الإلقاء» لأوفر ما بقي لي من نشاط وعمر لإتمام بعض مشاريعي العلمية - وما
وأعلنت هم أني سألقي عليهم درساً كل يوم خيس بعد صلاة المغرب في دار أحد
الدرس الأول ثم الثاني ؛ من كتاب « رياض الصالحين '! للإمام النواوي بتحقيقي +
وأجبتهم بعد الدرس عن بعض أسئلتهم الكثيرة المتوفرة لديهم» والتي تدل على
تعطشهم ورغبتهم البالغة في العام ومعرفة السنة.
خبار لي فيه مطلقاً إلى الرجوع إلى دمشق حي لم يبق لي فيها سكن » وذلك أصيل
نهار الأربعاء في 14 شوال سنة 1401 ه فوصلتهاليلاً » وفي حالة كثيبة جداً +
وأنا أضرع إلى الله تعالى في أن يصرف عني شر القضاء ؛ وكيد الأعداء فلكت
فيها ليلتين ؛ وفي الثالثة سافرت بعد الاستشارة والاستخارة إلى ببووت»؛ مع كثير
من الحذر والخوف, لما هو معروف من كثرة الفتن والهرج والمرج القائم فيها +
والوصول الى ببروت محفوف بالخطر؛ ولكن الله تبارك وتعالى سلّم وير »
فوصلت بيروت في الثلث الأول من الليل » قاصداً دار أخ لي قديم » وصديق وفيٌ
جداً أن أهتبل فرصة هذه الغربة الطارئة» فأتوجه بكليتي الى الدراسة والمطالعة في
وتفنيشاً. حتى وقعت عيني على رسالة للإمام الصنعاني, تحت اسم « رفع الأستار
لإبطال أدلة القاثلين بفناء النار ». في جوع رقم الرسالة فيه (4 371 )» فطلبته » فإذا
الإمام الصنعاني رحه الله تعالل رد فيها على شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن
القم ميلهها إلى القول بفناء النار » بأسلوب علمي رصين دقيق؛ ١ من غير عصبية
آخرها. وقد كنت تعرضت لرد قوفما هذا منذ أكثر من عشرين سنة بإيجاز في
« سلسلة الأحاديث الضعيفة » في المجلد الثاني منه ( ص ١لا - 718) بمناسبة تخريجي
آخر ء وهو أن النار لا تفنى أبداً » وأن لابن تيمية قاعدة في الرد على من قال بفناء
الجنة والنار . وكنت توهمت يومئذ انه يلتقي فيها مع ابن القم في قوله الآخرء؛
جنات تجري من تحتها الأنهار ! وذلك واضح كل الوضوح في الفصول الثلاثة التي
عقدها ابن القم لهذه المسألة الخطيرة في كتابه « حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح »
(117/7 -178)؛ وقد حشد فيها ؛ من خيل الأدلة ورجلها وكثيرها وقلهاء
ودقها وجلها ء وأجرى فيها قلمه ؛ ونشر فيها علمه » وأتى بكل ما قدر عليه من
قال وقبل. واستنفر كل قبيل وجيل ؛ كما قال المؤلف رحه الله» ولكنه أضفى
رأي ابن تيمية في هذه المسألة؛ وبعض أقواله فيها . وأما حشد الأدلة المزعومة
العلياء . وإن مما يؤيد هذا أن ابن القم ره الله تعرض لهذا البحث مطولاً أي و
كتابه ؛ الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة » بنحو ما في « الحادي » كما تراه في
مختصر الصواعق ؛ للشيخ مد بن الموصلي (ص 718 - 7738)) فلم يذكر فيه
ابن تيمية مطلقاً . وكذلك رأيته فعل في ؛ شفاء العليل » (ص 387 - 114) إلا
انه قال في آخرها :
وكنت سألت عنها شيخ الإسلام قدّس الله روحه ؛ فقال لي: هذه المسألة
عبد بن ميد الكشي بعض تلك الآثار (يعني أثر عمر الآتي في أول الكتاب)
للرسول: قل له هذا الموضع يشكل عليه؛ ولا يدري ما هو ؟ فكتب فيها مصنفه
ولكن لا نقول به إلا في حدود ما نص هو عليه أنه من كلام ابن
رحمها الله تعالى في ؛ الحادي » أو في غيره إن وجد .
وقد وقفت في مخطوطات المكتب الإسلامي على ثلاث صفحات في ورقتين»
من رسالة ابن تيمية رحمه الله في الرد على من قال بفناء الجنة والتار .
وهذه الورقات الثلاث جعها أخي المحقق زهير الشاويش من دشت مخطوطات
عنده. وانظر صورها في الصفحات (+0 - 00 ) وهذا نصها:
؛ قال شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن تيمية رحه الله تعالى - في رسالة في
الرد على من قال بفناء الجنة والثار ما نصه:
؛ وأما القول بفناء النار ففيها قولان معروفان عن السلف والخلف» والنزاع في
ذلك معروف عن التابعين ومن بعدهم؛ وهذا أحد المأخذين في دوام عذاب من
يدخلها .
أحد
وقد تُقل هذا القول عن عمر .وابن مسعود ؛ وأبي هريرة» وأني سعيد الخدري
وغيرهم رضي الله عنهم.
وروى عبد بن ميد - وهو من أجل علماء الحديث - في تفسيره المشهور قال:
« أخبرنا سلبان بن حرب؛ أخبرنا ماد بن سلمة؛ عن ثابت؛ عن الحسن
البصري قال: قال عمر : ؛ لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج!') لكان لهم
وقال: أخبرنا حجاج بن منهال» عن حماد بن سلمة؛ عن حميد ؛ عن الحسن:
أن عمر بن الخطاب قال: ؛ لو لبث أهل النار في النار عدد رمل عالج لكان لهم
يوم يخرجون فيه » . ذكر ذلك في تفسير قوله تعالى : لألابثين فيها) !.
وهذا ببين أن مثل هذا الشيخ الكبير من علماء الحديث والسنة» يروي عن مثل
)١( هو رمل كثير جداً مسيرة أربع ليال؛ بين فيد والقريات.
(») سورة النبأ الآية (+7)
هؤلاء الأثمة في الحديث والسنة؛ مثل سلبان بن حرب الذي هو من أجل علياء
السنة والحديث؛ ومثل حجاج بن منهال؛ كلاهما عن حماد بن سلمة - مع جلالته
في العام والسنة والدين - يروي من وجهين من طريق ثابت»؛ ومن طريق ميد هذا
عن الحسن البصري - الذي يقال: أنه أعلم من بقي من التا
حفظ هذا عن عمر أو لم يحفظه كان مثل هذا الحديث متداولاً بين هؤلاء العلماء
والمعتزلة والمرجئة والجهمية؛ وكان أحمد بن حنبل يقول: أحاديث حماد بن سلمة
هي الشجا !"' في حلوق المبتدعة.
فهؤلاء من أعظم أعلام أهل السنة» الذين ينكرون من البدع ما هو دون هذا
لو كان هذا القول عندهم من البدع المخالفة للكتاب والسنة والإجاع؛ كما يظنه
طائفة من الناس» وعبد بن حميد ذكر هذا في تفسير قوله تعالى: لابين فيها
أحقاباً» " ليبين قول من قال: إن الأحقاب لما أمد تنفدُ ليست كالرزق الذي
بذاك جنس أهل النار » الذين هم أهلها .
فأما قوم أصيبوا بذنوب فأوللك قد عم هؤلاء وغيرهم بخروجهم منهاء وأنهم
لا يلبثون فيها قدر عدد رمل عالج» ولا قريباً من ذلك؛ والحسن كان يروي
ابعين في زمانه -؛ يروي
(1) الشجا: كل ما اعترض في حلق الانسان والدابة من عظم أو عود أو غيرها. وأراد هنا أنه منعهم
عن نشر كلامهم الباطل . وكثاً ما أثنى الإمام أحد وغيره على حاد , فقد كان من الأعلام-
وقال عنه القطان: إذا رأيت الرجل يقع في حاد فاتهمه على الاسلام» أنظر مسائل الإعام أحمد
لابن هانى» 9/لا4 1 ولاد؟
(7) سورة لا الآية (»)
حديث الشفاعة في أهل التوحيد وقد ذكره البخاري ومسام عن وكذلك ماد
ابن سلمة كان يجمعها ويحدث الناس بها ء وكذلك سليان بن حرب وأمثاله» فهذا
عندهم لا يقال فيه مثل هذا ولفظ أهل النار لا يختص بالموحدين » بل يختص بمن
وينقطع » فهم لا يخرجون منها بل هم خالدون في جهم كما أخبر الله؛ لكن انقضى
في الأرض» والأرض لا تعدم بالكلية؛ لكن فناؤها بتغير حالها ء واستحالتها من
حال إلى حال ؛ قال تعالى : ل كل من عليها فان!"" وهم لا يعدمون بل يموتون
الرجل فقد نفد ما عنده وإن كان لم يعدم ؛ بل انتقل من حال إلى حال ». انتهى
وقال فيها أي
١ والفرق بين بقاء الجنة والنار عقلاً وشرعاً ؛. أما شرعاً فمن وجوه:
أحدها: ان الله أخبر ببقاء نعم الجنة ودوامه, وأنه لا نفاد له ولا انقطاع » في غير
موضع من كتابه؛ كما أخبر أن أهل الجنة لا يخرجون منها » وأما أهل النار وعذابها
فلم يخبر ببقاء ذلك » بل أخبر أن أهلها لا يخرجون منها .
)00 أخرجه مام وغيره؛ وهو مخرج في ؛ سلسلة الأحاديث الصحيحة ؛ (1981) وأنظر ه تختصر
صحيح مل رقم (لا4)
(9) سورة الرحن الآية (87)
(©) سورة التحل الآية (45)
دائم مطلق ليس بمؤقت ولا معلق.
أولاً» ويدخلها الأولاد بعمل الآباء . فنبت أن الجنة يدخلها من لم يعمل خماً
وأما النار فلا يعذب أحد إلا بذنوبه ؛ فلا يقاس هذه م
السادس: أن الجنة من مقتضى رحمته ومغفرته؛ والنار من عذابه؛ وقد قال:
تعالى: #إعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحم 4 وقال تعالى:
إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيمم9).
فالنعم من موجب أسمائه التي هي من لوازم ذاته؛ فيجب دوامه بدوام معاني
وأما العذاب فإنما هو من مخلوقاته ؛ والمخلوق قد يكون له انتهاء مثل الدنيا
وغيرهاء لا سها مخلوق خُلق لحكمة يتعلق بغيره.
الوجه السابع: أنه قد أخبر أن رحمته وسعت كل شيء ؛ وأنه (كتب على
(7) سورة الأعراف الآية (157)
الثامن : أنه قد ثبت مع رحته الواسعة» أنه حكم إنما يخلق لحكمة » كما ذكر
حكمته في غير موضع ؛ فإذا كدر أنه يعذب من يعذب لحكمة كان هذا ممكنا؛
كما يوجد في الدنيا العقوبات الشرعية فيها حكمة , و كذلك ما يقدره من المصائب
فيه حكمة عظيمة؛ فيها تطهير من الذنوب؛ وتزكية للنفوس؛ وزجر لها في
المستقيل للفاعل ولغيره يجنبها غيره؛ والجنة طيبة لا يدخلها إلا طيب» ومذا قال
في الحديث الصحيح: « إنهم يُحبسون بعد خلوصهم من الصراط على قنطرة بي
الجنة والنار» فإذا هُذبوا ونَقُوا أذن هم في دخول الجنة ؛"". والنفوس الشر؛
تسكن دار السلام التي تنافي الكذب والغلم والشر » فإذا عُذبوا بالنار عذابً يُخْلّْصِ
وخَلْقّ من فيه شر يزول بالتعذيب من تمام الحكمة
أما خلق نفوس تعمل الشر في الدنيا والآخرة لا يكون إلا في العذاب؛ فهذا
تناقض يظهر فيه من مناقضة الحكمة والرحة ما لا يظهر من غيره؛ وهذا كان
الجهم!" لما رأى ذلك ينكر أن يكون الله أرحم الراحين» وقال: بل يفعل ما يشاء .
والذين سلكوا طريقته كالأشعري وغيره ليس عندهم في الحقيقة له حكمة ورحة »؛
.)187( إشارة إلى قوله تعالى: وسعت رحتي كل شيء 6 ؛ الأعراف الآية )١(
(7) وانظر « صحيح لامع الصغير ؛ (1144 ) عن أني هريرة رضي الله عنه» وانظر و السنة » لابن
أفي عاصم بتحقيق الألباني (71-8) و(304) وهما من طبع المكتب الإسلاء
. (2) هو الجهم ين صفوان القتول سن 171 ه. ب
| 7 )واه البخاري وغيره؛ وهو مخرج في ؛ ظلال الجنة في تخريج السنة؛ لابن أني عاصم (807 -
سر 208). طبع المكتب الإسلامي
لكن له علم وقدرة وإر إرادة لا تُرَجح أحد الجانين . ولهذا لما طلب منهم أن يقرّوا
الحكمة؛ وإذا ثبت أنه حكيم رحم » وعلم بطلان قول الجهم تعين إثبات ما تقتضيه
الحكمة والرحة
وما قاله المعتزلة أيضاً باطل » فقول القدرية المجبرة والنفاة في حكمته ورمته
باطل ومن أعظم ما غلم اعتقادهم تأبيد جه فإن ذلك يستلزم ما قالره؛
وفساد اللازم يستلزم فساد الملزوم . انتهى )() ,
فيها من الأمور بكلام ابن القم في « الحادي » الذي نقل المؤلف خلاصات منه
ورد عليها - مع فارق من حيث الايجاز والبسط من جهة . وعدم تعرضه لكثير من
المسائل والأحاديث والأدلة من جهة أخرى. وإن كان من الممكن أن يقال: إن
من الجائز أن يكون ابن تيمية قد تعرض لذلك أيضاً في « رسالته », ولكن كاتب
بفناء النار ه. وقول الكاتب في آخر ثلث الصفحة الثانية من الثلاث: « انتهى 6
وكذا قال في آخر الثالثة أيضاً . والله أعلم
ولكني مع الأسف لم أجد لها أثراً في شيء منها ؛ بعد تقليبي لها كلها , والاستعانة
على ذلك بالفهارس التفصيلية الموضوعة لماء وكان أقوى ظني أن يوردها تحت
عنوان « التخليد » الموضوع في « الفهرس » (١/134)؛ ولكن دون جدوى؛ أو
في ( تفسير سورة هود ) في آيتي الاستثناء فيها + لكني لم أرها ؛ مع انه أشار إليهها في