفتح الميم في بعض المثون المطبوعة وهو خطأء فإن اسم القربة المنسوب إليها (المبه) بكسر الميم
(زي الْكَمَالِ): أي: صاحب الكمال» والكمال قد يكون مطلقاً أو نسبياً؛ والكمال المطلق لا يكون إلا لله
إطلاقه على البشر» وبالرجوع إلى كتاب الناظم رحمه الله '"فتح الأقفال بشرح تحفة الأطفال'" يظهر لنا أنه
فسر معنى (ذي الكمال) بأنه: '"التمام في الذات والصفات وسائر الأحوال الظاهرة و الباطنة فيا يرجع
للخالق والمخلوق'" وهذا فيه مبالغة ومغالاة » وإنيا كان ينبغي أن يفسره على أنه الكمال البشري النسبي
ملاحظة: يُذكر أن بعض محققي النظم من أهل العلم عدّّل قول الناظم من "ذي الكمال" إلى "ذي
الجمال"؛ والأولى أن نقرأها كم نُقلت عن الناظم» ولكن نحملا على مراد الكمال البشري النسبي في عبادة
الخالق ومعاملة الخلق وحسن الْخلّق: والتناهي في جميع الفضائل وخصال البر والتقوى وما يدلل على
ذلك جواز استخدام لفظ الكمال -الكمال النسبي لا المطلق- مع البشر ء ما جاء في الصحيحين من حديث
مركب من لحم وخبزء واللحم سيد الآدام ؛ والخبز سيد الأقوات فإذا اجتمعا لم يكن بعدها غاية؛ هنا ما
قاله ابن القيم رحمه الله في كتابه 'زاد المعاد في هدي خير العباد"
أي: يُؤّْل الشيخ الجمزوري رحه الله بهذا النظم أن ينفع الطُلاَبٍ (جمع طالبء وطَلاَبٍ)؛ ويشمل المبتدئ
والمتوسط والمتقن لعلم التجويد؛ كما ويؤمل أن يكون له الأجر والقبول والثواب من الله تعالى وقصد
الله أن نكون من أهل القبول ويُستخدم لفظي الأجر والثواب بمعنى واحدء وقد يُفرق بينها بحيث
يكون معنى الأجر ما كان مقابل العمل أما الثواب ما كان تفضلاً وإحساناً من الله تعالى وقيل الأجر
أخص من الثواب؛ لأن الأجر لا يكون إلا في مقابل إحسان والثواب يكون في مقابل الإحسان والإساءة؛
غير أن الاستعمال القرآني لكلمة ثواب كان أكثر ما يكون في الخبر
* الأبول بفتح القافء ومن الخطأ أن لكئب أو تقرأ بضمها
يدلل على ذلك أنه أثبتها بنفسه في كتابه (فتح الأقفال بشرح تحفة الأطفال )؛ وعليه فإن الأصل بمن يحفظ
تحفة الأطفال أن يحفظها بعناوينها وأن يقرأها على شيخه بذكر هذه العناوين
يقول الناظم رحمه الله في هذا البيت أن أحكام النون الساكنة والتنوين أربعة أحكام وبيانها فيا سيأي
ونوضح في الجدول التالي الفرق بين النون الساكنة والتنوين:
2 | تكون في الأسماء والأفعال والحروف | لا يكون إلا في الأسماء
3 | تكون متوسطة ومتطرفة لا يكون إلا متطرفاً
أي: الأول من أحكام النون الساكنة والتنوين الإظهار» ويكون إذا جاءت النون الساكنة أو التنوين قبل
أحرف الحلق الستة المرتبة حسب مخرجها وفق الآتي: (الهمزة والهاء وتخرجان من أقصى- الحلق؛ والعين
الحاء وتخرجان من وسط الحلق» والغين الخاء وتخرجان من أدنى الحلق)
5 الأصل من ناحبة اللغة العرببة أن تكون (أربعة أحكام) ولبس (أربع أحكلم) لأن المعدود مذكر ء ولكن للضرورة الشعربة حذف الناظم
ك وفي نسخ أخرى؛ (بتٌ) بثنوين الكسر والأصل كذلك هنا من تاحبة اقلغة العرببة أن لكون "ستل" بالثاء لأن المعدود مذكر؛ ولكن
للضرورة الشحربة حذف الناظم رحمه الله الناء» قال النّبخ علي بن محمد الصبّاع في كثابه منحة ذي الجلال في شرح تحفة الأطفال:
” وفي نسخ أخرى ؛ فلُْمْرّف بالمبني المجهول
ويُعرّف الإظهار بأنه: إخراج الحرف المظهر (النون الساكنة أو التنوين) من مخرجه من غير غنة ظاهرة فيه؛
ويسمى إظهاراً حلقياً؛ لأن حروف الإظهار الستة تخرج من الحلق
وسبب الإظهار: بعد مخرج النون عن مخرج حروف الإظهار» فالنون تخرج من طرف اللسان مع لثة الثنايا
العليا وحروف الإظهار نخرج من الحلق
ومن أمثلة الإظهار الحلقي:
الهمزة | ينأون ولا يوجد في القرءان غيرها كل “امن رسول أمين
الهاء منهم من هاد جرفٍ هار
العين أنعمت من عمل حقيقٌ على
الحاء وينحتون من حسنة عليم حكيم
أي: والثاني من أحكام النون الساكنة والتنوين الإدغام؛ ويكون إذا جاء بعد النون الساكنة أو التنوين أحد
الحروف الستة التي ممعت واشتهرت في كلمة (يرملون)» ولا يكون ذلك إلا في كلمتين
ويعرف الإدغام بأنه: إدخال حرف ساكن (النون الساكنة أو التنوين ) في حرف متحرك (أحد حروف
كلمة يرملون) بحيث يصيران حرفاً واحداً مشدداً من جنس الحرف الثاني
وسبب الإدغام: سبب إدغام النون الساكنة أو التنوين في النون التماثل أما في الميم التجانس؛ لأن النون
باقي حروف الإدغام (ي؛ ور ل) التقارب في المخرج والصفات بينهم وبين النون
الشبخ محمد المبهي في كتابه فتح الملك المدثعال في شرح تحفة الأطفال؛ " الثاني بحذف الياء للتخفيف ككل منقوصٍ مرفوعاً أو
لا وفي نسخ أخرى ؛ بَرَمُلون بضم المبم ومعنى "برملون" ؛ بسرعون» ومئه: الرمل؛ وهو الإسراع في المشي مع تقارب الخطا من غبر
وثب؛ والرمل مسئون في الأشواط اثلاث الأولى من طواف الحمرة وطواف القدم للمفرد والقارن في الحج؛ وفي السحي بين الصفا والمروة
ما بين الطمين الأخضرين
أي: أن حروف الإدغام قسمان؛ قسم يجب إدغامه بغنة؛ وهو أربعة حروف تُعلم من كلمة (ينمو)؛ ومعنى
ذلك إذا جاء بعد النون الساكنة أو التنوين أحد حروف كلمة ينمو -الياء أو النون أو الميم أو الواو-
يكون الحكم الإدغام بغنة؛ ولا يكون ذلك إلا في كلمتين كم سنبين في البيت التالي
ومن أمثلة الإدغام بغنة:
الياء فمن يعمل وبرق يجعلون
النون من نعمة أمنةٌ نعاساً
الميم من مال آياتٍ مبيناتٍ
الواو من وال غشاوة وهم
أما إذا جاءت النون الساكنة أو التنوين قبل أحد حروف كلمة (ينمو) في كلمة واحدة فلاتدغم بل يجب
إظهارهاء مثل كلمة (دنيا ) وكلمة (صنوان) كما بين الشيخ الجمزوري رحمه الله
وهذا الحكم يسمى الإظهار المطلق» وانحصر- في القرآن الكريم في أربعة مواضع: (دنيا)» (قنوان)؛
(صنوان)» (بنيان) وسبب الإظهار المطلق المحافظة على وضوح المعنى؛ فلو أدغمت النون في الياء في
كلمة دنيا لأصبحت (ثّا)؛ ولو أدغمت النون والواو في كلمة صنوان لأصبحت (صُوّان )؛ فيلتبس الأمر
بين ما أصله نون مدغمة وبين ما أصله التضعيف, فتُظهر للمحافظة على مدلول الكلمة ومعناها ولعدم
الالتباس وألحق بالإظهار المطلق موضعان؛ وهما: (يس والقرآن الحكيم )؛ و(ن والقلم وما يسطرون)؛
فلا تدغم نون (يس) ولا نون (ن) في الواو التي بعدهاء بل تظهر مراعاة لرواية حفص عن عاصم
وغيرهاء وقيل مراعاة للانفصال الحكمي كذلك» فالنون إن اتصلت با بعدها لفظاً في حالة الوصل؛ فهي
لا وفي نسخ أخرق؛ بُدْغُمْ
“ا وفي نسخ أخرى : عُلم
ذا وفي نسخ أخرى :؛ تعُم
منفصلة حكياً؛ ف (يس) و(ن) اسم للسورة التي بدئت على رأي بعض العلماء ويسمى إظهاراً مطلقاً؛
لعدم تقيده بحلقي أو شفوي أو قمري
فائدة: (طسم) فاتحة سورة الشعراء والقصص فيها حكم الإدغام بغنة؛ وذلك في النون الساكنة التي في
حرف سين مع حرف الميم» مراعاة للاتصال اللفظي وفق ما جاء في رواية حفص عن عاصم
أي: والقسم الثاني من أقسام الإدغام الإدغام بغير غنة؛ ويكون في حرفي اللام والراء وهما الحرفان الباقيان
من كلمة (يرملون) بعد إخراج حروف الإدغام بغنة (ينمو)؛ وعليه إذا جاء بعد النون الساكنة أو التنوين
حرف اللام أو الراء يكون الحكم الإدغام بغير غنة
ومن أمثلة الإدغام بغبر غنة:
الراء من ربهم ثمرة رزقاً
اللام من لدنه هذى للمتقين
تنبيه: لم أت الإدغام بغير غنة في القرآن الكريم كذلك إلا في كلمتين؛ ومعنى ذلك أن الإدغام بقسميه بغنة
وبغير غنة لا يكون إلا كلمتين
ملاحظة: جاء في القرآن الكريم موضع واحد جاء فيه بعد النون الساكنة حرف الراء؛ ومع ذلك لم يُطبق
حكم الإدغام بغير غنة؛ وهذا الموضع في سورة القيامة: (وقيل من راق)؛ وعلة ذلك وجوب السكت ع
النون» السكت يمنع الإدغام» وللعلم يعرف السكت هنا بأنه: قطع الصوت على النون مقدراً من الزمن
يسيراً مقدار حر كتين دون تنفس مع مواصلة القراءة في الحال
أما معنى "ثم كَرَرَتٌهُ ' : قال الشَّيْحٌ الجمزوري رحمه الله في كتابه فتح الأقفال بشرح تحفة الأطفال:
9 أي أحكم بتكريره مطلقاً؛ لكن إذا شُذَّةَ يجب إخفاء تكريره
وقال الشَّيحٌ محمد الميهي رحمه الله في كتابه فتح الملك المتعال في شرح تحفة الأطفال: "أي احكم عليه بأنّه
حرف تكريرء لكن يجب إخفاء تكريره" معنى ذلك أن الناظم رحمه الله يشير هنا إلى صفة من صفات
حرف الراء وهي صفة التكرير» وهي ارتعاد رأس اللسان عند النطق بحرف الراء؛ وهذه الصفة تُعرف
لتجتنب المبالغة فيها
ويُقصد الناظم في قوله: (ثم كررنه): أي احكم أيها القارئ على حرف الراء أنه حرف تكرير ولكن الخفي
هذه الصفة؛ وليس المقصود من إخفاء التكرير إعدامه بالكلية؛ بل لا بد أن ير تعد اللسان ارتعادة واحدة
ص لا يتحصر الصوت بين طرف اللسان واللثة؛ فتكون الراء حرف من الحروف الشديدة؛ مع أنها من
الحروف البينية
أي: القسم الثالث من أحكام النون الساكنة والتنوين (الإقلاب)؛ ويكونفي حرف واحد وهو الباء؛
وعليه إذا جاءت النون الساكنة أو التنوين قبل حرف الباء؛ تقلب النون الساكنة أو التنوين إلى ميم ساكنة
مخفاة بغنة ومن أمثلة الإقلاب: (الأنبياء؛ (من بعد)؛ (سميعٌ بصير )
وسبب الإقلاب: سهولة النطق بالنون الساكنة والتنوين بقلبهما مياً؛ لأن الميم تشارك الباء في المخرج
والنون في الصفات» وكذلك إظهار النون الساكنة أو التنوين عند الباء فيه ثقل على اللسان والأمر كذلك
بالنسبة للإدغام والإخفاء فكان الإقلاب ليسره وسهولته
(وَالرَابعُ الإِحْفَاءُ): أي: القسم الرابع من أحكام النون الساكنة أو التنوين الإخفاء (عِنْدَ الْفَاضِلٍ
صَّ اروف أي عند ما تبقى من الحروف بعد إخراج أحرف الإظهار الحلقي والإدغام والإقلاب
(وَاجبٌ ِلْفَاضِل): أي أداء حكم الإخفاء واجبٌّ لمن أصبح فاضلاً بتعلم أحكام التجويد والفضل
هنا بمعنى : كمال يزيد به المتصف على غيره
(في حَمْسَةٍ مِنْ بَعْدِ عَثْر): أي حروف الإخفاء خمسة عشر حرفاً
الإخفاء في كلمات البيت السادس عشر من التحفة؛ حيث إن كل كلمة من كلماته تبدأ بحرف من حروف
الإخفاء
الإخفاء هي: (الصاد والذال والثاء والكاف والجيم والشين والقاف والسين والدال والطاء والزاي والفاء
1- يعرف الإخفاء بأنه: النطق بالحرف بصفة بين الإظهار والإدغام عار عن التشديد مع بقاء الغنة؛
ويتحقق إذا جاء بعد جاء بعد حرف النون الساكنة أو التنوين أحد حروف الإخفاء الخمسة عشر-
المبينة سالفاً ومن أمثلة الإخفاء الحقيقي:
الذال منذر من ذكر سراعاً ذلك
الثاء منثورا من ثمرة جيعاثم
0 نسخ أخرى ؛ "كلم" بفتئح لكاف
2 في نسخ ألخزى جنا" بالندرين
"! في نسخ أخرى ؛ "فى" بدون تنوبن
قد سما): أي كثبر من الثلس قد جاد وتكرم على غيره فاستحق أن بسمو وبعلو قده وبرنفع شأنه (دم طبباً)؛ أي كن طبب الأخلاق
دوماً (زد في ثقى) : أي نزود من ثقوى الله جل وعلاء (ضع ظلماً): أي لا تعظم الظالم بلا ثوفره فمثله لا بستحق التحظيم ولا الإكبار
بل هو جدبر بالضحة والاحتقار
القاف يقذون وإن قيل عليمٌ قدير
السين ننسخ أن سيكون رجلآسلاً
الضاد منضود إن ضللت قوم ضالين
2- يسمى إخفاء حقيقياً؛ لتحقق الإخفاء فيه أكثر من غيره؛ فذات النون الساكنة أو التنوين تكاد تكون
3- سبب الإخفاء: أن النون الساكنة والتنوين لم يقرب مخرجهما من مخرج حروف الإخفاء كقربه من
مخرج حروف الإدغام فيدغ] ؛ ولم يبعد رجهم عن مخرج هذه الأحرف كبعده عن مخرج حروف
الإظهار فيظهرا » ولذا كان هما حك متوسطاً بين الإظهار والإدغام وهو الإخفاء