+ السابع : المجلس الأول من الجزء السابع 0
الجزء السابع
من كتاب تربية المؤمنين
بالتوهقيف على حدود باطن علم الدين من كتاب تأويل الدعائم
المجلس الأول من الجزء السابع:
إذا كان كيف يكون.
الذي يتلو ما تقدم من القول من تأويل الصلاة وما جاء من حدودها على التمام من
كتاب دعائم الإسلام ما جاء نسقاً فيه على ذلك:
من ذكر الجنائز:
جنا الجيم ههناء والجنازة بفتح الجيم هو الميت نفسه أخذ ذلك من أن
الجنازة في اللغة ما ثقل على القوم واغتموا به فأخذ ذلك من هذا . لأن الميت
يثقل أمره على أهله ويغتمون به. والجنازة بكسر الجيم هو سرير الميت الذي
يحمل عليه. والعرب تسميه الشرجع. والشرجع الذي هو سرير الموتى لا يكون
وقد يكون الجنازة الذي هو الميت يسمى باسم السرير الذي يحمل عليه والسرير
باسمه؛ كما تسمي العرب الشيء باسم الشيء إذا صحبه ولاءمه. كما سموا
3 تأويل دعائم الإسلام ج7
المزادة راوية باسم الجمل الذي يحملها. وهذا كله كناية عن الميت؛ والميت
الموت. فالإنسان وجميع الحيوان قبل الخلق في حد الموت وهم أموات وعدم
لا يذكرون؛ ولا يقع عليهم أسماء ولا يعرفونء كما قال الله أصدق القائلين:
الحياة والموت والحيوان والموات» وباطن ذلك وتأويله ما قد تقدم ذكره أن مثل
1 7 وقال في الكفار:
يكون في الظاهر بعد الحياة ليس بمذموم ظاهره؛ ولا باطنه؛ وما لم يكن ظاهره
مذموماًء فكذلك لا يكون باطنه مذموماً» والموت بعد الحياة قد أصاب -
ويصيب - أولياء الله» وقد قال الله جل وعز لمحمد نبيه ولق :
مثله البائن بالبقاء عن جميع خلقه؛ وقد جاء عن رسول الله وَل أنه قال : «الموت
ريحانة المؤمن»؛ وذكر من فضله ما سنذكره منه ما جاء في كتاب الدعاثم إن شاء
الله مما يصحح ويؤكد ما ذكرناه من أنه محمود غير مذموم؛ والموت للأحياء
سبب النقلة عن دار الدنيا إلى دار الآخرة» والآخرة أفضل منزلة وداراً من الدنيا .
الجزء السابع : المجلس الأول من الجزء السابع 7
وإن كان من ينقل إليها منهم كما قال الله عز وجل شقيًاً . وسعيداً؛ فالسعيد ينقل
انتقال الأحياء بالحقيقة الذين هم أهل الإيمان» عن حال فيه إلى حال ومن درجة
ويحقه لهم استحقاقهم» فمثل المنقول منهم» في الباطن من حال إلى حال مثل
المنقول بالموت؛ في الظاهر من دار إلى دار وقد جاء عن أمير المؤمنين؛
المؤمنون من حال إلى حال؛ ويرتقون من درجة إلى درجة؛ وقال الله عز وجل:
وكذلك ينقلون؛ في باطنه الذي هو الخلق الآخر والنشأة الثانية كما قال الله
سبحانه؛ وذكر خلق الإنسان حتى أكمله ثم قال ٠ أنه علا عر :
م نكر بعد َلك لم لل ةج العزك قي تال انميت
قدمناها قبل ذكر ما جاء في كتاب الدعائم الذي قصدنا إلى تأويل ما فيه من ذكر
ذكر العلل والعيادات والاحتضار
فالعلة في الظاهر هي سبب الموت الظاهر الذي به تكون النقلة من دار إلى
دار» والعلة في الباطن هي العلة والسبب الذي يوجب نقلة المؤمن من حال إلى
حال والعيادة؛ في الظاهر افتقاد العليل وتعرف أحواله؛ والعيادة؛ في الباطن
افتقاد أحوال من يراد نقلته من المؤمنين» من حال إلى حال ومن درجة إلى درجة
كما لا يعود العليل إلا الصحيح الذي هو أقوى منه وأصح» وليس يعوده من كان
8 تأوي زيل دعائم الإسلام ج؟
في مثل حاله؛ والاحتضار في الظاهر هو حضور الموت» وقرب النقلة من الدنيا
إليه ما يلقى من الحمى» فقال له رسول الله َيه : إن الحمى طهور من رب
غفور» فقال الرجل: بل الحمى تفور بالشيخ الكبير حتى تحله القبور» فغضب
رسول الل قلق : يكتب أنين العليل حسنات ما صبرء فإن جزع كتب هلوعاً لا
أجر له؛ وقال 888 : حمى يوم كفارة سنة؛ وعن علي صلوات الله عليه أنه قال:
1 6 [الحديد: 114. تأويل ذلك في الباطن أن الحمى 0
بحسني ما يكن مثل فيك في اللابر العليل أو شكواه إلى عواده؛ وقوله من
الله عبداً أسقط عنه من الذنوب بقدر علته» تأويل ذلك في الباطن أن الابتلاء في
اللغة الاختبار والامتحان؛ وذلك ما قدمتا ذكره أن مثل العلة في الظاهر مثل
الجزء السابع : المجلس الأول من الجزء السابع 4
والباطن كما تقدم القول بذلك.
ويتلوه ما جاء عنه صلوات الله عليه أنه قال: العيادة بعد ثلاثة أيام؛ وليس
على النساء عيادة المريض . تأويل ذلك في الباطن ما قد تقدم القول به من أن مثل
العيادة مثل افتقاد أحوال المؤمن؛ في حين امتحانه؛ وأن الذي يمتحن ذلك منه
من هو فوقه؛ ولذلك جاء أن النساء لا يعدن الرجال لأن أمثال النساء؛ في التأويل
الباطن كما قدمنا ذكر ذلك أمثال المستفيدين وإنما يفتقد أحوال المؤمن؛ عند
بعد ثلاثة أيام؛. وكذلك يجب؛ وينبغي ذلك في الظاهر أن لا يعاد العليل حتى
يمضي له منذ ابتداء علته ثلاثة أيام» ويعوده الرجال الأصحاء دون النساء
والأعلاء؛ تأويل ذلك في الباطن أن لا يعاجل الممتحن بالكشف عن أحواله؛ في
أول المحنة فيعظم ذلك عليه بل يترك قليلاً حتى يأنس بالمحنة ثم يكشف أحواله»
ويختبر .
ويتلو ذلك ما جاء عن رسول الله وله أنه نهى أن يأكل العائد عند العليل»
فيحبط الله عز وجل أجره؛ فهذا في الظاهر منهي عنه؛ وليس على العليل أن يطعم
والثواب» وكذلك يجري ذلك؛ في الباطن» فينهى من له افتقاد أحوال من يمتحن
عن غيره إذ كان العلم» في التأويل الباطن مثل المال» وقد تقدم القول ببيان
ويتلوه ما جاء عن رسول الله 8 من أن المسلم إذا عاد مريضاً صلى عليه
سبعون ألف ملك إلى أن تغرب الشمس» إن كان ذلك نهاراً؛ أو تطلع إن كان
5 تأويل دعائم الإسلام ج؟
ليلاً؛ تأويل ذلك ما قد تقدم القول به من أن العيادة افتقاد المفيد حال من يفيده
متى أراد نقله عن درجة إلى درجة قبل أن ينقله؛ وتقدم أيضاً بيان تأويل الملائكة»
وأنهم الذين ملكوا أمور العباد من أهل السماءء وأهل الأرض» وأن مثل الصلاة
ظهور من يقوم مقامه من بعده» لأن حدود كل دعوة يذكرون فيها؛ ويوقف عليهم
يوجب لكم المزيد من نعمه؛ وصلى الله على محمد نبيه؛ وعلى الأئمة الأبرار من
ذريته» وسلم تسليماً . حسبنا الله ونعم الوكيل .
المجلس الثاني من الجزء السابع:
المتعالي عن علة المجدود؛ المتنزه عن درك الموجود؛ وصلى الله على محمد
المصطفى من بريته؛ وعلى الأئمة الهداة الأبرار من ذريته.
ثم إن الذي يتلو ما تقدم ذكره من تأويل كتاب دعائم الإسلام ما جاء عن
أمير المؤمنين علي» صلوات الله عليه أنه قال من عاد مريضاً التماس رحمة الله
وتنجز موعده كان في خريف الجنة ما كان جالساً عند المريض . حتى إذا خرج من
عنده بعث الله ذلك اليوم سبعين ألف ملك من الملائكة يصلون عليه حتى الليل إن
الظاهر لما في عيادة المرضى من الثواب لمن عادهم ابتغاء ذلك . وتأويله؛ في
الجزء السابع : المجلس الثاني من الجزء السابع ل
الباطن ما قد تقدم القول به من أن تأويل العلة؛ والعليل؛ والعيادة ما يكون من
إلى حد آخر. وقد مضى بيان ذلك بتمامه؛ وذكرنا تأويل الملائكة وصلاتهم في
المجلس الذي قبل هذا المجلس وقوله ههنا إن العائد يكون في خريف الجنة؛
والخريف في اللغة فصل من فصول السنة؛ وهو ثلاثة أشهر تتلو شهور الصيف؛
ههنا ومن ههنا ؛ وقد تقدم ذكر البيان على باطن الجنة وأنها دعوة الحق التي تنال
بها جنة الخلد في الآخر وأن أمثال ما فيها من الحكمة أمثال أنواع الثمار» فعلى
هذا يكون في باطن التأويل المفتقد لأحوال من يرقيه في درجاتهاء في خريفها
لأنه يخترف من فوائد حكمتها» فيما يعانيه من افتقاد أحوال من ينظر في أحواله
ويتلو ذلك أن رسول الله ول دخل على رجل من بني عبد المطلب وهو في
صلوات الله عليه أنه قال: من الفطرة أن يستقبل بالعليل القبلة؛ إذا احتضر» فهذه
هي السنة في ظاهر أمر المحتضر أن يوجه إلى القبلة؛ وتأويل ذلك في الباطن ما
قد تقدم القول به من أن مثل القبلة في الظاهر مثل الإمام» في الباطن» فإذا نقل
ويتلو ذلك ما جاء عن جعفر بن محمد صلوات الله عليه؛ من أنه يستحب
لمن حضر المنازع أن يلقنه شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن
1 تأويل دعائم الإسلام ج
رسول الله وَل أنه قال من ختم له بشهادة أن لا إله إلا الله دخل الجنة؛ فهذا هو
المأمور به في الظاهر أن يلقن المحتضر بالشهادتين» ليختم له بذلك ليموت عليه؛
وتأويل ذلك في الباطن توقيف المنقول في حالات دعوة الحق على حقائق
ويتلو ذلك ما جاء من بشرى المؤمن إذا حضره الموت بما يعاينه من ثواب
المؤمن عند انتقاله من الدنيا إلى الآخرة» وعند انتقاله في حدود الإيمان؛ ودعوة
الحق من حد إلى حد.
ويتلو ذلك ما جاء من أن تشديد الموت على المؤمن يكون كفارة لذنوبه؛
وتسهيله عليه تخفيف عنه ورحمة له» فذلك كذلك في الظاهر» وتأويله في الباطن
أن التشديد على المنقول في دعوة الحق من درجة إلى درجة؛ فيما يعامل به يكون
وتسهيل ذلك إذا كان في الوقت والزمان والأحوال ما يوجب تسهيل ذلك+
والمسامحة فيه وذلك من الله جل وعز تخفيف ورحمة .
الجزء السابع: المجلس الثاني من الجزء السابع ين
الارتقاء في درجات الفضل والإيمان.
ومن ذلك ما يتلوه من قول رسول الله قلق إذا دعيتم إلى الجنائز فأسرعوا
فإنها تذكركم الآخرة؛ وعن جعفر محمد صلوات الله عليه أنه قال من دعي إلى
وليمة وإلى جنازة فليجب الجنازة؛ فإن حضور الجنائز يذكر الموت والآخرة؛
وحضور الولاثم يلهي عن ذلك» فهذا مما ينبغي فعله في الظاهر لما فيه من ذكر
الآخرة؛ والموت في الظاهر وحضور الجنازة في الباطن نقلة المنقول؛ في حدود
دعوة الحتق؛ وذلك بذكر من حضره فضل ما يصير إليه المنتقل؛ ومثل حضور
الولائم في الباطن مثل حضور أمور الدنيا الجارية بين أهلهاء وذلك يسلي عما
ذكرناه من أمر الدين؛ وينسيه.
ويتلو ذلك ما جاء عن رسول الله فلو من قوله أكيس المؤمنين أكثرهم
للموت ذكراً وأشدهم له استعداداً» وهذا مما تقدم بيان التأويل فيه. والكيس في
اللغة العقل» وأعقل المؤمنين أكثرهم للموت الظاهر والباطن ذكراً» لأن من أكثر
ذكر شيء اهتم به؛ وأوشك أن يستعمل الواجب فيه؛ وأشدهم له استعداداً؛
فليستعد بالعمل الصالح ليرقى به في درجات الفضل إذ كان الارتقاء فيها هو باطن
ويتلوه قول رسول الله كل : الموت ريحانة المؤمن» والريحان أطراف كل